responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع نویسنده : الكاساني، علاء الدين    جلد : 3  صفحه : 91
أَنْ يُطَلِّقَهَا أُخْرَى فِي قَوْلِهِمْ جَمِيعًا لِأَنَّهَا لَمَّا حَاضَتْ فَقَدْ بَطَلَ حُكْمُ الشَّهْرِ لِأَنَّ الشَّهْرَ فِي حَقِّهَا بَدَلٌ مِنْ الْحَيْضِ وَلَا حُكْمَ لِلْبَدَلِ مَعَ وُجُودِ الْمُبْدَلِ.
وَأَمَّا إذَا طَلَّقَ امْرَأَتَهُ وَهِيَ مِنْ ذَوَاتِ الْأَقْرَاءِ ثُمَّ أَيِسَتْ فَلَهُ أَنْ يُطَلِّقَهَا أُخْرَى حَتَّى تَيْأَسَ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ
وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: لَا يُطَلِّقُهَا حَتَّى يَمْضِيَ شَهْرٌ وَجْهُ قَوْلِهِ إنَّ هَذَا طُهْرٌ وَاحِدٌ فَلَا يَحْتَمِلُ طَلَاقَيْنِ وَلِأَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ حُكْمَ الْحَيْضِ قَدْ بَطَلَ بِالْيَأْسِ وَانْتَقَلَ حَالُهَا مِنْ الْعِدَّةِ بِالْحَيْضِ إلَى الْعِدَّةِ بِالْأَشْهُرِ وَذَلِكَ يَفْصِلُ بَيْنَ التَّطْلِيقَتَيْنِ كَالِانْتِقَالِ مِنْ الشُّهُورِ إلَى الْحَيْضِ فِي حَقِّ الصَّغِيرَةِ، وَهَذَا التَّفْرِيعُ إنَّمَا يُتَصَوَّرُ عَلَى الرِّوَايَةِ الَّتِي قَدَّرَتْ لِلْإِيَاسِ حَدًّا مَعْلُومًا خَمْسِينَ سَنَةً أَوْ سِتِّينَ سَنَةً، فَإِذَا تَمَّتْ هَذِهِ الْمُدَّةُ بَعْدَ التَّطْلِيقَةِ جَازَ لَهُ أَنْ يُطَلِّقَهَا أُخْرَى عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ لِمَا ذَكَرْنَا.
فَأَمَّا عَلَى الرِّوَايَةِ الَّتِي لَمْ تُقَدِّرْ لِلْإِيَاسِ مُدَّةً مَعْلُومَةً وَإِنَّمَا عَلَّقَتْهُ بِالْعَادَةِ فَلَا يُتَصَوَّرُ هَذَا التَّفْرِيعُ.
وَلَوْ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ فِي حَالِ الْحَيْضِ ثُمَّ رَاجَعَهَا ثُمَّ أَرَادَ طَلَاقَهَا ذَكَرَ فِي الْأَصْلِ أَنَّهَا إذَا طَهُرَتْ ثُمَّ حَاضَتْ ثُمَّ طَهُرَتْ طَلَّقَهَا إنْ شَاءَ وَذَكَرَ الطَّحَاوِيُّ أَنَّهُ يُطَلِّقُهَا فِي الطُّهْرِ الَّذِي يَلِي الْحَيْضَةَ.
وَذَكَرَ الْكَرْخِيُّ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ الطَّحَاوِيُّ قَوْلَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمَا ذَكَرَهُ فِي الْأَصْلِ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ وَجْهُ مَا ذُكِرَ فِي الْأَصْلِ: مَا رُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لِعُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لَمَّا طَلَّقَ ابْنُهُ عَبْدُ اللَّهِ امْرَأَتَهُ فِي حَالَةِ الْحَيْضِ «مُرْ ابْنَك فَلْيُرَاجِعْهَا ثُمَّ يَدَعْهَا إلَى أَنْ تَحِيضَ فَتَطْهُرَ ثُمَّ تَحِيضَ فَتَطْهُرَ ثُمَّ لِيُطَلِّقْهَا إنْ شَاءَ طَاهِرًا مِنْ غَيْرِ جِمَاعٍ» أَمَرَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِتَرْكِ الطَّلَاقِ إلَى غَايَةِ الطُّهْرِ الثَّانِي فَدَلَّ أَنَّ وَقْتَ طَلَاقِ السُّنَّةِ هُوَ الطُّهْرُ الثَّانِي دُونَ الْأَوَّلِ وَلِأَنَّ الْحَيْضَةَ الَّتِي طَلَّقَهَا فِيهَا غَيْرُ مَحْسُوبَةٍ مِنْ الْعِدَّةِ فَكَانَ إيقَاعُ الطَّلَاقِ فِيهَا كَإِيقَاعِ الطَّلَاقِ فِي الطُّهْرِ الَّذِي يَلِيهَا، وَلَوْ طَلَّقَ فِي الطُّهْرِ الَّذِي يَلِيهَا لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يُطَلِّقَ فِيهِ أُخْرَى كَذَا هَذَا وَجْهُ مَا ذَكَرَهُ الطَّحَاوِيُّ أَنَّ هَذَا طُهْرٌ لَا جِمَاعَ فِيهِ وَلَا طَلَاقَ حَقِيقَةً فَكَانَ لَهُ أَنْ يُطَلِّقَهَا فِيهِ كَالطُّهْرِ الثَّانِي.
وَأَمَّا الْحَدِيثُ فَقَدْ رَوَيْنَا أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ «أَخْطَأْتَ السُّنَّةَ مَا هَكَذَا أَمَرَكَ اللَّهُ تَعَالَى إنَّ مِنْ السُّنَّةِ أَنْ تَسْتَقْبِلَ الطُّهْرَ اسْتِقْبَالًا فَتُطَلِّقَهَا لِكُلِّ طُهْرٍ تَطْلِيقَةً» جَعَلَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الطَّلَاقَ فِي كُلِّ طُهْرٍ طَلَاقًا عَلَى وَجْهِ السُّنَّةِ وَالطُّهْرُ الَّذِي يَلِي الْحَيْضَةَ طُهْرٌ فَكَانَ الْإِيقَاعُ فِيهِ إيقَاعًا عَلَى وَجْهِ السُّنَّةِ فَيُجْمَعُ بَيْنَ الرِّوَايَتَيْنِ فَتُحْمَلُ تِلْكَ الرِّوَايَةُ عَلَى الْأَحْسَنِ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَرَ بِالتَّطْلِيقَةِ الْوَاحِدَةِ فِي طُهْرٍ وَاحِدٍ لَا جِمَاعَ فِيهِ، وَهَذَا أَحْسَنُ الطَّلَاقِ وَهَذِهِ الرِّوَايَةُ عَلَى الْحُسْنِ لِأَنَّهُ أَمَرَهُ بِالثَّلَاثِ فِي ثَلَاثَةِ أَطْهَارٍ جَمْعًا بَيْنَ الرِّوَايَتَيْنِ؛ عَمَلًا بِهِمَا؛ جَمْعًا بِقَدْرِ الْإِمْكَانِ.

[فَصْلٌ فِي بَيَانِ الْأَلْفَاظِ الَّتِي يَقَعُ بِهَا طَلَاقُ السُّنَّةِ]
(فَصْلٌ) :
وَأَمَّا بَيَانُ الْأَلْفَاظِ الَّتِي يَقَعُ بِهَا طَلَاقُ السُّنَّةِ: فَالْأَلْفَاظُ الَّتِي يَقَعُ بِهَا طَلَاقُ السُّنَّةِ نَوْعَانِ: نَصٌّ وَدَلَالَةٌ (أَمَّا) النَّصُّ فَنَحْوُ أَنْ يَقُولَ: أَنْتِ طَالِقٌ لِلسُّنَّةِ، وَجُمْلَتُهُ أَنَّ الرَّجُلَ إذَا قَالَ لِامْرَأَتِهِ وَهِيَ مَدْخُولٌ بِهَا: أَنْتِ طَالِقٌ لِلسُّنَّةِ وَلَا نِيَّةَ لَهُ فَإِنْ كَانَتْ مِنْ ذَوَاتِ الْأَقْرَاءِ وَقَعَتْ تَطْلِيقَةٌ لِلْحَالِ إنْ كَانَتْ طَاهِرًا مِنْ غَيْرِ جِمَاعٍ وَإِنْ كَانَتْ حَائِضًا أَوْ فِي طُهْرٍ جَامَعَهَا فِيهِ لَمْ تَقَعْ السَّاعَةَ، فَإِذَا حَاضَتْ وَطَهُرَتْ وَقَعَتْ بِهَا تَطْلِيقَةٌ وَاحِدَةٌ لِأَنَّ قَوْلَهُ أَنْتِ طَالِقٌ لِلسُّنَّةِ إيقَاعُ تَطْلِيقَةٍ بِالسُّنَّةِ الْمُعَرَّفَةِ بِاللَّامِ لِأَنَّ اللَّامَ الْأُولَى لِلِاخْتِصَاصِ فَيَقْتَضِي أَنْ تَكُونَ التَّطْلِيقَةُ مُخْتَصَّةً بِالسُّنَّةِ فَإِذَا أَدْخَلَ لَامَ التَّعْرِيفِ فِي السُّنَّةِ فَيَقْتَضِي اسْتِغْرَاقَ السُّنَّةِ وَهَذَا يُوجِبُ تَمَحُّضُهَا سُنَّةً بِحَيْثُ لَا يَشُوبُهَا مَعْنَى الْبِدْعَةِ أَوْ تَنْصَرِفُ إلَى السُّنَّةِ الْمُتَعَارَفَةِ فِيمَا بَيْنَ النَّاسِ.
وَالسُّنَّةُ الْمُتَعَارَفَةُ الْمَعْهُودَةُ فِي بَابِ الطَّلَاقِ مَا لَا يَشُوبُهَا مَعْنَى الْبِدْعَةِ وَلَيْسَ ذَلِكَ إلَّا الْوَاقِعَ فِي طُهْرٍ لَا جِمَاعَ فِيهِ وَإِنْ نَوَى ثَلَاثًا فَثَلَاثٌ لِأَنَّ التَّطْلِيقَةَ الْمُخْتَصَّةَ بِالسُّنَّةِ الْمُعَرَّفَةِ فَاللَّامُ التَّعْرِيفِ نَوْعَانِ: حَسَنٌ وَأَحْسَنُ فَالْأَحْسَنُ أَنْ يُطَلِّقَهَا وَاحِدَةً فِي طُهْرٍ لَا جِمَاعَ فِيهِ، وَالْحَسَنُ أَنْ يُطَلِّقَهَا ثَلَاثًا فِي ثَلَاثَةِ أَطْهَارٍ فَإِذَا نَوَى الثَّلَاثَةَ فَقَدْ نَوَى أَحَدَ نَوْعَيْ التَّطْلِيقَةِ الْمُخْتَصَّةِ بِالسُّنَّةِ فَتَصِحُّ نِيَّتُهُ كَمَا لَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا لِلسُّنَّةِ وَإِنْ أَرَادَ وَاحِدَةً بَائِنَةً لَمْ تَكُنْ بَائِنَةً لِأَنَّ لَفْظَةَ الطَّلَاقِ لَا تَدُلُّ عَلَى الْبَيْنُونَةِ وَكَذَا لَفْظُ السُّنَّةِ بَلْ تَمْنَعُ ثُبُوتَ الْبَيْنُونَةِ لِأَنَّ الْإِبَانَةَ لَيْسَتْ بِمَسْنُونَةٍ عَلَى ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَيَسْتَحِيلُ أَنْ يَثْبُتَ بِاللَّفْظِ مَا يَمْنَعُ ثُبُوتَهُ وَإِنْ نَوَى الثِّنْتَيْنِ لَمْ يَكُنْ ثِنْتَيْنِ لِأَنَّهُ عَدَدٌ مَحْضٌ بِخِلَافِ الثَّلَاثِ لِأَنَّهُ فَرْدٌ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ كُلُّ جِنْسِ الطَّلَاقِ وَلَوْ أَرَادَ بِقَوْلِهِ: " طَالِقٌ " وَاحِدَةً وَبِقَوْلِهِ: " لِلسُّنَّةِ " أُخْرَى لَمْ يَقَعْ لِأَنَّ قَوْلَهُ لِلسُّنَّةِ لَيْسَ مِنْ أَلْفَاظِ الطَّلَاقِ بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَوْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ " أَنْتِ لِلسُّنَّةِ " وَنَوَى الطَّلَاقَ لَا يَقَعُ وَلَوْ قَالَ " أَنْتِ طَالِقٌ ثِنْتَيْنِ لِلسُّنَّةِ " أَوْ " ثَلَاثًا لِلسُّنَّةِ " وَقَعَ عِنْدَ كُلِّ طُهْرٍ لَمْ يُجَامِعْهَا تَطْلِيقَةٌ لِأَنَّهَا هِيَ

نام کتاب : بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع نویسنده : الكاساني، علاء الدين    جلد : 3  صفحه : 91
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست