responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق وحاشية الشلبي نویسنده : الزيلعي ، فخر الدين    جلد : 1  صفحه : 297
وَتَعَوَّذَ مِنْ الْفَقْرِ» وَلِأَنَّ اللَّهَ قَدَّمَهُمْ بِالذِّكْرِ وَالتَّقْدِيمُ يَدُلُّ عَلَى الِاهْتِمَامِ وَلِأَنَّ الْفَقِيرَ بِمَعْنَى الْمَفْقُورِ وَهُوَ الْمَكْسُورُ الْفِقَارِ فَكَانَ أَسْوَأَ حَالًا مِنْهُ قَالَ الشَّاعِرُ
هَلْ لَك مِنْ أَجْرٍ عَظِيمٍ تُؤْجَرُهْ ... تُغِيثُ مِسْكِينًا كَثِيرًا عَسْكَرُهْ
عَشْرُ شِيَاهٍ سَمْعُهُ وَبَصَرُهْ
وَوَجْهُ مَنْ قَالَ إنَّ الْمِسْكِينَ أَسْوَأُ حَالًا قَوْله تَعَالَى {أَوْ مِسْكِينًا ذَا مَتْرَبَةٍ} [البلد: 16] مَعْنَاهُ أَنَّهُ أَلْصَقَ بَطْنَهُ بِالتُّرَابِ مِنْ الْجُوعِ وَكَذَا قَوْله تَعَالَى {فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا} [المجادلة: 4] خَصَّهُمْ بِصَرْفِ الْكَفَّارَةِ إلَيْهِمْ وَلَا فَاقَةَ أَعْظَمُ مِنْ الْحَاجَةِ إلَى الطَّعَامِ وَقَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «لَيْسَ الْمِسْكِينُ الَّذِي تَرُدُّهُ اللُّقْمَةُ وَاللُّقْمَتَانِ وَالتَّمْرَةُ وَالتَّمْرَتَانِ وَلَكِنَّ الْمِسْكِينَ الَّذِي لَا يُعْرَفُ وَلَا يُفْطَنُ بِهِ فَيُعْطَى وَلَا يَقُومُ فَيَسْأَلُ النَّاسَ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَلَفْظَةُ الْمِسْكِينِ مِنْ سَكَنَ مُبَالَغَةٌ كَأَنَّهُ عَجَزَ عَنْ الْحَرَكَةِ مِنْ الْجُوعِ فَلَمْ يَبْرَحْ مَكَانَهُ وَقَالَ تَعَالَى فِي الْفُقَرَاءِ {يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاءَ مِنَ التَّعَفُّفِ} [البقرة: 273] وَلَوْلَا أَنَّ لَهُمْ حَالًا جَمِيلًا لَمَا حَسِبَهُمْ أَغْنِيَاءَ وَقَالَ الشَّاعِرُ
أَمَّا الْفَقِيرُ الَّذِي كَانَتْ حَلُوبَتُهُ ... وَفْقَ الْعِيَالِ فَلَمْ يُتْرَكْ لَهُ سَبَدُ
سَمَّاهُ فَقِيرًا مَعَ أَنَّ لَهُ حَلُوبَةً وَلَا دَلَالَةَ فِيمَا تَلَا لِأَنَّ السَّفِينَةَ مَا كَانَتْ لَهُمْ وَإِنَّمَا كَانُوا فِيهَا أُجَرَاءَ وَقِيلَ لَهُمْ مَسَاكِينُ تَرَحُّمًا كَمَا يُقَالُ لِمَنْ اُبْتُلِيَ بِبَلِيَّةٍ مِسْكِينٌ أَوْ لِأَنَّهُمْ كَانُوا مَقْهُورِينَ بِقَهْرِ الْمَلِكِ كَمَا قَالَ تَعَالَى {وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ} [البقرة: 61] وَقَوْلُهُمْ الْفَقِيرُ بِمَعْنَى الْمَفْقُورِ وَهُوَ الْمَكْسُورُ الْفِقَارِ مَمْنُوعٌ فَإِنْ الْأَخْفَشَ قَالَ الْفَقِيرُ مِنْ قَوْلِهِمْ فَقَرْت لَهُ فِقْرَةً مِنْ مَالِي أَيْ أَعْطَيْته فَيَكُونُ الْفَقِيرُ مَنْ لَهُ قِطْعَةٌ مِنْ الْمَالِ لَا تُغْنِيهِ وَلَا حُجَّةَ لَهُ فِيمَا أَنْشَدَ لِأَنَّهُ لَمْ يُرِدْ بِهِ أَنَّ لَهُ عَشْرَ شِيَاهٍ بَلْ لَوْ حَصَلَتْ لَهُ عَشْرُ شِيَاهٍ لَكَانَتْ سَمْعَهُ وَبَصَرَهُ

قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَالْعَامِلُ وَالْمُكَاتَبُ وَالْمَدْيُونُ وَمُنْقَطِعُ الْغُزَاةِ وَابْنُ السَّبِيلِ) أَيْ هَؤُلَاءِ هُمْ الْمَصَارِفُ لِمَا تَلَوْنَا فَالْعَامِلُ يَدْفَعُ إلَيْهِ الْإِمَامُ إنْ عَمِلَ بِقَدْرِ عَمَلِهِ فَيُعْطِيَهُ مَا يَسَعُهُ وَأَعْوَانُهُ غَيْرَ مُقَدَّرٍ بِالثَّمَنِ وَإِنْ اسْتَغْرَقَتْ كِفَايَتُهُ الزَّكَاةَ لَا يُزَادُ عَلَى النِّصْفِ لِأَنَّ التَّنْصِيفَ عَيْنُ الْإِنْصَافِ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ هُوَ مُقَدَّرٌ بِالثَّمَنِ لِأَنَّ الشَّرِكَةَ تَقْتَضِي الْمُسَاوَاةَ وَلَنَا أَنَّهُ يَسْتَحِقُّهُ عِمَالَةً أَلَا تَرَى أَنَّ أَصْحَابَ الْأَمْوَالِ لَوْ حَمَلُوا الزَّكَاةَ إلَى الْإِمَامِ لَا يَسْتَحِقُّ شَيْئًا وَلَوْ هَلَكَ مَا جَمَعَهُ مِنْ الزَّكَاةِ لَمْ يَسْتَحِقَّ شَيْئًا كَالْمُضَارِبِ إذَا هَلَكَ مَالُ الْمُضَارَبَةِ إلَّا أَنَّ فِيهِ شَبْهَ الصَّدَقَةِ بِدَلِيلِ سُقُوطِ الزَّكَاةِ عَنْ أَرْبَابِ الْأَمْوَالِ فَلَا تَحِلُّ لِلْعَامِلِ الْهَاشِمِيِّ تَنْزِيهًا لِقَرَابَةِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ شُبْهَةِ الْوَسَخِ وَتَحِلُّ لِلْغَنِيِّ لِأَنَّهُ لَا يُوَازِي الْهَاشِمِيَّ فِي اسْتِحْقَاقِ الْكَرَامَةِ فَلَا تُعْتَبَرُ الشُّبْهَةُ فِي حَقِّهِ وَلَا تُصْرَفُ إلَى الْإِمَامِ وَلَا إلَى الْقَاضِي لِأَنَّ كِفَايَتَهُمَا فِي الْفَيْءِ وَنَحْوِهِ مِنْ الْخَرَاجِ وَالْجِزْيَةِ وَهُوَ الْمُعَدُّ لِمَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ فَلَا حَاجَةَ إلَى الصَّدَقَاتِ وَفِي الرِّقَابِ الْمُكَاتَبُونَ أَيْ يُعَانُونَ فِي فَكِّ رِقَابِهِمْ وَهُوَ قَوْلُ الْجُمْهُورِ. وَقَالَ مَالِكٌ يُعْتَقُ مِنْهَا الرَّقَبَةُ وَيَكُونُ الْوَلَاءُ لِلْمُسْلِمِينَ وَلَا يَجُوزُ دَفْعُهَا إلَى الْمُكَاتَبِ لِأَنَّهُ عَبْدٌ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ دِرْهَمٌ فَكَيْفَ يُعْطَى مِنْ الزَّكَاةِ وَلَنَا مَا رَوَاهُ الْبَرَاءُ بْنُ عَازِبٍ «أَنَّ رَجُلًا جَاءَ إلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ دُلَّنِي عَلَى عَمَلٍ يُقَرِّبُنِي مِنْ الْجَنَّةِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ وَتَعَوَّذَ مِنْ الْفَقْرِ إلَى آخِرِهِ) وَجَوَابُهُ أَنَّ الْفَقْرَ الْمُتَعَوَّذَ مِنْهُ لَيْسَ إلَّا فَقْرَ النَّفْسِ لِمَا صَحَّ أَنَّهُ كَانَ يَسْأَلُ الْعَفَافَ وَالْغِنَى وَالْمُرَادُ بِهِ غِنَى النَّفْسِ لَا كَثْرَةُ الدُّنْيَا فَلَا دَلِيلَ فِيهِ عَلَى أَنَّ الْفَقِيرَ أَسْوَأُ حَالًا مِنْ الْمِسْكِينِ. اهـ. فَتْحٌ (قَوْلُهُ وَالتَّقْدِيمُ يَدُلُّ عَلَى الِاهْتِمَامِ) أَيْ بِهِمْ وَذَلِكَ مَظِنَّةُ زِيَادَةِ حَاجَتِهِمْ وَقَدْ يُمْنَعُ بِأَنَّهُ قَدَّمَ الْعَامِلِينَ عَلَى الرِّقَابِ مَعَ أَنَّ حَالَهُمْ أَحْسَنُ ظَاهِرًا وَأَخَّرَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ مَعَ الدَّلَالَةِ عَلَى زِيَادَةِ تَأْكِيدِ الدَّفْعِ إلَيْهِمْ حَيْثُ أَضَافَ إلَيْهِمْ بِلَفْظَةِ فِي فَدَلَّ أَنَّ التَّقْدِيمَ لِاعْتِبَارٍ آخَرَ غَيْرَ زِيَادَةِ الْحَاجَةِ وَالِاعْتِبَارَاتُ الْمُنَاسِبَةُ لَا تَدْخُلُ تَحْتَ ضَبْطٍ خُصُوصًا مِنْ عَلَّامِ الْغُيُوبِ. اهـ. فَتْحٌ (قَوْلُهُ مَعْنَاهُ أَنَّهُ أَلْصَقَ بَطْنَهُ بِالتُّرَابِ إلَى آخِرِهِ) أَوْ أَنَّهُ أَلْصَقَ جِلْدَهُ بِالتُّرَابِ مُحْتَفِرًا حُفْرَةً جَعَلَهَا إزَارَهُ لِعَدَمِ مَا يُوَارِيهِ. اهـ. فَتْحٌ.
(قَوْلُهُ وَلَكِنَّ الْمِسْكِينَ الَّذِي لَا يُعْرَفُ إلَى آخِرِهِ) بِمَحَلِّ الْإِثْبَاتِ أَعْنِي قَوْلَهُ وَلَكِنَّ الْمِسْكِينَ الَّذِي لَا يُعْرَفُ فَيُعْطَى مُرَادٌ مَعَهُ وَلَيْسَ عِنْدَهُ شَيْءٌ فَإِنَّهُ نَفَى الْمَسْكَنَةَ عَمَّنْ يَقْدِرُ عَلَى لُقْمَةٍ وَلُقْمَتَيْنِ بِطَرِيقِ الْمَسْأَلَةِ وَأَثْبَتَهَا لِغَيْرِهِ فَهُوَ بِالضَّرُورَةِ مَنْ لَا يَسْأَلُ مَعَ أَنَّهُ لَا يَقْدِرُ عَلَى اللُّقْمَةِ وَاللُّقْمَتَيْنِ لَكِنَّ الْمَقَامَ مَقَامُ مُبَالَغَةٍ فِي الْمَسْكَنَةِ وَكَذَا صَرَّحَ الْمَشَايِخُ فِي غَرَضِ أَنَّ الْمُرَادَ لَيْسَ الْكَامِلُ فِي الْمَسْكَنَةِ وَعَلَى هَذَا فَالْمَسْكَنَةُ الْمَنْفِيَّةُ عَنْ غَيْرِهِ هِيَ الْمَسْكَنَةُ الْمُبَالَغُ فِيهَا لَا مُطْلَقُ الْمَسْكَنَةِ وَحِينَئِذٍ لَكِنْ لَا يُفِيدُ الْمَطْلُوبَ. اهـ. فَتْحٌ (قَوْلُهُ فَلَمْ يُتْرَكْ لَهُ سَبَدُ) يُقَالُ لَيْسَ لَهُ سَبَدٌ وَلَا لَبَدٌ أَيْ لَا قَلِيلٌ وَلَا كَثِيرٌ. اهـ. غَايَةٌ (قَوْلُهُ وَإِنَّمَا كَانُوا فِيهَا أُجَرَاءَ) أَيْ أَوْ عَارِيَّةٌ مَعَهُمْ. اهـ. فَتْحٌ

(قَوْلُهُ وَالْعَامِلُ وَالْمُكَاتَبُ) الْمُرَادُ مُكَاتَبُ غَيْرِهِ وَمُكَاتَبُ الْهَاشِمِيِّ قَالَهُ خُوَاهَرْ زَادَهْ (قَوْلُهُ فَيُعْطِيهِ مَا يَسَعُهُ وَأَعْوَانَهُ) أَيْ كِفَايَتَهُمْ بِالْوَسَطِ. اهـ. فَتْحٌ (قَوْلُهُ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ هُوَ مُقَدَّرٌ بِالثُّمُنِ) قَالَ الْكَمَالُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَتَقْدِيرُ الشَّافِعِيِّ بِالثُّمُنِ بِنَاءً عَلَى وُجُوبِ صَرْفِ الزَّكَاةِ إلَى كُلِّ الْأَصْنَافِ وَهُمْ ثَمَانِيَةٌ إنَّمَا يَتِمُّ عَلَى اعْتِبَارِ عَدَمِ سُقُوطِ الْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَأَمَّا الْجَوَابُ عَنْهُ بِأَنَّ السَّاقِطَ سَهْمُ الْكَفَّارَةِ مِنْهُمْ لَا الْمُسْلِمِينَ فَلَيْسَ بِشَيْءٍ لِأَنَّ الْمُتَأَلَّفِينَ الْمُسْلِمِينَ كَانُوا أَغْنِيَاءَ كَسُهَيْلِ بْنِ عَمْرٍو وَغَيْرِهِ فَإِنْ أَرَادَ أَنَّهُ لَمْ يَسْقُطْ سَهْمُ الْمُتَأَلَّفِينَ الْأَغْنِيَاءَ مَنَعْنَاهُ وَإِلَّا لَمْ يُفِدْ لِأَنَّهُمْ حِينَئِذٍ دَاخِلُونَ فِي صِنْفِ الْفُقَرَاءِ. اهـ. فَتْحٌ قَالَ فِي الْغَايَةِ وَفِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ لِلنَّوَوِيِّ الْعَامِلُ يَسْتَحِقُّ قَدْرَ أَجْرِ مِثْلِهِ قَلَّ أَوْ كَثُرَ غَيْرَ مُقَدَّرٍ بِالثُّمُنِ فَيَبْدَأُ بِهِ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَفِي الْمَبْسُوطِ وَالْمُحِيطِ وَشَرْحِ مُخْتَصَرِ الْكَرْخِيِّ وَمُلْتَقَى الْبِحَارِ مُقَدَّرٌ بِالثُّمُنِ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَالصَّوَابُ مَا ذَكَرْته. اهـ. (قَوْلُهُ إذَا هَلَكَ مَالُ الْمُضَارَبَةِ) أَيْ بَعْدَ ظُهُورِ الرِّبْحِ اهـ.
(قَوْلُهُ وَتَحِلُّ لِلْغَنِيِّ) أَيْ لِأَنَّهُ يَعْمَلُ لِأَجْلِ الْفَقِيرِ فَكَأَنَّهُ يَأْخُذُ الْفَقِيرُ فِي الْحَقِيقَةِ لِأَنَّ الْعَمَلَ عَلَيْهَا مِنْ حَوَائِجِ الْفَقِيرِ كَذَا سَمِعْت مِنْ شَيْخِي الْعَلَّامَةِ - رَحِمَهُ اللَّهُ -. اهـ. كَاكِيٌّ

نام کتاب : تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق وحاشية الشلبي نویسنده : الزيلعي ، فخر الدين    جلد : 1  صفحه : 297
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست