responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع نویسنده : الكاساني، علاء الدين    جلد : 4  صفحه : 205
أَوْ نَهْرًا أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ فِي مِلْكِهِ أَوْ فِيمَا فِي يَدِهِ، فَعَمِلَ بَعْضَهُ، فَلَهُ أَنْ يُطَالِبَهُ بِقَدْرِهِ مِنْ الْأُجْرَةِ.
لَكِنَّهُ يُجْبَرُ عَلَى الْبَاقِي، حَتَّى لَوْ انْهَدَمَ الْبِنَاءُ، أَوْ انْهَارَتْ الْبِئْرُ، أَوْ وَقَعَ فِيهَا الْمَاءُ وَالتُّرَابُ وَسَوَّاهَا مَعَ الْأَرْضِ، أَوْ سَقَطَ السَّابَاطُ فَلَهُ أَجْرُ مَا عَمِلَهُ بِحِصَّتِهِ؛ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ فِي مِلْكِ الْمُسْتَأْجِرِ أَوْ فِي يَدِهِ فَكَمَا عَمِلَ شَيْئًا حَصَلَ فِي يَدِهِ قَبْلَ هَلَاكِهِ وَصَارَ مُسَلَّمًا إلَيْهِ فَلَا يَسْقُطُ بَدَلُهُ بِالْهَلَاكِ.
وَلَوْ كَانَ غَيْرُ ذَلِكَ فِي غَيْرِ مِلْكِهِ وَيَدِهِ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَطْلُبَ شَيْئًا مِنْ الْأُجْرَةِ قَبْلَ الْفَرَاغِ مِنْ عَمَلِهِ، وَتَسْلِيمِهِ إلَيْهِ، حَتَّى لَوْ هَلَكَ قَبْلَ التَّسْلِيمِ لَا يَجِبُ شَيْءٌ مِنْ الْأُجْرَةِ؛ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ فِي مِلْكِهِ، وَلَا فِي يَدِهِ، تَوَقَّفَ وُجُوبُ الْأُجْرَةِ فِيهِ عَلَى الْفَرَاغِ وَالتَّمَامِ، وَقَالَ الْحَسَنُ بْنُ زِيَادٍ: إذَا أَرَاهُ مَوْضِعًا مِنْ الصَّحْرَاءِ يَحْفِرُ فِيهِ بِئْرًا فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ مَا هُوَ فِي مِلْكِهِ وَيَدِهِ، وَقَالَ فِي آخِرِ الْكَلَامِ: وَهَذَا قِيَاسُ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ، وَقَالَ مُحَمَّدٌ: لَا يَكُونُ قَابِضًا إلَّا بِالتَّخْلِيَةِ وَإِنْ أَرَاهُ الْمَوْضِعَ وَهُوَ الصَّحِيحُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ الْمَوْضِعَ بِالتَّعْيِينِ لَمْ يَصِرْ فِي يَدِهِ فَلَا يَصِيرُ عَمَلُ الْأَجِيرِ فِيهِ مُسَلَّمًا لَهُ، وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ فِي غَيْرِ مِلْكِ الْمُسْتَأْجِرِ وَيَدِهِ فَعَمِلَ الْأَجِيرُ بَعْضَهُ، وَالْمُسْتَأْجِرُ قَرِيبٌ مِنْ الْعَامِلِ، فَخَلَّى الْأَجِيرُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ، فَقَالَ الْمُسْتَأْجِرُ: لَا أَقْبِضُهُ مِنْكَ حَتَّى يَفْرُغَ، فَلَهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ قَدْرَ مَا عَمِلَ لَمْ يَصِرْ مُسَلَّمًا إذَا لَمْ يَكُنْ فِي مِلْكِ الْمُسْتَأْجِرِ وَلَا فِي يَدِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُنْتَفَعُ بِبَعْضِ عَمَلِهِ دُونَ بَعْضٍ، فَكَانَ لِلْمُسْتَأْجِرِ أَنْ يَمْتَنِعَ مِنْ التَّسْلِيمِ حَتَّى يُتِمَّهُ.

وَلَوْ اسْتَأْجَرَ لَبَّانًا لِيَضْرِبَ لَهُ لَبِنًا فِي مِلْكِهِ أَوْ فِيمَا فِي يَدِهِ لَا يَسْتَحِقُّ الْأُجْرَةَ حَتَّى يَجِفَّ اللَّبِنُ وَيَنْصِبَهُ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ.
وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ: حَتَّى يَجِفَّ أَوْ يَنْصِبَهُ وَيَشْرُجَهُ، وَلَا خِلَافَ فِي أَنَّهُ إذَا ضَرَبَهُ وَلَمْ يُقِمْهُ أَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ الْأُجْرَةَ؛ لِأَنَّهُ مَا لَمْ يَقْلِبْهُ عَنْ مَكَانِهِ فَهُوَ أَرْضٌ.
فَلَا يَتَنَاوَلُهُ اسْمُ اللَّبِنِ، وَالْخِلَافُ بَيْنَهُمْ يَرْجِعُ إلَى أَنَّهُ: هَلْ يَصِيرُ قَابِضًا لَهُ بِالْإِقَامَةِ أَوْ لَا يَصِيرُ إلَّا بِالتَّشْرِيجِ؟ فَعَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ يَصِيرُ قَابِضًا لَهُ بِنَفْسِ الْإِقَامَةِ؛ لِأَنَّ نَفْسَ الْإِقَامَةِ مِنْ تَمَامِ هَذَا الْعَمَلِ فَيَصِيرُ اللَّبِنُ مُسَلَّمًا إلَيْهِ بِهَا، وَعَلَى قَوْلِهِمَا لَا يَصِيرُ قَابِضًا مَا لَمْ يَشْرُجْ؛ لِأَنَّ تَمَامَ الْعَمَلِ بِهِ حَتَّى لَوْ هَلَكَ قَبْلَ النَّصْبِ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَبْلَ التَّشْرِيجِ فِي قَوْلِهِمَا فَلَا أَجْرَ لَهُ؛ لِأَنَّهُ هَلَكَ قَبْلَ تَمَامِ الْعَمَلِ عَلَى اخْتِلَافِ الْأَصْلَيْنِ، وَلَوْ هَلَكَ بَعْدَهُ فَلَهُ الْأَجْرُ؛ لِأَنَّ الْعَمَلَ قَدْ تَمَّ فَصَارَ مُسَلَّمًا إلَيْهِ لِكَوْنِهِ فِي مِلْكِهِ أَوْ فِي يَدِهِ، فَهَلَاكُهُ بَعْدَ ذَلِكَ لَا يُسْقِطُ الْبَدَلَ، وَجْهُ قَوْلِهِمَا أَنَّ الْأَمْنَ عَنْ الْفَسَادِ يَقَعُ بِالتَّشْرِيحِ؛ وَلِهَذَا جَرَتْ الْعَادَةُ بَيْنَ النَّاسِ أَنَّ اللَّبَّانَ هُوَ الَّذِي يَشْرُجُ لِيُؤَمِّنَ عَلَيْهِ الْفَسَادَ، فَكَانَ ذَلِكَ مِنْ تَمَامِ الْعَمَلِ كَإِخْرَاجِ الْخُبْزِ مِنْ التَّنُّورِ، وَلَأَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ الْمُسْتَأْجِرَ لَهُ ضَرْبُ اللَّبِنِ، وَلَمَّا جَفَّ وَنَصَبَهُ فَقَدْ وُجِدَ مَا يَنْطَلِقُ عَلَيْهِ اسْمُ اللَّبِنِ وَهُوَ فِي يَدِهِ أَوْ فِي مِلْكِهِ فَصَارَ قَابِضًا لَهُ، فَأَمَّا التَّشْرِيجُ فَعَمَلٌ زَائِدٌ لَمْ يُلْزَمْهُ الْعَامِلُ؛ بِمَنْزِلَةِ النَّقْلِ مِنْ مَكَان إلَى مَكَان، فَلَا يَلْزَمُهُ ذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ فِي غَيْرِ مِلْكِهِ وَيَدِهِ لَمْ يَسْتَحِقَّ الْأُجْرَةَ حَتَّى يُسَلِّمَهُ، وَهُوَ أَنْ يُخَلِّيَ الْأَجِيرُ بَيْنَ اللَّبِنِ وَبَيْنَ الْمُسْتَأْجِرِ، لَكِنَّ ذَلِكَ بَعْدَ مَا نَصَبَهُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ، وَعِنْدَهُمَا بَعْدَ مَا شَرَجَهُ.

وَرَوَى ابْنُ سِمَاعَةَ عَنْ مُحَمَّدٍ فِي رَجُلٍ اسْتَأْجَرَ خَبَّازًا لِيَخْبِزَ لَهُ قَفِيزًا مِنْ دَقِيقٍ بِدِرْهَمٍ، فَخَبَزَ، فَاحْتَرَقَ الْخُبْزُ فِي التَّنُّورِ قَبْلَ أَنْ يُخْرِجَهُ، أَوْ أَلْزَقَهُ فِي التَّنُّورِ ثُمَّ أَخَذَهُ لِيُخْرِجَهُ فَوَقَعَ مِنْ يَدِهِ فِي التَّنُّورِ فَاحْتَرَقَ، فَلَا أُجْرَةَ لَهُ؛ لِأَنَّهُ هَلَكَ قَبْلَ تَمَامِ الْعَمَلِ؛ لِأَنَّهُ عَمَلَ الْخُبْزِ لَا يَتِمُّ إلَّا بِالْإِخْرَاجِ مِنْ التَّنُّورِ، فَلَمْ يَكُنْ قَبْلَ الْإِخْرَاجِ خُبْزٌ فَصَارَ كَهَلَاكِ اللَّبِنِ قَبْلَ أَنْ يُتِمَّهُ، قَالَ: وَلَوْ أَخْرَجَهُ مِنْ التَّنُّورِ وَوَضَعَهُ وَهُوَ يَخْبِزُ فِي مَنْزِلِ الْمُسْتَأْجِرِ فَاحْتَرَقَ مِنْ غَيْرِ جِنَايَتِهِ فَلَهُ الْأَجْرُ، وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ.
أَمَّا اسْتِحْقَاقُ الْأَجْرِ فَلِأَنَّهُ فَرَغَ مِنْ الْعَمَلِ بِإِخْرَاجِ الْخُبْزِ مِنْ التَّنُّورِ، وَحَصَلَ مُسَلَّمًا إلَى الْمُسْتَأْجِرِ لِكَوْنِهِ فِي مِلْكِ الْمُسْتَأْجِرِ.
وَأَمَّا عَدَمُ وُجُوبِ الضَّمَانِ فَلِأَنَّ الْهَلَاكَ مِنْ غَيْرِ صُنْعِ الْأَجِيرِ الْمُشْتَرَكِ لَا يَتَعَلَّقُ بِهِ الضَّمَانُ عِنْدَهُ.
وَأَمَّا عَلَى قَوْلِ مَنْ يُضَمِّنُ الْأَجِيرَ الْمُشْتَرَكَ فَإِنَّهُ ضَامِنٌ لَهُ دَقِيقًا مِثْلَ الدَّقِيقِ الَّذِي دَفَعَهُ إلَيْهِ، وَلَا أَجْرَ لَهُ، وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَهُ قِيمَةَ الْخُبْزِ مَخْبُوزًا وَأَعْطَاهُ الْأَجْرَ؛ لِأَنَّ قَبْضَ الْأَجِيرِ قَبْضٌ مَضْمُونٌ عِنْدَهُمَا فَلَا يَبْرَأُ عَنْ الضَّمَانِ بِوَضْعِهِ فِي مَنْزِلِ مَالِكِهِ، وَإِنَّمَا يَبْرَأُ بِالتَّسْلِيمِ كَالْغَاصِبِ إذَا وَجَبَ الضَّمَانُ عَلَيْهِ عِنْدَهُمَا، فَصَاحِبُ الدَّقِيقِ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ ضَمَّنَهُ دَقِيقًا وَأَسْقَطَ الْأَجْرَ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُسَلِّمْ إلَيْهِ الْعَمَلَ، وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَهُ خُبْزًا فَصَارَ الْعَمَلُ مُسَلَّمًا إلَيْهِ، فَوَجَبَ الْأَجْرُ عَلَيْهِ قَالَ: وَلَا أُضَمِّنُهُ الْقَصَبَ وَلَا الْمِلْحَ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ صَارَ مُسْتَهْلَكًا قَبْلَ وُجُوبِ الضَّمَانِ عَلَيْهِ، وَحِينَ وَجَبَ الضَّمَانُ عَلَيْهِ لَا قِيمَةَ لَهُ؛ لِأَنَّ الْقَصَبَ صَارَ رَمَادًا وَالْمِلْحَ صَارَ مَاءً وَكَذَلِكَ الْخَيَّاطُ الَّذِي يَخِيطُ لَهُ فِي مَنْزِلِهِ قَمِيصًا، فَإِنْ خَاطَ لَهُ بَعْضَهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ أُجْرَتُهُ؛ لِأَنَّ هَذَا الْعَمَلَ لَا يُنْتَفَعُ بِبَعْضِهِ دُونَ بَعْضِهِ فَلَا تَلْزَمُ الْأُجْرَةُ

نام کتاب : بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع نویسنده : الكاساني، علاء الدين    جلد : 4  صفحه : 205
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست