responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع نویسنده : الكاساني، علاء الدين    جلد : 6  صفحه : 155
فَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَى قَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «لَا يَغْلَقُ الرَّهْنُ» أَيْ لَا يَهْلِكُ، إذْ الْغَلْقُ يُسْتَعْمَلُ فِي الْهَلَاكِ، كَذَا قَالَ بَعْضُ أَهْلِ اللُّغَةِ، وَعَلَى هَذَا كَانَ الْحَدِيثُ حُجَّةً عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ يَذْهَبُ بِالدَّيْنِ؛ فَلَا يَكُونُ هَالِكًا مَعْنًى، وَقِيلَ: مَعْنَاهُ أَيْ لَا يَسْتَحِقُّهُ الْمُرْتَهِنُ وَلَا يَمْلِكُهُ عِنْدَ امْتِنَاعِ الرَّاهِنِ عَنْ قَضَاءِ الدَّيْنِ، وَهَذَا كَانَ حُكْمًا جَاهِلِيًّا، جَاءَ الْإِسْلَامُ فَأَبْطَلَهُ، وَقَوْلُهُ: - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - عَلَيْهِ غُرْمُهُ، أَيْ نَفَقَتُهُ وَكَنَفُهُ، وَنَحْنُ بِهِ نَقُولُ: إنَّهُ وَثِيقَةٌ، قُلْنَا: مَعْنَى التَّوْثِيقِ فِي الرَّهْنِ هُوَ التَّوَصُّلُ إلَيْهِ فِي أَقْرَبِ الْأَوْقَاتِ؛ لِأَنَّهُ كَانَ لِلْمُرْتَهِنِ وِلَايَةُ مُطَالَبَةِ الرَّاهِنِ بِقَضَاءِ الدَّيْنِ مِنْ مُطْلَقِ مَالِهِ، وَبَعْدَ الرَّهْنِ حَدَثَتْ لَهُ وِلَايَةُ الْمُطَالَبَةِ بِالْقَضَاءِ مِنْ مَالِهِ الْمُعَيَّنِ وَهُوَ الرَّهْنُ بِوَاسِطَةِ الْبَيْعِ فَازْدَادَ طَرِيقُ الْوُصُولِ إلَى حَقِّهِ؛ فَحَصَلَ مَعْنَى التَّوْثِيقِ.

[فَصْلٌ فِي شَرَائِطُ كَوْن الْمَرْهُون مَضْمُونًا عِنْدَ الْهَلَاكِ]
(فَصْلٌ) :
(وَأَمَّا) شَرَائِطُ كَوْنِهِ مَضْمُونًا عِنْدَ الْهَلَاكِ فَأَنْوَاعٌ: مِنْهَا قِيَامُ الدَّيْنِ، حَتَّى لَوْ سَقَطَ الدَّيْنُ مِنْ غَيْرِ عِوَضٍ، ثُمَّ هَلَكَ الرَّهْنُ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ هَلَكَ أَمَانَةً وَعَلَى هَذَا يَخْرُجُ مَا إذَا أَبْرَأَ الْمُرْتَهِنُ الرَّاهِنَ عَنْ الدَّيْنِ، ثُمَّ هَلَكَ الرَّهْنُ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ أَنَّهُ يَهْلِكُ بِغَيْرِ شَيْءٍ، وَلَا ضَمَانَ عَلَى الْمُرْتَهِنِ فِيهِ إذَا لَمْ يُوجَدْ مِنْهُ مَنْعُ الرَّهْنِ مِنْ الرَّاهِنِ عِنْدَ طَلَبِهِ اسْتِحْسَانًا، وَالْقِيَاسُ أَنْ يُضْمَنَ، وَهُوَ قَوْلُ زُفَرَ.
وَلَوْ اسْتَوْفَى دَيْنَهُ ثُمَّ هَلَكَ الرَّهْنُ فِي يَدِهِ، يَهْلِكُ بِالدَّيْنِ وَعَلَيْهِ بَدَلُ مَا اسْتَوْفَى، وَزُفَرُ سَوَّى بَيْنَ الْإِبْرَاءِ وَالِاسْتِيفَاءِ، وَنَحْنُ نُفَرِّقُ بَيْنَهُمَا.
(وَجْهُ) الْقِيَاسِ أَنَّ قَبْضَ الرَّهْنِ قَبْضُ اسْتِيفَاءٍ، وَيَتَقَرَّرُ ذَلِكَ الِاسْتِيفَاءُ عِنْدَ الْهَلَاكِ فَيَصِيرُ كَأَنَّهُ اسْتَوْفَى الدَّيْنَ، ثُمَّ أَبْرَأَ عَنْهُ ثُمَّ هَلَكَ الرَّهْنُ.
وَلَوْ كَانَ كَذَلِكَ يُضْمَنُ كَذَا هَذَا؛ وَلِأَنَّ الْمَرْهُونَ لَمَّا صَارَ مَضْمُونًا بِالْقَبْضِ؛ يَبْقَى الضَّمَانُ مَا بَقِيَ الْقَبْضُ وَقَدْ بَقِيَ؛ لِانْعِدَامِ مَا يَنْقُضُهُ، وَجْهُ الِاسْتِحْسَانِ أَنَّ كَوْنَ الْمَرْهُونِ مَضْمُونًا بِالدَّيْنِ يَسْتَدْعِي قِيَامَ الدَّيْنِ؛ لِأَنَّ الضَّمَانَ هُوَ ضَمَانُ الدَّيْنِ، وَقَدْ سَقَطَ بِالْإِبْرَاءِ؛ فَاسْتَحَالَ أَنْ يَبْقَى مَضْمُونًا بِهِ، وَقَدْ خَرَجَ الْجَوَابُ عَنْ قَوْلِهِ: إنَّ الِاسْتِيفَاءَ يَتَقَرَّرُ عِنْدَ الْهَلَاكِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ: نَعَمْ؛ إذَا كَانَ الدَّيْنُ قَائِمًا، فَإِذَا سَقَطَ بِالْإِبْرَاءِ، لَا يُتَصَوَّرُ الِاسْتِيفَاءُ، وَهَذَا بِخِلَافِ مَا إذَا اسْتَوْفَى الدَّيْنَ ثُمَّ هَلَكَ الرَّهْنُ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ؛ لِأَنَّ قَبْضَ الرَّهْنِ قَائِمٌ وَالضَّمَانَ مُتَعَلِّقٌ بِهِ، فَيَبْقَى مَا بَقِيَ الْقَبْضُ، مَا لَمْ يُوجَدْ الْمُسْقِطُ، وَالِاسْتِيفَاءُ لَا يُسْقِطُ الضَّمَانَ بَلْ يُقَرِّرُهُ؛ لِأَنَّ الْمُسْتَوْفَى يَصِيرُ مَضْمُونًا عَلَى الْمُرْتَهِنِ بِخِلَافِ الْإِبْرَاءِ؛ لِأَنَّهُ مُسْقِطٌ؛ لِأَنَّ الْإِبْرَاءَ إسْقَاطٌ فَلَا يَبْقَى الضَّمَانُ، فَهُوَ الْفَرْقُ، هَذَا إذَا لَمْ يُوجَدْ مِنْ الْمُرْتَهِنِ مَنْعُ الرَّهْنِ مِنْ الرَّاهِنِ بَعْدَ طَلَبِهِ، فَإِنْ وُجِدَ ثُمَّ هَلَكَ الرَّهْنُ فِي يَدِهِ، ضَمِنَ كُلَّ قِيمَتِهِ؛ لِأَنَّهُ صَارَ غَاصِبًا بِالْمَنْعِ، وَالْمَغْصُوبُ مَضْمُونٌ بِكُلِّ الْقِيمَةِ.
وَعَلَى هَذَا يَخْرُجُ مَا إذَا أَخَذَتْ الْمَرْأَةُ بِصَدَاقِهَا رَهْنًا، ثُمَّ طَلَّقَهَا الزَّوْجُ قَبْلَ الدُّخُولِ ثُمَّ هَلَكَ الرَّهْنُ فِي يَدِهَا أَنَّهُ لَا ضَمَانَ عَلَيْهَا فِي نِصْفِ الصَّدَاقِ الَّذِي سَقَطَ بِالطَّلَاقِ؛ لِأَنَّهَا لَمْ تَصِرْ مُسْتَوْفِيَةً لِذَلِكَ النِّصْفِ عِنْدَ هَلَاكِ الرَّهْنِ؛ لِسُقُوطِهِ بِالطَّلَاقِ فَلَمْ يَبْقَ الْقَبْضُ مَضْمُونًا، وَكَذَلِكَ لَوْ أَخَذَتْ بِالصَّدَاقِ رَهْنًا، ثُمَّ ارْتَدَّتْ قَبْلَ الدُّخُولِ بِهَا حَتَّى سَقَطَ الصَّدَاقُ، ثُمَّ هَلَكَ الرَّهْنُ فِي يَدِهَا لَا ضَمَانَ عَلَيْهَا؛ لِأَنَّ الصَّدَاقَ لَمَّا سَقَطَ بِالرِّدَّةِ لَمْ يَبْقَ الْقَبْضُ مَضْمُونًا، فَصَارَ كَمَا لَوْ أَبْرَأَتْهُ عَنْ الصَّدَاقِ ثُمَّ هَلَكَ الرَّهْنُ فِي يَدِهَا.
وَلَوْ لَمْ يَكُنْ الْمَهْرُ مُسَمًّى حَتَّى وَجَبَ مَهْرُ الْمِثْلِ، فَأَخَذَتْ بِمَهْرِ الْمِثْلِ رَهْنًا، ثُمَّ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ بِهَا حَتَّى وَجَبَتْ عَلَيْهِ الْمُتْعَةُ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَحْبِسَ الرَّهْنَ بِالْمُتْعَةِ.
وَلَوْ هَلَكَ فِي يَدِهَا وَلَمْ يُوجَدْ مِنْهَا مَنْعٌ يَهْلِكُ بِغَيْرِ شَيْءٍ، وَالْمُتْعَةُ بَاقِيَةٌ عَلَى الزَّوْجِ، وَهَذَا قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ، وَقَالَ مُحَمَّدٌ: لَهَا حَقُّ الْحَبْسِ بِالْمُتْعَةِ.
وَلَقَبُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الرَّهْنَ بِمَهْرِ الْمِثْلِ هَلْ يَكُونُ رَهْنًا بِالْمُتْعَةِ؟ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ لَا يَكُونُ، وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ يَكُونُ، وَلَمْ يُذْكَرْ قَوْلَ أَبِي حَنِيفَةَ فِي الْأَصْلِ؛ وَذَكَرَ الْكَرْخِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - قَوْلَهُ مَعَ قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَجْهُ قَوْلِ مُحَمَّدٍ أَنَّ الرَّهْنَ بِالشَّيْءِ رَهْنٌ بِبَدَلِهِ فِي الشَّرْعِ؛ لِأَنَّ بَدَلَ الشَّيْءِ يَقُومُ مَقَامَهُ كَأَنَّهُ هُوَ؛ لِهَذَا كَانَ الرَّهْنُ بِالْمَغْصُوبِ رَهْنًا بِقِيمَتِهِ عِنْدَ هَلَاكِهِ، وَالرَّهْنُ بِالْمُسْلَمِ فِيهِ رَهْنًا بِرَأْسِ الْمَالِ عِنْدَ الْإِقَالَةِ، وَالْمُتْعَةُ بَدَلٌ عَنْ نِصْفِ الْمَهْرِ؛ لِأَنَّهُ يَجِبُ بِالسَّبَبِ الَّذِي يَجِبُ مَهْرُ الْمِثْلِ بِهِ وَهُوَ النِّكَاحُ عِنْدَ عَدَمِهِ، وَهَذَا حَدُّ الْبَدَلِ فِي أَصْلِ الشُّيُوعِ، وَلِأَبِي يُوسُفَ أَنَّ الْمُتْعَةَ وَجَبَتْ أَصْلًا بِنَفْسِهَا لَا بَدَلًا عَنْ مَهْرِ الْمِثْلِ، وَالسَّبَبُ انْعَقَدَ لِوُجُوبِهَا ابْتِدَاءً، كَمَا أَنَّ الْعَقْدَ لِوُجُوبِ مَهْرِ الْمِثْلِ بِالطَّلَاقِ زَالَ فِي حَقِّ أَحَدِ الْحُكْمَيْنِ وَبَقِيَ فِي حَقِّ الْحُكْمِ الْآخَرِ، إلَّا أَنَّهُ لَا يُعْمَلُ فِيهِ إلَّا بَعْدَ الطَّلَاقِ فَكَانَ الطَّلَاقُ شَرْطَ عَمَلِ السَّبَبِ، وَهَذَا لَا يَدُلُّ عَلَى كَوْنِهَا بَدَلًا كَمَا فِي سَائِرِ الْأَسْبَابِ الْمُعَلَّقَةِ بِالشُّرُوطِ.
وَلَوْ أَسْلَمَ فِي طَعَامٍ وَأَخَذَ بِهِ رَهْنًا ثُمَّ تَفَاسَخَا الْعَقْدَ، كَانَ لَهُ أَنْ يَحْبِسَ الرَّهْنَ بِرَأْسِ الْمَالِ؛ لِأَنَّ رَأْسَ الْمَالِ بَدَلٌ عَنْ الْمُسْلَمِ فِيهِ، فَإِنْ هَلَكَ الرَّهْنُ فِي يَدِهِ، يَهْلِكُ بِالطَّعَامِ؛ لِأَنَّ

نام کتاب : بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع نویسنده : الكاساني، علاء الدين    جلد : 6  صفحه : 155
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست