responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق وحاشية الشلبي نویسنده : الزيلعي ، فخر الدين    جلد : 3  صفحه : 218
لَا يُسَارِقُ عَيْنَ مَنْ قَصَدَ حِفْظَهُ وَإِنَّمَا يُسَارِقُ عَيْنَ مَنْ لَعَلَّهُ يَهْجُمُ عَلَيْهِ فَلَا يَكُونُ فِي مَعْنَاهُ وَلِهَذَا اُخْتُصَّ بِاسْمٍ آخَرَ وَلَا يُسَمَّى سَارِقًا فَلَا تَتَنَاوَلُهُ آيَةُ السَّرِقَةِ وَأَمَّا الثَّانِي فَلِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُهُ الْمَيِّتُ حَقِيقَةً لِعَجْزِهِ لِأَنَّ الْمِلْكَ عِبَارَةٌ عَنْ الِاقْتِدَارِ وَالِاسْتِيلَاءِ وَالتَّمَكُّنِ مِنْ التَّصَرُّفِ وَالْمَوْتُ يُنَافِيهِ
وَأَمَّا الثَّالِثُ فَلِأَنَّ الْمَالَ عِبَارَةٌ عَمَّا تَمِيلُ إلَيْهِ النُّفُوسُ وَتَضِنُّ بِهِ وَهُوَ مَخْلُوقٌ لِمَصَالِح الْآدَمِيِّ وَالطِّبَاعُ السَّلِيمَةُ تَنْفِرُ عَنْهُ فَضْلًا عَمَّا تَضِنُّ بِهِ وَأَمَّا الرَّابِعُ فَلِأَنَّهُ لَيْسَ بِمُحْرَزٍ بِالْمَيِّتِ لِأَنَّهُ لَا يُحْرِزُ نَفْسَهُ فَكَيْفَ يُحْرِزُ غَيْرَهُ وَلَا بِالْقَبْرِ لِأَنَّهُ حُفْرَةٌ فِي الصَّحْرَاءِ فَلَا يَكُونُ حِرْزًا وَلِهَذَا لَوْ دُفِنَ فِيهِ مَالٌ آخَرُ غَيْرَ الْكَفَنِ لَا يُقْطَعُ سَارِقُهُ وَأَمَّا الْخَامِسُ فَلِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ شَرْعِ الْحُدُودِ تَقْلِيلُ الْفَسَادِ فِيمَا يَكْثُرُ وُجُودُهُ وَهَذِهِ الْجِنَايَةُ نَادِرَةٌ فَلَا تَحْتَاجُ إلَى الزَّاجِرِ وَمَا رَوَاهُ غَيْرُ مَرْفُوعٍ بَلْ هُوَ مِنْ كَلَامِ زِيَادٍ وَذُكِرَ فِي آخِرِهِ «مَنْ قَتَلَ عَبْدَهُ قَتَلْنَاهُ وَمَنْ جَدَعَ أَنْفَهُ جَدَعْنَاهُ» وَلَا يَكَادُ يَثْبُتُ هَذَا أَبَدًا وَلَئِنْ ثَبَتَ فَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى السِّيَاسَةِ فِيمَنْ اعْتَادَ ذَلِكَ وَنَحْنُ نَقُولُ بِذَلِكَ إذَا رَأَى الْإِمَامُ فِيهِ
مَصْلَحَةً
وَاَلَّذِي يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ أَنَّ نَبَّاشًا أَتَى بِهِ مَرْوَانُ فَسَأَلَ الصَّحَابَةَ عَنْ ذَلِكَ فَلَمْ يُبَيِّنُوا لَهُ فِيهِ شَيْئًا فَعَزَّرَهُ أَسْوَاطًا وَلَمْ يَقْطَعْهُ
وَلَوْ كَانَتْ الْآيَةُ تَتَنَاوَلُهُ أَوْ كَانَ فِيهِ حَدِيثٌ مَرْفُوعٌ لَبَيَّنُوا لَهُ وَلَا احْتَاجَ هُوَ إلَى مُشَاوَرَتِهِمْ وَلَا كَانُوا يَتَّفِقُونَ عَلَى خِلَافِ ذَلِكَ وَمَا رُوِيَ فِيهِ مِنْ اخْتِلَافِ الصَّحَابَةِ ارْتَفَعَ بِإِجْمَاعٍ مَنْ كَانَ فِي عَصْرِهِ مِنْهُمْ وَقَوْلُهُ مِنْ حِرْزِ مِثْلِهِ قُلْنَا حِرْزُ الْمِثْلِ لَا يَخْتَلِفُ فِي جِنْسٍ وَاحِدٍ وَإِنَّمَا يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْأَجْنَاسِ كَمَا إذَا سَرَقَ دَابَّةً مِنْ إصْطَبْلٍ يُقْطَعُ وَلَوْ سَرَقَ مِنْهُ لُؤْلُؤًا لَا يُقْطَعُ وَكَذَا لَوْ سَرَقَ شَاةً مِنْ حَظِيرَةٍ يُقْطَعُ وَلَوْ سَرَقَ مِنْهَا ثَوْبًا لَا يُقْطَعُ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا حِرْزٌ فِي حَقِّ الدَّابَّةِ وَالشَّاةِ دُونَ اللُّؤْلُؤِ وَالثَّوْبِ لِاخْتِلَافِ الْجِنْسِ وَفِيمَا نَحْنُ فِيهِ لَوْ سَرَقَ مِنْهُ ثَوْبًا آخَرَ غَيْرَ الْكَفَنِ لَا يُقْطَعُ فِيهِ وَلَوْ كَانَ حِرْزًا لِلْكَفَنِ لَقُطِعَ فِيهِ لِاتِّحَادِ الْجِنْسِ لِأَنَّ مَعْنَى الصِّيَانَةِ بِالْحِرْزِ لَا تَخْتَلِفُ فِي جِنْسٍ وَاحِدٍ وَلَا يُقَالُ لَوْ لَمْ يَكُنْ حِرْزًا لَكَانَ تَضْيِيعًا وَبِهِ يَجِبُ الضَّمَانُ عَلَى الْأَبِ وَالْوَصِيِّ فِي مَالِ الصَّغِيرِ وَلَمْ يَقُلْ أَحَدٌ بِوُجُوبِ الضَّمَانِ عَلَيْهِمَا إذَا كَفَّنَا الصَّغِيرَ مِنْ مَالِهِ فَكَانَ حِرْزًا ضَرُورَةً لِأَنَّا نَقُولُ لَوْ كَانَ حِرْزًا لَمَا ضَمِنَا ثَوْبًا آخَرَ لَهُ غَيْرَ الْكَفَنِ بِدَفْنِهِ فِيهِ وَإِنَّمَا لَا يَضْمَنَانِ بِالتَّكْفِينِ لِأَنَّهُ صَرْفٌ إلَى حَاجَةِ الْمَيِّتِ وَبِهِ لَا يَكُونُ تَضْيِيعًا كَإِلْقَاءِ الْبَذْرِ فِي الْأَرْضِ وَذَبْحِ الشَّاةِ لِلْأَكْلِ وَتَنَاوُلِ الطَّعَامِ لِحَاجَتِهِ
وَإِنْ كَانَ الْقَبْرُ فِي بَيْتٍ مُغْلَقٍ لَا يُقْطَعُ فِي الْأَصَحِّ لِمَا بَيَّنَّا مِنْ الْخَلَلِ وَكَذَا لَوْ سَرَقَ مِنْ ذَلِكَ الْبَيْتِ مَالًا آخَرَ غَيْرَ الْكَفَنِ لِأَنَّهُ يَتَأَوَّلُ بِالدُّخُولِ فِيهِ زِيَارَةَ الْقَبْرِ وَكَذَا إذَا سَرَقَ الْكَفَنَ مِنْ تَابُوتٍ فِي الْقَافِلَةِ وَعَلَى هَذَا يَنْبَغِي أَنْ لَا يُقْطَعَ السَّارِقُ مِنْ بَيْتٍ فِيهِ الْمَيِّتُ لِأَنَّهُ يَتَأَوَّلُ بِالدُّخُولِ فِيهِ تَجْهِيزُهُ وَهُوَ أَظْهَرُ مِنْ الْكُلِّ لِوُجُودِ الْإِذْنِ بِالدُّخُولِ فِيهِ عَادَةً.

قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَمَالُ عَامَّةٍ أَوْ مُشْتَرَكٍ) أَيْ لَا يُقْطَعُ فِي مَالِ بَيْتِ الْمَالِ أَوْ فِي مَالٍ لِلسَّارِقِ فِيهِ شَرِكَةً لِأَنَّ لَهُ فِيهِ شَرِكَةً حَقِيقَةً أَوْ شُبْهَةَ شَرِكَةٍ فَإِنَّ مَالَ بَيْتِ الْمَالِ مَالٌ لِلْمُسْلِمِينَ وَهُوَ مِنْهُمْ وَإِذَا احْتَاجَ ثَبَتَ لَهُ الْحَقُّ فِيهِ بِقَدْرِ حَاجَتِهِ فَأَوْرَثَ ذَلِكَ شُبْهَةً وَالْحُدُودُ تُدْرَأُ بِهَا.

قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَمِثْلُ دَيْنِهِ) أَيْ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْقَطْعُ إذَا سَرَقَ مِنْ مَدِينِهِ قَدْرَ دَيْنِهِ مِنْ جِنْسِهِ وَالدَّيْنُ حَالٌّ لِأَنَّهُ اسْتِيفَاءٌ لِدَيْنِهِ وَلَهُ ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ رِضَا مَنْ عَلَيْهِ إذَا ظَفِرَ بِهِ وَإِنْ كَانَ الدَّيْنُ مُؤَجَّلًا يُقْطَعُ قِيَاسًا لِأَنَّهُ لَا يُبَاحُ لَهُ أَخْذُهُ فَصَارَ كَأَخْذِهِ مِنْ غَيْرِهِ وَلَا يُقْطَعُ اسْتِحْسَانًا لِأَنَّ دَيْنَهُ ثَابِتٌ فِي ذِمَّتِهِ وَالتَّأْجِيلُ لِتَأْخِيرِ الْمُطَالَبَةِ وَكَذَا إذَا سَرَقَ زِيَادَةً عَلَى حَقِّهِ لِأَنَّهُ بِمِقْدَارِ حَقِّهِ يَصِيرُ شَرِيكًا فِيهِ فَيَصِيرُ شُبْهَةً وَإِنْ سَرَقَ مِنْ خِلَافٍ جِنْسَ حَقِّهِ فَإِنْ كَانَ نَقْدًا لَا يُقْطَعُ فِي الصَّحِيحِ لِأَنَّ النَّقْدَيْنِ جِنْسٌ وَاحِدٌ حُكْمًا وَلِهَذَا كَانَ لِلْقَاضِي أَنْ يَقْضِيَ بِهِ دَيْنَهُ مِنْ غَيْرِ رِضَا الْمَطْلُوبِ وَيُضَمُّ أَحَدُهُمَا إلَى الْآخَرِ فِي الزَّكَاةِ وَإِنْ كَانَ عَرْضًا يُقْطَعُ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِاسْتِيفَاءٍ وَإِنَّمَا هُوَ اسْتِبْدَالٌ فَلَا يَتِمُّ إلَّا بِالتَّرَاضِي
وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ لَا يَقْطَعُ لِاخْتِلَافِ الْعُلَمَاءِ فِيهِ فَإِنَّ عِنْدَ ابْنِ أَبِي لَيْلَى لَهُ أَنْ يَأْخُذَهُ بِدَيْنِهِ لِوُجُودِ الْمُجَانَسَةِ مِنْ حَيْثُ الْمَالِيَّةِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ فَلِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُهُ الْمَيِّتُ حَقِيقَةً لِعَجْزِهِ) أَيْ وَلَا الْوَارِثُ لِأَنَّهُ لَوْ نَبَشَ الْقَبْرَ وَأَخَذَ الْكَفَنَ يُقْطَعُ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ فَلَوْ كَانَ مَالِكًا لَهُ لَمْ يُقْطَعْ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ لَا يُقْطَعُ فِي مِلْكِ نَفْسِهِ. اهـ. أَتْقَانِيٌّ (قَوْلُهُ وَمَنْ جَدَعَ أَنْفَهُ) بِالدَّالِ الْمُهْمَلَةِ. اهـ. (قَوْلُهُ بِإِجْمَاعِ مَنْ كَانَ فِي عَصْرِهِ) أَيْ فِي عَصْرِ مَرْوَانَ مِنْ الصَّحَابَةِ. اهـ. (قَوْلُهُ وَتَنَاوُلِ الطَّعَامِ لِحَاجَتِهِ) أَيْ لِحَاجَةِ الصَّغِيرِ اهـ.

(قَوْلُهُ فَإِنْ كَانَ نَقْدًا لَا يُقْطَعُ) قَالَ فِي الْهِدَايَةِ وَلَوْ كَانَ حَقُّهُ دَرَاهِمَ فَسَرَقَ دَنَانِيرَ قِيلَ يُقْطَعُ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ حَقُّ الْأَخْذِ وَقِيلَ لَا يُقْطَعُ لِأَنَّ النُّقُودَ جِنْسٌ وَاحِدٌ. اهـ. (قَوْلُهُ وَإِنَّمَا هُوَ اسْتِبْدَالٌ فَلَا يَتِمُّ إلَّا بِالتَّرَاضِي) أَيْ وَلِهَذَا إذَا سَلَّمَ إلَيْهِ الْمَدْيُونُ الْعُرُوضَ لَهُ أَنْ يَمْتَنِعَ مِنْ ذَلِكَ بِخِلَافِ تَسْلِيمِ الدَّرَاهِمِ حَيْثُ يُجْبَرُ فَظَهَرَ الْفَرْقُ بَيْنَ جِنْسِ الْحَقِّ وَغَيْرِهِ وَقَالَ فِي كِتَابِ السَّرِقَةِ فَإِنْ قَالَ إنَّمَا أَرَدْت أَنْ آخُذَ الْعُرُوضَ رَهْنًا بِحَقِّي أَوْ قَضَاءً بِحَقِّي دُرِئَ عَنْهُ الْقَطْعُ وَذَلِكَ لِأَنَّ فِيهِ اخْتِلَافًا فَعِنْدَ ابْنِ أَبِي لَيْلَى لَهُ أَنْ يَأْخُذَ خِلَافَ جِنْسِ حَقِّهِ لِوُجُودِ الْمُجَانَسَةِ مِنْ حَيْثُ الْمَالِيَّةِ وَبِهِ أَخَذَ الشَّافِعِيُّ وَاخْتِلَافُ الْعُلَمَاءِ أَوْرَثَ شُبْهَةً فِي دَرْءِ الْحَدِّ وَهَذَا ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ عَنْ أَصْحَابِنَا وَرُوِيَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ لَا يُقْطَعُ فِي الْعُرُوضِ وَإِنْ لَمْ يَدَّعِ الْأَخْذَ لِحَقِّهِ لِكَوْنِ اخْتِلَافِ الْعُلَمَاءِ شُبْهَةً. اهـ. أَتْقَانِيٌّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَكَذَا يُقْطَعُ إذَا سَرَقَ حُلِيًّا مِنْ فِضَّةٍ وَحَقُّهُ دَرَاهِمُ لِأَنَّهُ لَا يَصِيرُ قِصَاصًا لِحَقِّهِ بَلْ يَصِيرُ بَيْعًا مُبْتَدَأً
وَلَوْ سَرَقَ الْمُكَاتَبُ أَوْ الْعَبْدُ مِنْ غَرِيمِ الْمَوْلَى قُطِعَ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمَوْلَى وَكَّلَهُمَا بِالْقَبْضِ فَحِينَئِذٍ لَا يَجِبُ الْقَطْعُ لِأَنَّ حَقَّ الْأَخْذِ لَهُمَا وَلَوْ سَرَقَ مِنْ غَرِيمِ أَبِيهِ أَوْ غَرِيمِ وَلَدِهِ الْكَبِيرِ أَوْ غَرِيمِ مُكَاتَبِهِ أَوْ غَرِيمِ عَبْدِهِ الْمَأْذُونِ الْمَدْيُونِ قُطِعَ لِأَنَّ حَقَّ الْأَخْذِ لِغَيْرِهِ وَلَوْ سَرَقَ مِنْ غَرِيمِ ابْنِهِ الصَّغِيرِ لَا يُقْطَعُ وَالْمَسَائِلُ مَذْكُورَةٌ فِي شَرْحِ الْقُدُورِيِّ وَالْفَتَاوَى الْوَلْوَالِجيَّةِ وَغَيْرِهِمَا اهـ أَتْقَانِيٌّ

نام کتاب : تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق وحاشية الشلبي نویسنده : الزيلعي ، فخر الدين    جلد : 3  صفحه : 218
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست