responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البيان والتحصيل نویسنده : ابن رشد الجد    جلد : 17  صفحه : 191
يبين به لمن سمعه أو بلغه أنا قضينا لك بالنصر والظفر على من خالفك، وناصبك من كفار قومك، لتشكر ربك على ذلك وتسبحه وتستغفره فيغفر لك بفعلك ذلك، ما تقدم من ذنبك وما تأخر. وقيل: عَنَى بالفتح، فتح مكة، فيغفر له على شكره ذلك ما تقدم من ذنبه قبل الفتح وما تأخر عنه، وقيل: ما تقدم من ذنبه قبل الرسالة، وما تأخر عنها. وقيل: ما تقدم من ذنبه يوم بدر، وما تأخر عنه يوم حُنْينٍ، وذلك أن الذنب المتقدم يوم بدرٍ أنه جعل يدعو ويقول: «إِنْ تَهْلِكْ هَذِه الْعِصَابَةُ لَا تُعْبَدُ فِي الأرْض أبَداً» فأوحى اللَّه إليه من أين تعلم أنه إن أهلكتُ هذه العصبة لا أعبد في الأرض؟ فكان هذا الذنب المتقدم، وأما الذنب المتأخر، فيوم حُنيْنٍ لَما انهزم الناس، «قال لعمِّه الْعبّاس، ولابن عَمِّه أبي سفيان: ناوِلاني تحفْاً مِنْ حَصَاةِ الْوَادي فَنَاوَلَاهُ فَأخَذَهُ بِيَدِه وَرَمَى بِهِ فِي وُجُوهِ الْكُفّار، وَقَالَ: شَاهَتِ الْوُجُوهُ، لَا ينصَرُونَ، فَانْهَزَُم الْمُشْرِكُونَ عَن آخِرِهِم، وَلَمْ يَبْقَ أحدٌ إِلّاَ امْتَلَأتْ عَيْنَاهُ رَمْلاً وَحَصاً ثمَّ نَادى أصْحَابَه، فَرَجَعُوا فَقَالَ لَهُم عِنْدَ رُجُوعِهِم: لَو لَمْ أرْمِهِم لَمْ يَنْهَزِمُوا فَأنْزَلَ اللًهُ: {وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى} [الأنفال: 17] » . فكان هذا هو الذنب المتأخر. واللَه أعلم.
والذي أقول به: إِن الأنبياء معصومون من القصد إلى إتيان الصغائر، كما أنهم معصومون من القصد إلى إتيان الكبائر، إلا أنهم يؤاخذون لمكانهم ومنزلهم بما ليس بكبائر ولا صغائر، في حق من سواهم. وهذا نحو قول النبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «اللَّهُمَّ إِنَّ هَذَا قَسْمِي فِيمَا أمْلِكُ، فَلَا تُؤَاخِذْنِي بِمَا تَمْلِكُ وَلَا أمْلِكُ» فسأل الله عز وجل أن لا يؤاخذه بما ليس في وسعه، ولا يدخل تحت طاقته وقدرته، وأن يغفر ذلك له، وإن كان الله قد تجاوز لعباده عنه بقوله عز وجل: {لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ} [البقرة: 286]

نام کتاب : البيان والتحصيل نویسنده : ابن رشد الجد    جلد : 17  صفحه : 191
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست