responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الفواكه الدواني على رسالة ابن أبي زيد القيرواني نویسنده : النفراوي، شهاب الدين    جلد : 1  صفحه : 408
بَابٌ فِي الْأَيْمَانِ وَالنُّذُورِ «، وَمَنْ كَانَ حَالِفًا فَلْيَحْلِفْ بِاَللَّهِ أَوْ لِيَصْمُتْ» .

وَيُؤَدَّبُ مَنْ حَلَفَ بِطَلَاقٍ أَوْ عَتَاقٍ وَيَلْزَمُهُ

وَلَا ثُنْيَا وَلَا كَفَّارَةَ إلَّا فِي
ـــــــــــــــــــــــــــــQ (بَابٌ فِي) بَيَانِ (الْأَيْمَانِ) ، وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا، وَهِيَ جَمْعُ يَمِينٍ مُؤَنَّثَةٍ، وَيُرَادِفُهَا الْحَلِفُ وَالْإِيلَاءُ، وَهِيَ أَهَمُّ مِنْ الْقَسَمِ، وَسُمِّيَ الْحَلِفُ يَمِينًا لِمَا تَقَرَّرَ مِنْ عَادَةِ الْعَرَبِ إذَا حَلَفَ شَخْصٌ صَاحِبُهُ يَضَعُ يَمِينَهُ فِي يَمِينِهِ وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ، وَقَسَّمَهَا ابْنُ عَرَفَةَ ثَلَاثَةَ أَقْسَامٍ بِقَوْلِهِ: الْيَمِينُ قَسَمٌ أَوْ الْتِزَامُ مَنْدُوبِ غَيْرِهِ مَقْصُودٌ بِهِ الْقُرْبَةَ أَوْ مَا يَجِبُ بِإِنْشَاءٍ لَا يَفْتَقِرُ لِقَبُولٍ تَعَلَّقَ بِأَمْرٍ مَقْصُودٍ عَدَمُهُ فَيَخْرُجُ نَحْوُ: إنْ فَعَلْت كَذَا فَلِلَّهِ عَلَيَّ طَلَاقُ فُلَانَةَ أَوْ عِتْقُ عَبْدِي فُلَانٍ، ابْنُ رُشْدٍ: لَا يَلْزَمُ الطَّلَاقُ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ قُرْبَةٍ، وَيَلْزَمُ الْعِتْقُ، وَلَا يُجْبَرُ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ مُعَيَّنًا؛ لِأَنَّهُ نَذْرٌ لَا وَفَاءَ بِهِ إلَّا بِنِيَّتِهِ، وَمَا يُكْرَهُ عَلَيْهِ غَيْرُ مَنْوِيٍّ.
قَالَ الْعَلَّامَةُ بَهْرَامُ: النَّذْرُ كَيْفَ مَا صَدَقَتْ أَحْوَالُهُ لَا يُقْضَى بِهِ، وَإِنْ وَجَبَ الْوَفَاءُ بِهِ، وَمُقْتَضَى ذَلِكَ أَنَّ: إنْ فَعَلْت كَذَا فَلِلَّهِ عَلَيَّ عِتْقُ عَبْدِي أَوْ التَّصَدُّقُ بِهَذَا الدِّينَارِ غَيْرُ يَمِينٍ، مَعَ أَنَّ التَّعْرِيفَ يَقْتَضِي أَنَّهَا يَمِينٌ؛ لِأَنَّ قَائِلَهَا لَمْ يَقْصِدْ بِهَا الْقُرْبَةَ بَلْ قَصَدَ الِامْتِنَاعَ مِنْ أَمْرٍ، وَقَدْ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ فِي تَعْرِيفِ النَّذْرِ: لَا لِامْتِنَاعِ مَنْ أَمْرٍ هَذَا يَمِينٌ. وَصَرِيحُ كَلَامِ الْعَلَّامَةِ الْأُجْهُورِيُّ يَقْتَضِي أَنَّهَا لَيْسَتْ يَمِينًا مَعَ أَنَّهَا مُعَلَّقَةٌ عَلَى أَمْرٍ مَقْصُودٍ عَدَمُهُ، وَعَلَّلَ ذَلِكَ بِأَنَّهَا صِيغَةٌ صَرِيحَةٌ فِي النَّذْرِ لَا تَخْرُجُ عَنْهُ، وَلَوْ عُلِّقَتْ. إذَا عَلِمْت هَذَا ظَهَرَ لَك أَنَّ الْيَمِينَ أَعَمُّ مِنْ الْقَسَمِ؛ لِأَنَّ الْقَسَمَ لَا يَكُونُ إلَّا بِاَللَّهِ أَوْ صِفَتِهِ الذَّاتِيَّةِ، وَالْيَمِينُ تَشْمَلُ هَذَا وَتَشْمَلُ: إنْ فَعَلْت كَذَا فَعَلَيَّ صَوْمُ سَنَةٍ أَوْ صَدَقَةٌ، وَهُوَ الْتِزَامُ الْمَنْدُوبِ. وَتَشْمَلُ: إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ أَوْ حُرٌّ مِنْ كُلِّ مَا يَجِبُ بِإِنْشَاءٍ، وَعَلَّقَ عَلَى أَمْرٍ مَقْصُودٍ عَدَمُهُ، وَلَوْ بِحَسَبِ الْمَعْنَى نَحْوَ: إنْ لَمْ أَدْخُلْ الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ؛ لِأَنَّ الطَّلَاقَ تَعَلَّقَ فِي الْمَعْنَى عَلَى عَدَمِ الْعَدَمِ، وَعَدَمُ الْعَدَمِ إثْبَاتٌ، وَقَيَّدَ ابْنُ عَرَفَةَ الَّذِي يَجِبُ بِإِنْشَاءٍ بِقَوْلِهِ: لَا يَفْتَقِرُ لِقَبُولٍ لِلِاحْتِرَازِ عَمَّا يَجِبُ بِالْإِنْشَاءِ، وَيَفْتَقِرُ لِقَبُولٍ فَإِنَّهُ لَيْسَ بِيَمِينٍ نَحْوَ: بِعْت وَأَنْكَحْت وَوَهَبْت لِمُعَيَّنٍ وَسَائِرِ صِيَغِ الْعُقُودِ. وَأَمَّا قَوْلُ الْعَلَّامَةِ خَلِيلٍ: الْيَمِينُ تَحْقِيقُ مَا لَمْ يَجِبْ بِذِكْرِ اسْمِ اللَّهِ أَوْ صِفَتِهِ فَإِنَّهُ قَاصِرٌ عَلَى أَحَدِ الْأَقْسَامِ، وَهِيَ الْيَمِينُ الَّتِي تُكَفَّرُ الَّتِي تُسَمَّى قَسَمًا، وَإِنَّمَا أَطَلْنَا فِي ذَلِكَ إفَادَةً لِلطَّالِبِ؛ لِأَنَّهُ قَلَّ أَنْ يَجِدَهَا عَلَى هَذَا الْإِيضَاحِ.
(وَ) بَابٌ فِي بَيَانِ أَحْكَامِ (النُّذُورِ) جَمْعُ نَذْرٍ، وَهُوَ لُغَةً: الِالْتِزَامُ وَالْوُجُوبُ وَشَرْعًا.
قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: النَّذْرُ الْأَعَمُّ مِنْ الْجَائِزِ إيجَابُ امْرِئٍ عَلَى نَفْسِهِ لِلَّهِ أَمْرٍ.
الْحَدِيثَ: «مَنْ نَذَرَ أَنْ يَعْصِيَ اللَّهَ فَلَا يَعْصِهِ» فَأَطْلَقَ عَلَى الْمُحَرَّمِ نَذْرًا، وَالْأَخَصُّ الَّذِي يَجِبُ الْوَفَاءُ بِهِ الْتِزَامُ طَاعَةٍ بِنِيَّةِ قُرْبَةٍ لَا لِامْتِنَاعٍ مِنْ أَمْرٍ هَذَا يَمِينٌ حَسْبَمَا مَرَّ، فَيَخْرُجُ بِطَاعَةٍ الْتِزَامُ الْمَكْرُوهِ وَالْمُبَاحِ وَالْحَرَامِ، وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ: بِنِيَّةِ قُرْبَةِ الْتِزَامِ الطَّاعَةِ لِأَجْلِ الِامْتِنَاعِ مِنْ أَمْرٍ فَإِنَّهُ يَكُونُ يَمِينًا نَحْوَ: إنْ فَعَلْت كَذَا فَعَلَيَّ صَوْمٌ أَوْ صَلَاةٌ أَوْ صَدَقَةُ دِينَارٍ، وَإِطْلَاقُهُ فِي الِامْتِنَاعِ مِنْ أَمْرٍ يَتَنَاوَلُ مَا كَانَ بِصِيغَتِهِ الصَّرِيحَةِ نَحْوَ: إنْ كَلَّمْت فُلَانًا فَلِلَّهِ عَلَيَّ عِتْقُ عَبْدِي أَوْ صَوْمُ سَنَةٍ، وَقَدْ قَدَّمْنَا عَنْ الْأُجْهُورِيِّ مَا يُعَيِّنُ أَنَّهَا لَا تَخْرُجُ عَنْ النَّذْرِ، وَلَوْ قَصَدَ بِهَا الِامْتِنَاعَ مِنْ أَمْرٍ. وَكَلَامُ ابْنِ عَرَفَةَ يَقْتَضِي أَنَّهَا يَمِينٌ إذَا قَصَدَ بِهَا الِامْتِنَاعَ مِنْ أَمْرٍ، فَانْظُرْ أَيَّ الْكَلَامَيْنِ هُوَ الصَّوَابُ. ثُمَّ شَرَعَ فِي أَحَدِ أَقْسَامِ الْيَمِينِ، وَهُوَ الْقَسَمُ بِقَوْلِهِ: (وَمَنْ كَانَ حَالِفًا) أَيْ مُرِيدَ الْحَلِفِ (فَلْيَحْلِفْ بِاَللَّهِ) أَيْ بِذِكْرِ اسْمِ اللَّهِ نَحْوَ: بِاَللَّهِ أَوْ الْعَلِيمِ أَوْ الْخَالِقِ أَوْ الرَّزَّاقِ أَوْ الصَّبُورِ مِنْ كُلِّ مَا دَلَّ عَلَى الذَّاتِ، أَوْ بِذِكْرِ صِفَةٍ مِنْ صِفَاتِهِ الذَّاتِيَّةِ كَالْحَيَاةِ وَالْقُدْرَةِ وَالْعِلْمِ وَالسَّمْعِ وَالْبَصَرِ وَالْكَلَامِ، أَوْ بِذِكْرِ الصِّفَةِ الْجَامِعَةِ كَجَلَالِ اللَّهِ أَوْ عَظَمَتِهِ، وَالصِّفَةِ النَّفْسِيَّةِ كَالْوُجُودِ أَوْ السَّلْبِيَّةِ كَالْوَحْدَانِيَّةِ وَالْقِدَمِ، وَنَظَرَ الْعَلَّامَةُ الْأُجْهُورِيُّ فِي الصِّفَاتِ الْمَعْنَوِيَّةِ (أَوْ لِيَصْمُتْ) أَيْ لَا يَحْلِفُ، إذْ لَا يَجُوزُ الْحَلِفُ بِغَيْرِ ذَلِكَ كَالنَّبِيِّ وَالْكَعْبَةِ وَحَيَاةِ الْأَبِ أَوْ تُرْبَتِهِ أَوْ نِعَمِهِ أَوْ رَأْسِ السُّلْطَانِ مِمَّا يَحْلِفُ بِهِ الْجَهَلَةُ فَإِنَّهُ حَرَامٌ لِخَبَرِ: «إنَّ اللَّهَ يَنْهَاكُمْ أَنْ تَحْلِفُوا بِآبَائِكُمْ فَمَنْ كَانَ حَالِفًا فَلْيَحْلِفْ بِاَللَّهِ أَوْ لِيَصْمُتْ» فَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ بَعْضَ حَدِيثِ الْمُوَطَّإِ، وَمُسْلِمٍ فَبَيَّنَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - الدَّلِيلَ وَالْحُكْمَ.
(تَنْبِيهَاتٌ) الْأَوَّلُ: إنَّمَا قَيَّدْنَا الصِّفَاتِ بِمَا مَرَّ لِلِاحْتِرَازِ عَنْ صِفَاتِ الْأَفْعَالِ كَالْخَلْقِ وَالرِّزْقِ وَالْإِحْيَاءِ وَالْإِمَاتَةِ فَلَا تَنْعَقِدُ بِهَا يَمِينٌ بِلَا خِلَافٍ لِرُجُوعِهَا لِلْحَلِفِ بِغَيْرِ اللَّهِ.

نام کتاب : الفواكه الدواني على رسالة ابن أبي زيد القيرواني نویسنده : النفراوي، شهاب الدين    جلد : 1  صفحه : 408
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست