responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق وحاشية الشلبي نویسنده : الزيلعي ، فخر الدين    جلد : 3  صفحه : 246
الْخَيْرِيَّةُ لِإِطْلَاقِ النَّصِّ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ خَيْرٌ حَيْثُ لَا يَجُوزُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَلا تَهِنُوا وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ وَأَنْتُمُ الأَعْلَوْنَ} [محمد: 35] وَلِأَنَّهُ لَمَّا لَمْ يَحْصُلْ فِيهِ دَفْعُ شَرِّهِمْ كَانَ الصُّلْحُ تَرْكًا لِلْجِهَادِ صُورَةً وَمَعْنًى وَهُوَ فَرْضٌ فَلَا يَجُوزُ تَرْكُهُ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ وَقَوْلُهُ وَلَوْ بِمَالٍ أَيْ بِمَالٍ يَأْخُذُهُ الْمُسْلِمُونَ مِنْهُمْ لِأَنَّهُ إذَا جَازَ بِغَيْرِ مَالٍ فَبِالْمَالِ أَوْلَى إذَا كَانَ بِالْمُسْلِمِينَ حَاجَةٌ لِمَا بَيَّنَّا أَنَّهُ جِهَادٌ فِي الْمَعْنَى وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ إلَيْهِ حَاجَةٌ لَا يَجُوزُ لِأَنَّهُ تَرْكُ الْجِهَادِ صُورَةً وَمَعْنًى وَالْمَأْخُوذُ مِنْ الْمَالِ يُصْرَفُ مَصَارِفَ الْجِزْيَةِ لِأَنَّهُ مَأْخُوذٌ بِقُوَّةِ الْمُسْلِمِينَ كَالْجِزْيَةِ إلَّا إذَا نَزَلُوا بِدَارِهِمْ لِلْحَرْبِ فَحِينَئِذٍ يَكُونُ غَنِيمَةً لِكَوْنِهِ مَأْخُوذًا بِالْقَهْرِ وَحُكْمُهُ مَعْرُوفٌ وَلَوْ حَاصَرَ الْعَدُوُّ الْمُسْلِمِينَ وَطَلَبُوا الصُّلْحَ بِمَالٍ يَأْخُذُونَهُ مِنْ الْمُسْلِمِينَ لَا يَفْعَلُ الْإِمَامُ ذَلِكَ لِمَا فِيهِ مِنْ إعْطَاءِ الدَّنِيَّةِ وَإِلْحَاقِ الْمَذَلَّةِ بِالْمُسْلِمِينَ وَفِي الْخَبَرِ لَيْسَ لِلْمُؤْمِنِ أَنْ يَذِلَّ نَفْسَهُ إلَّا إذَا خَافَ الْهَلَاكَ لِأَنَّ دَفْعَ الْهَلَاكِ بِأَيِّ طَرِيقٍ أَمْكَنَ وَاجِبٌ «وَأَرَادَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَوْمَ الْأَحْزَابِ أَنْ يَصْرِفَهُمْ عَنْ الْمُسْلِمِينَ بِثُلُثِ ثِمَارِ الْمَدِينَةِ كُلَّ سَنَةٍ فَقَالَ سَيِّدَا الْأَنْصَارِ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ وَسَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - يَا رَسُولَ اللَّهِ إنْ كَانَ هَذَا عَنْ وَحْيٍ فَامْضِ لِمَا أُمِرْت بِهِ وَإِنْ كَانَ رَأْيًا رَأَيْته فَقَدْ كُنَّا فِي الْجَاهِلِيَّةِ لَمْ يَكُنْ لَنَا وَلَا لَهُمْ دِينٌ فَكَانُوا لَا يُطْعَمُونَ مِنْ ثِمَارِ الْمَدِينَةِ إلَّا شِرَاءً أَوْ قِرًى فَإِذَا أَعَزَّنَا اللَّهُ تَعَالَى بِالْإِسْلَامِ وَبَعَثَ فِينَا رَسُولٌ نُعْطِيهِمْ الدَّنِيَّةَ لَا نُعْطِيهِمْ إلَّا السَّيْفَ فَقَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - إنِّي رَأَيْت الْعَرَبَ رَمَتْكُمْ عَنْ قَوْسٍ وَاحِدَةٍ فَأَحْبَبْت أَنْ أَصْرِفَهُمْ عَنْكُمْ فَإِنْ أَبَيْتُمْ ذَلِكَ فَأَنْتُمْ وَذَاكَ وَسُرَّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - بِذَلِكَ فَقَالَ اذْهَبُوا لَا نُعْطِيكُمْ إلَّا السَّيْفَ» وَمَيَلَانُهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - فِي الِابْتِدَاءِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ يَجُوزُ عِنْدَ خَوْفِ الْهَلَاكِ وَقَدْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُعْطِي الْمُؤَلَّفَةَ قُلُوبُهُمْ لِدَفْعِ ضَرَرِهِمْ وَكُلُّ ذَلِكَ جِهَادٌ مَعْنًى قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -

(وَنَبَذَ لَوْ خَيْرًا) مَعْنَاهُ لَوْ صَالَحَهُمْ الْإِمَامُ ثُمَّ رَأَى نَقْضَ الصُّلْحِ أَصْلَحُ نَبَذَ إلَيْهِمْ وَقَاتَلَهُمْ لِأَنَّ الْمَصْلَحَةَ لَمَّا تَبَدَّلَتْ كَانَ النَّقْضُ جِهَادًا صُورَةً وَمَعْنًى وَإِيفَاءُ الْعَهْدِ تَرْكُ الْجِهَادِ صُورَةً وَمَعْنًى وَلَا بُدَّ مِنْ النَّبْذِ إلَيْهِمْ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاءٍ} [الأنفال: 58] وَلِأَنَّ الْغَدْرَ بِهِ يَنْتَفِي فَكَانَ وَاجِبًا وَنَبَذَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - إلَى أَهْلِ مَكَّةَ وَيَكُونُ النَّبْذُ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي كَانَ الْإِمَامُ فَإِنْ كَانَ مُنْتَشِرًا يَجِبُ أَنْ يَكُونُ النَّبْذُ كَذَلِكَ وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مُنْتَشِرٍ بِأَنْ أَمَّنَهُمْ وَاحِدٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ سِرًّا يَكْتَفِي بِنَبْذِ ذَلِكَ الْوَاحِدِ وَهُوَ عَلَى قِيَاسِ الْإِذْنِ بِالْحَجْرِ فَإِنَّ الْحَجْرَ يَكُونُ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي كَانَ الْإِذْنُ فِيهِ مِنْ الْجَهْرِ وَالسِّرِّ ثُمَّ بَعْدَ النَّبْذِ لَا يَجُوزُ قِتَالُهُمْ حَتَّى يَمْضِيَ عَلَيْهِمْ زَمَانٌ يَتَمَكَّنُ فِيهِ مَلِكُهُمْ مِنْ إنْفَاذِ الْخَبَرِ إلَى أَطْرَافِ مَمْلَكَتِهِ وَإِنْ كَانُوا خَرَجُوا مِنْ حُصُونِهِمْ وَتَفَرَّقُوا فِي الْبِلَادِ وَفِي عَسَاكِرِ الْمُسْلِمِينَ أَوْ خَرَّبُوا حُصُونَهُمْ بِسَبَبِ الْأَمَانِ فَحَتَّى يَعُودُوا كُلُّهُمْ إلَى مَأْمَنِهِمْ وَيَعْمُرُوا حُصُونَهُمْ مِثْلَ مَا كَانَتْ تَوَقِّيًا عَنْ الْغَدْرِ هَذَا إذَا صَالَحَهُمْ مُدَّةً فَرَأَى نَقْضَهُ قَبْلَ مُضِيِّ الْمُدَّةِ وَأَمَّا إذَا مَضَتْ الْمُدَّةُ يَبْطُلُ الصُّلْحُ بِمُضِيِّهَا فَلَا يُنْبَذُ إلَيْهِمْ وَلَوْ كَانَتْ الْمُوَادَعَةُ عَلَى جُعْلٍ فَنَقَضَهُ قَبْلَ مُضِيِّ الْمُدَّةِ رَدَّهُ عَلَيْهِمْ بِحِصَّتِهِ لِأَنَّهُ مُقَابِلٌ بِالْأَمَانِ فِي الْمُدَّةِ فَيَرْجِعُونَ بِمَا لَمْ يُسَلَّمْ لَهُمْ الْأَمَانُ فِيهِ قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَنُقَاتِلُ بِلَا نَبْذٍ لَوْ خَانَ مَلِكُهُمْ) لِأَنَّ النَّبْذَ لِنَقْضِ الْعَهْدِ وَقَدْ انْتَقَضَ بِالْخِيَانَةِ مِنْهُمْ فَلَا يُتَصَوَّرُ نَقْضُهُ بَعْدَ ذَلِكَ وَكَذَا إذَا دَخَلَ دَارَ الْإِسْلَامِ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ لَهُمْ مَنَعَةٌ بِإِذْنِ مَلِكِهِمْ وَقَاتَلُوا الْمُسْلِمِينَ عَلَانِيَةً لِمَا ذَكَرْنَا وَإِنْ كَانَ دُخُولُهُمْ بِغَيْرِ إذْنِ مَلِكِهِمْ انْتَقَضَ الْعَهْدُ فِي حَقِّهِمْ لَا غَيْرُ حَتَّى يَجُوزَ قَتْلُهُمْ وَاسْتِرْقَاقُهُمْ لِأَنَّهُمْ اسْتَبَدُّوا بِأَنْفُسِهِمْ فَيُنْتَقَضُ الْعَهْدُ فِي حَقِّهِمْ وَلَا يُنْتَقَضُ فِي حَقِّ غَيْرِهِمْ لِأَنَّ فِعْلَهُمْ لَا يَلْزَمُ غَيْرَهُمْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ مَنَعَةٌ لَمْ يَكُنْ نَقْضًا لِلْعَهْدِ قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -

(وَالْمُرْتَدِّينَ بِلَا مَالٍ) أَيْ نُصَالِحُ الْمُرْتَدِّينَ بِلَا أَخْذِ مَالٍ مِنْهُمْ لِأَنَّ الْإِسْلَامَ مَرْجُوٌّ مِنْهُمْ فَجَازَ تَأْخِيرُ الْقِتَالِ طَمَعًا فِيهِ إذَا كَانَ فِي التَّأْخِيرِ مَصْلَحَةٌ لِلْمُسْلِمِينَ كَمَا فِي أَهْلِ الْحَرْبِ وَإِنَّمَا لَمْ يُؤْخَذْ مِنْهُمْ الْمَالُ لِأَنَّهُ يُشْبِهُ الْجِزْيَةَ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا تَرَكَ الْقِتَالَ بِالْمَالِ غَيْرَ أَنَّ الْجِزْيَةَ مُؤَبَّدَةٌ وَهَذَا مُؤَقَّتٌ وَهُمْ لَا تُقْبَلُ مِنْهُمْ الْجِزْيَةُ فَكَذَا هَذَا قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (فَإِنْ أَخَذَ لَمْ يَرُدَّ) أَيْ إنْ أَخَذَ الْمَالَ مِنْهُمْ عَلَى الصُّلْحِ لَا يَرُدُّهُ عَلَيْهِمْ لِأَنَّ أَمْوَالَهُمْ غَيْرُ مَعْصُومَةٍ فَجَازَ أَخْذُهَا ابْتِدَاءً بِغَيْرِ رِضَاهُمْ وَعَلَى هَذَا إذَا طَلَبَ أَهْلُ الْبَغْيِ الْمُوَادَعَةَ أُجِيبُوا إلَيْهَا إنْ كَانَ فِيهِ مَصْلَحَةٌ لِأَهْلِ الْعَدْلِ وَلَا يُؤْخَذُ مِنْهُمْ شَيْءٌ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ وَضْعُ الْجِزْيَةِ عَلَيْهِمْ وَأَمْوَالُهُمْ مَعْصُومَةٌ قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -
ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ حَيْثُ لَا يَجُوزُ) الَّذِي بِخَطِّ الشَّارِحِ حَتَّى لَا يَجُوزَ. اهـ. (قَوْلُهُ الدَّنِيَّةُ) أَيْ النَّقِيصَةُ. اهـ. اك (قَوْلُهُ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ) هُوَ سَيِّدُ الْأَوْسِ. اهـ. (قَوْلُهُ وَسَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ) هُوَ سَيِّدُ الْخَزْرَجِ. اهـ.

(قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ نَبَذَا إلَيْهِمْ) أَيْ بَعَثَ إلَيْهِمْ مَنْ يُعْلِمُهُمْ بِنَقْضِ الْعَهْدِ. اهـ.

نام کتاب : تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق وحاشية الشلبي نویسنده : الزيلعي ، فخر الدين    جلد : 3  صفحه : 246
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست