responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع نویسنده : الكاساني، علاء الدين    جلد : 7  صفحه : 37
الشُّبْهَةِ.

وَأَمَّا الْمُرْتَهِنُ إذَا وَطِئَ الْجَارِيَةَ الْمَرْهُونَةَ، (فَوَجْهُ) رِوَايَةِ كِتَابِ الرَّهْنِ أَنَّ يَدَ الْمُرْتَهِنِ يَدُ اسْتِيفَاءِ الدَّيْنِ؛ فَصَارَ الْمُرْتَهِنُ مُسْتَوْفِيًا الدَّيْنَ مِنْ الْجَارِيَةِ يَدًا، فَقَدْ وَطِئَ جَارِيَةً هِيَ مَمْلُوكَةٌ لَهُ يَدًا؛ فَلَا يَجِبُ، الْحَدُّ، كَالْجَارِيَةِ الْمَبِيعَةِ إذَا وَطِئَهَا الْبَائِعُ قَبْلَ التَّسْلِيمِ؛ إلَّا إذَا ادَّعَى الِاشْتِبَاهَ وَقَالَ: ظَنَنْتُ أَنَّهَا تَحِلُّ لِي؛ لِأَنَّهُ اسْتَنَدَ ظَنُّهُ إلَى نَوْعِ دَلِيلٍ وَهُوَ مِلْكُ الْيَدِ، فَيُعْتَبَرُ فِي حَقِّهِ دَرْأٌ لِلْحَدِّ، وَإِذَا لَمْ يَدَّعِ فَلَا شُبْهَةَ - فَلَا يَجِبُ الْحَدُّ.
(وَجْهُ) رِوَايَةِ كِتَابِ الْحُدُودِ أَنَّ الِاسْتِيفَاءَ فِي بَابِ الرَّهْنِ إنَّمَا يَتَحَقَّقُ مِنْ مَالِيَّةِ الرَّهْنِ لَا مِنْ عَيْنِهِ؛ لِأَنَّ الِاسْتِيفَاءَ لَا يَتَحَقَّقُ إلَّا فِي الْجِنْسِ وَلَا مُجَانَسَةَ بَيْنَ التَّوْثِيقِ وَبَيْنَ عَيْنِ الْجَارِيَةِ، فَلَا يُتَصَوَّرُ الِاسْتِيفَاءُ مِنْ عَيْنِهَا فَلَا يُعْتَبَرُ ظَنُّهُ.

وَلَوْ وَطِئَ الْبَائِعُ الْجَارِيَةَ الْمَبِيعَةَ قَبْلَ التَّسْلِيمِ - لَا حَدَّ عَلَيْهِ، وَكَذَلِكَ الزَّوْجُ إذَا وَطِئَ الْجَارِيَةَ الَّتِي تَزَوَّجَ عَلَيْهَا قَبْلَ التَّسْلِيمِ؛ لِأَنَّ مِلْكَ الرَّقَبَةِ وَإِنْ زَالَ بِالْبَيْعِ وَالنِّكَاحِ فَمِلْكُ الْيَدِ قَائِمٌ فَيُورِثُ شُبْهَةً.

وَلَوْ وَطِئَ الْمُسْتَأْجِرُ جَارِيَةَ الْإِجَارَةِ، وَالْمُسْتَعِيرُ جَارِيَةَ الْإِعَارَةِ، وَالْمُسْتَوْدِعُ جَارِيَةَ الْوَدِيعَةِ يُحَدُّ، وَإِنْ قَالَ: ظَنَنْتُ أَنَّهَا تَحِلُّ لِي؛ لِأَنَّ هَذَا ظَنٌّ عُرِّيَ عَنْ دَلِيلٍ فَكَانَ فِي غَيْرِ مَوْضِعِهِ فَلَا يُعْتَبَرُ.

وَلَوْ زُفَّتْ إلَيْهِ غَيْرُ امْرَأَتِهِ، وَقُلْنَ النِّسَاءُ: إنَّ هَذِهِ امْرَأَتُكَ فَوَطِئَهَا - لَا حَدَّ عَلَيْهِ، مِنْهُمْ مَنْ قَالَ: إنَّمَا لَمْ يَجِبْ الْحَدُّ؛ لِشُبْهَةِ الِاشْتِبَاهِ، وَهَذَا غَيْرُ سَدِيدٌ، فَإِنَّهَا إذَا جَاءَتْ بِوَلَدٍ يَثْبُتُ النَّسَبُ، وَلَوْ كَانَ امْتِنَاعُ الْوُجُوبِ لِشُبْهَةِ الِاشْتِبَاهِ يَنْبَغِي أَنْ لَا يَثْبُتَ؛ لِأَنَّ النَّسَبَ لَا يَثْبُتُ فِي شُبْهَةِ الِاشْتِبَاهِ كَمَا فِيمَا ذَكَرْنَا مِنْ الْمَسَائِلِ، وَهَهُنَا يَثْبُتُ النَّسَبُ، دَلَّ أَنَّ الِامْتِنَاعَ لَيْسَ لِشُبْهَةِ الِاشْتِبَاهِ بَلْ لِمَعْنًى آخَرَ.
وَهُوَ إنْ وَطِئَهَا بِنَاءً عَلَى دَلِيلٍ ظَاهِرٍ - يَجُوزُ بِنَاءُ الْوَطْءِ عَلَيْهِ، وَهُوَ الْإِخْبَارُ بِأَنَّهَا امْرَأَتُهُ، بَلْ لَا دَلِيلَ هَهُنَا سِوَاهُ فَلَئِنْ تَبَيَّنَ الْأَمْرُ بِخِلَافِهِ فَقِيَامُ الدَّلِيلِ الْمُبِيحِ مِنْ حَيْثُ الظَّاهِرُ يُورِثُ شُبْهَةً، وَلَوْ وَطِئَ أَجْنَبِيَّةً وَقَالَ: ظَنَنْتُ أَنَّهَا امْرَأَتِي أَوْ جَارِيَتِي أَوْ شَبَّهْتُهَا بِامْرَأَتِي أَوْ جَارِيَتِي - يَجِبُ الْحَدُّ؛ لِأَنَّ هَذَا الظَّنَّ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ؛ لِعَدَمِ اسْتِنَادِهِ إلَى دَلِيلٍ فَكَانَ مُلْحَقًا بِالْعَدَمِ فَلَا يَحِلُّ الْوَطْءُ بِنَاءً عَلَى هَذَا الظَّنِّ، مَا لَمْ يَعْرِفْ أَنَّهَا امْرَأَتُهُ بِدَلِيلٍ، إمَّا بِكَلَامِهَا أَوْ بِإِخْبَارِ مُخْبِرٍ، وَلَمْ يُوجَدْ، مَعَ مَا أَنَّا لَوْ اعْتَبَرْنَا هَذَا الظَّنَّ فِي إسْقَاطِ الْحَدِّ لَمْ يَقُمْ حَدُّ الزِّنَا فِي مَوْضِعٍ مَا، إذْ الزَّانِي لَا يَعْجِزُ عَنْ هَذَا الْقَدْرِ فَيُؤَدِّي إلَى سَدِّ بَابِ الْحَدِّ، وَهَكَذَا رُوِيَ عَنْ إبْرَاهِيمَ النَّخَعِيّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَنَّهُ قَالَ: لَوْ قِيلَ هَذَا لَمَا أُقِيمَ الْحَدُّ عَلَى أَحَدٍ، وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ الرَّجُلُ أَعْمَى فَوَجَدَ امْرَأَةً فِي بَيْتِهِ فَوَقَعَ عَلَيْهَا وَقَالَ: ظَنَنْتهَا امْرَأَتِي عَلَيْهِ الْحَدُّ؛ لِأَنَّ هَذَا ظَنٌّ لَمْ يَسْتَنِدْ إلَى دَلِيلٍ، إذْ قَدْ يَكُونُ فِي الْبَيْتِ مَنْ لَا يَجُوزُ وَطْؤُهَا مِنْ الْمَحَارِمِ وَالْأَجْنَبِيَّاتِ؛ فَلَا يَحِلُّ الْوَطْءُ بِنَاءً عَلَى هَذَا الظَّنِّ فَلَمْ تَثْبُتْ الشُّبْهَةُ.
وَرُوِيَ عَنْ مُحَمَّدٍ فِي رَجُلٍ أَعْمَى دَعَا امْرَأَتَهُ فَقَالَ: يَا فُلَانَةُ، فَأَجَابَتْ غَيْرُهَا، فَوَقَعَ عَلَيْهَا؛ أَنَّهُ يُحَدُّ، وَلَوْ أَجَابَتْهُ غَيْرُهَا وَقَالَتْ: أَنَا فُلَانَةُ فَوَقَعَ عَلَيْهَا - لَمْ يُحَدَّ، وَيَثْبُتُ النَّسَبُ وَهِيَ كَالْمَرْأَةِ الْمَزْفُوفَةِ إلَى غَيْرِ زَوْجِهَا؛ لِأَنَّهُ لَا يَحِلُّ لَهُ وَطْؤُهَا بِنَفْسِ الْإِجَابَةِ مَا لَمْ تَقُلْ أَنَا فُلَانَةُ؛ لِأَنَّ الْإِجَابَةَ قَدْ تَكُونُ مِنْ الَّتِي نَادَاهَا، وَقَدْ تَكُونُ مِنْ غَيْرِهَا، فَلَا يَجُوزُ بِنَاءُ الْوَطْءِ عَلَى نَفْسِ الْإِجَابَةِ، فَإِذَا فَعَلَ لَمْ يُعَذَّرْ، بِخِلَافِ مَا إذَا قَالَتْ: أَنَا فُلَانَةُ فَوَطِئَهَا؛ لِأَنَّهُ لَا سَبِيلَ لِلْأَعْمَى إلَى أَنْ يَعْرِفَ أَنَّهَا امْرَأَتُهُ إلَّا بِذَلِكَ الطَّرِيقِ، فَكَانَ مَعْذُورًا فَأَشْبَهَ الْمَرْأَةَ الْمَزْفُوفَةَ، حَتَّى لَوْ كَانَ الرَّجُلُ بَصِيرًا لَا يُصَدَّقُ عَلَى ذَلِكَ؛ لِإِمْكَانِ الْوُصُولِ إلَى أَنَّهَا امْرَأَتُهُ بِالرُّؤْيَةِ.
وَرُوِيَ عَنْ زُفَرَ فِي رَجُلٍ أَعْمَى وَجَدَ عَلَى فِرَاشِهِ أَوْ مَجْلِسِهِ امْرَأَةً نَائِمَةً فَوَقَعَ عَلَيْهَا وَقَالَ: ظَنَنْتُ أَنَّهَا امْرَأَتِي؛ يُدْرَأُ عَنْهُ الْحَدُّ وَعَلَيْهِ الْعُقْرُ، وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: لَا يُدْرَأُ.
(وَجْهُ) قَوْلِ زُفَرَ أَنَّهُ ظَنَّ فِي مَوْضِعِ الظَّنِّ، إذْ الظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَنَامُ عَلَى فِرَاشِهِ غَيْرُ امْرَأَتِهِ، فَكَانَ ظَنُّهُ مُسْتَنِدًا إلَى دَلِيلٍ ظَاهِرٍ؛ فَيُوجِبُ دَرْأَ الْحَدِّ، كَمَا لَوْ زُفَّتْ إلَيْهِ غَيْرُ امْرَأَتِهِ فَوَطِئَهَا.
(وَجْهُ) قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ أَنَّ النَّوْمَ عَلَى الْفِرَاشِ لَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهَا امْرَأَتُهُ لِجَوَازِ أَنْ يَنَامَ عَلَى فِرَاشِهِ غَيْرُ امْرَأَتِهِ، فَلَا يَجُوزُ اسْتِحْلَالُ الْوَطْءِ بِهَذَا الْقَدْرِ، فَإِذَا اسْتَحَلَّ وَظَهَرَ الْأَمْرُ بِخِلَافِهِ - لَمْ يَكُنْ مَعْذُورًا، وَاَللَّهُ - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى - أَعْلَمُ.

[فَصْلٌ فِي أَنْوَاع الْإِحْصَانِ]
(فَصْلٌ) :
وَأَمَّا الْإِحْصَانُ، فَالْإِحْصَانُ نَوْعَانِ: إحْصَانُ الرَّجْمِ، وَإِحْصَانُ الْقَذْفِ أَمَّا إحْصَانُ الرَّجْمِ فَهُوَ عِبَارَةٌ - فِي الشَّرْعِ - عَنْ اجْتِمَاعِ صِفَاتٍ اعْتَبَرَهَا الشَّرْعُ لِوُجُوبِ الرَّجْمِ، وَهِيَ سَبْعَةٌ: الْعَقْلُ وَالْبُلُوغُ وَالْحُرِّيَّةُ وَالْإِسْلَامُ وَالنِّكَاحُ الصَّحِيحُ وَكَوْنُ الزَّوْجَيْنِ جَمِيعًا عَلَى هَذِهِ الصِّفَاتِ، وَهُوَ أَنْ يَكُونَا جَمِيعًا عَاقِلَيْنِ بَالِغَيْنِ حُرَّيْنِ مُسْلِمَيْنِ، فَوُجُودُ هَذِهِ الصِّفَاتِ جَمِيعًا فِيهِمَا شَرْطٌ؛ لِكَوْنِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مُحْصَنًا، وَالدُّخُولُ فِي النِّكَاحِ الصَّحِيحِ بَعْدَ سَائِرِ الشَّرَائِطِ مُتَأَخِّرًا عَنْهَا، فَإِنْ تَقَدَّمَهَا لَمْ يُعْتَبَرْ مَا لَمْ يُوجَدْ دُخُولٌ آخَرُ بَعْدَهَا، فَلَا إحْصَانَ لِلصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ وَالْعَبْدِ وَالْكَافِرِ، وَلَا بِالنِّكَاحِ الْفَاسِدِ

نام کتاب : بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع نویسنده : الكاساني، علاء الدين    جلد : 7  صفحه : 37
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست