responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع نویسنده : الكاساني، علاء الدين    جلد : 4  صفحه : 136
لِأَنَّهُ قَائِمٌ مَقَامَ الْوَصِيِّ وَسَوَاءٌ كَانَ الْمَمْلُوكُ مَحْجُورًا أَوْ مَأْذُونًا بِالتِّجَارَةِ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ أَوْ لَا دَيْنَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الدَّيْنَ لَا يُوجِبُ زَوَالَ الْمِلْكِ عَنْهُ، فَتَنْفُذُ الْمُكَاتَبَةُ إلَّا أَنَّهُ إذَا كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ مُحِيطٌ أَوْ غَيْرُ مُحِيطٍ فَلِلْغُرَمَاءِ أَنْ يَرُدُّوا الْمُكَاتَبَةَ؛ لِأَنَّ لَهُمْ حَقَّ الِاسْتِيفَاءِ مِنْ رَقَبَتِهِ، وَهُوَ بِالْمُكَاتَبَةِ أَرَادَ إبْطَالَ حَقِّهِمْ فَكَانَ لَهُمْ أَنْ يَنْقُضُوا كَمَا لَوْ بَاعَهُ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ مُحِيطٌ أَوْ غَيْرُ مُحِيطٍ أَنَّ الْبَيْعَ يَنْفُذُ لَكِنْ لِلْغُرَمَاءِ أَنْ يَنْقُضُوا إلَّا إذَا كَانَ قَضَى الْمَوْلَى دَيْنَهُمْ مِنْ مَالٍ آخَرَ قَبْلَ أَنْ يَنْقُضُوا، فَلَيْسَ لَهُمْ أَنْ يَنْقُضُوا، وَمَضَتْ الْمُكَاتَبَةُ؛ لِأَنَّهَا وَقَعَتْ جَائِزَةً لِوُقُوعِهَا فِي الْمِلْكِ إلَّا أَنَّهُ كَانَ لِلْغُرَمَاءِ النَّقْضُ لِقِيَامِ حَقِّهِمْ فَإِذَا قَضَى دَيْنَهُمْ فَقَدْ زَالَ حَقُّهُمْ فَبَقِيَتْ جَائِزَةً، وَلَا يَرْجِعُ الْمَوْلَى بِمَا قَضَى مِنْ الدَّيْنِ عَلَى الْمُكَاتَبِ؛ لِأَنَّهُ بِقَضَاءِ الدَّيْنِ أَصْلَحَ مُكَاتَبَتَهُ فَكَانَ عَامِلًا لِنَفْسِهِ، وَكَذَا لَوْ أَبَى الْمَوْلَى أَنْ يُؤَدِّيَ الدَّيْنَ، وَأَدَّاهُ الْغُلَامُ عَاجِلًا مَضَتْ الْمُكَاتَبَةُ لِمَا قُلْنَا، وَلَا يَرْجِعُ الْعَبْدُ عَلَى الْمَوْلَى بِمَا أَدَّى لِمَا قُلْنَا، فَإِنْ كَانَ الْمَوْلَى أَخَذَ الْبَدَلَ ثُمَّ عَلِمَ الْغُرَمَاءُ بِذَلِكَ فَلَهُمْ أَنْ يَأْخُذُوا مِنْ الْمَوْلَى مَا أَخَذَ مِنْ بَدَلِ الْكِتَابَةِ؛ لِأَنَّهُ كَسْبُ الْعَبْدِ الْمَدْيُونِ وَأَنَّهُ يُؤْخَذُ مِنْ الْمَوْلَى، وَالْعِتْقُ وَاقِعٌ إمَّا مِنْ طَرِيقِ الْمُعَاوَضَةِ لِسَلَامَةِ الْعِوَضِ لِلْمَوْلَى، وَإِمَّا مِنْ طَرِيقِ التَّعْلِيقِ بِالشَّرْطِ لِوُجُودِ الشَّرْطِ وَهُوَ أَدَاءُ بَدَلِ الْكِتَابَةِ، وَالْعِتْقُ بَعْدَ وُقُوعِهِ لَا يَحْتَمِلُ النَّقْضَ فَإِنْ بَقِيَ مِنْ دَيْنِهِمْ شَيْءٌ كَانَ لَهُمْ أَنْ يُضَمِّنُوا الْمَوْلَى قِيمَتَهُ؛ لِأَنَّهُ أَبْطَلَ حَقَّهُمْ فِي قَدْرِ قِيمَةِ الْعَبْدِ حَيْثُ مَنَعَهُمْ عَنْ بَيْعِهِ بِوُقُوعِ الْعِتْقِ، وَلَهُمْ أَنْ يَبِيعُوا الْعَبْدَ بِبَقِيَّةِ دَيْنِهِمْ؛ لِأَنَّ الدَّيْنَ كَانَ ثَابِتًا فِي ذِمَّتِهِ مُتَعَلِّقًا بِرَقَبَتِهِ وَقَدْ بَطَلَتْ الرَّقَبَةُ بِالْحُرِّيَّةِ فَبَقِيَتْ الذِّمَّةُ، فَكَانَ لَهُمْ أَنْ يَبِيعُوهُ وَلَا يَرْجِعُ الْمَوْلَى عَلَى الْعَبْدِ بِمَا أَخَذَ مِنْهُ مِنْ بَدَلِ الْكِتَابَةِ؛ لِأَنَّ الْمَوْلَى حِينَ كَاتَبَهُ كَانَتْ رَقَبَتُهُ مَشْغُولَةً بِالدَّيْنِ فَكَانَتْ مُكَاتَبَتُهُ إيَّاهُ مَعَ عِلْمِهِ أَنَّ الْغُرَمَاءَ أَحَقُّ مِنْهُ بِكَسْبِهِ دَلَالَةَ الرِّضَا بِمَا أَخَذَ مِنْهُ، وَلَوْ كَانَ الْعَبْدُ مَرْهُونًا أَوْ مُؤَاجَرًا فَكَاتَبَهُ، وَقَفَتْ الْمُكَاتَبَةُ عَلَى إجَازَةِ الْمُرْتَهِنِ وَالْمُسْتَأْجِرِ، فَإِنْ أَجَازَا جَازَ، وَإِنْ فَسَخَا هَلْ تَنْفَسِخُ بِفَسْخِهِمَا؟ فَهُوَ عَلَى مَا نَذْكُرُ فِي الْبُيُوعِ وَالْإِجَارَاتِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَسَوَاءٌ كَانَ الْمَمْلُوكُ قِنًّا أَوْ غَيْرَهُ، حَتَّى لَوْ كَانَتْ مُدَبَّرَةً أَوْ أُمَّ وَلَدٍ، جَازَتْ الْمُكَاتَبَةُ لِقِيَامِ الْمِلْكِ، إذْ التَّدْبِيرُ وَالِاسْتِيلَادُ لَا يُزِيلَانِ الْمِلْكَ وَهُمَا مِنْ بَابِ اسْتِعْجَالِ الْحُرِّيَّةِ فَإِنْ أَدَّيَا وَعَتَقَا فَقَدْ مَضَى الْأَمْرُ، وَإِنْ مَاتَ الْمَوْلَى قَبْلَ الْأَدَاءِ عَتَقَا؛ لِأَنَّهُمَا يَعْتِقَانِ بِمَوْتِ السَّيِّدِ هَذَا إذَا كَانَا يَخْرُجَانِ مِنْ الثُّلُثِ فَإِنْ كَانَا لَا يَخْرُجَانِ مِنْ الثُّلُثِ فَأُمُّ الْوَلَدِ تَعْتِقُ مِنْ غَيْرِ اعْتِبَارِ الثُّلُثِ وَلَا تَسْعَى.
وَأَمَّا الْمُدَبَّرُ فَلَهُ الْخِيَارُ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ إنْ شَاءَ سَعَى فِي جَمِيعِ الْكِتَابَةِ وَإِنْ شَاءَ سَعَى فِي ثُلُثَيْ الْقِيمَةِ، إذَا كَانَ لَا مَالَ لَهُ غَيْرُهُ، فَإِنْ اخْتَارَ الْكِتَابَةَ سَعَى عَلَى النُّجُومِ، وَإِنْ اخْتَارَ السِّعَايَةَ فِي ثُلُثَيْ قِيمَتِهِ يَسْعَى حَالًا، وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ لَا خِيَارَ لَهُ، لَكِنْ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ يَسْعَى فِي الْأَقَلِّ مِنْ جَمِيعِ الْكِتَابَةِ وَمِنْ ثُلُثَيْ الْقِيمَةِ، وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ يَسْعَى فِي الْأَقَلِّ مِنْ ثُلُثَيْ الْكِتَابَةِ وَمِنْ ثُلُثَيْ الْقِيمَةِ وَقَدْ ذَكَرْنَا الْمَسْأَلَةَ فِي كِتَابِ الِاسْتِيلَادِ.

وَمِنْهَا الرِّضَا وَهُوَ مِنْ شَرَائِطِ الصِّحَّةِ فَلَا تَصِحُّ الْمُكَاتَبَةُ مَعَ الْإِكْرَاهِ وَالْهَزْلِ وَالْخَطَأِ؛ لِأَنَّهَا مِنْ التَّصَرُّفَاتِ الَّتِي تَحْتَمِلُ الْفَسْخَ فَيُفْسِدُهَا الْكُرْهُ وَالْهَزْلُ وَالْخَطَأُ؛ كَالْبَيْعِ وَنَحْوِهِ.

وَأَمَّا حُرِّيَّةُ الْمُكَاتَبِ فَلَيْسَتْ مِنْ شَرَائِطِ جَوَازِ الْمُكَاتَبَةِ، فَتَصِحُّ مُكَاتَبَةُ الْمُكَاتَبِ لِمَا نَذْكُرُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَكَذَا إسْلَامُهُ فَتَجُوزُ مُكَاتَبَةُ الذِّمِّيِّ عَبْدَهُ الْكَافِرَ؛ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «فَإِذَا قَبِلُوا عَقْدَ الذِّمَّةِ فَأَعْلِمْهُمْ أَنَّ لَهُمْ مَا لِلْمُسْلِمِينَ وَعَلَيْهِمْ مَا عَلَى الْمُسْلِمِينَ» وَلِلْمُسْلِمِينَ أَنْ يُكَاتِبُوا عَبِيدَهُمْ، فَكَذَا لِأَهْلِ الذِّمَّةِ، وَلِأَنَّ الْمُكَاتَبَةَ مُشْتَمِلَةٌ عَلَى مَعْنَى الْمُعَاوَضَةِ وَالتَّعْلِيقِ، وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَمْلِكُهُ الذِّمِّيُّ حَالَةَ الِانْفِرَادِ، وَكَذَا عِنْدَ الِاجْتِمَاعِ، وَالذِّمِّيُّ إذَا ابْتَاعَ عَبْدًا مُسْلِمًا فَكَاتَبَهُ فَهُوَ جَائِزٌ، وَهَذَا فَرْعُ أَصْلِنَا فِي شِرَاءِ الْكَافِرِ الْعَبْدَ الْمُسْلِمَ أَنَّهُ جَائِزٌ إلَّا أَنَّهُ يُجْبَرُ عَلَى بَيْعِهِ
صِيَانَةً لَهُ
عَنْ الِاسْتِذْلَالِ بِاسْتِخْدَامِ الْكَافِرِ إيَّاهُ، وَالصِّيَانَةُ تَحْصُلُ بِالْكِتَابَةِ لِزَوَالِ وِلَايَةِ الِاسْتِخْدَامِ بِزَوَالِ يَدِهِ عَنْهُ بِالْمُكَاتَبَةِ.

وَأَمَّا مُكَاتَبَةُ الْمُرْتَدِّ فَمَوْقُوفَةٌ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ، فَإِنْ قُتِلَ أَوْ مَاتَ عَلَى الرِّدَّةِ أَوْ لَحِقَ بِدَارِ الْحَرْبِ بَطَلَتْ، وَإِنْ أَسْلَمَ نَفَذَتْ، وَعِنْدَهُمَا هِيَ نَافِذَةٌ وَهِيَ مِنْ مَسَائِلِ السِّيَرِ، وَاَللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ الْمُوَفِّقُ.

[فَصْلٌ فِي الشَّرَائِط الَّتِي تَرْجِعُ إلَى الْمُكَاتَبَةِ]
(فَصْلٌ) :
وَأَمَّا الَّذِي يَرْجِعُ إلَى الْمُكَاتَبَةِ فَأَنْوَاعٌ أَيْضًا مِنْهَا: أَنْ لَا يَكُونَ فِيهِ خَطَرٌ الْعَدَمِ وَقْتَ الْمُكَاتَبَةِ، وَهُوَ شَرْطٌ الِانْعِقَادِ، حَتَّى لَوْ كَاتَبَ مَا فِي بَطْنِ جَارِيَتِهِ لَمْ يَنْعَقِدْ؛ لِنَهْيِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ بَيْعٍ فِيهِ غَرَرٌ وَالْمُكَاتَبَةُ فِيهَا مَعْنَى الْبَيْعِ.

وَمِنْهَا أَنْ يَكُونَ عَاقِلًا، وَهُوَ مِنْ شَرَائِطِ الِانْعِقَادِ حَتَّى لَوْ كَاتَبَ عَبْدًا لَهُ مَجْنُونًا أَوْ صَغِيرًا لَا يَعْقِلُ لَا تَنْعَقِدُ مُكَاتَبَتُهُ

نام کتاب : بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع نویسنده : الكاساني، علاء الدين    جلد : 4  صفحه : 136
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست