responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع نویسنده : الكاساني، علاء الدين    جلد : 3  صفحه : 71
عَمَلِهِ وَإِنْ كَانَ فُلَانٌ لَا يَعْمَلُ بِيَدِهِ حَنِثَ لِأَنَّ حَقِيقَةَ النَّسْجِ مَا فَعَلَهُ الْإِنْسَانُ بِنَفْسِهِ فَإِنْ أَمْكَنَ الْحَمْلُ عَلَى الْحَقِيقَةِ يُحْمَلْ عَلَيْهَا وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ يُحْمَلْ عَلَى الْمَجَازِ فَإِذَا كَانَ فُلَانٌ لَا يَنْسِجُ بِيَدِهِ لَمْ تَكُنْ الْحَقِيقَةُ مُرَادَةً بِالْيَمِينِ فَيُحْمَلُ عَلَى الْمَجَازِ وَهُوَ الْأَمْرُ بِالْعَمَلِ وَرَوَى بِشْرٌ عَنْ أَبِي يُوسُفَ فِيمَنْ حَلَفَ لَا يَلْبَسُ شَيْئًا مِنْ السَّوَادِ قَالَ هَذَا عَلَى مَا يَلْبَسُ مِثْلُهُ وَلَا يَحْنَثُ فِي التِّكَّةِ وَالزِّرِّ وَالْعُرْوَةِ لِأَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بِلُبْسٍ وَإِنْ حَلَفَ لَا يَكْسُو فُلَانًا شَيْئًا وَلَا نِيَّةَ لَهُ فَكَسَاهُ قَلَنْسُوَةً أَوْ خُفَّيْنِ أَوْ جَوْرَبَيْنِ حَنِثَ لِأَنَّ الْكِسْوَةَ اسْمٌ لِمَا يُكْسَى بِهِ وَذَلِكَ يُوجَدُ فِي الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ وَرَوَى عَمْرٌو عَنْ مُحَمَّدٍ إذَا حَلَفَ لَا يَكْسُو امْرَأَةً فَبَعَثَ إلَيْهَا مِقْنَعَةً قَالَ لَا يَحْنَثُ فَجَعَلَ الْكِسْوَةَ عِبَارَةً عَمَّا يُجْزِئُ فِي كَفَّارَةِ الْيَمِينِ وَأَجْرَى ذَلِكَ مَجْرَى قَوْلِهِ لَا أَلْبَسُ ثَوْبًا.
وَلَوْ حَلَفَ لَا يَكْسُو فُلَانًا ثَوْبًا فَأَعْطَاهُ دَرَاهِمَ يَشْتَرِي بِهَا ثَوْبًا لَمْ يَحْنَثْ لِأَنَّهُ لَمْ يَكْسُهُ وَإِنَّمَا وَهَبَ لَهُ دَرَاهِمَ وَشَاوَرَهُ فِيمَا يَفْعَلُ بِهَا وَلَوْ أَرْسَلَ إلَيْهِ بِثَوْبٍ كِسْوَةً حَنِثَ لِأَنَّ الْحُقُوقَ لَا تَتَعَلَّقُ بِالرَّسُولِ وَإِنَّمَا تَتَعَلَّقُ بِالْمُرْسَلِ.

[فَصْلٌ فِي الْحَلِفِ عَلَى الرُّكُوبِ]
(فَصْلٌ) :
وَأَمَّا الْحَلِفُ عَلَى الرُّكُوبِ إذَا حَلَفَ لَا يَرْكَبُ دَابَّةً فَهُوَ عَلَى الدَّوَابِّ الَّتِي يَرْكَبُهَا النَّاسُ فِي حَوَائِجِهِمْ فِي مَوَاضِعِ إقَامَتِهِمْ فَإِنْ رَكِبَ بَعِيرًا أَوْ بَقَرَةً لَمْ يَحْنَثْ وَالْقِيَاسُ أَنْ يَحْنَثَ فِي رُكُوبِ كُلِّ حَيَوَانٍ لِأَنَّ الدَّابَّةَ اسْمٌ لِمَا يَدِبُّ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الأَرْضِ إِلا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا} [هود: 6]
وَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ: {إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الَّذِينَ كَفَرُوا} [الأنفال: 55] إلَّا أَنَّهُمْ اسْتَحْسَنُوا وَحَمَلُوا الْيَمِينَ عَلَى مَا يَرْكَبُهُ النَّاسُ فِي الْأَمْصَارِ وَلِقَضَاءِ الْحَوَائِجِ غَالِبًا وَهُوَ الْخَيْلُ وَالْبِغَالُ وَالْحَمِيرُ تَخْصِيصًا لِلْعُمُومِ بِالْعُرْفِ وَالْعَادَةِ لِأَنَّا نَعْلَمُ أَنَّهُ مَا أَرَادَ بِهِ كُلَّ حَيَوَانٍ فَحَمَلْنَا مُطْلَقَ كَلَامِهِ عَلَى الْعَادَةِ وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْفِيلَ وَالْبَقَرَةَ وَالْبَعِيرَ لَا يُرْكَبُ لِقَضَاءِ الْحَوَائِجِ فِي الْأَمْصَارِ عَادَةً فَإِنْ نَوَى فِي يَمِينِهِ الْخَيْلَ خَاصَّةً دِينَ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ لِأَنَّ اللَّفْظَ يَحْتَمِلُهُ وَلَا يَدِينُ فِي الْقَضَاءِ لِأَنَّهُ خِلَافُ ظَاهِرِ الْعُمُومِ وَإِنْ حَلَفَ لَا يَرْكَبُ فَرَسًا فَرَكِبَ بِرْذَوْنًا أَوْ حَلَفَ لَا يَرْكَبُ بِرْذَوْنًا فَرَكِبَ فَرَسًا لَمْ يَحْنَثْ لِأَنَّ الْفَرَسَ عِبَارَةٌ عَنْ الْعَرَبِيِّ وَالْبِرْذَوْنَ عَنْ الشَّهْرِيِّ فَصَارَ كَمَنْ حَلَفَ لَا يُكَلِّمُ رَجُلًا عَرَبِيًّا فَكَلَّمَ عَجَمِيًّا.
وَلَوْ حَلَفَ لَا يَرْكَبُ، وَقَالَ نَوَيْت الْخَيْلَ لَا يُصَدَّقُ فِي الْقَضَاءِ وَلَا فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ لِأَنَّ الرُّكُوبَ لَيْسَ بِمَذْكُورٍ فَلَا يَحْتَمِلُ التَّخْصِيصَ فَإِنْ حَلَفَ لَا يَرْكَبُ الْخَيْلَ فَرَكِبَ بِرْذَوْنًا أَوْ فَرَسًا يَحْنَثْ لِأَنَّ الْخَيْلَ اسْمُ جِنْسٍ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً} [النحل: 8] .
وَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «الْخَيْلُ فِي نَوَاصِيهَا الْخَيْرُ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ» وَالْمُرَادُ بِهِ الْجِنْسُ فَيَعُمُّ جَمِيعَ أَنْوَاعِهِ.
وَلَوْ حَلَفَ لَا يَرْكَبُ دَابَّةً وَهُوَ رَاكِبُهَا فَمَكَثَ عَلَى حَالِهِ سَاعَةً وَاقِفًا أَوْ سَائِرًا حَنِثَ لِمَا ذَكَرْنَا أَنَّ الرُّكُوبَ يَحْتَمِلُ الِابْتِدَاءَ وَيَتَجَدَّدُ أَمْثَالُهُ وَكَذَلِكَ لَوْ حَلَفَ لَا يَلْبَسُ وَهُوَ لَابِسٌ أَوْ لَا يَجْلِسُ عَلَى هَذَا الْفِرَاشِ وَهُوَ جَالِسٌ لِمَا قُلْنَا فَإِنْ نَزَلَ عَقِيبَ يَمِينِهِ أَوْ نَزَعَ أَوْ قَامَ لَمْ يَحْنَثْ عِنْدَ أَصْحَابِنَا الثَّلَاثَةِ خِلَافًا لِزُفَرَ وَقَدْ ذَكَرْنَا الْمَسْأَلَةَ فِيمَا تَقَدَّمَ.
وَلَوْ حَلَفَ لَا يَرْكَبُ دَابَّةَ فُلَانٍ فَرَكِبَ دَابَّةً لِعَبْدِ فُلَانٍ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ أَوْ لَا دَيْنَ عَلَيْهِ لَا يَحْنَثُ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ يَحْنَثُ أَمَّا إذَا كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ فَلِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُهَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ هِيَ مُضَافَةٌ إلَى الْعَبْدِ دُونَ الْمَوْلَى وَأَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ فَهِيَ مُضَافَةٌ إلَى الْعَبْدِ فَلَمْ يَحْنَثْ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ هِيَ مِلْكُ الْمَوْلَى حَقِيقَةً فَيَحْنَثُ بِرُكُوبِهَا وَلَوْ حَلَفَ لَا يَرْكَبُ مَرْكَبًا وَلَا نَوَى شَيْئًا فَرَكِبَ سَفِينَةً أَوْ مَحْمَلًا أَوْ دَابَّةً بِإِكَافٍ أَوْ سَرْجٍ حَنِثَ لِوُجُودِ الرُّكُوبِ أَمَّا فِي الدَّابَّةِ بِالسَّرْجِ وَالْإِكَافِ فَلَا شَكَّ فِيهِ وَأَمَّا فِي السَّفِينَةِ فَلِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى سَمَّى ذَلِكَ رُكُوبًا بِقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَقَالَ ارْكَبُوا فِيهَا بِسْمِ اللَّهِ مَجْرَاهَا} [هود: 41] وَاَللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ أَعْلَمُ.

[فَصْلٌ فِي الْحَلِفِ عَلَى الْجُلُوسِ]
(فَصْلٌ) :
وَأَمَّا الْحَلِفُ عَلَى الْجُلُوسِ فَإِذَا حَلَفَ لَا يَجْلِسُ عَلَى الْأَرْضِ فَإِنَّهُ لَا يَحْنَثُ إلَّا أَنْ يَجْلِسَ عَلَيْهَا وَلَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا غَيْرُ ثِيَابِهِ فَإِنْ كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْأَرْضِ حَصِيرٌ أَوْ بِوَرَى أَوْ بِسَاطٌ أَوْ كُرْسِيٌّ أَوْ شَيْءٌ بَسَطَهُ لَمْ يَحْنَثْ لِأَنَّ الْجَالِسَ عَلَى الْأَرْضِ مَنْ بَاشَرَ الْأَرْضَ وَلَمْ يَحُلْ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا شَيْءٌ هَذَا هُوَ الْجُلُوسُ عَلَى الْأَرْضِ حَقِيقَةً إلَّا أَنَّ الْجُلُوسَ عَلَيْهَا بِمَا هُوَ مُتَّصِلٌ بِهِ مِنْ ثِيَابِهِ يُسَمَّى جُلُوسًا عَلَى الْأَرْضِ عُرْفًا وَإِذَا حَالَ بَيْنَهُمَا مَا هُوَ مُنْفَصِلٌ عَنْهُ مِنْ الْبِسَاطِ وَالْحَصِيرِ لَا يُسَمَّى جُلُوسًا أَلَا تَرَى أَنَّهُ يُقَالُ جَلَسَ عَلَى الْبِسَاطِ وَالْحَصِيرِ لَا عَلَى الْأَرْضِ فَإِذَا حَلَفَ لَا يَجْلِسُ عَلَى هَذَا الْفِرَاشِ أَوْ هَذَا الْحَصِيرِ أَوْ هَذَا الْبِسَاطِ فَجَعَلَ عَلَيْهِ مِثْلَهُ ثُمَّ جَلَسَ لَمْ يَحْنَثْ لِأَنَّ الْجُلُوسَ يُضَافُ إلَى الثَّانِي دُونَ الْأَوَّلِ أَلَا تَرَى أَنَّ الطِّنْفِسَةَ إذَا جُعِلَتْ عَلَى الْبُورِيِّ لَا يُقَالُ جَلَسَ عَلَى الْبُورِيِّ بَلْ يُقَالُ جَلَسَ عَلَى الطِّنْفِسَةِ وَكَذَلِكَ إذَا جَعَلَ الْفِرَاشَ

نام کتاب : بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع نویسنده : الكاساني، علاء الدين    جلد : 3  صفحه : 71
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست