responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع نویسنده : الكاساني، علاء الدين    جلد : 6  صفحه : 135
[كِتَابُ الرَّهْنِ] [بَيَانِ رُكْنِ الرَّهْنِ]
الْكَلَامُ فِي هَذَا الْكِتَابِ يَقَعُ فِي مَوَاضِعَ: فِي بَيَانِ رُكْنِ عَقْدِ الرَّهْنِ، وَفِي بَيَانِ شَرَائِطِ الرُّكْنِ، وَفِي بَيَانِ حُكْمِ الرَّهْنِ، وَفِي بَيَانِ مَا يَخْرُجُ بِهِ الرَّهْنُ عَنْ كَوْنِهِ مَرْهُونًا، وَمَا يَبْطُلُ بِهِ الرُّكْنُ وَمَا لَا يَبْطُلُ، وَفِي بَيَانِ حُكْمِ اخْتِلَافِ الرَّاهِنِ وَالْمُرْتَهِنِ وَالْعَدْلِ.
أَمَّا رُكْنُ عَقْدِ الرَّهْنِ فَهُوَ الْإِيجَابُ وَالْقَبُولُ وَهُوَ أَنْ يَقُولَ الرَّاهِنُ: رَهَنْتُكَ هَذَا الشَّيْءَ بِمَا لَكَ عَلَيَّ مِنْ الدَّيْنِ أَوْ يَقُولَ: هَذَا الشَّيْءُ رَهْنٌ بِدَيْنِكَ، وَمَا يَجْرِي هَذَا الْمَجْرَى، وَيَقُولُ الْمُرْتَهِنُ: ارْتَهَنْتُ أَوْ قَبِلْتُ أَوْ رَضِيتُ، وَمَا يَجْرِي مَجْرَاهُ، فَأَمَّا لَفْظُ الرَّهْنِ فَلَيْسَ بِشَرْطٍ، حَتَّى لَوْ اشْتَرَى شَيْئًا بِدَرَاهِمَ وَدَفَعَ إلَى الْبَائِعِ ثَوْبًا وَقَالَ لَهُ: امْسِكْ هَذَا الثَّوْبَ حَتَّى أُعْطِيَكَ الثَّمَنَ فَالثَّوْبُ رَهْنٌ؛؛ لِأَنَّهُ أَتَى بِمَعْنَى الْعَقْدِ، وَالْعِبْرَةُ فِي بَابِ الْعُقُودِ لِلْمَعَانِي.

[فَصْلٌ فِي شَرَائِط رُكْن الرَّهْنِ]
(فَصْلٌ) :
وَأَمَّا الشَّرَائِطُ فَأَنْوَاعٌ بَعْضُهَا يَرْجِعُ إلَى نَفْسِ الرَّهْنِ، وَبَعْضُهَا يَرْجِعُ إلَى الرَّاهِنِ وَالْمُرْتَهِنِ، وَبَعْضُهَا يَرْجِعُ إلَى الْمَرْهُونِ، وَبَعْضُهَا يَرْجِعُ إلَى الْمَرْهُونِ بِهِ.
(أَمَّا) الَّذِي يَرْجِعُ إلَى نَفْسِ الرَّهْنِ فَهُوَ: أَنْ لَا يَكُونَ مُعَلَّقًا بِشَرْطٍ وَلَا مُضَافًا إلَى وَقْتٍ؛ لِأَنَّ فِي الرَّهْنِ وَالِارْتِهَانِ مَعْنَى الْإِيفَاءِ وَالِاسْتِيفَاءِ، فَيُشْبِهُ الْبَيْعَ وَأَنَّهُ لَا يَحْتَمِلُ التَّعْلِيقَ بِشَرْطٍ، وَالْإِضَافَةُ إلَى وَقْتٍ كَذَا هَذَا.

(وَأَمَّا) الَّذِي يَرْجِعُ إلَى الرَّاهِنِ وَالْمُرْتَهِنِ فَعَقْلُهُمَا؛ حَتَّى لَا يَجُوزَ الرَّهْنُ وَالِارْتِهَانُ مِنْ الْمَجْنُونِ وَالصَّبِيِّ الَّذِي لَا يَعْقِلُ.
(فَأَمَّا) الْبُلُوغُ فَلَيْسَ بِشَرْطٍ، وَكَذَا الْحُرِّيَّةُ حَتَّى يَجُوزَ مِنْ الصَّبِيِّ الْمَأْذُونِ وَالْعَبْدِ الْمَأْذُونِ؛؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ تَوَابِعِ التِّجَارَةِ فَيَمْلِكُهُ مَنْ يَمْلِكُ التِّجَارَةَ؛ وَلِأَنَّ الرَّهْنَ وَالِارْتِهَانَ مِنْ بَابِ إيفَاءِ الدَّيْنِ وَاسْتِيفَائِهِ وَهُمَا يَمْلِكَانِ ذَلِكَ وَكَذَا السَّفَرُ لَيْسَ بِشَرْطٍ لِجَوَازِ الرَّهْنِ فَيَجُوزُ الرَّهْنُ فِي السَّفَرِ وَالْحَضَرِ جَمِيعًا؛ لِمَا رُوِيَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اسْتَقْرَضَ بِالْمَدِينَةِ مِنْ يَهُودِيٍّ طَعَامًا وَرَهَنَهُ بِهِ دِرْعَهُ، وَكَانَ ذَلِكَ رَهْنًا فِي الْحَضَرِ؛ وَلِأَنَّ مَا شُرِعَ لَهُ الرَّهْنُ وَهُوَ الْحَاجَةُ إلَى تَوْثِيقِ الدَّيْنِ يُوجَدُ فِي الْحَالَيْنِ وَهُوَ الرَّهْنُ عَنْ تَوَاءِ الْحَقِّ بِالْجُحُودِ وَالْإِنْكَارِ وَتَذَكُّرُهُ عِنْدَ السَّهْوِ وَالنِّسْيَانِ، وَالتَّنْصِيصُ عَلَى السَّفَرِ فِي كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى عَزَّ وَجَلَّ لَيْسَ لِتَخْصِيصِ الْجَوَازِ بَلْ هُوَ إخْرَاجُ الْكَلَامِ مَخْرَجَ الْعَادَةِ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى {فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا} [النور: 33] .

(وَأَمَّا) الَّذِي يَرْجِعُ إلَى الْمَرْهُونِ.
فَأَنْوَاعٌ (مِنْهَا) : أَنْ يَكُونَ مَحَلًّا قَابِلًا لِلْبَيْعِ، وَهُوَ أَنْ يَكُونَ مَوْجُودًا وَقْتَ الْعَقْدِ مَالًا مُطْلَقًا مُتَقَوِّمًا مَمْلُوكًا مَعْلُومًا مَقْدُورَ التَّسْلِيمِ، وَنَحْوُ ذَلِكَ فَلَا يَجُوزُ رَهْنُ مَا لَيْسَ بِمَوْجُودٍ عِنْدَ الْعَقْدِ وَلَا رَهْنُ مَا يَحْتَمِلُ الْوُجُودَ وَالْعَدَمَ، كَمَا إذَا رَهْنَ مَا يُثْمِرُ نَخِيلُهُ الْعَامَ أَوْ مَا تَلِدُ أَغْنَامُهُ السَّنَةَ أَوْ مَا فِي بَطْنِ هَذِهِ الْجَارِيَةِ، وَنَحْوُ ذَلِكَ وَلَا رَهْنُ الْمَيْتَةِ وَالدَّمِ؛ لِانْعِدَامِ مَالِيَّتِهِمَا، وَلَا رَهْنُ صَيْدِ الْحَرَمِ وَالْإِحْرَامِ؛ لِأَنَّهُ مَيْتَةٌ، وَلَا رَهْنُ الْحُرِّ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمَالٍ أَصْلًا، وَلَا رَهْنُ أُمِّ الْوَلَدِ وَالْمُدَبَّرِ الْمُطْلَقِ وَالْمُكَاتَبِ؛ لِأَنَّهُمْ أَحْرَارٌ مِنْ وَجْهٍ فَلَا يَكُونُونَ أَمْوَالًا مُطْلَقَةً، وَلَا رَهْنُ الْخَمْرِ وَالْخِنْزِيرِ مِنْ الْمُسْلِمِ.
سَوَاءٌ كَانَ الْعَاقِدَانِ مُسْلِمَيْنِ أَوْ أَحَدُهُمَا مُسْلِمٌ؛ لِانْعِدَامِ مَالِيَّةِ الْخَمْرِ وَالْخِنْزِيرِ فِي حَقِّ الْمُسْلِمِ؛ وَهَذَا؛ لِأَنَّ الرَّهْنَ إيفَاءُ الدَّيْنِ وَالِارْتِهَانَ اسْتِيفَاؤُهُ، وَلَا يَجُوزُ لِلْمُسْلِمِ إيفَاءُ الدَّيْنِ مِنْ الْخَمْرِ وَاسْتِيفَاؤُهُ؛ إلَّا أَنَّ الرَّاهِنَ إذَا كَانَ ذِمِّيًّا، كَانَتْ الْخَمْرُ مَضْمُونَةً عَلَى الْمُسْلِمِ الْمُرْتَهِنِ؛ لِأَنَّ الرَّهْنَ إذَا لَمْ يَصِحَّ كَانَتْ الْخَمْرُ بِمَنْزِلَةِ الْمَغْصُوبِ فِي يَدِ الْمُسْلِمِ وَخَمْرُ الذِّمِّيِّ مَضْمُونٌ عَلَى الْمُسْلِمِ بِالْغَصْبِ، وَإِذَا كَانَ الرَّاهِنُ مُسْلِمًا وَالْمُرْتَهِنُ ذِمِّيًّا، لَا تَكُونُ مَضْمُونَةً عَلَى أَحَدٍ.
(وَأَمَّا) فِي حَقِّ أَهْلِ الذِّمَّةِ فَيَجُوزُ رَهْنُ الْخَمْرِ وَالْخِنْزِيرِ وَارْتِهَانُهُمَا مِنْهُمْ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مَالٌ مُتَقَوِّمٌ فِي حَقِّهِمْ بِمَنْزِلَةِ الْخَلِّ وَالشَّاةِ عِنْدَنَا، وَلَا رَهْنُ الْمُبَاحَاتِ مِنْ الصَّيْدِ وَالْحَطَبِ وَالْحَشِيشِ وَنَحْوِهَا؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ بِمَمْلُوكَةٍ فِي أَنْفُسِهَا.
(فَأَمَّا) كَوْنُهُ مَمْلُوكًا لِلرَّاهِنِ فَلَيْسَ بِشَرْطٍ لِجَوَازِ الرَّهْنِ حَتَّى يَجُوزَ رَهْنُ مَالِ الْغَيْرِ بِغَيْرِ إذْنِهِ بِوِلَايَةٍ شَرْعِيَّةٍ، كَالْأَبِ وَالْوَصِيِّ يَرْهَنُ مَالَ الصَّبِيِّ بِدَيْنِهِ وَبِدَيْنِ نَفْسِهِ؛ لِأَنَّ الرَّهْنَ لَا يَخْلُو.
(إمَّا) أَنْ يَجْرِيَ مَجْرَى الْإِيدَاعِ.
(وَإِمَّا) أَنْ يَجْرِيَ مَجْرَى الْمُبَادَلَةِ، وَالْأَبُ يَلِي كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي مَالِ الصَّغِيرِ، فَإِنَّهُ يَبِيعُ مَالَ الصَّغِيرِ بِدَيْنِ نَفْسِهِ، وَيُودِعُ مَالَ الصَّغِيرِ فَإِنْ هَلَكَ الرَّهْنُ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ قَبْلَ أَنْ يَفْتَكَّهُ الْأَبُ، هَلَكَ بِالْأَقَلِّ مِنْ قِيمَتِهِ وَمِمَّا رَهَنَ بِهِ؛؛ لِأَنَّ الرَّهْنَ وَقَعَ صَحِيحًا وَهَذَا حُكْمُ الرَّهْنِ الصَّحِيحِ وَضَمِنَ الْأَبُ قَدْرَ مَا سَقَطَ مِنْ الدَّيْنِ بِهَلَاكِ الرَّهْنِ؛؛ لِأَنَّهُ قَضَى دَيْنَ نَفْسِهِ بِمَالِ وَلَدِهِ فَيَضْمَنُ، فَلَوْ أَدْرَكَ الْوَلَدُ وَالرَّهْنُ قَائِمٌ عِنْدَ الْمُرْتَهِنِ، فَلَيْسَ

نام کتاب : بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع نویسنده : الكاساني، علاء الدين    جلد : 6  صفحه : 135
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست