responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع نویسنده : الكاساني، علاء الدين    جلد : 6  صفحه : 129
بِمَوْهُوبَةٍ لِانْعِدَامِ وُرُودِ الْعَقْدِ عَلَيْهَا.

وَمِنْهَا خُرُوجُ الْمَوْهُوبِ مِنْ مِلْكِ الْوَاهِبِ بِأَيِّ سَبَبٍ كَانَ مِنْ الْبَيْعِ وَالْهِبَةِ وَالْمَوْتِ وَنَحْوِهَا لِأَنَّ الْمِلْكَ يَخْتَلِفُ بِهَذِهِ الْأَشْيَاءِ إمَّا بِالْبَيْعِ وَالْهِبَةِ وَنَحْوِهِمَا فَظَاهِرٌ وَكَذَا بِالْمَوْتِ لِأَنَّ الثَّابِتَ لِلْوَارِثِ غَيْرُ مَا كَانَ ثَابِتًا لِلْمُوَرِّثِ حَقِيقَةً لِأَنَّ الْمِلْكَ عَرَضٌ يَتَجَدَّدُ فِي كُلِّ زَمَانٍ إلَّا أَنَّهُ مَعَ تَجَدُّدِهِ حَقِيقَةً جُعِلَ مُتَجَدِّدًا تَقْدِيرًا فِي حَقِّ الْمَحَلِّ حَتَّى يَرُدَّ الْوَارِثُ بِالْعَيْبِ وَيُرَدَّ عَلَيْهِ فَيَجِبُ الْعَمَلُ بِالْحَقِيقَةِ فِي حَقِّ الْمَالِكِ فَاخْتَلَفَ الْمِلْكَانِ وَاخْتِلَافُ الْمِلْكَيْنِ بِمَنْزِلَةِ اخْتِلَافِ الْعَيْنَيْنِ ثُمَّ لَوْ وَهَبَ عَيْنًا لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ فِي عَيْنٍ أُخْرَى فَكَذَا إذَا أَوْجَبَهُ مِلْكًا لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَفْسَخَ مِلْكًا آخَرَ بِخِلَافِ مَا إذَا وَهَبَ لِعَبْدِ رَجُلٍ هِبَةً فَقَبَضَهَا الْعَبْدُ أَنَّ لِلْوَاهِبِ أَنْ يَرْجِعَ فِيهَا لِأَنَّ الْمِلْكَ هُنَاكَ لَمْ يَخْتَلِفْ لِأَنَّ الْهِبَةَ انْعَقَدَتْ مُوجِبَة لِلْمِلْكِ لِلْمَوْلَى ابْتِدَاء فَلَمْ يَخْتَلِف الْمِلْك.
وَكَذَا الْمُكَاتَبُ إذَا وَهَبَ لَهُ هِبَةً وَقَبَضَهَا فَلِلْوَاهِبِ أَنْ يَرْجِعَ لِمَا قُلْنَا وَكَذَلِكَ إنْ أَعْتَقَ الْمُكَاتَبَ لِأَنَّ الْمِلْك الَّذِي أَوْجَبَهُ بِالْهِبَةِ قَدْ اسْتَقَرَّ بِالْعِتْقِ فَكَأَنَّهُ وَهَبَ لَهُ بَعْد الْعِتْق فَإِنْ عَجَزَ الْمُكَاتَبُ وَرُدَّ فِي الرِّقّ فَلِلْوَاهِبِ أَنْ يَرْجِع عِنْد أَبِي يُوسُفَ وَعِنْد مُحَمَّدٍ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَرْجِع وَهَذَا بِنَاء عَلَى أَنَّ الْمُكَاتَبَ إذَا عَجَزَ عَنْ أَدَاء بَدَل الْكِتَابَة فَالْمَوْلَى يَمْلِك أَكْسَابه بِحُكْمِ الْمِلْك الْأَوَّل أَوْ يَمْلِكهَا مِلْكًا مُبْتَدَأ فَعِنْد أَبِي يُوسُفَ يَمْلِكهَا بِحُكْمِ الْمِلْك الْأَوَّل فَلَمْ يَخْتَلِف الْمِلْك فَكَانَ لَهُ أَنْ يَرْجِع وَعِنْد مُحَمَّدٍ يَمْلِكهَا مِلْكًا مُبْتَدَأ فَاخْتَلَفَ الْمِلْكُ فَمَنَعَ الرُّجُوع.
(وَجْه) قَوْل مُحَمَّدٍ أَنَّ مِلْك الْكَسْب لِلْمَوْلَى قَدْ بَطَلَ بِالْكِتَابَةِ لِأَنَّ الْمُكَاتَبَ صَارَ أَحَقّ بِأَكْسَابِهِ بِالْكِتَابَةِ فَبَطَلَ مِلْك الْمَوْلَى بِالْكَسْبِ وَالْبَاطِل لَا يَحْتَمِل الْعَوْد فَكَانَ هَذَا مِلْكًا مُبْتَدَأ فَيُمْنَع الرُّجُوع كَمِلْكِ الْوَارِث.
(وَجْه) قَوْل أَبِي يُوسُفَ أَنَّ سَبَب ثُبُوت مِلْك الْكَسْب هُوَ مِلْك الرَّقَبَة وَمِلْك الرَّقَبَة قَائِم بَعْد الْكِتَابَة إلَّا أَنَّهُ امْتَنَعَ ظُهُورُ مِلْك الْكَسْب لِلْمَوْلَى لِضَرُورَةِ التَّوَصُّل إلَى الْمَقْصُود مِنْ الْكِتَابَة فِي جَانِب الْمُكَاتَبِ وَهُوَ شَرَف الْحُرِّيَّة بِأَدَاءِ بَدَل الْكِتَابَة فَإِذَا عَجَزَ زَالَتْ الضَّرُورَة وَظَهَرَ مِلْك الْكَسْب تَبَعًا لِمِلْكِ الرَّقَبَة فَلَمْ يَكُنْ هَذَا مِلْكًا مُبْتَدَأ أَوْ مِنْهَا مَوْت الْوَاهِب لِأَنَّ الْوَارِث لَمْ يُوجِب الْمِلْك لِلْمَوْهُوبِ لَهُ فَكَيْفَ يَرْجِع فِي مِلْك لَمْ يُوجِبهُ.

وَمِنْهَا الزِّيَادَة فِي الْمَوْهُوب زِيَادَة مُتَّصِلَة فَنَقُول جُمْلَة الْكَلَام فِي زِيَادَة الْهِبَة إنَّهَا لَا تَخْلُو إمَّا إنْ كَانَتْ مُتَّصِلَة بِالْأَصْلِ وَإِمَّا إنْ كَانَتْ مُنْفَصِلَة عَنْهُ فَإِنْ كَانَتْ مُتَّصِلَة بِالْأَصْلِ فَإِنَّهَا تَمْنَع الرُّجُوع سَوَاء كَانَتْ الزِّيَادَة بِفِعْلِ الْمَوْهُوب لَهُ أَوْ لَا بِفِعْلِهِ وَسَوَاء كَانَتْ مُتَوَلِّدَةً أَوْ غَيْر مُتَوَلِّدَةٍ نَحْو مَا إذَا كَانَ الْمَوْهُوب جَارِيَة هَزِيلَة فَسَمِنَتْ أَوْ دَارًا فَبَنَى فِيهَا أَوْ أَرْضًا فَغَرَسَ فِيهَا غَرْسًا أَوْ نَصَبَ دُولَابًا وَغَيْر ذَلِكَ مِمَّا يُسْتَقَى بِهِ وَهُوَ مُثَبَّت فِي الْأَرْضِ مَبْنِيٌّ عَلَيْهَا عَلَى وَجْه يَدْخُل فِي بَيْعِ الْأَرْض مِنْ غَيْر تَسْمِيَة قَلِيلًا كَانَ أَوْ كَثِيرًا أَوْ كَانَ الْمَوْهُوب ثَوْبًا فَصَبَغَهُ بِعُصْفُرٍ أَوْ زَعْفَرَان أَوْ قَطَّعَهُ قَمِيصًا وَخَاطَهُ أَوْ جُبَّةً وَحَشَاهُ أَوْ قَبَاءً لِأَنَّهُ لَا سَبِيل إلَى الرُّجُوع فِي الْأَصْل مَعَ زِيَادَة لِأَنَّ الزِّيَادَة لَيْسَتْ بِمَوْهُوبَةٍ إذَا لَمْ يَرِد عَلَيْهَا الْعَقْد فَلَا يَجُوز أَنْ يَرِد عَلَيْهَا الْفَسْخ وَلَا سَبِيل إلَى الرُّجُوع فِي الْأَصْل بِدُونِ الزِّيَادَة لِأَنَّهُ غَيْر مُمْكِن فَامْتَنَعَ الرُّجُوع أَصْلًا.
وَإِنْ صَبَغَ الثَّوْب بِصِبْغٍ لَا يَزِيد فِيهِ أَوْ يَنْقُصهُ فَلَهُ أَنْ يَرْجِعَ لِأَنَّ الْمَانِع مِنْ الرُّجُوع هُوَ الزِّيَادَة فَإِذَا لَمْ يَزِدْهُ الصِّبْغ فِي الْقِيمَة اُلْتُحِقَتْ الزِّيَادَة بِالْعَدَمِ وَإِنْ كَانَتْ الزِّيَادَة مُنْفَصِلَة فَإِنَّهَا لَا تَمْنَع الرُّجُوع سَوَاء كَانَتْ مُتَوَلِّدَة مِنْ الْأَصْل كَالْوَلَدِ وَاللَّبَن وَالثَّمَر أَوْ غَيْر مُتَوَلِّدَة كَالْأَرْشِ وَالْعُقْر وَالْكَسْب وَالْغَلَّة لِأَنَّ هَذِهِ الزَّوَائِد لَمْ يَرِد عَلَيْهَا الْعَقْد فَلَا يَرِد عَلَيْهَا الْفَسْخ وَإِنَّمَا وَرَدَ عَلَى الْأَصْل وَيُمْكِن فَسْخ الْعَقْد فِي الْأَصْل دُون الزِّيَادَة بِخِلَافِ الْمُتَّصِلَة وَبِخِلَافِ وَلَد الْمَبِيع أَنَّهُ يَمْنَعُ الرَّدّ بِالْعَيْبِ لِأَنَّ الْمَانِع هُنَاكَ وَهُوَ الرِّبَا لِأَنَّهُ يَبْقَى الْوَلَد بَعْد رَدَّ الْأُمّ بِكُلِّ الثَّمَن مَبِيعًا مَقْصُودًا لَا يُقَابِلهُ عِوَض وَهَذَا تَفْسِير الرِّبَا وَمَعْنَى الرِّبَا لَا يُتَصَوَّر فِي الْهِبَة لِأَنَّ جَرَيَان الرِّبَا يَخْتَصُّ بِالْمُعَاوَضَاتِ فَجَازَ أَنْ يَبْقَى الْوَلَد مَوْهُوبًا مَقْصُودًا بِلَا عِوَض بِخِلَافِ الْمَبِيع وَكَذَا الزِّيَادَة فِي سِعْر لَا تَمْنَع الرُّجُوع لِأَنَّهُ لَا تَعَلُّقَ لَهَا بِالْمَوْهُوبِ وَإِنَّمَا هِيَ رَغْبَة يُحْدِثُهَا اللَّه تَعَالَى فِي الْقُلُوب فَلَا تَمْنَع الرُّجُوع وَلِهَذَا لَمْ تُعْتَبَر هَذِهِ الزِّيَادَة فِي أُصُول الشَّرْع فَلَا تُغَيِّر ضَمَان الرَّهْن وَلَا الْغَصْب وَلَا تَمْنَع الرَّدّ بِالْعَيْبِ.

وَأَمَّا نُقْصَان الْمَوْهُوب فَلَا يَمْنَع الرُّجُوع لِأَنَّ ذَلِكَ رُجُوع فِي بَعْض الْمَوْهُوب وَلَهُ أَنْ يَرْجِع فِي بَعْض الْمَوْهُوب مَعَ بَقَائِهِ بِكَمَالِهِ فَكَذَا إذَا نَقَصَ وَلَا يَضْمَن الْمَوْهُوب لَهُ النُّقْصَان لِأَنَّ قَبْض الْهِبَة لَيْسَ بِقَبْضٍ مَضْمُون.

وَمِنْهَا الْعِوَض لِمَا رَوَيْنَا عَنْ رَسُول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ «الْوَاهِبُ أَحَقُّ بِهِبَتِهِ

نام کتاب : بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع نویسنده : الكاساني، علاء الدين    جلد : 6  صفحه : 129
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست