responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع نویسنده : الكاساني، علاء الدين    جلد : 3  صفحه : 6
غَيْرِهَا اسْتِعْمَالًا عَلَى السَّوَاءِ فَالْحَلِفُ بِهَا يَكُونُ يَمِينًا أَيْضًا، وَمِنْهَا مَا يُسْتَعْمَلُ فِي الصِّفَةِ وَفِي غَيْرِهَا لَكِنْ اسْتِعْمَالُهَا فِي غَيْرِ الصِّفَةِ هُوَ الْغَالِبُ فَالْحَلِفُ بِهَا لَا يَكُونُ يَمِينًا، وَعَنْ مَشَايِخِنَا مَنْ قَالَ مَا تَعَارَفَهُ النَّاسُ يَمِينًا يَكُونُ يَمِينًا إلَّا مَا وَرَدَ الشَّرْعُ بِالنَّهْيِ عَنْهُ وَمَا لَمْ يَتَعَارَفُوهُ يَمِينًا لَا يَكُونُ يَمِينًا، وَبَيَانُ هَذِهِ الْجُمْلَةِ إذَا قَالَ وَعِزَّةِ اللَّهِ وَعَظَمَةِ اللَّهِ وَجَلَالِهِ وَكِبْرِيَائِهِ يَكُونُ حَالِفًا لِأَنَّ هَذِهِ الصِّفَاتِ إذَا ذُكِرَتْ فِي الْعُرْفِ وَالْعَادَةِ لَا يُرَادُ بِهَا إلَّا نَفْسَهَا فَكَانَ مُرَادُ الْحَالِفِ بِهَا الْحَلِفَ بِاَللَّهِ تَعَالَى وَكَذَا النَّاس يَتَعَارَفُونَ الْحَلِفَ بِهَذِهِ الصِّفَاتِ وَلَمْ يَرِدْ الشَّرْعُ بِالنَّهْيِ عَنْ الْحَلِفِ بِهَا.
وَكَذَا لَوْ قَالَ وَقُدْرَةِ اللَّهِ تَعَالَى وَقُوَّتِهِ وَإِرَادَتِهِ وَمَشِيئَتِهِ وَرِضَاهُ وَمَحَبَّتِهِ وَكَلَامِهِ يَكُونُ حَالِفًا لِأَنَّ هَذِهِ الصِّفَاتِ وَإِنْ كَانَتْ تُسْتَعْمَلُ فِي غَيْرِ الصِّفَةِ كَمَا تُسْتَعْمَلُ فِي الصِّفَةِ لَكِنَّ الصِّفَةَ تَعَيَّنَتْ مُرَادَةً بِدَلَالَةِ الْقَسَمِ إذْ لَا يَجُوزُ الْقَسَمُ بِغَيْرِ اسْمِ اللَّهِ تَعَالَى وَصِفَاتِهِ فَالظَّاهِرُ إرَادَةُ الصِّفَةِ بِقَرِينَةِ الْقَسَمِ وَكَذَا النَّاسُ يُقْسِمُونَ بِهَا فِي الْمُتَعَارَفِ فَكَانَ الْحَلِفُ بِهَا يَمِينًا، وَلَوْ قَالَ وَرَحْمَةِ اللَّهِ أَوْ غَضَبِهِ أَوْ سَخَطِهِ لَا يَكُونُ هَذَا يَمِينًا لِأَنَّهُ يُرَادُ بِهَذِهِ الصِّفَاتِ آثَارُهَا عَادَةً لَا نَفْسُهَا فَالرَّحْمَةُ يُرَادُ بِهَا الْجَنَّةُ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {فَفِي رَحْمَةِ اللَّهِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} [آل عمران: 107] وَالْغَضَبُ وَالسَّخَطُ يُرَادُ بِهِ أَثَرُ الْغَضَبِ وَالسَّخَطِ عَادَةً وَهُوَ الْعَذَابُ وَالْعُقُوبَةُ لَا نَفْسُ الصِّفَةِ فَلَا يَصِيرُ بِهِ حَالِفًا إلَّا إذَا نَوَى بِهِ الصِّفَةَ.
وَكَذَا الْعَرَبُ مَا تَعَارَفَتْ الْقَسَمَ بِهَذِهِ الصِّفَاتِ فَلَا يَكُونُ الْحَلِفُ بِهَا يَمِينًا وَكَذَا وَعِلْمِ اللَّهِ لَا يَكُونُ يَمِينًا اسْتِحْسَانًا وَالْقِيَاسُ أَنْ يَكُونَ يَمِينًا وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ لِأَنَّ عِلْمَ اللَّهِ تَعَالَى صِفَةٌ كَالْعِزَّةِ وَالْعَظَمَةِ.
(وَلَنَا) أَنَّهُ يُرَادُ بِهِ الْمَعْلُومُ عَادَةً يُقَالُ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَنَا عِلْمَك فِينَا أَيْ مَعْلُومَك مِنَّا وَمِنْ زَلَّاتِنَا وَيُقَالُ هَذَا عِلْمُ أَبِي حَنِيفَةَ أَيْ مَعْلُومُهُ لِأَنَّ عِلْمَ أَبِي حَنِيفَةَ قَائِمٌ بِأَبِي حَنِيفَةَ لَا يُزَايِلُهُ، وَمَعْلُومُ اللَّهِ تَعَالَى قَدْ يَكُونُ غَيْرَ اللَّهِ تَعَالَى مِنْ الْعَالِمِ بِأَعْيَانِهَا وَأَعْرَاضِهَا وَالْمَعْدُومَاتُ كُلُّهَا لِأَنَّ الْمَعْدُومَ مَعْلُومٌ فَلَا يَكُونُ الْحَلِفُ بِهِ يَمِينًا إلَّا إذَا أَرَادَ بِهِ الصِّفَةَ.
وَكَذَا الْعَرَبُ لَمْ تَتَعَارَفْ الْقَسَمَ بِعِلْمِ اللَّهِ - تَعَالَى - فَلَا يَكُونُ يَمِينًا بِدُونِ النِّيَّةِ.
وَسُئِلَ مُحَمَّدٌ عَمَّنْ قَالَ وَسُلْطَانِ اللَّهِ فَقَالَ لَا أَرَى مَنْ يَحْلِفُ بِهَذَا أَيْ لَا يَكُونُ يَمِينًا وَذَكَرَ الْقُدُورِيُّ أَنَّهُ إنْ أَرَادَ بِالسُّلْطَانِ الْقُدْرَةَ يَكُونُ حَالِفًا كَمَا لَوْ قَالَ وَقُدْرَةِ اللَّهِ وَإِنْ أَرَادَ الْمَقْدُورَ لَا يَكُونُ حَالِفًا لِأَنَّهُ حَلِفٌ بِغَيْرِ اللَّهِ وَلَوْ قَالَ وَأَمَانَةِ اللَّهِ ذَكَرَ فِي الْأَصْلِ أَنَّهُ يَكُونُ يَمِينًا وَذَكَرَ ابْنُ سِمَاعَةَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ لَا يَكُونُ يَمِينًا وَذَكَرَ الطَّحَاوِيُّ عَنْ أَصْحَابِنَا جَمِيعًا أَنَّهُ لَيْسَ بِيَمِينٍ.
وَجْهُ مَا ذَكَرَهُ الطَّحَاوِيُّ أَنَّ أَمَانَةَ اللَّهِ فَرَائِضُهُ الَّتِي تَعَبَّدَ عِبَادَهُ بِهَا مِنْ الصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ وَغَيْرِ ذَلِكَ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {إِنَّا عَرَضْنَا الأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الإِنْسَانُ} [الأحزاب: 72] فَكَانَ حَلِفًا بِغَيْرِ اسْمِ اللَّهِ - عَزَّ وَجَلَّ - فَلَا يَكُونُ يَمِينًا.
(وَجْهُ) مَا ذَكَرَهُ فِي الْأَصْلِ أَنَّ الْأَمَانَةَ الْمُضَافَةَ إلَى اللَّهِ تَعَالَى عِنْدَ الْقَسَمِ يُرَادُ بِهَا صِفَتَهُ أَلَا تَرَى أَنَّ الْأَمِينَ مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ - تَعَالَى - وَأَنَّهُ اسْمٌ مُشْتَقٌّ مِنْ الْأَمَانَةِ؟ فَكَانَ الْمُرَادُ بِهَا عِنْدَ الْإِطْلَاقِ خُصُوصًا فِي مَوْضِعِ الْقَسَمِ صِفَةَ اللَّهِ وَلَوْ قَالَ وَعَهْدِ اللَّهِ فَهُوَ يَمِينٌ لِأَنَّ الْعَهْدَ يَمِينٌ لِمَا يُذْكَرُ فَصَارَ كَأَنَّهُ قَالَ وَيَمِينِ اللَّهِ وَذَلِكَ يَمِينٌ فَكَذَا هَذَا.
وَلَوْ قَالَ بِاسْمِ اللَّهِ لَا أَفْعَلُ كَذَا يَكُونُ يَمِينًا كَذَا رُوِيَ عَنْ مُحَمَّدٍ لِأَنَّ الِاسْمَ وَالْمُسَمَّى وَاحِدٌ عِنْدَ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ فَكَانَ الْحَلِفُ بِالِاسْمِ حَلِفًا بِالذَّاتِ كَأَنَّهُ قَالَ بِاَللَّهِ، وَلَوْ قَالَ وَوَجْهِ اللَّهِ فَهُوَ يَمِينٌ كَذَا رَوَى ابْنُ سِمَاعَةَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ لِأَنَّ الْوَجْهَ الْمُضَافَ إلَى اللَّهِ - تَعَالَى - يُرَادُ بِهِ الذَّاتُ قَالَ تَعَالَى {كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلا وَجْهَهُ} [القصص: 88] أَيْ ذَاتَهُ.
وَقَالَ - عَزَّ وَجَلَّ - {وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالإِكْرَامِ} [الرحمن: 27] أَيْ ذَاتُهُ وَذَكَرَ الْحَسَنُ بْنُ زِيَادٍ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ الرَّجُلَ إذَا قَالَ وَوَجْهِ اللَّهِ لَا أَفْعَلُ كَذَا ثُمَّ فَعَلَ أَنَّهَا لَيْسَتْ بِيَمِينٍ.
وَقَالَ ابْنُ شُجَاعٍ إنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ أَيْمَانِ النَّاسِ إنَّمَا هِيَ حَلِفُ السَّفَلَةِ، وَرَوَى الْمُعَلَّى عَنْ مُحَمَّدٍ إذَا قَالَ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ لَا أَفْعَلُ كَذَا وَكَذَا لَا يَكُونُ يَمِينًا إلَّا أَنْ يَنْوِيَ يَمِينًا.
وَكَذَا قَوْلُهُ سُبْحَانَ اللَّهِ وَاَللَّهُ أَكْبَرُ لَا أَفْعَلُ كَذَا لِأَنَّ الْعَادَةَ مَا جَرَتْ بِالْقَسَمِ بِهَذَا اللَّفْظِ وَإِنَّمَا يُذْكَرُ هَذَا قَبْلَ الْخَبَرِ عَلَى طَرِيقِ التَّعَجُّبِ فَلَا يَكُونُ يَمِينًا إلَّا إذَا نَوَى الْيَمِينَ فَكَأَنَّهُ حَذَفَ حَرْفَ الْقَسَمِ فَيَكُونُ حَالِفًا وَعَنْ مُحَمَّدٍ فِيمَنْ قَالَ وَمَلَكُوتِ اللَّهِ وَجَبَرُوتِ اللَّهِ إنَّهُ يَمِينٌ لِأَنَّهُ مِنْ صِفَاتِهِ الَّتِي لَا تُسْتَعْمَلُ إلَّا فِي الصِّفَةِ فَكَانَ الْحَلِفُ بِهِ يَمِينًا كَقَوْلِهِ وَعَظَمَةِ اللَّهِ وَجَلَالِهِ وَكِبْرِيَائِهِ.
وَلَوْ قَالَ وَعَمْرِ اللَّهِ لَا أَفْعَلُ كَذَا كَانَ يَمِينًا لِأَنَّ هَذَا حَلِفٌ بِبَقَاءِ اللَّهِ وَهُوَ لَا يُسْتَعْمَلُ إلَّا فِي الصِّفَةِ وَكَذَا الْحَلِفُ بِهِ مُتَعَارَفٌ قَالَ اللَّهُ - عَزَّ وَجَلَّ: - {لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ} [الحجر: 72] .
وَقَالَ طَرَفَةُ

نام کتاب : بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع نویسنده : الكاساني، علاء الدين    جلد : 3  صفحه : 6
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست