responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع نویسنده : الكاساني، علاء الدين    جلد : 6  صفحه : 153
الْمُرْتَهِنِ؛ وَهَذَا لَا يَجُوزُ، وَسَوَاءٌ كَانَ الْمَرْهُونُ شَيْئًا وَاحِدًا أَوْ أَشْيَاءَ، لَيْسَ لِلرَّاهِنِ أَنْ يَسْتَرِدَّ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ بِقَضَاءِ بَعْضِ الدَّيْنِ؛ لِمَا قُلْنَا، وَسَوَاءٌ سَمَّى لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا شَيْئًا مِنْ الْمَالِ الَّذِي رَهَنَ بِهِ أَوْ لَمْ يُسَمِّ فِي رِوَايَةِ الْأَصْلِ وَذَكَرَ فِي الزِّيَادَاتِ فِيمَنْ رَهَنَ مِائَةَ شَاةٍ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ، عَلَى أَنَّ كُلَّ شَاةٍ مِنْهُمْ بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ، فَأَدَّى عَشَرَةَ دَرَاهِمَ؛ كَانَ لَهُ أَنْ يَقْبِضَ شَاةً.
ذَكَرَ الْحَاكِمُ الشَّهِيدُ أَنَّ مَا ذُكِرَ فِي الْأَصْلِ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ، وَمَا ذُكِرَ فِي الزِّيَادَاتِ قَوْلُ مُحَمَّدٍ، وَذَكَرَ الْجَصَّاصُ أَنَّ فِي الْمَسْأَلَةِ رِوَايَتَيْنِ عَنْ مُحَمَّدٍ.
(وَجْهُ) رِوَايَةِ الزِّيَادَاتِ أَنَّهُ لَمَّا سَمَّى لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا دَيْنًا مُتَفَرِّقًا؛ أَوْجَبَ ذَلِكَ تَفْرِيقَ الصَّفْقَةِ، فَصَارَ كَأَنَّهُ رَهَنَ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِعَقْدٍ عَلَى حِدَةٍ.
(وَجْهُ) رِوَايَةِ الْأَصْلِ أَنَّ الصَّفْقَةَ وَاحِدَةٌ حَقِيقَةً؛ لِأَنَّهَا أُضِيفَتْ إلَى الْكُلِّ إضَافَةً وَاحِدَةً، إلَّا أَنَّهُ تَفَرَّقَتْ التَّسْمِيَةُ، وَتَفْرِيقُ التَّسْمِيَةِ لَا يُوجِبُ تَفْرِيقَ الصَّفْقَةِ، كَمَا فِي الْبَيْعِ إذَا اشْتَمَلَتْ الصَّفْقَةُ عَلَى أَشْيَاءَ كَانَ لِلْبَائِعِ حَقُّ حَبْسِ كُلِّهَا إلَى أَنْ يَسْتَوْفِيَ جَمِيعَ الثَّمَنِ، وَإِنْ سَمَّى لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا ثَمَنًا عَلَى حِدَةٍ كَذَا هَذَا.

(وَأَمَّا) الْحُكْمُ الثَّانِي: وَهُوَ اخْتِصَاصُ الْمُرْتَهِنِ بِبَيْعِ الْمَرْهُونِ لَهُ، وَاخْتِصَاصُهُ بِثَمَنِهِ، فَنَقُولُ وَبِاَللَّهِ التَّوْفِيقُ: إذَا بِيعَ الرَّهْنُ فِي حَالِ حَيَاةِ الرَّاهِنِ وَعَلَيْهِ دُيُونٌ أُخَرُ، فَالْمُرْتَهِنُ أَحَقُّ بِثَمَنِهِ مِنْ بَيْنِ سَائِرِ الْغُرَمَاءِ؛ لِأَنَّ بِعَقْدِ الرَّهْنِ ثَبَتَ لَهُ الِاخْتِصَاصُ بِالْمَرْهُونِ؛ فَيَثْبُتُ لَهُ الِاخْتِصَاصُ بِبَدَلِهِ وَهُوَ الثَّمَنُ، ثُمَّ إنْ كَانَ الدَّيْنُ حَالًّا وَالثَّمَنُ مِنْ جِنْسِهِ، فَقَدْ اسْتَوْفَاهُ؛ إنْ كَانَ فِي الثَّمَنِ وَفَاءٌ بِالدَّيْنِ، وَإِنْ كَانَ فِيهِ فَضْلٌ، رَدَّهُ عَلَى الرَّاهِنِ، وَإِنْ كَانَ أَنْقَصَ مِنْ الدَّيْنِ، يَرْجِعْ الْمُرْتَهِنُ بِفَضْلِ الدَّيْنِ عَلَى الرَّاهِنِ، وَإِنْ كَانَ الدَّيْنُ مُؤَجَّلًا حُبِسَ الثَّمَنُ إلَى وَقْتِ حُلُولِ الْأَجَلِ؛ لِأَنَّهُ بَدَلُ الْمَرْهُونِ فَيَكُونُ مَرْهُونًا، فَإِذَا حَلَّ الْأَجَلُ فَإِنْ كَانَ الثَّمَنُ مِنْ جِنْسِ الدَّيْنِ، صَارَ مُسْتَوْفِيًا دَيْنَهُ، وَإِنْ كَانَ مِنْ خِلَافِ جِنْسِهِ، يَحْبِسُهُ إلَى أَنْ يَسْتَوْفِيَ دَيْنَهُ كُلَّهُ، وَكَذَلِكَ إذَا بِيعَ الرَّهْنُ بَعْدَ وَفَاةِ الرَّاهِنِ وَعَلَيْهِ دُيُونٌ وَلَمْ يَخْلُفْ مَالًا آخَرَ سِوَى الرَّهْنِ، كَانَ الْمُرْتَهِنُ أَحَقَّ بِثَمَنِهِ مِنْ بَيْنِ سَائِرِ الْغُرَمَاءِ؛ لِمَا ذَكَرْنَا، فَإِنْ فَضَلَ مِنْهُ شَيْءٌ، يُضَمُّ الْفَضْلُ إلَى مَالِ الرَّاهِنِ وَيُقْسَمُ بَيْنَ الْغُرَمَاءِ بِالْحِصَصِ؛ لِأَنَّ قَدْرَ الْفَضْلِ لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِ حَقُّ الْمُرْتَهِنِ، وَإِنْ نَقَصَ عَنْ الدَّيْنِ، يَرْجِعُ الْمُرْتَهِنُ بِمَا بَقِيَ مِنْ دَيْنِهِ فِي مَالِ الرَّاهِنِ، وَكَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْغُرَمَاءِ بِالْحِصَصِ؛ لِأَنَّ قَدْرَ الْفَضْلِ مِنْ الدَّيْنِ دَيْنٌ لَا رَهْنَ بِهِ فَيَسْتَوِي فِيهِ الْغُرَمَاءُ، وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ عَلَى الرَّاهِنِ دَيْنٌ آخَرُ، كَانَ الْمُرْتَهِنُ فِيهِ أُسْوَةَ الْغُرَمَاءِ، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَسْتَوْفِيَهُ مِنْ ثَمَنِ الرَّهْنِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ الدَّيْنَ لَا رَهْنَ بِهِ فَيَتَضَارَبُ فِيهِ الْغُرَمَاءُ كُلُّهُمْ.

(وَأَمَّا) الْحُكْمُ الثَّالِثُ: وَهُوَ وُجُوبُ تَسْلِيمِ الْمَرْهُونِ عِنْدَ الِافْتِكَاكِ، فَيَتَعَلَّقُ بِهِ مَعْرِفَةُ وَقْتِ وُجُوبِ التَّسْلِيمِ فَنَقُولُ: وَقْتُ وُجُوبِ التَّسْلِيمِ مَا بَعْدَ قَضَاءِ الدَّيْنِ، يَقْضِي الدَّيْنَ أَوَّلًا ثُمَّ يُسَلِّمُ الرَّهْنَ؛ لِأَنَّ الرَّهْنَ وَثِيقَةٌ، وَفِي تَقْدِيمِ تَسْلِيمِهِ إبْطَالُ الْوَثِيقَةِ؛ وَلِأَنَّهُ لَوْ سَلَّمَ الرَّهْنَ أَوَّلًا فَمِنْ الْجَائِزِ أَنْ يَمُوتَ الرَّاهِنُ قَبْلَ قَضَاءِ الدَّيْنِ؛ فَيَصِيرُ الْمُرْتَهِنُ كَوَاحِدٍ مِنْ الْغُرَمَاءِ فَيَبْطُلُ حَقُّهُ، فَلَزِمَ تَقْدِيمُ قَضَاءِ الدَّيْنِ عَلَى تَسْلِيمِ الرَّهْنِ، إلَّا أَنَّ الْمُرْتَهِنَ إذَا طَلَبَ الدَّيْنَ، يُؤْمَرُ بِإِحْضَارِ الرَّهْنِ أَوَّلًا وَيُقَالُ لَهُ: أَحْضِرْ الرَّهْنَ؛ إذَا كَانَ قَادِرًا عَلَى الْإِحْضَارِ مِنْ غَيْرِ ضَرَرٍ زَائِدٍ، ثُمَّ يُخَاطَبُ الرَّاهِنُ بِقَضَاءِ الدَّيْنِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ خُوطِبَ بِقَضَائِهِ مِنْ غَيْرِ إحْضَارِ الرَّهْنِ وَمِنْ الْجَائِزِ أَنَّ الرَّهْنَ قَدْ هَلَكَ وَصَارَ الْمُرْتَهِنُ مُسْتَوْفِيًا دَيْنَهُ مِنْ الرَّهْنِ فَيُؤَدِّي إلَى الِاسْتِيفَاءِ مَرَّتَيْنِ، وَكَذَلِكَ الْمُشْتَرِي يُؤْمَرُ بِتَسْلِيمِ الثَّمَنِ أَوَّلًا؛ إذَا كَانَ دَيْنًا، ثُمَّ يُؤْمَرُ الْبَائِعُ بِتَسْلِيمِ الْمَبِيعِ؛ لِمَا ذَكَرْنَا فِي كِتَابِ الْبُيُوعِ، إلَّا أَنَّ الْبَائِعَ إذَا طَالَبَهُ بِتَسْلِيمِ الثَّمَنِ، يُقَالُ لَهُ: أَحْضِرْ الْمَبِيعَ؛ لِجَوَازِ أَنَّ الْمَبِيعَ قَدْ هَلَكَ، وَسَوَاءٌ كَانَ عَيْنُ الرَّهْنِ قَائِمًا فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ، أَوْ كَانَ فِي يَدِهِ بَدَلُهُ بَعْدَ أَنْ كَانَ الْبَدَلُ مِنْ خِلَافِ جِنْسِ الدَّيْنِ، نَحْوُ مَا إذَا كَانَ الْمُرْتَهِنُ مُسَلَّطًا عَلَى بَيْعِ الرَّهْنِ فَبَاعَهُ بِخِلَافِ جِنْسِ الدَّيْنِ أَوْ قُتِلَ الرَّهْنُ خَطَأً، وَقُضِيَ بِالدِّيَةِ مِنْ خِلَافِ جِنْسِ الدَّيْنِ، فَطَالَبَهُ الْمُرْتَهِنُ بِدَيْنِهِ كَانَ لِلرَّاهِنِ أَنْ لَا يَدْفَعَ حَتَّى يُحْضِرَهُ الْمُرْتَهِنُ؛ لِأَنَّ الْبَدَلَ قَائِمٌ مَقَامَ الْمُبْدَلِ فَكَانَ الْمُبْدَلُ قَائِمًا.
وَلَوْ كَانَ قَائِمًا، كَانَ لَهُ أَنْ يَمْنَعَ مَا لَمْ يُحْضِرْهُ الْمُرْتَهِنُ فَكَذَلِكَ إذَا قَامَ الْبَدَلُ مَقَامَهُ.
وَلَوْ كَانَ الرَّهْنُ عَلَى يَدَيْ عَدْلٍ وَجَعَلَا لِلْعَدْلِ أَنْ يَضَعَهُ عِنْدَ مَنْ أَحَبَّ وَقَدْ وَضَعَهُ عِنْدَ رَجُلٍ، فَطَلَبَ الْمُرْتَهِنُ دَيْنَهُ يُجْبَرُ الرَّاهِنُ عَلَى قَضَاءِ الدَّيْنِ وَلَا يُكَلَّفُ الْمُرْتَهِنُ بِإِحْضَارِ الرَّهْنِ؛ لِأَنَّ قَضَاءَ الدَّيْنِ وَاجِبٌ عَلَى الرَّاهِنِ عَلَى سَبِيلِ التَّضْيِيقِ، إلَّا أَنَّهُ رُخِّصَ لَهُ التَّأْخِيرُ إلَى غَايَةِ إحْضَارِ الدَّيْنِ عِنْدَ الْقُدْرَةِ عَلَى الْإِحْضَارِ، وَهُنَا لَا قُدْرَةَ لِلْمُرْتَهِنِ عَلَى إحْضَارِهِ؛ لِأَنَّ لِلْعَدْلِ أَنْ يَمْنَعَهُ عَنْهُ.
وَلَوْ أُخِذَ مِنْ يَدِهِ جَبْرًا، كَانَ غَاصِبًا

نام کتاب : بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع نویسنده : الكاساني، علاء الدين    جلد : 6  صفحه : 153
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست