responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع نویسنده : الكاساني، علاء الدين    جلد : 4  صفحه : 16
بِالْمَعْرُوفِ» وَلَوْ لَمْ تَكُنْ النَّفَقَةُ وَاجِبَةً؛ لَمْ يُحْتَمَلْ أَنْ يَأْذَنَ لَهَا بِالْأَخْذِ مِنْ غَيْرِ إذْنِهِ.
وَأَمَّا الْإِجْمَاعُ فَلِأَنَّ الْأُمَّةَ أَجْمَعَتْ عَلَى هَذَا، وَأَمَّا الْمَعْقُولُ فَهُوَ أَنَّ الْمَرْأَةَ مَحْبُوسَةٌ بِحَبْسِ النِّكَاحِ حَقًّا لِلزَّوْجِ مَمْنُوعَةٌ عَنْ الِاكْتِسَابِ بِحَقِّهِ فَكَانَ نَفْعُ حَبْسِهَا عَائِدًا إلَيْهِ فَكَانَتْ كِفَايَتُهَا عَلَيْهِ كَقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «الْخَرَاجُ بِالضَّمَانِ» وَلِأَنَّهَا إذَا كَانَتْ مَحْبُوسَةً بِحَبْسَةٍ مَمْنُوعَةٍ عَنْ الْخُرُوجِ لِلْكَسْبِ بِحَقِّهِ فَلَوْ لَمْ يَكُنْ كِفَايَتُهَا عَلَيْهِ لَهَلَكَتْ وَلِهَذَا جُعِلَ لِلْقَاضِي رِزْقٌ فِي بَيْتِ مَالِ الْمُسْلِمِينَ لِحَقِّهِمْ؛ لِأَنَّهُ مَحْبُوسٌ لِجِهَتِهِمْ مَمْنُوعٌ عَنْ الْكَسْبِ فَجُعِلَتْ نَفَقَتُهُ فِي مَالِهِمْ وَهُوَ بَيْتُ الْمَالِ كَذَا هَهُنَا.

[فَصْلٌ فِي سَبَبِ وُجُوبِ هَذِهِ النَّفَقَةِ]
(فَصْلٌ) :
وَأَمَّا سَبَبُ وُجُوبِ هَذِهِ النَّفَقَةِ فَقَدْ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِيهِ قَالَ أَصْحَابُنَا: سَبَبُ وُجُوبِهَا اسْتِحْقَاقُ الْحَبْسِ الثَّابِتِ بِالنِّكَاحِ لِلزَّوْجِ عَلَيْهَا وَقَالَ الشَّافِعِيُّ السَّبَبُ هُوَ الزَّوْجِيَّةُ وَهُوَ كَوْنُهَا زَوْجَةً لَهُ وَرُبَّمَا قَالُوا: مِلْكُ النِّكَاحِ لِلزَّوْجِ عَلَيْهَا وَرُبَّمَا قَالُوا: الْقِوَامَةُ وَاحْتَجَّ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ} [النساء: 34] أَوْجَبَ النَّفَقَةَ عَلَيْهِمْ لِكَوْنِهِمْ قَوَّامِينَ وَالْقِوَامَةُ تَثْبُتُ بِالنِّكَاحِ فَكَانَ سَبَبَ وُجُوبِ النَّفَقَةِ النِّكَاحُ؛ لِأَنَّ الْإِنْفَاقَ عَلَى الْمَمْلُوكِ مِنْ بَابِ إصْلَاحِ الْمِلْكِ وَاسْتِبْقَائِهِ فَكَانَ سَبَبَ وُجُوبِهِ الْمِلْكُ، كَنَفَقَةِ الْمَمَالِيكِ وَلَنَا أَنَّ حَقَّ الْحَبْسِ الثَّابِتِ لِلزَّوْجِ عَلَيْهَا بِسَبَبِ النِّكَاحِ مُؤَثِّرٌ فِي اسْتِحْقَاقِ النَّفَقَةِ لَهَا عَلَيْهِ لِمَا بَيَّنَّا فَأَمَّا الْمِلْكُ فَلَا أَثَرَ لَهُ؛ لِأَنَّهُ قَدْ قُوبِلَ بِعِوَضٍ مَرَّةً وَهُوَ الْمَهْرُ فَلَا يُقَابَلُ بِعِوَضٍ آخَرَ؛ إذْ الْعِوَضُ الْوَاحِدُ لَا يُقَابَلُ بِعِوَضَيْنِ، وَلَا حُجَّةَ لَهُ فِي الْآيَةِ؛ لِأَنَّ فِيهَا إثْبَاتَ الْقِوَامَةِ بِسَبَبِ النَّفَقَةِ لَا إيجَابَ النَّفَقَةِ بِسَبَبِ الْقِوَامَةِ.
وَعَلَى هَذَا الْأَصْلِ يَنْبَنِي أَنَّهُ لَا نَفَقَةَ عَلَى مُسْلِمٍ فِي نِكَاحٍ فَاسِدٍ لِانْعِدَامِ سَبَبِ الْوُجُوبِ وَهُوَ حَقُّ الْحَبْسِ الثَّابِتِ لِلزَّوْجِ عَلَيْهَا بِسَبَبِ النِّكَاحِ؛ لِأَنَّ حَقَّ الْحَبْسِ لَا يَثْبُتُ فِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ وَكَذَا النِّكَاحُ الْفَاسِدُ لَيْسَ بِنِكَاحٍ حَقِيقَةً وَكَذَا فِي عِدَّةٍ مِنْهُ إنْ ثَبَتَ حَقُّ الْحَبْسِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ بِسَبَبِ النِّكَاحِ لِانْعِدَامِهِ وَإِنَّمَا يَثْبُتُ لِتَحْصِينِ الْمَاءِ وَلِأَنَّ حَالَ الْعِدَّةِ لَا يَكُونُ أَقْوَى مِنْ حَالِ النِّكَاحِ فَلَمَّا لَمْ تَجِبْ فِي النِّكَاحِ فَلَأَنْ لَا تَجِبَ فِي الْعِدَّةِ أَوْلَى وَتَجِبُ فِي الْعِدَّةِ مِنْ نِكَاحٍ صَحِيحٍ لِوُجُودِ سَبَبِ الْوُجُوبِ وَهُوَ اسْتِحْقَاقُ الْحَبْسِ لِلزَّوْجِ عَلَيْهَا بِسَبَبِ النِّكَاحِ؛ لِأَنَّ النِّكَاحَ قَائِمٌ مِنْ وَجْهٍ فَتَسْتَحِقُّ النَّفَقَةَ كَمَا كَانَتْ تَسْتَحِقُّهَا قَبْلَ الْفُرْقَةِ بَلْ أَوْلَى؛ لِأَنَّ حَقَّ الْحَبْسِ بَعْدَ الْفُرْقَةِ تَأَكَّدَ بِحَقِّ الشَّرْعِ وَتَأَكُّدُ السَّبَبِ يُوجِبُ تَأَكُّدَ الْحُكْمِ فَلَمَّا وَجَبَتْ قَبْلَ الْفُرْقَةِ؛ فَبَعْدَهَا أَوْلَى سَوَاءٌ كَانَتْ الْعِدَّةُ عَنْ فُرْقَةٍ بِطَلَاقٍ أَوْ عَنْ فُرْقَةٍ بِغَيْرِ طَلَاقٍ، وَسَوَاءٌ كَانَتْ الْفُرْقَةُ بِغَيْرِ طَلَاقٍ مِنْ قِبَلِ الزَّوْجِ أَوْ مِنْ قِبَلِ الْمَرْأَةِ إلَّا إذَا كَانَتْ مِنْ قِبَلِهَا بِسَبَبٍ مَحْظُورٍ اسْتِحْسَانًا، أَوْ شَرْحُ هَذِهِ الْجُمْلَةِ أَنَّ الْفُرْقَةَ إذَا كَانَتْ مِنْ قِبَلِ الزَّوْجِ بِطَلَاقٍ؛ فَلَهَا النَّفَقَةُ وَالسُّكْنَى سَوَاءٌ كَانَ الطَّلَاقُ رَجْعِيًّا أَوْ بَائِنًا وَسَوَاءٌ كَانَتْ حَامِلًا أَوْ حَائِلًا بَعْدَ أَنْ كَانَتْ مَدْخُولًا بِهَا عِنْدَنَا لِقِيَامِ حَقِّ حَبْسِ النِّكَاحِ وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ إنْ كَانَتْ مُطَلَّقَةً طَلَاقًا رَجْعِيًّا أَوْ بَائِنًا وَهِيَ حَامِلٌ فَكَذَلِكَ.
فَأَمَّا الْمَبْتُوتَةُ إذَا كَانَتْ حَامِلًا فَلَهَا السُّكْنَى وَلَا نَفَقَةَ لَهَا لِزَوَالِ النِّكَاحِ بِالْإِبَانَةِ وَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ لَا يَكُونَ لَهَا السُّكْنَى إلَّا أَنَّهُ تَرَكَ الْقِيَاسَ فِي السُّكْنَى بِالنَّصِّ وَعِنْدَ ابْنِ أَبِي لَيْلَى لَا نَفَقَةَ لِلْمَبْتُوتَةِ وَلَا سُكْنَى لَهَا وَالْمَسْأَلَةُ ذُكِرَتْ فِي كِتَابِ الطَّلَاقِ وَفِي بَيَانِ أَحْكَامِ الْعِدَّةِ وَسَوَاءٌ كَانَ الطَّلَاقُ بِبَدَلٍ أَوْ بِغَيْرِ بَدَلٍ وَهُوَ الْخُلْعُ وَالطَّلَاقُ عَلَى مَالٍ لِمَا قُلْنَا، وَلَوْ خَالَعَهَا عَلَى أَنْ يَبْرَأَ مِنْ النَّفَقَةِ وَالسُّكْنَى؛ يَبْرَأُ مِنْ النَّفَقَةِ وَلَا يَبْرَأُ مِنْ السُّكْنَى لَكِنَّهُ يَبْرَأُ عَنْ مُؤْنَةِ السُّكْنَى؛ لِأَنَّ النَّفَقَةَ حَقُّهَا عَلَى الْخُلُوصِ وَكَذَا مُؤْنَةُ السُّكْنَى فَتَمْلِكُ الْإِبْرَاءَ عَنْ حَقِّهَا فَأَمَّا السُّكْنَى فَفِيهَا حَقُّ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَلَا تَمْلِكُ الْمُعْتَدَّةُ إسْقَاطَهُ وَلَوْ أَبْرَأَتْهُ عَنْ النَّفَقَةِ مِنْ غَيْرِ قَطْعٍ لَا يَصِحُّ الْإِبْرَاءُ؛ لِأَنَّ الْإِبْرَاءَ إسْقَاطُ الْوَاجِبِ فَيَسْتَدْعِي تَقَدُّمَ الْوُجُوبِ وَالنَّفَقَةُ تَجِبُ شَيْئًا فَشَيْئًا عَلَى حَسَبِ مُرُورِ الزَّمَانِ فَكَانَ الْإِبْرَاءُ إسْقَاطًا قَبْلَ الْوُجُوبِ فَلَمْ يَصِحَّ بِخِلَافِ مَا إذَا اخْتَلَعَتْ نَفْسَهَا عَلَى نَفَقَتِهَا لِمَا ذَكَرْنَاهُ فِي الْخُلْعِ وَلِأَنَّهَا جَعَلَتْ الْإِبْرَاءَ عَنْ النَّفَقَةِ عِوَضًا عَنْ نَفْسِهَا فِي الْعَقْدِ وَلَا يَصِحُّ ذَلِكَ إلَّا بَعْدَ سَابِقَةِ الْوُجُوبِ فَيُثْبِتُ الْوُجُوبُ مُقْتَضَى الْخُلْعِ بِاصْطِلَاحِهِمَا كَمَا لَوْ اصْطَلَحَا عَلَى النَّفَقَةِ أَنَّهَا تَجِبُ وَتَصِيرُ دَيْنًا فِي الذِّمَّةِ كَذَا هَذَا، وَكَذَلِكَ الْفُرْقَةُ بِغَيْرِ طَلَاقٍ إذَا كَانَتْ مِنْ قِبَلِهِ فَلَهَا النَّفَقَةُ وَالسُّكْنَى سَوَاءٌ كَانَتْ بِسَبَبٍ مُبَاحٍ كَخِيَارِ الْبُلُوغِ أَوْ بِسَبَبٍ مَحْظُورٍ كَالرِّدَّةِ وَوَطْءِ أُمِّهَا أَوْ ابْنَتِهَا أَوْ تَقْبِيلِهِمَا بِشَهْوَةٍ بَعْدَ أَنْ يَكُونَ بَعْدَ الدُّخُولِ بِهَا لِقِيَامِ السَّبَبِ وَهُوَ حَقُّ

نام کتاب : بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع نویسنده : الكاساني، علاء الدين    جلد : 4  صفحه : 16
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست