responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق وحاشية الشلبي نویسنده : الزيلعي ، فخر الدين    جلد : 1  صفحه : 13
وُجُودِ الْمَاءِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ} [المائدة: 6] إلَى أَنْ قَالَ {وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا} [المائدة: 6] فَيَنْبَغِي أَنْ يُبَيِّنَهُمَا حَالَ عَدَمِ الْمَاءِ عِنْدَ وُجُوبِ التَّيَمُّمِ لِيَكُونَ التُّرَابُ طَهُورًا لِلْحَدَثَيْنِ الْأَصْغَرِ وَالْأَكْبَرِ كَمَا كَانَ الْمَاءُ طَهُورًا لَهُمَا لِأَنَّ بِالنَّاسِ حَاجَةً إلَى بَيَانِهِمَا فَإِذَا حُمِلَتْ الْآيَةُ عَلَى الْجِمَاعِ كَانَ بَيَانًا مُفِيدًا لِلْحُكْمِ فِيهِمَا مُحَصِّلًا لِلطَّهَارَتَيْنِ الصُّغْرَى وَالْكُبْرَى عِنْدَ عَدَمِ الْمَاءِ وَلِأَنَّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - أَمَرَ بَعْضَ أَصْحَابِهِ بِالتَّيَمُّمِ لِلْجَنَابَةِ فَيَكُونُ بَيَانًا لِلْآيَةِ أَنَّ الْمُرَادَ بِهَا الْجِمَاعُ كَمَا فِي سَائِرِ الشَّرَائِعِ الَّذِي يَدُلُّ عَلَيْهِ ظَاهِرُ الْكِتَابِ أَوْ يَحْتَمِلُهُ ثُمَّ بَيَّنَهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - بِالْقَوْلِ أَوْ بِالْفِعْلِ.

[الْغُسْل]
قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَفَرْضُ الْغُسْلِ غَسْلُ فَمِهِ وَأَنْفِهِ وَبَدَنِهِ) وَقَدْ تَقَدَّمَ وَجْهُ الْعُدُولِ عَنْ الْمَضْمَضَةِ وَالِاسْتِنْشَاقِ إلَى الْغَسْلِ، وَقَالَ الشَّافِعِيُّ الْمَضْمَضَةُ وَالِاسْتِنْشَاقُ سُنَّتَانِ فِيهِ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «عَشْرٌ مِنْ الْفِطْرَةِ أَيْ مِنْ السُّنَّةِ، وَهِيَ قَصُّ الشَّارِبِ وَإِعْفَاءُ اللِّحْيَةِ وَالسِّوَاكُ وَالْمَضْمَضَةُ وَالِاسْتِنْشَاقُ وَقَصُّ الْأَظْفَارِ وَغَسْلُ الْبَرَاجِمِ وَنَتْفُ الْإِبْطِ وَحَلْقُ الْعَانَةِ وَانْتِقَاصُ الْمَاءِ» وَلِهَذَا كَانَتَا سُنَّتَيْنِ فِي الْوُضُوءِ، وَلَنَا قَوْله تَعَالَى {وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا} [المائدة: 6] أَيْ فَطَهِّرُوا أَبْدَانَكُمْ فَكُلُّ مَا أَمْكَنَ تَطْهِيرُهُ يَجِبُ غَسْلُهُ، وَبَاطِنُ الْفَمِ وَالْأَنْفِ يُمْكِنُ غَسْلُهُ فَإِنَّهُمَا يُغْسَلَانِ عَادَةً وَعِبَادَةً نَفْلًا فِي الْوُضُوءِ وَفَرْضًا فِي الْجَنَابَةِ بِخِلَافِ بَاطِنِ الْعَيْنَيْنِ وَبَاطِنِ الْجُرْحِ فَإِنَّهُ يُوَرِّثُ الْعَمَى فِي الْعَيْنَيْنِ وَالضَّرَرَ فِي الْجُرْحِ، وَلِهَذَا كُفَّ بَصَرُ مَنْ تَكَلَّفَ غَسْلَهُمَا مِنْ الصَّحَابَةِ، وَلَا يَجِبُ غَسْلُهُمَا مِنْ النَّجَاسَةِ فَكَانَ فِيهِ ضَرُورَةٌ وَبِخِلَافِ الْوُضُوءِ؛ لِأَنَّ فِيهِ يَجِبُ غَسْلُ الْوَجْهِ، وَهُوَ مَا تَقَعُ الْمُوَاجَهَةُ بِهِ وَلَا تَقَعُ الْمُوَاجَهَةُ بِدَاخِلِ الْأَنْفِ وَالْفَمِ، وَقَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «تَحْتَ كُلِّ شَعْرَةٍ جَنَابَةٌ فَبِلُّوا الشَّعْرَ وَأَنْقُوا الْبَشَرَةَ» وَرُوِيَ «فَاغْسِلُوا الشَّعْرَ» فَفِي الْفَمِ بَشَرَةٌ وَفِي الْأَنْفِ شَعْرَةٌ وَبَشَرَةٌ؛ لِأَنَّ الْبَشَرَةَ هِيَ الْجِلْدَةُ الَّتِي تَقِي اللَّحْمَ مِنْ الْأَذَى وَمَا رَوَاهُ الْخَصْمُ حُجَّةٌ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ ذَكَرَ مِنْ الْعَشَرَةِ الْخِتَانَ، وَهُوَ فَرْضٌ عِنْدَهُ وَكَذَا ذَكَرَ الِانْتِقَاصَ بِالْمَاءِ وَهُوَ الِاسْتِنْجَاءُ بِالْمَاءِ وَذَلِكَ فَرْضٌ عِنْدَهُ لَا بُدَّ مِنْهُ أَوْ مِنْ بَدَلِهِ، وَأَطْلَقَ صَاحِبُ الْكِتَابِ اسْمَ الْفَرْضِ عَلَى غَسْلِ الْفَمِ وَإِنْ كَانَ مُجْتَهِدًا فِيهِ لِمَا أَنَّ ظَاهِرَ النَّصِّ يَتَنَاوَلُهُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
قَوْلُهُ وَبَدَنِهِ أَيْ وَغَسْلُ جَمِيعِ بَدَنِهِ وَهَذَا بِالِاتِّفَاقِ عَلَى مَا بَيَّنَّا، قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (لَا دَلْكُهُ) أَيْ
ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ وَفَرْضُ) أَيْ مَفْرُوضُهُ ذَكَرَ الْمَصْدَرَ وَأَرَادَ بِهِ الْمَفْعُولَ انْتَهَى مُسْتَصْفَى (قَوْلُهُ عَشْرٌ مِنْ الْفِطْرَةِ) رَوَى مُسْلِمٌ عَنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - قَالَتْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «عَشْرٌ مِنْ الْفِطْرَةِ قَصُّ الشَّارِبِ وَإِعْفَاءُ اللِّحْيَةِ وَالسِّوَاكُ وَاسْتِنْشَاقُ الْمَاءِ وَقَصُّ الْأَظَافِرِ وَغَسْلُ الْبَرَاجِمِ وَنَتْفُ الْإِبْطِ وَحَلْقُ الْعَانَةِ وَانْتِقَاصُ الْمَاءِ قَالَ مُصْعَبُ بْنُ شَيْبَةَ وَنَسِيت الْعَاشِرَةَ إلَّا أَنْ تَكُونَ الْمَضْمَضَةُ وَانْتِقَاصُ الْمَاءِ الِاسْتِنْجَاءُ»، وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد مِنْ رِوَايَةِ عَمَّارٍ وَذَكَرَ الْخِتَانَ بَدَلَ إعْفَاءِ اللِّحْيَةِ، وَذَكَرَ الِانْتِضَاحَ بَدَلَ انْتِقَاصِ الْمَاءِ انْتَهَى فَتْحُ الْقَدِيرِ قَالَ فِي الْمُسْتَصْفَى الْجُنُبُ يَسْتَوِي فِيهِ الْوَاحِدُ وَالْجَمْعُ وَالْمُذَكَّرُ وَالْمُؤَنَّثُ لِأَنَّهُ اسْمٌ جَرَى مَجْرَى الْمَصْدَرِ الَّذِي هُوَ الْإِجْنَابُ كَذَا ذَكَرَ فِي الْكَشَّافِ وَفِيهِ التَّطَهُّرُ وَالِاطِّهَارُ وَالِاغْتِسَالُ انْتَهَى (قَوْلُهُ وَغَسْلُ الْبَرَاجِمِ) مَفَاصِلِ الْأَصَابِعِ جَمْعُ بُرْجُمَةٍ بِضَمِّ الْبَاءِ انْتَهَى (قَوْلُهُ وَانْتِقَاصُ الْمَاءِ إلَخْ) الْمَاءُ إنْ أُرِيدَ بِهِ الْبَوْلُ كَانَ الِانْتِقَاصُ مَصْدَرًا مُضَافًا إلَى الْمَفْعُولِ، وَإِنْ أُرِيدَ بِهِ الْمَاءُ الَّذِي يَغْسِلُ بِهِ الذَّكَرَ كَانَ مَصْدَرًا مُضَافًا إلَى الْفَاعِلِ، وَالْمَفْعُولُ مُقَدَّرٌ وَهُوَ الْبَوْلُ انْتَهَى يَحْيَى.
(قَوْلُهُ فَطَهِّرُوا أَبْدَانَكُمْ) وَالْبَدَنُ اسْمٌ لِلظَّاهِرِ وَالْبَاطِنِ إلَّا أَنَّ الْبَاطِنَ سَقَطَ بِالْإِجْمَاعِ لِعَدَمِ الْإِمْكَانِ كَيْ لَا يَلْزَمَ تَكْلِيفُ مَا لَيْسَ فِي الْوُسْعِ انْتَهَى مُسْتَصْفَى (قَوْلُهُ وَالْأَنْفُ يُمْكِنُ غَسْلُهُ) فَشَمَلَهُمَا نَصُّ الْكِتَابِ مِنْ غَيْرِ مُعَارِضٍ كَمَا شَمَلَهُ قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «تَحْتَ كُلِّ شَعْرَةٍ جَنَابَةٌ فَبِلُّوا الشَّعْرَ وَأَنْقُوا الْبَشَرَةَ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ مِنْ غَيْرِ مُعَارِضٍ إذْ كَوْنُهُ مِنْ الْفِطْرَةِ لَا يَنْفِي الْوُجُوبَ؛ لِأَنَّهَا الدِّينُ وَهُوَ أَعَمُّ مِنْهُ فَلَا يُعَارِضُهُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «كُلُّ مَوْلُودٍ يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ» وَالْمُرَادُ أَعْلَى الْوَاجِبَاتِ عَلَى مَا هُوَ أَعْلَى الْأَقْوَالِ انْتَهَى فَتْحٌ. (قَوْلُهُ وَبَاطِنُ الْجُرْحِ) وَمَا يَعْسُرُ كَثَقْبِ الْقُرْطِ وَجِلْدَةِ الْأَقْلَفِ الَّتِي لَا تَنْحَسِرُ عَنْهَا الْحَشَفَةُ لَا يَجِبُ إيصَالُ الْمَاءِ إلَيْهِ انْتَهَى كُنُوزٌ. (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ يُوَرِّثُ الْعَمَى) أَيْ لِأَنَّهُ شَحْمٌ لَا يَقْبَلُ الْمَاءَ انْتَهَى كَافِي (قَوْلُهُ وَلَا يَجِبُ غَسْلُهُمَا مِنْ النَّجَاسَةِ إلَى آخِرِهِ) كَمَا إذَا اكْتَحَلَ بِكُحْلٍ نَجِسٍ انْتَهَى (قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ وَبَدَنِهِ) أَيْ جَمِيعِ ظَاهِرِ الْبَدَنِ حَتَّى لَوْ بَقِيَ الْعَجِينُ فِي الظُّفْرِ فَاغْتَسَلَ لَا يُجْزِي وَفِي الدَّرَنِ يُجْزِي إذْ هُوَ مُتَوَلِّدٌ مِنْ هُنَاكَ وَكَذَا الطِّينُ؛ لِأَنَّ الْمَاءَ يَنْفُذُ مِنْ هُنَاكَ وَكَذَا الصِّبْغُ وَالْحِنَّاءُ انْتَهَى شَرْحُ وِقَايَةٍ فَيَجِبُ تَحْرِيكُ الْقُرْطِ وَالْخَاتَمِ الضَّيِّقَيْنِ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ قُرْطٌ فَدَخَلَ الْمَاءُ الثَّقْبَ عِنْدَ مُرُورِهِ أَجْزَأَ كَالسُّرَّةِ، وَإِلَّا أَدْخَلَهُ وَيُدْخِلُهُ الْقُلْفَةَ اسْتِحْبَابًا وَفِي النَّوَازِلِ لَا يُجْزِيهِ تَرْكُهُ وَالْأَصَحُّ الْأَوَّلُ لِلْحَرَجِ لَا لِكَوْنِهِ خِلْقَةً انْتَهَى كَمَالٌ كَمَا قَالَ فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ وَالْخِضَابُ إذَا تَجَسَّدَ وَيَبِسَ يَمْنَعُ تَمَامَ الْوُضُوءِ وَالْغُسْلِ كَذَا فِي الْوَجِيزِ وَقِشْرَةُ الْقُرْحَةِ إذَا ارْتَفَعَتْ وَلَمْ يَصِلْ الْمَاءُ إلَى مَا تَحْتَهَا لَا بَأْسَ بِهِ فِي الْوُضُوءِ وَالْغُسْلِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ الْخِضَابِ أَنَّ قِشْرَةَ الْقُرْحَةِ مُتَّصِلَةٌ بِالْجِلْدِ اتِّصَالَ الْخِلْقَةِ قَالَ فِي الْيَنَابِيعِ وَإِنْ اغْتَسَلَ الْأَقْلَفُ مِنْ الْجَنَابَةِ، وَلَمْ يَغْسِلْ مَا وَرَاءَ الْجِلْدِ مِنْ رَأْسِ الذَّكَرِ يُجْزِيهِ وَيَخْرُجُ مِنْ الْجَنَابَةِ وَعَلَى مَا فِي النَّوَازِلِ مَشَى صَاحِبُ الْبَدَائِعِ فَقَالَ: وَكَذَا الْأَقْلَفُ يَجِبُ عَلَيْهِ إيصَالُ الْمَاءِ إلَى الْقُلْفَةِ وَقَالَ بَعْضُهُمْ لَا يَجِبُ وَلَيْسَ بِصَحِيحٍ لِإِمْكَانِ إيصَالِ الْمَاءِ إلَيْهِ بِلَا حَرَجٍ انْتَهَى.
(قَوْلُهُ لَا دَلْكُهُ) قَالَ الْكَمَالُ وَلَا يَجِبُ الدَّلْكُ إلَّا فِي رِوَايَةٍ عَنْ أَبِي يُوسُفَ وَكَأَنَّ وَجْهَهُ خُصُوصُ صِيغَةِ اطَّهَّرُوا فَإِنْ تَفْعَلْ لِلْمُبَالَغَةِ، وَذَلِكَ بِالدَّلْكِ وَفِي الْحَقَائِقِ الدَّلْكُ عِنْدَ مَالِكٍ شَرْطٌ فِي الْوُضُوءِ وَالْغُسْلِ وَعِنْدَنَا لَيْسَ بِشَرْطٍ وَفِي الثَّوْبِ شَرْطٌ إجْمَاعًا. قَالَ فِي الْمُصَفَّى قَالَ الْمَأْمُورُ بِهِ الْفِعْلُ وَهُوَ الْغُسْلُ وَالِاغْتِسَالُ

نام کتاب : تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق وحاشية الشلبي نویسنده : الزيلعي ، فخر الدين    جلد : 1  صفحه : 13
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست