responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع نویسنده : الكاساني، علاء الدين    جلد : 7  صفحه : 34
جَمِيعًا.
وَالْأَصْلُ فِي اعْتِبَارِ الشُّبْهَةِ فِي هَذَا الْبَابِ الْحَدِيثُ الْمَشْهُورُ، وَهُوَ قَوْلُهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «ادْرَءُوا الْحُدُودَ بِالشُّبُهَاتِ» ؛ وَلِأَنَّ الْحَدَّ عُقُوبَةٌ مُتَكَامِلَةٌ فَتَسْتَدْعِي جِنَايَةً مُتَكَامِلَةً، وَالْوَطْءُ فِي الْقُبُلِ فِي غَيْرِ مِلْكٍ وَلَا نِكَاحٍ لَا يَتَكَامَلُ جِنَايَةً؛ إلَّا عِنْدَ انْتِفَاءِ الشُّبْهَةِ كُلِّهَا إذَا عُرِفَ الزِّنَا فِي عُرْفِ الشَّرْعِ فَنُخَرِّجُ عَلَيْهِ بَعْضَ الْمَسَائِلِ فَنَقُولُ: الصَّبِيُّ أَوْ الْمَجْنُونُ إذَا وَطِئَ امْرَأَةً أَجْنَبِيَّةً لَا حَدَّ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ فِعْلَهُمَا لَا يُوصَفُ بِالْحُرْمَةِ، فَلَا يَكُونُ الْوَطْءُ مِنْهُمَا زِنًا، فَلَا حَدَّ عَلَى الْمَرْأَةِ إذَا طَاوَعَتْهُ عِنْدَ أَصْحَابِنَا الثَّلَاثَةِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ -، وَقَالَ زُفَرُ وَالشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ -: عَلَيْهَا الْحَدُّ.
وَلَا خِلَافَ فِي أَنَّ الْعَاقِلَ الْبَالِغَ إذَا زَنَى بِصَبِيَّةٍ أَوْ مَجْنُونَةٍ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ الْحَدُّ وَلَا حَدَّ عَلَيْهَا، لَهُمَا أَنَّ الْمَانِعَ مِنْ وُقُوعِ الْفِعْلِ زِنًا خَصَّ أَحَدَ الْجَانِبَيْنِ فَيَخْتَصُّ بِهِ الْمَنْعُ، كَالْعَاقِلِ الْبَالِغِ إذَا زَنَى بِصَبِيَّةٍ أَوْ مَجْنُونَةٍ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ الْحَدُّ، وَإِنْ كَانَ لَا يَجِبُ عَلَيْهَا؛ لِمَا قُلْنَا.
كَذَا هَذَا.
(وَلَنَا) أَنَّ وُجُوبَ الْحَدِّ عَلَى الْمَرْأَةِ فِي بَابِ الزِّنَا لَيْسَ لِكَوْنِهَا زَانِيَةً؛ لِأَنَّ فِعْلَ الزِّنَا لَا يَتَحَقَّقُ مِنْهَا وَهُوَ الْوَطْءُ؛ لِأَنَّهَا مَوْطُوءَةٌ وَلَيْسَتْ بِوَاطِئَةٍ، وَتَسْمِيَتُهَا فِي الْكِتَابِ الْعَزِيزِ زَانِيَةً مَجَازٌ لَا حَقِيقَةٌ، وَإِنَّمَا وَجَبَ عَلَيْهَا؛ لِكَوْنِهَا مَزْنِيًّا بِهَا، وَفِعْلُ الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ لَيْسَ بِزِنًا فَلَا تَكُونُ هِيَ مَزْنِيًّا بِهَا، فَلَا يَجِبُ عَلَيْهَا الْحَدُّ، وَفِعْلُ الزِّنَا يَتَحَقَّقُ مِنْ الْعَاقِلِ الْبَالِغِ فَكَانَتْ الصَّبِيَّةُ أَوْ الْمَجْنُونَةُ مَزْنِيًّا بِهَا، إلَّا أَنَّ الْحَدَّ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهَا؛ لِعَدَمِ الْأَهْلِيَّةِ وَالْأَهْلِيَّةُ ثَابِتَةٌ فِي جَانِبِ الرَّجُلِ فَيَجِبُ، وَكَذَلِكَ الْوَطْءُ فِي الدُّبُرِ فِي الْأُنْثَى أَوْ الذَّكَرِ لَا يُوجِبُ الْحَدَّ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَإِنْ كَانَ حَرَامًا؛ لِعَدَمِ الْوَطْءِ فِي الْقُبُلِ فَلَمْ يَكُنْ زِنًا، وَعِنْدَهُمَا وَالشَّافِعِيُّ يُوجِبُ الْحَدَّ - وَهُوَ الرَّجْمُ - إنْ كَانَ مُحْصَنًا وَالْجَلْدُ إنْ كَانَ غَيْرَ مُحْصَنٍ لَا لِأَنَّهُ زِنًا؛ بَلْ لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى الزِّنَا؛ لِمُشَارَكَةِ الزِّنَا فِي الْمَعْنَى الْمُسْتَدْعِي لِوُجُوبِ الْحَدِّ وَهُوَ الْوَطْءُ الْحَرَامُ عَلَى وَجْهِ التَّمَحُّضِ، فَكَانَ فِي مَعْنَى الزِّنَا، فَوُرُودُ النَّصِّ بِإِيجَابِ الْحَدِّ هُنَاكَ يَكُونُ وُرُودًا هَهُنَا دَلَالَةً.
وَلِأَبِي حَنِيفَةَ مَا ذَكَرْنَا أَنَّ اللِّوَاطَةُ لَيْسَتْ بِزِنًا؛ لِمَا ذَكَرْنَا أَنَّ الزِّنَا اسْمٌ لِلْوَطْءِ فِي قُبُلِ الْمَرْأَةِ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ يَسْتَقِيمُ أَنْ يُقَالَ: لَاطَ وَمَا زَنَى، وَزَنَى وَمَا لَاطَ، وَيُقَالُ: فُلَانٌ لُوطِيٌّ وَفُلَانٌ زَانِي، فَكَذَا يَخْتَلِفَانِ اسْمًا، وَاخْتِلَافُ الْأَسَامِي دَلِيلُ اخْتِلَافِ الْمَعَانِي فِي الْأَصْلِ؛ وَلِهَذَا اخْتَلَفَ الصَّحَابَةُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - فِي حَدِّ هَذَا الْفِعْلِ، وَلَوْ كَانَ هَذَا زِنًا - لَمْ يَكُنْ لِاخْتِلَافِهِمْ مَعْنًى؛ لِأَنَّ مُوجِبَ الزِّنَا كَانَ مَعْلُومًا لَهُمْ بِالنَّصِّ فَثَبَتَ أَنَّهُ لَيْسَ بِزِنًا وَلَا فِي مَعْنَى الزِّنَا أَيْضًا؛ لِمَا فِي الزِّنَا مِنْ اشْتِبَاهِ الْأَنْسَابِ وَتَضْيِيعِ الْوَلَدِ وَلَمْ يُوجَدْ ذَلِكَ فِي هَذَا الْفِعْلِ، إنَّمَا فِيهِ تَضْيِيعُ الْمَاءِ الْمَهِينِ الَّذِي يُبَاحُ مِثْلُهُ بِالْعَزْلِ، وَكَذَا لَيْسَ فِي مَعْنَاهُ فِيمَا شُرِعَ لَهُ الْحَدُّ وَهُوَ الزَّجْرُ؛ لِأَنَّ الْحَاجَةَ إلَى شَرْعِ الزَّاجِرِ فِيمَا يَغْلِبُ وُجُودُهُ وَلَا يَغْلِبُ وُجُودُ هَذَا الْفِعْلِ؛ لِأَنَّ وُجُودَهُ يَتَعَلَّقُ بِاخْتِيَارِ شَخْصَيْنِ، وَلَا اخْتِيَارَ إلَّا لِدَاعٍ يَدْعُو إلَيْهِ، وَلَا دَاعِي فِي جَانِبِ الْمَحِلِّ أَصْلًا، وَفِي الزِّنَا وُجِدَ الدَّاعِي مِنْ الْجَانِبَيْنِ جَمِيعًا - وَهُوَ الشَّهْوَةُ الْمُرَكَّبَةُ فِيهِمَا جَمِيعًا - فَلَمْ يَكُنْ فِي مَعْنَى الزِّنَا - فَوُرُودُ النَّصِّ هُنَاكَ لَيْسَ وُرُودًا هَهُنَا، وَكَذَا اخْتِلَافُ اجْتِهَادِ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْوَاجِبَ بِهَذَا الْفِعْلِ هُوَ التَّعْزِيرُ؛ لِوَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا - أَنَّ التَّعْزِيرَ هُوَ الَّذِي يَحْتَمِلُ الِاخْتِلَافَ فِي الْقَدْرِ وَالصِّفَةِ لَا الْحَدِّ.
وَالثَّانِي - أَنَّهُ لَا مَجَالَ لِلِاجْتِهَادِ فِي الْحَدِّ بَلْ لَا يُعْرَفُ إلَّا بِالتَّوْقِيفِ، وَلِلِاجْتِهَادِ مَجَالٌ فِي التَّعْزِيرِ.

وَكَذَا وَطْءُ الْمَرْأَةِ الْمَيِّتَةِ لَا يُوجِبُ الْحَدَّ وَيُوجِبُ التَّعْزِيرَ؛ لِعَدَمِ وَطْءِ الْمَرْأَةِ الْحَيَّةِ.

وَكَذَا وَطْءُ الْبَهِيمَةِ وَإِنْ كَانَ حَرَامًا؛ لِانْعِدَامِ الْوَطْءِ فِي قُبُلِ الْمَرْأَةِ فَلَمْ يَكُنْ زِنًا، ثُمَّ إنْ كَانَتْ الْبَهِيمَةُ مِلْكَ الْوَاطِئِ قِيلَ: إنَّهَا تُذْبَحُ وَلَا تُؤْكَلُ، وَلَا رِوَايَةَ فِيهِ عَنْ أَصْحَابِنَا - رَحِمَهُمُ اللَّهُ - لَكِنْ رَوَى مُحَمَّدٌ عَنْ سَيِّدِنَا عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهُ لَمْ يَحُدَّ وَاطِئَ الْبَهِيمَةِ، وَأَمَرَ بِالْبَهِيمَةِ حَتَّى أُحْرِقَتْ بِالنَّارِ.

وَكَذَلِكَ الْوَطْءُ عَنْ إكْرَاهٍ لَا يُوجِبُ الْحَدَّ.

وَكَذَلِكَ الْوَطْءُ فِي دَارِ الْحَرْبِ، وَفِي دَارِ الْبَغْيِ لَا يُوجِبُ الْحَدَّ، حَتَّى إنَّ مَنْ زَنَى فِي دَارِ الْحَرْبِ أَوْ دَارِ الْبَغْيِ ثُمَّ خَرَجَ إلَيْنَا لَا يُقَامُ عَلَيْهِ الْحَدُّ؛ لِأَنَّ الزِّنَا لَمْ يَنْعَقِدْ سَبَبًا لِوُجُوبِ الْحَدِّ حِينَ وُجُودِهِ؛ لِعَدَمِ الْوِلَايَةِ فَلَا يُسْتَوْفَى بَعْدَ ذَلِكَ، وَكَذَلِكَ الْحَرْبِيُّ الْمُسْتَأْمَنُ إذَا زَنَى بِمُسْلِمَةٍ أَوْ ذِمِّيَّةٍ أَوْ، ذِمِّيٌّ زَنَى بِحَرْبِيَّةٍ مُسْتَأْمَنَةٍ لَا حَدَّ عَلَى الْحَرْبِيِّ وَالْحَرْبِيَّةِ عِنْدَهُمَا، وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ يُحَدَّانِ.
وَجْهُ قَوْلِهِ أَنَّهُ لَمَّا دَخَلَ دَارَ الْإِسْلَامِ فَقَدْ الْتَزَمَ أَحْكَامَ الْإِسْلَامِ مُدَّةَ إقَامَتِهِ فِيهَا فَصَارَ كَالذِّمِّيِّ؛ وَلِهَذَا يُقَامُ عَلَيْهِ حَدُّ الْقَذْفِ كَمَا يُقَامُ عَلَى الذِّمِّيِّ؛ وَلَهُمَا أَنَّهُ لَمْ يَدْخُلْ دَارَ الْإِسْلَامِ عَلَى سَبِيلِ الْإِقَامَةِ وَالتَّوَطُّنِ بَلْ عَلَى سَبِيلِ الْعَارِيَّةِ؛ لِيُعَامِلَنَا وَنُعَامِلَهُ، ثُمَّ يَعُودَ فَلَمْ يَكُنْ دُخُولُهُ دَارَ الْإِسْلَامِ دَلَالَةَ الْتِزَامِهِ حَقَّ اللَّهِ - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى - خَالِصًا، بِخِلَافِ حَدِّ الْقَذْفِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا طَلَبَ الْأَمَانَ مِنْ الْمُسْلِمِينَ فَقَدْ

نام کتاب : بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع نویسنده : الكاساني، علاء الدين    جلد : 7  صفحه : 34
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست