responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع نویسنده : الكاساني، علاء الدين    جلد : 6  صفحه : 40
بَيَانِ شَرَائِطِ الرُّكْنِ، وَفِي بَيَانِ حُكْمِ الصُّلْحِ، وَفِي بَيَانِ مَا يَبْطُلُ بِهِ عَقْدُ الصُّلْحِ بَعْدَ وُجُودِهِ، وَفِي بَيَانِ حُكْمِهِ إذَا بَطَلَ، أَوْ لَمْ يَصِحَّ مِنْ الْأَصْلِ (أَمَّا) الْأَوَّلُ فَنَقُولُ وَبِاَللَّهِ التَّوْفِيقُ.
الصُّلْحُ فِي الْأَصْلِ أَنْوَاعٌ ثَلَاثَةٌ:.
صُلْحٌ عَنْ إقْرَارِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، وَصُلْحٌ عَنْ إنْكَارِهِ، وَصُلْحٌ عَنْ سُكُوتِهِ مِنْ غَيْرِ إقْرَارٍ، وَلَا إنْكَارٍ، وَكُلُّ نَوْعٍ مِنْ ذَلِكَ لَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَكُونَ بَيْنَ الْمُدَّعِي، وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ بَيْنَ الْمُدَّعِي، وَالْأَجْنَبِيِّ الْمُتَوَسِّطِ فَإِنْ كَانَ بَيْنَ الْمُدَّعِي وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الْأَنْوَاعِ الثَّلَاثَةِ مَشْرُوعٌ عِنْدَ أَصْحَابِنَا، وَقَالَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى: الْمَشْرُوعُ هُوَ الصُّلْحُ عَنْ إقْرَارٍ وَسُكُوتٍ لَا غَيْرِهِمَا، وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَمَّا الْمَشْرُوعُ هُوَ الصُّلْحُ عَنْ إقْرَارٍ لَا غَيْرُ.
(وَجْهُ) قَوْلِ الشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَنَّ جَوَازَ الصُّلْحِ يَسْتَدْعِي حَقًّا ثَابِتًا، وَلَمْ يُوجَدْ فِي مَوْضِعِ الْإِنْكَارِ وَالسُّكُوتِ أَمَّا فِي الْإِنْكَارِ؛ فَلِأَنَّ الْحَقَّ لَوْ ثَبَتَ فَإِنَّمَا يَثْبُتُ بِالدَّعْوَى، وَقَدْ عَارَضَهَا الْإِنْكَارُ، فَلَا يَثْبُتُ الْحَقُّ عِنْدَ التَّعَارُضِ، فَأَمَّا فِي السُّكُوتِ فَلِأَنَّ السَّاكِتَ يُنَزَّلُ مُنْكِرًا حُكْمًا حَتَّى تُسْمَعَ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ فَكَانَ إنْكَارُهُ مُعَارِضًا لِدَعْوَى الْمُدَّعِي فَلَمْ يَثْبُتْ الْحَقُّ.
وَلَوْ بَذَلَ الْمَالَ لَبَذَلَهُ لِدَفْعِ خُصُومَةٍ بَاطِلَةٍ فَكَانَ فِي مَعْنَى الرِّشْوَةِ (وَلَنَا) ظَاهِرُ قَوْله تَعَالَى {وَالصُّلْحُ خَيْرٌ} [النساء: 128] ، وَصَفَ اللَّهُ تَعَالَى عَزَّ شَأْنُهُ جِنْسَ الصُّلْحِ بِالْخَيْرِيَّةِ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْبَاطِلَ لَا يُوصَفُ بِالْخَيْرِيَّةِ، فَكَانَ كُلُّ صُلْحٍ مَشْرُوعًا بِظَاهِرِ هَذَا النَّصِّ إلَّا مَا خُصَّ بِدَلِيلٍ، وَعَنْ سَيِّدِنَا عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهُ قَالَ رُدُّوا الْخُصُومَ حَتَّى يَصْطَلِحُوا، فَإِنَّ فَصْلَ الْقَضَاءِ يُورِثُ بَيْنَهُمْ الضَّغَائِنَ أَمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - بِرَدِّ الْخُصُومِ إلَى الصُّلْحِ مُطْلَقًا، وَكَانَ ذَلِكَ بِمَحْضَرٍ مِنْ الصَّحَابَةِ الْكِرَامِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ -، وَلَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِ أَحَدٌ فَيَكُونُ إجْمَاعًا مِنْ الصَّحَابَةِ فَيَكُونُ حُجَّةً قَاطِعَةً؛ وَلِأَنَّ الصُّلْحَ شُرِعَ لِلْحَاجَةِ إلَى قَطْعِ الْخُصُومَةِ، وَالْمُنَازَعَةِ وَالْحَاجَةُ إلَى قَطْعِهَا فِي التَّحْقِيقِ عِنْدَ الْإِنْكَارِ إذْ الْإِقْرَارُ مُسَالَمَةٌ، وَمُسَاعَدَةٌ، فَكَانَ أَوْلَى بِالْجَوَازِ، وَلِهَذَا قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: أَجْوَزُ مَا يَكُونُ الصُّلْحُ عَلَى الْإِنْكَارِ، وَقَالَ الشَّيْخُ أَبُو مَنْصُورِ الْمَاتُرِيدِيُّ السَّمَرْقَنْدِيُّ: - رَحِمَهُ اللَّهُ - مَا صَنَعَ الشَّيْطَانُ مِنْ إيقَاعِ الْعَدَاوَةِ وَالْبَغْضَاءِ فِي بَنِي آدَمَ مَا صَنَعَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي إنْكَارِهِ الصُّلْحَ عَلَى الْإِنْكَارِ، وَقَوْلُهُ أَنَّ الْحَقَّ لَيْسَ بِثَابِتٍ قُلْنَا هَذَا عَلَى الْإِطْلَاقِ مَمْنُوعٌ، بَلْ الْحَقُّ ثَابِتٌ فِي زَعْمِ الْمُدَّعِي، وَحَقُّ الْخُصُومَةِ وَالْيَمِينِ ثَابِتَانِ لَهُ شَرْعًا فَكَانَ هَذَا صُلْحًا عَنْ حَقٍّ ثَابِتٍ فَكَانَ مَشْرُوعًا.

[فَصْلٌ فِي رُكْنِ الصُّلْحِ]
(فَصْلٌ) :
وَأَمَّا رُكْنُ الصُّلْحِ.
فَالْإِيجَابُ وَالْقَبُولُ وَهُوَ أَنْ يَقُولَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ: صَالَحْتُكَ مِنْ كَذَا عَلَى كَذَا، أَوْ مِنْ دَعْوَاكَ كَذَا عَلَى كَذَا، وَيَقُولُ الْآخَرُ: قَبِلْتُ، أَوْ رَضِيت، أَوْ مَا يَدُلُّ عَلَى قَبُولِهِ وَرِضَاهُ، فَإِذَا وُجِدَ الْإِيجَابُ وَالْقَبُولُ، فَقَدْ تَمَّ عَقْدُ الصُّلْحِ.

[فَصْلٌ فِي شَرَائِطُ رُكْن الصُّلْح وبعضها يرجع إلَى المصالح]
(فَصْلٌ) :
وَأَمَّا شَرَائِطُ الرُّكْنِ.
فَأَنْوَاعٌ بَعْضُهَا يَرْجِعُ إلَى الْمُصَالِحِ، وَبَعْضُهَا يَرْجِعُ إلَى الْمُصَالَحِ عَلَيْهِ، وَبَعْضُهَا يَرْجِعُ إلَى الْمُصَالَحِ عَنْهُ.
(أَمَّا) .
الَّذِي يَرْجِعُ إلَى الْمُصَالِحِ.
فَأَنْوَاعٌ: (مِنْهَا) أَنْ يَكُونَ عَاقِلًا، وَهَذَا شَرْطٌ عَامٌّ فِي جَمِيعِ التَّصَرُّفَاتِ كُلِّهَا فَلَا يَصِحُّ صُلْحُ الْمَجْنُونِ وَالصَّبِيِّ الَّذِي لَا يَعْقِلُ لِانْعِدَامِ أَهْلِيَّةِ التَّصَرُّفِ بِانْعِدَامِ الْعَقْلِ.

(فَأَمَّا) الْبُلُوغُ، فَلَيْسَ بِشَرْطٍ حَتَّى يَصِحَّ صُلْحُ الصَّبِيِّ فِي الْجُمْلَةِ، وَهُوَ الصَّبِيُّ الْمَأْذُونُ إذَا كَانَ لَهُ فِيهِ نَفْعٌ، أَوْ لَا يَكُونُ لَهُ فِيهِ ضَرَرٌ ظَاهِرٌ بَيَانُ ذَلِكَ إذَا وَجَبَ لِلصَّبِيِّ الْمَأْذُونِ عَلَى إنْسَانٍ دَيْنٌ، فَصَالَحَهُ عَلَى بَعْضِ حَقِّهِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ جَازَ الصُّلْحُ؛ لِأَنَّ عِنْدَ انْعِدَامِ الْبَيِّنَةِ لَا حَقَّ لَهُ إلَّا الْخُصُومَةُ، وَالْحَلِفُ وَالْمَالُ أَنْفَعُ لَهُ مِنْهُمَا، وَإِنْ كَانَ لَهُ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ لَا يَجُوزُ الصُّلْحُ؛ لِأَنَّ الْحَطَّ تَبَرُّعٌ، وَهُوَ لَا يَمْلِكُ التَّبَرُّعَاتِ.
وَلَوْ أَخَّرَ الدَّيْنَ جَازَ سَوَاءً كَانَتْ لَهُ بَيِّنَةٌ، أَوْ لَا فَرْقًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الصُّلْحِ؛ لِأَنَّ تَأْخِيرَ الدَّيْنِ مِنْ أَعْمَالِ التِّجَارَةِ، وَالصَّبِيُّ الْمَأْذُونُ فِي التِّجَارَاتِ كَالْبَالِغِ أَلَا تَرَى أَنَّهُ يَمْلِكُ التَّأْجِيلَ فِي نَفْسِ الْعَقْدِ بِأَنْ يَبِيعَ بِأَجَلٍ، فَيَمْلِكُهُ مُتَأَخِّرًا عَنْ الْعَقْدِ أَيْضًا بِخِلَافِ الْحَطِّ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ التِّجَارَةِ، بَلْ هُوَ تَبَرُّعٌ فَلَا يَمْلِكُهُ إلَّا أَنَّهُ يَمْلِكُ حَطَّ بَعْضِ الثَّمَنِ لِأَجْلِ الْعَيْبِ؛ لِأَنَّ حَطَّ بَعْضِ الثَّمَنِ لِلْعَيْبِ قَدْ يَكُونُ أَنْفَعَ مِنْ أَخْذِ الْمَبِيعِ الْمَعِيبِ فَكَانَ ذَلِكَ مِنْ بَابِ التِّجَارَةِ، فَيَمْلِكُهُ وَلَوْ صَالَحَ الصَّبِيُّ الْمَأْذُونُ مِنْ الْمُسْلَمِ فِيهِ عَلَى رَأْسِ الْمَالِ جَازَ؛ لِأَنَّ الصُّلْحَ مِنْ الْمُسْلَمِ فِيهِ عَلَى رَأْسِ الْمَالِ إقَالَةٌ لِلْعَقْدِ وَالْإِقَالَةُ مِنْ بَابِ التِّجَارَةِ، وَكَذَلِكَ لَوْ اشْتَرَى سِلْعَةً وَظَهَرَ بِهَا عَيْبٌ فَصَالَحَ الْبَائِعَ عَلَى أَنْ قَبِلَهَا جَازَ؛ لِأَنَّ الثَّمَنَ أَنْفَعُ مِنْ الْمَبِيعِ الْمَعِيبِ عَادَةً.
وَلَوْ صَالَحَهُ الْبَائِعُ، فَحَطَّ عَنْهُ بَعْضَ الثَّمَنِ لَا شَكَّ فِيهِ أَنَّهُ يَجُوزُ؛ لِأَنَّ الْحَطَّ مِنْ الْبَائِعِ تَبَرُّعٌ مِنْهُ عَلَى الصَّبِيِّ، فَيَصِحُّ.
وَلَوْ ادَّعَى إنْسَانٌ

نام کتاب : بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع نویسنده : الكاساني، علاء الدين    جلد : 6  صفحه : 40
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست