responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع نویسنده : الكاساني، علاء الدين    جلد : 3  صفحه : 244
وَتَعَالَى خَصَّ اللِّعَانَ بِالْأَزْوَاجِ وَلَوْ طَلَّقَهَا طَلَاقًا رَجْعِيًّا لَا يَسْقُطُ اللِّعَانُ؛ لِأَنَّ الطَّلَاقَ الرَّجْعِيَّ لَا يُبْطِلُ الزَّوْجِيَّةَ.
وَلَوْ قَالَ لَهَا: يَا زَانِيَةُ أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا فَلَا حَدَّ وَلَا لِعَانَ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ يَا زَانِيَةُ أَوْجَبَ اللِّعَانَ لَا الْحَدَّ؛ لِأَنَّهُ قَذَفَ الزَّوْجَةَ وَلَمَّا قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا فَقَدْ أَبْطَلَ الزَّوْجِيَّةَ، وَاللِّعَانُ لَا يَجْرِي فِي غَيْرِ الْأَزْوَاج وَلَوْ قَالَ لَهَا: أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا يَا زَانِيَةُ يَجِبُ الْحَدُّ وَلَا يَجِبُ اللِّعَانُ؛ لِأَنَّهُ قَذَفَهَا بَعْدَ الْإِبَانَةِ وَهِيَ أَجْنَبِيَّةٌ بَعْدَ الْإِبَانَةِ وَقَذْفُ الْأَجْنَبِيَّةِ يُوجِبُ الْحَدَّ لَا اللِّعَانَ، وَلَوْ أَكْذَبَ الزَّوْجُ نَفْسَهُ سَقَطَ اللِّعَانُ لِتَعَذُّرِ الْإِتْيَانِ بِهِ إذْ مِنْ الْمُحَالِ أَنْ يُؤْمَرَ أَنْ يَشْهَدَ بِاَللَّهِ إنَّهُ لَمِنْ الصَّادِقِينَ وَهُوَ يَقُولُ إنَّهُ كَاذِبٌ، وَيَجِبُ الْحَدُّ لِمَا نَذْكُرُ فِي كِتَابِ الْحُدُودِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
وَلَوْ أَكْذَبَتْ الْمَرْأَةُ نَفْسَهَا فِي الْإِنْكَارِ وَصَدَّقَتْ الزَّوْجَ فِي الْقَذْفِ سَقَطَ اللِّعَانُ لِمَا قُلْنَا وَلَا حَدَّ لِمَا نَذْكُرُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَلَوْ لَمْ يَنْعَقِدْ الْقَذْفُ مُوجِبًا لِلِّعَانِ أَصْلًا لِفَوَاتِ شَرْطٍ مِنْ شَرَائِطِ الْوُجُوبِ فَهَلْ يَجِبُ الْحَدُّ؟ فَمَشَايِخُنَا أَصَّلُوا فِي ذَلِكَ أَصْلًا فَقَالُوا: إنْ كَانَ عَدَمُ وُجُوبِ اللِّعَانِ أَوْ سُقُوطُهُ بَعْدَ الْوُجُوبِ لِمَعْنًى مِنْ جَانِبِهَا فَلَا حُدُودَ وَلَا لِعَانَ، وَإِنْ كَانَ الْقَذْفُ صَحِيحًا وَإِنْ كَانَ لِمَعْنًى مِنْ جَانِبِهِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْقَذْفُ صَحِيحًا فَكَذَلِكَ وَإِنْ كَانَ صَحِيحًا يُحَدُّ وَعَلَى هَذَا الْأَصْلِ خَرَّجُوا جِنْسَ هَذِهِ الْمَسَائِلِ، فَقَالُوا: إذَا أَكْذَبَ نَفْسَهُ يُحَدُّ؛ لِأَنَّ سُقُوطَ اللِّعَانِ لِمَعْنًى مِنْ جَانِبِهِ وَهُوَ إكْذَابُهُ نَفْسَهُ وَالْقَذْفُ صَحِيحٌ؛ لِأَنَّهُ قَذْفُ عَاقِلٍ بَالِغٍ فَيَجِبُ الْحَدُّ، وَلَوْ أَكَذَبَتْ نَفْسَهَا فِي الْإِنْكَارِ وَصَدَّقَتْ الزَّوْجَ فِي الْقَذْفِ فَلَا حَدَّ وَلَا لِعَانَ وَإِنْ كَانَتْ عَلَى صِفَةِ الِالْتِعَانِ؛ لِأَنَّ سُقُوطَ اللِّعَانِ لِمَعْنًى مِنْ جَانِبِهَا وَهُوَ إكْذَابُهَا نَفْسَهَا وَلَوْ كَانَتْ الْمَرْأَةُ عَلَى صِفَةِ الِالْتِعَانِ وَالزَّوْجُ عَبْدٌ أَوْ كَافِرٌ أَوْ مَحْدُودٌ فِي قَذْفٍ فَعَلَيْهِ الْحَدُّ؛ لِأَنَّ قَذْفَهَا صَحِيحٌ وَإِنَّمَا سَقَطَ اللِّعَانُ لِمَعْنًى مِنْ جِهَتِهِ وَهُوَ أَنَّهُ عَلَى صِفَةٍ لَا يَصِحُّ مِنْهُ اللِّعَانُ وَلَوْ كَانَ الزَّوْجُ صَبِيًّا أَوْ مَجْنُونًا فَلَا حَدَّ وَلَا لِعَانَ وَإِنْ كَانَتْ الْمَرْأَةُ عَلَى صِفَةِ الِالْتِعَانِ؛ لِأَنَّ قَذْفَ الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ لَيْسَ بِصَحِيحٍ وَلَوْ كَانَ الزَّوْجُ حُرًّا عَاقِلًا بَالِغًا مُسْلِمًا غَيْرَ مَحْدُودٍ فِي قَذْفٍ وَالزَّوْجَةُ لَا بِصِفَةِ الِالْتِعَانِ بِأَنْ كَانَتْ كَافِرَةً أَوْ مَمْلُوكَةً أَوْ صَبِيَّةً أَوْ مَجْنُونَةً أَوْ زَانِيَةً فَلَا حَدَّ عَلَى الزَّوْجِ وَلَا لِعَانَ؛ لِأَنَّ قَذْفَهَا لَيْسَ بِقَذْفٍ صَحِيحٍ.
أَلَا تَرَى أَنَّ أَجْنَبِيًّا لَوْ قَذَفَهَا لَا يُحَدُّ وَلَوْ كَانَتْ الْمَرْأَةُ مُسْلِمَةً حُرَّةً عَاقِلَةً عَفِيفَةً إلَّا أَنَّهَا مَحْدُودَةٌ فِي الْقَذْفِ فَلَا حَدَّ وَلَا لِعَانَ؛ لِأَنَّ الْقَذْفَ وَإِنْ كَانَ صَحِيحًا لَكِنَّ سُقُوطَ اللِّعَانِ لِمَعْنًى مِنْ جَانِبِهَا وَهُوَ أَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ أَهْلِ الشَّهَادَةِ فَلَا يَجِبُ اللِّعَانُ وَلَا الْحَدُّ كَمَا لَوْ صَدَّقَتْهُ وَإِنْ كَانَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الزَّوْجَيْنِ مَحْدُودًا فِي قَذْفٍ فَقَذَفَهَا فَعَلَيْهِ الْحَدُّ؛ لِأَنَّ الْقَذْفَ صَحِيحٌ وَسُقُوطُ اللِّعَانِ لِمَعْنًى فِي الزَّوْجِ وَلَا يُقَالُ: إنَّهُ سَقَطَ لِمَعْنًى فِي الْمَرْأَةِ بِدَلِيلِ أَنَّ الزَّوْجَ لَوْ لَمْ يَكُنْ مَحْدُودًا وَالْمَرْأَةُ مَحْدُودَةٌ لَا يَجِبُ اللِّعَانُ لِاعْتِبَارِ جَانِبِهَا.
وَإِنْ كَانَ السُّقُوطُ لِمَعْنًى مِنْ جَانِبِهَا فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَجِبَ اللِّعَانُ وَلَا الْحَدُّ؛ لِأَنَّا نَقُولُ: الْقَذْفُ الصَّحِيحُ إنَّمَا تُعْتَبَرُ فِيهِ صِفَاتُ الْمَرْأَةِ إذَا كَانَ الزَّوْجُ مِنْ أَهْلِ اللِّعَانِ، فَأَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ مِنْ أَهْلِ اللِّعَانِ لَا تُعْتَبَرُ وَإِنَّمَا تُعْتَبَرُ صِفَاتُ الزَّوْجِ فَيُعْتَبَرُ الْمَانِعُ بِمَا فِيهِ لَا بِمَا فِيهَا فَكَانَ سُقُوطُ اللِّعَانِ لِمَعْنًى فِي الزَّوْجِ بَعْدَ صِحَّةِ الْقَذْفِ فَيُحَدُّ وَاَللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ أَعْلَمُ.

[فَصْلٌ فِي حُكْمُ اللِّعَانِ]
(فَصْلٌ) :
وَأَمَّا حُكْمُ اللِّعَانِ فَالْكَلَامُ فِي هَذَا الْفَصْلِ فِي مَوْضِعَيْنِ: أَحَدُهُمَا فِي بَيَانِ حُكْمِ اللِّعَانِ، وَالثَّانِي فِي بَيَانِ مَا يُبْطِلُ حُكْمَهُ.
أَمَّا بَيَانُ حُكْمِ اللِّعَانِ فَلِلِّعَانِ حُكْمَانِ: أَحَدُهُمَا أَصْلِيٌّ، وَالْآخَرُ لَيْسَ بِأَصْلِيٍّ.
أَمَّا الْحُكْمُ الْأَصْلِيُّ لِلِّعَانِ فَنَذْكُرُ أَصْلَ الْحُكْمِ وَوَصْفَهُ أَمَّا الْأَوَّلُ فَنَقُولُ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِيهِ قَالَ أَصْحَابُنَا الثَّلَاثَةُ: هُوَ وُجُوبُ التَّفْرِيقِ مَا دَامَا عَلَى حَالِ اللِّعَانِ لَا وُقُوعِ الْفُرْقَةِ بِنَفْسِ اللِّعَانِ مِنْ غَيْرِ تَفْرِيقِ الْحَاكِمِ حَتَّى يَجُوزَ طَلَاقُ الزَّوْجِ وَظِهَارُهُ وَإِيلَاؤُهُ وَيَجْرِي التَّوَارُثُ بَيْنَهُمَا قَبْلَ التَّفْرِيقِ وَقَالَ زُفَرُ وَالشَّافِعِيُّ: هُوَ وُقُوعُ الْفُرْقَةِ بِنَفْسِ اللِّعَانِ إلَّا أَنَّ عِنْدَ زُفَرَ لَا تَقَعُ الْفُرْقَةُ مَا لَمْ يَلْتَعِنَا، وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ تَقَعُ الْفُرْقَةُ بِلِعَانِ الزَّوْجِ قَبْلَ أَنْ تَلْتَعِنَ الْمَرْأَةُ.
وَجْهُ قَوْلِ الشَّافِعِيِّ أَنَّ الْفُرْقَةَ أَمْرٌ يَخْتَصُّ بِالزَّوْجِ.
أَلَا تَرَى أَنَّهُ هُوَ الْمُخْتَصُّ بِسَبَبِ الْفُرْقَةِ؟ فَلَا يَقِفُ وُقُوعُهَا عَلَى فِعْلِ الْمَرْأَةِ كَالطَّلَاقِ، وَاحْتَجَّ زُفَرُ بِمَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: «الْمُتَلَاعِنَانِ لَا يَجْتَمِعَانِ أَبَدًا» وَفِي بَقَاءِ النِّكَاحِ اجْتِمَاعُهُمَا وَهُوَ خِلَافُ النَّصِّ.
وَلَنَا مَا رَوَى نَافِعٌ عَنْ ابْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - «أَنَّ رَجُلًا لَاعَنَ امْرَأَتَهُ فِي زَمَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَانْتَفَى مِنْ وَلَدِهَا فَفَرَّقَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَيْنَهُمَا وَأَلْحَقَ الْوَلَدَ بِالْمَرْأَةِ» .
وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمَّا لَاعَنَ بَيْنَ عَاصِمِ بْنِ عَدِيٍّ

نام کتاب : بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع نویسنده : الكاساني، علاء الدين    جلد : 3  صفحه : 244
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست