responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع نویسنده : الكاساني، علاء الدين    جلد : 4  صفحه : 45
الْمُجْمَلِ مِنْ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ إذَا لَحِقَ بِهِ التَّفْسِيرُ أَنَّهُ يَصِيرُ مُفَسَّرًا مِنْ الْأَصْلِ كَذَا هَذَا، وَاَللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ الْمُوَفِّقُ.
هَذَا إذَا كَانَتْ الْمَسَافَةُ بَيْنَ الْبَلَدَيْنِ بَعِيدَةً، فَإِنْ كَانَتْ قَرِيبَةً بِحَيْثُ يَقْدِرُ الْأَبُ أَنْ يَزُورَ وَلَدَهُ وَيَعُودَ إلَى مَنْزِلِهِ قَبْلَ اللَّيْلِ فَلَهَا ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَا يَلْحَقُ الْأَبَ كَبِيرُ ضَرَرٍ بِالنَّقْلِ بِمَنْزِلَةِ النَّقْلِ إلَى أَطْرَافِ الْبَلَدِ.
وَأَمَّا أَهْلُ السَّوَادِ فَالْحُكْمُ فِي السَّوَادِ كَالْحُكْمِ فِي الْمِصْرِ فِي جَمِيعِ الْفُصُولِ إلَّا فِي فَصْلٍ وَاحِدٍ.
وَبَيَانُهُ: أَنَّ النِّكَاحَ إذَا وَقَعَ فِي الرُّسْتَاقِ فَأَرَادَتْ الْمَرْأَةُ أَنْ تَنْقُلَ الصَّبِيَّ إلَى قَرْيَتِهَا فَإِنْ كَانَ أَصْلُ النِّكَاحِ وَقَعَ فِيهَا؛ فَلَهَا ذَلِكَ كَمَا فِي الْمِصْرِ لِمَا قُلْنَا، وَإِنْ كَانَ وَقَعَ فِي غَيْرِهَا فَلَيْسَ لَهَا نَقْلُهُ إلَى قَرْيَتِهَا وَلَا إلَى الْقَرْيَةِ الَّتِي وَقَعَ فِيهَا النِّكَاحُ إذَا كَانَتْ بَعِيدَةً لِمَا ذَكَرْنَا فِي الْمِصْرِ وَإِنْ كَانَتْ قَرِيبَةً - عَلَى التَّفْسِيرِ الَّذِي ذَكَرْنَا -؛ فَلَهَا ذَلِكَ كَمَا فِي الْمِصْرِ وَإِنْ كَانَ الْأَبُ مُتَوَطِّنًا فِي الْمِصْرِ فَأَرَادَتْ نَقْلَ الْوَلَدِ إلَى الْقَرْيَةِ فَإِنْ كَانَ تَزَوَّجَهَا فِيهَا وَهِيَ قَرْيَتُهَا فَلَهَا ذَلِكَ وَإِنْ كَانَتْ بَعِيدَةً عَنْ الْمِصْرِ لِمَا ذَكَرْنَا فِي الْمِصْرِ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ تِلْكَ قَرْيَتَهَا فَإِنْ كَانَتْ قَرْيَتَهُ وَوَقَعَ فِيهَا أَصْلُ النِّكَاحِ فَلَهَا ذَلِكَ كَمَا فِي الْمِصْرِ، وَإِنْ كَانَ لَمْ يَقَعْ النِّكَاحُ فِيهَا فَلَيْسَ لَهَا ذَلِكَ، وَإِنْ كَانَتْ قَرِيبَةً مِنْ الْمِصْرِ بِخِلَافِ الْمِصْرَيْنِ؛ لِأَنَّ أَخْلَاقَ أَهْلِ السَّوَادِ لَا تَكُونُ مِثْلَ أَخْلَاقِ أَهْلِ الْمِصْرِ بَلْ تَكُونُ أَجْفَى فَيَتَخَلَّقُ الصَّبِيُّ بِأَخْلَاقِهِمْ فَيَتَضَرَّرُ بِهِ وَلَمْ يُوجَدْ مِنْ الْأَبِ دَلِيلُ الرِّضَا بِهَذَا الضَّرَرِ؛ إذْ لَمْ يَقَعْ أَصْلُ النِّكَاحِ فِي الْقَرْيَةِ وَاَللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ أَعْلَمُ، وَلَيْسَ لِلْمَرْأَةِ أَنْ تَنْقُلَ وَلَدَهَا إلَى دَارِ الْحَرْبِ وَإِنْ كَانَ قَدْ تَزَوَّجَهَا هُنَاكَ وَكَانَتْ حَرْبِيَّةً بَعْدَ أَنْ يَكُونَ زَوْجُهَا مُسْلِمًا أَوْ ذِمِّيًّا؛ لِأَنَّ فِي ذَلِكَ إضْرَارًا بِالصَّبِيِّ؛ لِأَنَّهُ يَتَخَلَّقُ بِأَخْلَاقِ الْكَفَرَةِ فَيَتَضَرَّرُ بِهِ وَإِنْ كَانَ كِلَاهُمَا حَرْبِيَّيْنِ فَلَهَا ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الصَّبِيَّ تَبَعٌ لَهُمَا وَهُمَا مِنْ أَهْلِ دَارِ الْحَرْبِ، وَاَللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ أَعْلَمُ وَهُوَ الْمُوَفِّقُ.

[كِتَابُ الْإِعْتَاقِ]
[أَنْوَاعِ الْإِعْتَاقِ]
(كِتَابُ الْإِعْتَاقِ) :
الْكَلَامُ فِي هَذَا الْكِتَابِ فِي الْأَصْلِ فِي مَوَاضِعَ: فِي بَيَانِ أَنْوَاعِ الْإِعْتَاقِ وَفِي بَيَانِ رُكْنِ الْإِعْتَاقِ، وَفِي بَيَانِ شَرَائِطِ الرُّكْنِ، وَفِي بَيَانِ صِفَةِ الْإِعْتَاقِ، وَفِي بَيَانِ حُكْمِ الْإِعْتَاقِ، وَفِي بَيَانِ وَقْتِ ثُبُوتِ حُكْمِهِ، وَفِي بَيَانِ مَا يَظْهَرُ بِهِ الْإِعْتَاقُ أَمَّا الْأَوَّلُ: فَالْإِعْتَاقُ فِي الْقِسْمَةِ الْأُولَى يَنْقَسِمُ إلَى أَرْبَعَةِ أَقْسَامٍ: وَاجِبٌ، وَمَنْدُوبٌ إلَيْهِ، وَمُبَاحٌ، وَمَحْظُورٌ أَمَّا الْوَاجِبُ: فَالْإِعْتَاقُ فِي كَفَّارَةِ الْقَتْلِ وَالظِّهَارِ وَالْيَمِينِ وَالْإِفْطَارِ إلَّا أَنَّهُ فِي بَابِ الْقَتْلِ وَالظِّهَارِ وَالْإِفْطَارِ وَاجِبٌ عَلَى التَّعْيِينِ عِنْدَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ وَفِي الْيَمِينِ وَاجِبٌ عَلَى التَّخْيِيرِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى فِي كَفَّارَةِ الْقَتْلِ وَالظِّهَارِ {فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ} [المجادلة: 3] وَفِي كَفَّارَةِ الْيَمِينِ {أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ} [المائدة: 89] وَإِنَّهُ أَمْرٌ بِصِيغَةِ الْمَصْدَرِ كَقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ {فَضَرْبَ الرِّقَابِ} [محمد: 4] وَقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ {وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ} [البقرة: 233] وقَوْله تَعَالَى {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ} [البقرة: 228] وَنَحْوِ ذَلِكَ وَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي كَفَّارَةِ الْإِفْطَارِ «أَعْتِقْ رَقَبَةً» .
وَأَمَّا الْمَنْدُوبُ إلَيْهِ: فَهُوَ الْإِعْتَاقُ لِوَجْهِ اللَّهِ تَعَالَى مِنْ غَيْرِ إيجَابٍ؛ لِأَنَّ الشَّرْعَ نَدَبَ إلَى ذَلِكَ لِمَا رُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «أَيُّمَا مُؤْمِنٍ أَعْتَقَ مُؤْمِنًا فِي الدُّنْيَا أَعْتَقَ اللَّهُ تَعَالَى بِكُلِّ عُضْوٍ مِنْهُ عُضْوًا مِنْهُ مِنْ النَّارِ» وَعَنْ وَاثِلَةَ بْنِ الْأَسْقَعِ قَالَ «أَتَيْنَا رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي صَاحِبٍ لَنَا قَدْ أَوْجَبَ فَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَعْتِقُوا عَنْهُ يُعْتِقْ اللَّهُ تَعَالَى بِكُلِّ عُضْوٍ مِنْهُ عُضْوًا مِنْهُ مِنْ النَّارِ» وَعَنْ أَبِي نَجِيحٍ السُّلَمِيُّ قَالَ كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالطَّائِفِ فَسَمِعْته يَقُولُ «مَنْ رَمَى بِسَهْمٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَلَهُ دَرَجَةٌ فِي الْجَنَّةِ وَمَنْ شَابَ شَيْبَةً فِي الْإِسْلَامِ كَانَتْ لَهُ نُورًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَأَيُّمَا رَجُلٍ مُسْلِمٍ أَعْتَقَ رَجُلًا مُسْلِمًا كَانَ بِهِ وِقَاءُ كُلِّ عَظْمٍ مِنْ عِظَامِ مُحَرَّرِهِ مِنْ النَّارِ وَأَيُّمَا امْرَأَةٍ مُسْلِمَةٍ أَعْتَقَتْ امْرَأَةً مُسْلِمَةً كَانَ بِهَا وِقَاءُ كُلِّ عَظْمٍ مِنْ عِظَامِ مُحَرَّرَتِهَا مِنْ النَّارِ» وَعَنْ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ قَالَ: جَاءَ أَعْرَابِيٌّ إلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ عَلِّمْنِي عَمَلًا يُدْخِلُنِي الْجَنَّةَ فَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَعْتِقْ النَّسَمَةَ وَفُكَّ الرَّقَبَةَ فَقَالَ: أَوَ لَيْسَا وَاحِدًا؟ فَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: لَا، عِتْقُ النَّسَمَةِ أَنْ تَنْفَرِدَ بِعِتْقِهَا وَفَكُّ الرَّقَبَةِ أَنْ تُعِينَ فِي إفْكَاكِهَا» وَفِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ أَنْ تُعِينَ فِي ثَمَنِهَا.
وَأَمَّا الْمُبَاحُ: فَهُوَ الْإِعْتَاقُ مِنْ غَيْرِ نِيَّةٍ لِوُجُودِ مَعْنَى الْإِبَاحَةِ فِيهِ وَهِيَ تَخْيِيرُ الْعَاقِلِ بَيْنَ تَحْصِيلِ الْفِعْلِ وَتَرْكِهِ شَرْعًا وَأَمَّا الْمَحْظُورُ فَهُوَ أَنْ يَقُولَ لِعَبْدِهِ: أَنْتَ حُرٌّ لِوَجْهِ الشَّيْطَانِ

نام کتاب : بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع نویسنده : الكاساني، علاء الدين    جلد : 4  صفحه : 45
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست