responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع نویسنده : الكاساني، علاء الدين    جلد : 5  صفحه : 21
هَذَا الْقَدْرَ يَصْلُحُ لِلِاسْتِحْقَاقِ ابْتِدَاءً فَلَأَنْ يَصْلُحَ لِبَقَاءِ الْمُسْتَحَقِّ أَوْلَى، وَإِنْ كَانَ فِيهِ خِيَارُ الشَّرْطِ فَإِنْ كَانَ الْخِيَارُ لِلْبَائِعِ وَهُوَ الشَّفِيعُ فَهُوَ عَلَى شُفْعَتِهِ مَا لَمْ يُوجِبْ الْبَيْعَ؛ لِأَنَّ السَّبَبَ وَهُوَ جِوَارُ الْمِلْكِ قَائِمٌ لِأَنَّ خِيَارَ الْبَائِعِ يَمْنَعُ زَوَالَ الْمَبِيعِ عَنْ مِلْكِهِ، فَإِنْ طَلَبَ الشُّفْعَةَ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ كَانَ ذَلِكَ مِنْهُ نَقْضًا لِلْبَيْعِ؛ لِأَنَّ طَلَبَ الشُّفْعَةِ دَلِيلُ اسْتِبْقَاءِ الْمِلْكِ فِي الْمَبِيعِ وَذَلِكَ إسْقَاطٌ لِلْخِيَارِ وَنَقْضٌ لِلْبَيْعِ.
وَإِنْ كَانَ الْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي بَطَلَتْ شُفْعَتُهُ؛ لِأَنَّ الدَّارَ خَرَجَتْ عَنْ مِلْكِهِ بِلَا خِلَافٍ فَزَالَ سَبَبُ الْحَقِّ وَهُوَ جِوَارُ الْمِلْكِ، وَإِنْ كَانَ الشَّفِيعُ شَرِيكًا وَجَارًا فَبَاعَ نَصِيبَهُ الَّذِي يَشْفَعُ بِهِ كَانَ لَهُ أَنْ يَطْلُبَ الشُّفْعَةَ بِالْجِوَارِ؛ لِأَنَّهُ إنْ بَطَلَ أَحَدُ السَّبَبَيْنِ - وَهُوَ الشَّرِكَةُ - فَقَدْ بَقِيَ الْآخَرُ - وَهُوَ الْجِوَارُ - وَلِهَذَا اُسْتُحِقَّ بِهِ ابْتِدَاءً، فَلَأَنْ يَبْقَى بِهِ الِاسْتِحْقَاقُ أَوْلَى.

وَلَوْ صَالَحَ الْمُشْتَرِي الشَّفِيعَ مِنْ الشُّفْعَةِ عَلَى مَالٍ لَمْ يَجُزْ الصُّلْحُ وَلَمْ يَثْبُتْ الْعِوَضُ وَبَطَلَ حَقُّ الشُّفْعَةِ؛ أَمَّا بُطْلَانُ الصُّلْحِ فَلِانْعِدَامِ ثُبُوتِ الْحَقِّ فِي الْمَحَلِّ؛ لِأَنَّ الثَّابِتَ لِلشَّفِيعِ حَقُّ التَّمَلُّكِ وَأَنَّهُ عِبَارَةٌ عَنْ وِلَايَةِ التَّمَلُّكِ وَأَنَّهَا مَعْنًى قَائِمٌ بِالشَّفِيعِ فَلَمْ يَصِحَّ الِاعْتِيَاضُ عَنْهُ فَبَطَلَ الصُّلْحُ وَلَمْ يَجِبْ الْعِوَضُ وَأَمَّا بُطْلَانُ حَقِّ الشَّفِيعِ فِي الشُّفْعَةِ؛ فَلِأَنَّهُ أَسْقَطَهُ بِالصُّلْحِ، فَالصُّلْحُ وَإِنْ لَمْ يَصِحَّ فَإِسْقَاطُ حَقِّ الشُّفْعَةِ صَحِيحٌ؛ لِأَنَّ صِحَّتَهُ لَا تَقِفُ عَلَى الْعِوَضِ بَلْ هُوَ شَيْءٌ مِنْ الْأَمْوَالِ لَا يَصْلُحُ عِوَضًا عَنْهُ فَالْتَحَقَ ذِكْرُ الْعِوَضِ بِالْعَدَمِ فَصَارَ كَأَنَّهُ سَلَّمَ بِلَا عِوَضٍ، وَعَلَى هَذَا إذَا قَالَ الزَّوْجُ لِلْمُخَيَّرَةِ: اخْتَارِينِي بِأَلْفِ دِرْهَمٍ، فَقَالَتْ: اخْتَرْتُكَ، لَمْ يَجِبْ الْعِوَضُ وَبَطَلَ خِيَارُهَا.
وَكَذَلِكَ الْعِنِّينُ إذَا قَالَ لِامْرَأَتِهِ - بَعْدَمَا أُخْبِرَتْ بِسَبَبِ الْعُنَّةِ -: اخْتَارِي تَرْكَ الْفَسْخِ بِالْعُنَّةِ بِأَلْفٍ، فَقَالَتْ: اخْتَرْتُ، بَطَلَ خِيَارُهَا وَلَمْ يَجِبْ الْعِوَضُ.
وَفِي الْكَفَالَةِ بِالنَّفْسِ إذَا أَسْقَطَهَا بِعِوَضٍ رِوَايَتَانِ: فِي رِوَايَةٍ لَا يَجِبُ الْعِوَضُ وَتَبْطُلُ الْكَفَالَةُ كَمَا فِي الشُّفْعَةِ، وَفِي رِوَايَةٍ لَا تَبْطُلُ الْكَفَالَةُ.
(وَجْهُ) الرِّوَايَةِ الْأُولَى أَنَّهُ أَسْقَطَ الْكَفَالَةَ بِعِوَضٍ، فَالِاعْتِيَاضُ إنْ لَمْ يَصِحَّ فَالْإِسْقَاطُ صَحِيحٌ؛ لِأَنَّ صِحَّتَهُ لَا تَقِفُ عَلَى الْعِوَضِ.
(وَجْهُ) الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى أَنَّهُ مَا رَضِيَ بِالسُّقُوطِ إلَّا بِعِوَضٍ وَلَمْ يَثْبُتْ الْعِوَضُ فَلَا يَسْقُطُ.

وَأَمَّا بُطْلَانُ الشُّفْعَةِ مِنْ طَرِيقِ الدَّلَالَةِ فَهُوَ أَنْ يُوجَدَ مِنْ الشَّفِيعِ مَا يَدُلُّ عَلَى رِضَاهُ بِالْعَقْدِ وَحُكْمِهِ لِلْمُشْتَرِي وَهُوَ ثُبُوتُ الْمِلْكِ لَهُ؛ لِأَنَّ حَقَّ الشُّفْعَةِ مِمَّا يَبْطُلُ بِصَرِيحِ الرِّضَا فَيَبْطُلُ بِدَلَالَةِ الرِّضَا أَيْضًا؛ وَذَلِكَ نَحْوُ مَا إذَا عَلِمَ بِالشِّرَاءِ فَتَرَكَ الطَّلَبَ عَلَى الْفَوْرِ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ أَوْ قَامَ عَنْ الْمَجْلِسِ أَوْ تَشَاغَلَ عَنْ الطَّلَبِ بِعَمَلٍ آخَرَ عَلَى اخْتِلَافِ الرِّوَايَتَيْنِ؛ لِأَنَّ تَرْكَ الطَّلَبِ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ دَلِيلُ الرِّضَا بِالْعَقْدِ وَحُكْمِهِ لِلدَّخِيلِ، وَكَذَا إذَا سَاوَمَ الشَّفِيعُ الدَّارَ مِنْ الْمُشْتَرِي أَوْ سَأَلَهُ أَنْ يُوَلِّيَهُ إيَّاهَا أَوْ اسْتَأْجَرَهَا الشَّفِيعُ مِنْ الْمُشْتَرِي أَوْ أَخَذَهَا مُزَارَعَةً أَوْ مُعَامَلَةً، وَذَلِكَ كُلُّهُ بَعْدَ عِلْمِهِ بِالشِّرَاءِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ كُلَّهُ دَلِيلُ الرِّضَا، أَمَّا الْمُسَاوَمَةُ؛ فَلِأَنَّهَا طَلَبُ تَمْلِيكٍ بِعَقْدٍ جَدِيدٍ وَأَنَّهُ دَلِيلُ الرِّضَا بِمِلْكِ الْمُتَمَلِّكِ، وَكَذَلِكَ التَّوْلِيَةُ؛ لِأَنَّهَا تَمَلُّكٌ بِمِثْلِ الثَّمَنِ الْأَوَّلِ مِنْ غَيْرِ زِيَادَةٍ وَلَا نُقْصَانٍ وَأَنَّهَا دَلِيلُ الرِّضَا بِمِلْكِ الْمُتَمَلِّكِ.
وَأَمَّا الِاسْتِئْجَارُ وَالْأَخْذُ مُعَامَلَةً أَوْ مُزَارَعَةً؛ فَلِأَنَّهَا تَقْرِيرٌ لِمِلْكِ الْمُشْتَرِي فَكَانَتْ دَلِيلَ الرِّضَا بِمِلْكِهِ، فَرْقٌ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ الْفَصْلِ الْأَوَّلِ حَيْثُ شَرَطَ هَهُنَا عِلْمَ الشَّفِيعِ بِالشِّرَاءِ لِبُطْلَانِ حَقِّ الشُّفْعَةِ وَهُنَاكَ لَمْ يَشْتَرِطْ وَإِنَّمَا كَانَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ السُّقُوطَ فِي الْفَصْلِ الْأَوَّلِ بِصَرِيحِ الْإِسْقَاطِ، وَالْإِسْقَاطُ تَصَرُّفٌ فِي نَفْسِ الْحَقِّ فَيُسْتَدْعَى ثُبُوتُ الْحَقِّ لَا غَيْرُ كَالطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ وَالْإِبْرَاءِ عَنْ الدُّيُونِ، وَالسُّقُوطُ هَهُنَا بِطَرِيقِ الدَّلَالَةِ وَهِيَ دَلَالَةُ الرِّضَا لَا بِالتَّصَرُّفِ فِي مَحَلِّ الْحَقِّ بَلْ فِي مَحَلٍّ آخَرَ، وَالتَّصَرُّفُ فِي مَحَلٍّ آخَرَ لَا يَصْلُحُ دَلِيلَ الرِّضَا إلَّا بَعْدَ الْعِلْمِ بِالْبَيْعِ؛ إذْ الرِّضَا بِالشَّيْءِ بِدُونِ الْعِلْمِ بِهِ مُحَالٌ، وَاَللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ أَعْلَمُ.

وَلَوْ سَلَّمَ الشُّفْعَةَ فِي النِّصْفِ بَطَلَتْ فِي الْكُلِّ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا سَلَّمَ فِي النِّصْفِ بَطَلَ حَقُّهُ فِي النِّصْفِ الْمُسَلَّمِ فِيهِ بِصَرِيحِ الْإِسْقَاطِ وَبَطَلَ حَقُّهُ فِي النِّصْفِ الْبَاقِي؛ لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ تَفْرِيقَ الصَّفْقَةِ عَلَى الْمُشْتَرِي فَبَطَلَتْ شُفْعَتُهُ فِي الْكُلِّ.
وَلَوْ طَلَبَ نِصْفَ الدَّارِ بِالشُّفْعَةِ هَلْ يَكُونُ ذَلِكَ تَسْلِيمًا مِنْهُ لِلشُّفْعَةِ فِي الْكُلِّ؟ اخْتَلَفَ فِيهِ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ؛ قَالَ أَبُو يُوسُفَ: لَا يَكُونُ تَسْلِيمًا، وَقَالَ مُحَمَّدٌ: يَكُونُ تَسْلِيمًا فِي الْكُلِّ إلَّا أَنْ يَكُونَ سَبَقَ مِنْهُ طَلَبُ الْكُلِّ بِالشُّفْعَةِ فَلَمْ يُسَلِّمْ لَهُ الْمُشْتَرِي فَقَالَ لَهُ حِينَئِذٍ أَعْطِنِي نِصْفَهَا عَلَى أَنْ أُسَلِّمَ لَكَ النِّصْفَ الْبَاقِيَ فَإِنَّ هَذَا لَا يَكُونُ تَسْلِيمًا.
(وَجْهُ) قَوْلِ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ لَمَّا طَلَبَ النِّصْفَ بِالشُّفْعَةِ فَقَدْ أَبْطَلَ حَقَّهُ فِي النِّصْفِ الْآخَرِ؛ لِأَنَّهُ تَرَكَ الطَّلَبَ فِيهِ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ وَذَا دَلِيلُ الرِّضَا فَبَطَلَ حَقُّهُ فِيهِ فَيَبْطُلُ حَقُّهُ فِي النِّصْفِ الْمَطْلُوبِ ضَرُورَةَ تَعَذُّرِ تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ عَلَى الْمُشْتَرِي بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ سَبَقَ مِنْهُ الطَّلَبُ فِي الْكُلِّ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا طَلَبَ

نام کتاب : بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع نویسنده : الكاساني، علاء الدين    جلد : 5  صفحه : 21
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست