responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع نویسنده : الكاساني، علاء الدين    جلد : 6  صفحه : 266
يَكُنْ لَهُ حَقٌّ فِي التَّقْدِيمِ فَلَهُمْ مَنْعُهُ سَوَاءٌ كَانَ لَهُمْ فِي ذَلِكَ مَضَرَّةٌ أَوْ لَا لِمَا ذَكَرنَا أَنَّ حُرْمَةَ التَّصَرُّفِ فِي حَقِّ الْغَيْرِ لَا تَقِفُ عَلَى الْمَضَرَّةِ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمَ.

[كِتَابُ الشَّهَادَةِ]
[بَيَان رُكْن الشَّهَادَة]
(كِتَابُ الشَّهَادَةِ)
الْكَلَامُ فِي هَذَا الْكِتَابِ فِي مَوَاضِعَ فِي بَيَانِ رُكْنِ الشَّهَادَةِ، وَفِي بَيَانِ شَرَائِطِ الرُّكْنِ، وَفِي بَيَانِ مَا يَلْزَمُ الشَّاهِدَ بِتَحَمُّلِ الشَّهَادَةِ، وَفِي بَيَانِ حُكْمِ الشَّهَادَةِ أَمَّا رُكْنُ الشَّهَادَةِ، فَقَوْلُ الشَّاهِدِ: " أَشْهَدُ بِكَذَا وَكَذَا " وَفِي مُتَعَارَفِ النَّاسِ فِي حُقُوقِ الْعِبَادِ: هُوَ الْإِخْبَارُ عَنْ كَوْنِ مَا فِي يَدِ غَيْرِهِ لِغَيْرِهِ، فَكُلُّ مَنْ أَخْبَرَ بِأَنَّ مَا فِي يَدِ غَيْرِهِ لِغَيْرِهِ، فَهُوَ شَاهِدٌ، وَبِهِ يَنْفَصِلُ عَنْ الْمُقِرِّ وَالْمُدَّعِي وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ، عَلَى مَا ذَكَرْنَا فِي كِتَابِ الدَّعْوَى.

[فَصْلٌ فِي شَرَائِطِ رُكْن الشَّهَادَة]
(فَصْلٌ) :
وَأَمَّا الشَّرَائِطُ فِي الْأَصْلِ فَنَوْعَانِ: نَوْعٌ هُوَ شَرْطُ تَحَمُّلِ الشَّهَادَةِ، وَنَوْعٌ هُوَ شَرْطُ أَدَاءِ الشَّهَادَةِ.
(أَمَّا) الْأَوَّلُ فَثَلَاثَةٌ: أَحَدُهَا - أَنْ يَكُونَ عَاقِلًا وَقْتَ التَّحَمُّلِ، فَلَا يَصِحُّ التَّحَمُّلُ مِنْ الْمَجْنُونِ وَالصَّبِيِّ الَّذِي لَا يَعْقِلُ؛؛ لِأَنَّ تَحَمُّلَ الشَّهَادَةِ عِبَارَةٌ عَنْ فَهْمِ الْحَادِثَةِ وَضَبْطِهَا، وَلَا يَحْصُلُ ذَلِكَ إلَّا بِآلَةِ الْفَهْمِ وَالضَّبْطِ، وَهِيَ الْعَقْلُ.

- وَالثَّانِي أَنْ يَكُونَ بَصِيرًا وَقْتَ التَّحَمُّلِ عِنْدَنَا، فَلَا يَصِحُّ التَّحَمُّلُ مِنْ الْأَعْمَى، وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - الْبَصَرُ لَيْسَ بِشَرْطٍ لِصِحَّةِ التَّحَمُّلِ وَلَا لِصِحَّةِ الْأَدَاءِ؛؛ لِأَنَّ الْحَاجَةَ إلَى الْبَصَرِ عِنْدَ التَّحَمُّلِ لِحُصُولِ الْعِلْمِ بِالْمَشْهُودِ بِهِ وَذَلِكَ يَحْصُلُ بِالسَّمَاعِ، وَلِلْأَعْمَى سَمَاعٌ صَحِيحٌ فَيَصِحُّ تَحَمُّلُهُ لِلشَّهَادَةِ، وَيَقْدِرُ عَلَى الْأَدَاءِ بَعْدَ التَّحَمُّلِ.
(وَلَنَا) أَنَّ الشَّرْطَ هُوَ السَّمَاعُ مِنْ الْخَصْمِ؛؛ لِأَنَّ الشَّهَادَةَ تَقَعُ لَهُ وَلَا يُعْرَفُ كَوْنُهُ خَصْمًا إلَّا بِالرُّؤْيَةِ؛؛ لِأَنَّ النَّغَمَاتِ يُشْبِهُ بَعْضُهَا بَعْضًا.

(وَأَمَّا) الْبُلُوغُ وَالْحُرِّيَّةُ وَالْإِسْلَامُ وَالْعَدَالَةُ فَلَيْسَتْ مِنْ شَرَائِطِ التَّحَمُّلِ، بَلْ مِنْ شَرَائِطِ الْأَدَاءِ حَتَّى لَوْ كَانَ وَقْتَ التَّحَمُّلِ صَبِيًّا عَاقِلًا، أَوْ عَبْدًا، أَوْ كَافِرًا، أَوْ فَاسِقًا، ثُمَّ بَلَغَ الصَّبِيُّ، وَعَتَقَ الْعَبْدُ، وَأَسْلَمَ الْكَافِرُ، وَتَابَ الْفَاسِقُ فَشَهِدُوا عِنْدَ الْقَاضِي، تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ، وَكَذَا الْعَبْدُ إذَا تَحَمَّلَ الشَّهَادَةَ لِمَوْلَاهُ، ثُمَّ عَتَقَ فَشَهِدَ لَهُ، تُقْبَلُ.
وَكَذَا الْمَرْأَةُ إذَا تَحَمَّلَتْ الشَّهَادَةَ لِزَوْجِهَا ثُمَّ بَانَتْ مِنْهُ فَشَهِدَتْ لَهُ، تُقْبَلُ شَهَادَتُهَا؛؛ لِأَنَّ تَحَمُّلَهَا الشَّهَادَةَ لِلْمَوْلَى وَالزَّوْجِ صَحِيحٌ، وَقَدْ صَارَا مِنْ أَهْلِ الْأَدَاءِ بِالْعِتْقِ وَالْبَيْنُونَةِ، فَتُقْبَلُ شَهَادَتُهُمَا، وَلَوْ شَهِدَ الْفَاسِقُ فَرُدَّتْ شَهَادَتُهُ لِتُهْمَةِ الْفِسْقِ، أَوْ شَهِدَ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ لِصَاحِبِهِ فَرُدَّتْ شَهَادَتُهُ لِتُهْمَةِ الزَّوْجِيَّةِ، ثُمَّ شَهِدُوا فِي تِلْكَ الْحَادِثَةِ بَعْدَ التَّوْبَةِ وَالْبَيْنُونَةِ، لَا تُقْبَلُ.
وَلَوْ شَهِدَ الْعَبْدُ أَوْ الصَّبِيُّ الْعَاقِلُ أَوْ الْكَافِرُ عَلَى مُسْلِمٍ فِي حَادِثَةٍ فَرُدَّتْ شَهَادَتُهُ، ثُمَّ أَسْلَمَ الْكَافِرُ وَعَتَقَ الْعَبْدُ وَبَلَغَ الصَّبِيُّ فَشَهِدُوا فِي تِلْكَ الْحَادِثَةِ بِعَيْنِهَا، تُقْبَلُ (وَوَجْهُ) الْفَرْقِ أَنَّ الْفَاسِقَ وَالزَّوْجَ لَهُمَا شَهَادَةٌ فِي الْجُمْلَةِ، وَقَدْ وَرَدَتْ فَإِذَا شَهِدُوا بَعْدَ التَّوْبَةِ وَزَوَالِ الزَّوْجِيَّةِ فِي تِلْكَ الْحَادِثَةِ، فَقَدْ أَعَادَ تِلْكَ الشَّهَادَةَ وَهِيَ مَرْدُودَةٌ، وَالشَّهَادَةُ الْمَرْدُودَةُ لَا تَحْتَمِلُ الْقَبُولَ بِخِلَافِ الْكَافِرِ وَالْعَبْدِ وَالصَّبِيِّ؛؛ لِأَنَّهُ لَا شَهَادَةَ لِلْكَافِرِ عَلَى الْمُسْلِمِ أَصْلًا، وَكَذَا الصَّبِيُّ وَالْعَبْدُ لَا شَهَادَةَ لَهُمَا أَصْلًا، فَإِذَا أَسْلَمَ الْكَافِرُ وَعَتَقَ الْعَبْدُ وَبَلَغَ الصَّبِيُّ، فَقَدْ حَدَثَتْ لَهُمْ بِالْإِسْلَامِ وَالْعِتْقِ وَالْبُلُوغِ شَهَادَةٌ، وَهِيَ غَيْرُ الْمَرْدُودَةِ فَقُبِلَتْ فَهُوَ الْفَرْقُ وَالثَّالِثُ: أَنْ يَكُونَ التَّحَمُّلُ بِمُعَايَنَةِ الْمَشْهُودِ بِهِ بِنَفْسِهِ لَا بِغَيْرِهِ، إلَّا فِي أَشْيَاءَ مَخْصُوصَةٍ يَصِحُّ التَّحَمُّلُ فِيهَا بِالتَّسَامُعِ مِنْ النَّاسِ، لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - لِلشَّاهِدِ: «إذَا عَلِمْتَ مِثْلَ الشَّمْسِ فَاشْهَدْ، وَإِلَّا فَدَعْ» وَلَا يَعْلَمُ مِثْلَ الشَّمْسِ إلَّا بِالْمُعَايَنَةِ بِنَفْسِهِ فَلَا تُطْلَقُ الشَّهَادَةُ بِالتَّسَامُعِ إلَّا فِي أَشْيَاءَ مَخْصُوصَةٍ، وَهِيَ النِّكَاحُ وَالنَّسَبُ وَالْمَوْتُ، فَلَهُ تَحَمُّلُ الشَّهَادَةِ فِيهَا بِالتَّسَامُعِ مِنْ النَّاسِ، وَإِنْ لَمْ يُعَايِنْ بِنَفْسِهِ؛؛ لِأَنَّ مَبْنَى هَذِهِ الْأَشْيَاءِ عَلَى الِاشْتِهَارِ فَقَامَتْ الشُّهْرَةُ فِيهَا مَقَامَ الْمُعَايَنَةِ.
وَكَذَا إذَا شَهِدَ الْعُرْسَ وَالزِّفَافَ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَشْهَدَ بِالنِّكَاحِ؛ لِأَنَّهُ دَلِيلُ النِّكَاحِ، وَكَذَا فِي الْمَوْتِ إذَا شَهِدَ جِنَازَةَ رَجُلٍ أَوْ دَفْنَهُ، حَلَّ لَهُ أَنْ يَشْهَدَ بِمَوْتِهِ وَاخْتَلَفُوا فِي تَفْسِيرِ التَّسَامُعِ، فَعِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - هُوَ أَنْ يَشْتَهِرَ ذَلِكَ وَيَسْتَفِيضَ وَتَتَوَاتَرَ بِهِ الْأَخْبَارُ عِنْدَهُ مِنْ غَيْرِ تَوَاطُؤٍ؛؛ لِأَنَّ الثَّابِتَ بِالتَّوَاتُرِ وَالْمَحْسُوسَ بِحِسِّ الْبَصَرِ وَالسَّمْعِ سَوَاءٌ، فَكَانَتْ الشَّهَادَةُ بِالتَّسَامُعِ شَهَادَةً عَنْ مُعَايَنَةٍ، فَعَلَى هَذَا إذَا أَخْبَرَهُ بِذَلِكَ رَجُلَانِ، أَوْ رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ لَا يَحِلُّ لَهُ الشَّهَادَةُ مَا لَمْ يَدْخُلْ فِي حَدِّ التَّوَاتُرِ وَذَكَرَ أَحْمَدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ مِهْرَانَ الْخَصَّافُ أَنَّهُ إذَا أَخْبَرَهُ رَجُلَانِ عَدْلَانِ، أَوْ رَجُلٌ

نام کتاب : بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع نویسنده : الكاساني، علاء الدين    جلد : 6  صفحه : 266
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست