responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع نویسنده : الكاساني، علاء الدين    جلد : 4  صفحه : 4
لِلْمُجْتَهِدِينَ عَلَى الِاجْتِهَادِ وَالِاسْتِدْلَالِ بِالْمَنْصُوصِ عَلَيْهِ عَلَى غَيْرِهِ وَهُوَ أَنَّ الْحُرْمَةَ فِي جَانِبِ الْمُرْضِعَةِ لِمَكَانِ اللَّبَنِ وَسَبَبُ حُصُولِ اللَّبَنِ وَنُزُولِهِ هُوَ مَاؤُهُمَا جَمِيعًا؛ فَكَانَ الرَّضَاعُ مِنْهُمَا جَمِيعًا وَهَذَا؛ لِأَنَّ اللَّبَنَ إنَّمَا يُوجِبُ الْحُرْمَةَ لِأَجْلِ الْجُزْئِيَّةِ وَالْبَعْضِيَّةِ؛ لِأَنَّهُ يُنْبِتُ اللَّحْمَ وَيُنْشِرُ الْعَظْمَ عَلَى مَا نَطَقَ بِهِ الْحَدِيثُ، وَلَمَّا كَانَ سَبَبُ حُصُولِ اللَّبَنِ وَنُزُولِهِ مَاءَهُمَا جَمِيعًا، وَبِارْتِضَاعِ اللَّبَنِ تَثْبُتُ الْجُزْئِيَّةُ بِوَاسِطَةِ نَبَاتِ اللَّحْمِ؛ يُقَامُ سَبَبُ الْجُزْئِيَّةِ مَقَامَ حَقِيقَةِ الْجُزْئِيَّةِ فِي بَابِ الْحُرُمَاتِ احْتِيَاطًا وَالسَّبَبُ يُقَامُ مَقَامَ الْمُسَبَّبِ خُصُوصًا فِي بَابِ الْحُرُمَاتِ أَيْضًا.
أَلَا تَرَى أَنَّ الْمَرْأَةَ تَحْرُمُ عَلَى جَدِّهَا كَمَا تَحْرُمُ عَلَى أَبِيهَا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ تَحْرِيمُهَا عَلَى جَدِّهَا مَنْصُوصًا عَلَيْهِ فِي الْكِتَابِ الْعَزِيزِ، لَكِنْ لَمَّا كَانَ مُبَيَّنًا بَيَانَ كِفَايَةٍ وَهُوَ أَنَّ الْبِنْتَ وَإِنْ حَدَثَتْ مِنْ مَاءِ الْأَبِ حَقِيقَةً دُونَ مَاءِ الْجَدِّ لَكِنَّ الْجَدَّ سَبَبُ مَاءِ الْأَبِ أُقِيمَ السَّبَبُ مَقَامَ الْمُسَبَّبِ فِي حَقِّ الْحُرْمَةِ احْتِيَاطًا كَذَا هَهُنَا، وَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ أَنَّهُ لَمَّا لَمْ يَذْكُرْ الْبَنَاتِ مِنْ الرَّضَاعَةِ نَصًّا؛ لَمْ يَذْكُرْ بَنَاتِ الْإِخْوَةِ وَالْأَخَوَاتِ مِنْ الرَّضَاعَةِ نَصًّا، وَإِنَّمَا ذَكَرَ الْأَخَوَاتِ ثُمَّ ذَكَرَ لِبَنَاتِ الْإِخْوَةِ وَالْأَخَوَاتِ دَلَالَةً حَتَّى حُرِّمْنَ بِالْإِجْمَاعِ كَذَا هَهُنَا.
عَلَى أَنَّهُ إنْ لَمْ يُبَيِّنْ بِوَحْيٍ مَتْلُوٍّ فَقَدْ بَيَّنَ بِوَحْيٍ غَيْرِ مَتْلُوٍّ عَلَى لِسَانِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِقَوْلِهِ «يَحْرُمُ مِنْ الرَّضَاعِ مَا يَحْرُمُ مِنْ النَّسَبِ» وَقَدْ خَرَجَ الْجَوَابُ عَنْ قَوْلِهِمْ: إنَّ الْإِرْضَاعَ وُجِدَ مِنْهَا لِمَا ذَكَرْنَا أَنَّهُ وُجِدَ مِنْهُمَا؛ لِأَنَّ سَبَبَ حُصُولِ اللَّبَنِ مَاؤُهُمَا جَمِيعًا فَكَانَ الْإِرْضَاعُ مِنْهُمَا جَمِيعًا.

وَأَمَّا الزَّوْجُ إذَا نَزَلَ لَهُ لَبَنٌ فَارْتَضَعَتْ بِهِ صَغِيرَةٌ فَذَاكَ لَا يُسَمَّى رَضَاعًا عُرْفًا وَعَادَةً، وَمَعْنَى الرَّضَاعِ أَيْضًا لَا يَحْصُلُ بِهِ وَهُوَ اكْتِفَاءُ الصَّغِيرِ بِهِ فِي الْغِذَاءِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُغْنِيهِ مِنْ جُوعٍ فَصَارَ كَلَبَنِ الشَّاةِ، وَاَللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ أَعْلَمُ.

ثُمَّ إنَّمَا تَثْبُتُ الْحُرْمَةُ مِنْ جَانِبِ الزَّوْجِ إذَا كَانَ لَهَا زَوْجٌ، فَأَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ لَهَا زَوْجٌ بِأَنْ وَلَدَتْ مِنْ الزِّنَا فَنَزَلَ لَهَا لَبَنٌ فَأَرْضَعَتْ بِهِ صَبِيًّا فَالرَّضَاعُ يَكُونُ مِنْهَا خَاصَّةً لَا مِنْ الزَّانِي؛ لِأَنَّ نَسَبَهُ يَثْبُتُ مِنْهَا لَا مِنْ الزَّانِي وَالْأَصْلُ أَنَّ كُلَّ مَنْ يَثْبُتُ مِنْهُ النَّسَبُ يَثْبُتُ مِنْهُ الرَّضَاعُ وَمَنْ لَا يَثْبُتُ مِنْهُ النَّسَبُ لَا يَثْبُتُ مِنْهُ الرَّضَاعُ، وَكَذَا الْبِكْرُ إذَا نَزَلَ لَهَا لَبَنٌ وَهِيَ لَمْ تَتَزَوَّجْ قَطُّ؛ فَالرَّضَاعُ يَكُونُ مِنْهَا خَاصَّةً وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ.

وَكَذَا كُلُّ مَنْ يَحْرُمُ بِسَبَبِ الْمُصَاهَرَةِ مِنْ الْفِرَقِ الْأَرْبَعِ الَّذِينَ وَصَفْنَاهُمْ فِي كِتَابِ النِّكَاحِ - يَحْرُمُ بِسَبَبِ الرَّضَاعِ فَيَحْرُمُ عَلَى الرَّجُلِ أُمُّ زَوْجَتِهِ وَبِنْتُهَا مِنْ زَوْجٍ آخَرَ مِنْ الرَّضَاعِ كَمَا فِي النَّسَبِ إلَّا أَنَّ الْأُمَّ تَحْرُمُ بِنَفْسِ الْعَقْدِ عَلَى الْبِنْتِ إذَا كَانَ صَحِيحًا، وَالْبِنْتُ لَا تَحْرُمُ إلَّا بِالدُّخُولِ بِالْأُمِّ كَمَا فِي النَّسَبِ وَكَذَا جَدَّاتُ زَوْجَتِهِ مِنْ أَبِيهَا وَأُمِّهَا وَإِنْ عَلَوْنَ أَوْ بَنَاتِ بَنَاتِهَا وَبَنَاتِ أَبْنَائِهَا وَإِنْ سَفَلْنَ مِنْ الرَّضَاعِ كَمَا فِي النَّسَبِ، وَكَذَا تَحْرُمُ حَلِيلَةُ ابْنِ الرَّضَاعِ وَابْنِ ابْنِ الرَّضَاعِ وَإِنْ سَفَلَ عَلَى أَبُ الرَّضَاعِ وَأَبِ أَبِيهِ وَإِنْ عَلَا كَمَا فِي النَّسَبِ، وَتَحْرُمُ مَنْكُوحَةُ أَبُ الرَّضَاعِ وَأَبِ أَبِيهِ وَإِنْ عَلَا عَلَى ابْنِ الرَّضَاعِ وَابْنِ ابْنِهِ وَإِنْ سَفَلَ كَمَا فِي النَّسَبِ، وَكَذَا يَحْرُمُ بِالْوَطْءِ أُمُّ الْمَوْطُوءَةِ وَبِنْتُهَا مِنْ الرَّضَاعِ عَلَى الْوَاطِئِ، وَكَذَا جَدَّاتُهَا وَبَنَاتُ بَنَاتِهَا كَمَا فِي النَّسَبِ وَتَحْرُمُ الْمَوْطُوءَةُ عَلَى أَبُ الْوَاطِئِ وَابْنِهِ مِنْ الرَّضَاعِ وَكَذَا عَلَى أَجْدَادِهِ وَإِنْ عَلَوْا، وَعَلَى أَبْنَاءِ أَبْنَائِهِ وَإِنْ سَفَلُوا كَمَا فِي النَّسَبِ سَوَاءٌ كَانَ الْوَطْءُ حَلَالًا بِأَنْ كَانَ بِمِلْكِ الْيَمِينِ أَوْ الْوَطْءُ بِنِكَاحٍ فَاسِدٍ أَوْ شُبْهَةِ نِكَاحٍ، أَوْ كَانَ بِزِنًا عِنْدَنَا، وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ: الزِّنَا لَا يُوجِبُ حُرْمَةَ الْمُصَاهَرَةِ فَلَا يُوجِبُ حُرْمَةَ الرَّضَاعِ وَالْمَسْأَلَةُ قَدْ مَرَّتْ فِي كِتَابِ النِّكَاحِ.

ثُمَّ قَوْلُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «يَحْرُمُ مِنْ الرَّضَاعِ مَا يَحْرُمُ مِنْ النَّسَبِ» مُجْرَى عَلَى عُمُومِهِ إلَّا فِي مَسْأَلَتَيْنِ: إحْدَاهُمَا أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِلرَّجُلِ أَنْ يَتَزَوَّجَ بِأُخْتِ ابْنِهِ مِنْ النَّسَبِ لِأُمِّهِ وَهُوَ أَنْ يَكُونَ لِابْنِهِ أُخْتٌ لِأُمِّهِ مِنْ النَّسَبِ مِنْ زَوْجٍ آخَرَ كَانَ لَهَا، وَيَجُوزُ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ أُخْتَ ابْنِهِ مِنْ الرَّضَاعِ وَهُوَ أَنْ يَكُونَ لِابْنِهِ مِنْ الرَّضَاعِ أُخْتٌ مِنْ النَّسَبِ لَمْ تُرْضِعْهَا امْرَأَتُهُ؛ لِأَنَّ الْمَانِعَ مِنْ الْجَوَازِ فِي النَّسَبِ كَوْنُ أُمِّ الْأُخْتِ مَوْطُوءَةَ الزَّوْجِ؛ لِأَنَّ أُمَّهَا إذَا كَانَتْ مَوْطُوءَةً؛ كَانَتْ هِيَ بِنْتَ الْمَوْطُوءَةِ، وَإِنَّهَا حَرَامٌ، وَهَذَا لَمْ يُوجَدْ فِي الرَّضَاعِ، وَلَوْ وُجِدَ؛ لَا يَجُوزُ كَمَا لَا يَجُوزُ فِي النَّسَبِ.

وَالثَّانِيَةُ: أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِلرَّجُلِ أَنْ يَتَزَوَّجَ أُمَّ أُخْتِهِ مِنْ النَّسَبِ لِأَبِيهِ وَهُوَ أَنْ يَكُونَ لَهُ أُخْتٌ مِنْ أَبِيهِ مِنْ النَّسَبِ لَا مِنْ أُمِّهِ؛ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ أُمَّ هَذِهِ الْأُخْتِ وَيَجُوزُ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ أُمَّ أُخْتِهِ مِنْ الرَّضَاعِ، وَهُوَ أَنْ يَكُونَ لَهُ أُخْتٌ مِنْ الرَّضَاعَةِ فَيَتَزَوَّجَ أُمَّهَا مِنْ النَّسَبِ؛ لِأَنَّ الْمَانِعَ فِي النَّسَبِ كَوْنُ الْمُتَزَوِّجَةِ مَوْطُوءَةَ أَبِيهِ، وَهَذَا لَمْ يُوجَدْ فِي الرَّضَاعِ حَتَّى لَوْ وُجِدَ؛ لَا يَجُوزُ كَمَا فِي النَّسَبِ.

وَيَجُوزُ لِلرَّجُلِ أَنْ يَتَزَوَّجَ أُخْتَ أَخِيهِ لِأَبِيهِ مِنْ النَّسَبِ وَصُورَتُهُ

نام کتاب : بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع نویسنده : الكاساني، علاء الدين    جلد : 4  صفحه : 4
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست