responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع نویسنده : الكاساني، علاء الدين    جلد : 3  صفحه : 230
[فَصْلٌ فِي شَرَائِط رُكْن الظِّهَار وبعضها يرجع إلَى الْمُظَاهِر]
فَصْلٌ) :
وَأَمَّا الشَّرَائِطُ فَأَنْوَاعٌ بَعْضُهَا يَرْجِعُ إلَى الْمُظَاهِرِ وَبَعْضُهَا يَرْجِعُ إلَى الْمُظَاهَرِ مِنْهُ وَبَعْضُهَا يَرْجِعُ إلَى الْمُظَاهَرِ بِهِ.
أَمَّا الَّذِي يَرْجِعُ إلَى الْمَظَاهِرِ فَأَنْوَاعٌ: مِنْهَا أَنْ يَكُونَ عَاقِلًا إمَّا حَقِيقَةً أَوْ تَقْدِيرًا فَلَا يَصِحُّ ظِهَارُ الْمَجْنُونِ وَالصَّبِيِّ الَّذِي لَا يَعْقِلُ؛ لِأَنَّ حُكْمَ الْحُرْمَةِ وَخِطَابَ التَّحْرِيمِ لَا يَتَنَاوَلُ مَنْ لَا يَعْقِلُ.
وَمِنْهَا أَنْ لَا يَكُونَ مَعْتُوهًا وَلَا مَدْهُوشًا وَلَا مُبَرْسَمًا وَلَا مُغْمًى عَلَيْهِ وَلَا نَائِمًا فَلَا يَصِحُّ ظِهَارُ هَؤُلَاءِ كَمَا لَا يَصِحُّ طَلَاقُهُمْ، وَظِهَارُ السَّكْرَانِ كَطَلَاقِهِ وَهُوَ عَلَى التَّفْصِيلِ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ فِي كِتَابِ الطَّلَاقِ
وَمِنْهَا أَنْ يَكُونَ بَالِغًا فَلَا يَصِحُّ ظِهَارُ الصَّبِيِّ وَإِنْ كَانَ عَاقِلًا؛ لِمَا مَرَّ فِي ظِهَارِ الْمَجْنُونِ وَلِأَنَّ الظِّهَارَ مِنْ التَّصَرُّفَاتِ الضَّارَّةِ الْمَحْضَةِ فَلَا يَمْلِكُهُ الصَّبِيُّ كَمَا لَا يَمْلِكُ الطَّلَاقَ وَالْعَتَاقَ وَغَيْرَهُمَا مِنْ التَّصَرُّفَاتِ الَّتِي هِيَ ضَارَّةٌ مَحْضَةٌ، وَمِنْهَا أَنْ يَكُونُ مُسْلِمًا فَلَا يَصِحُّ ظِهَارُ الذِّمِّيِّ وَهَذَا عِنْدَنَا، عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إسْلَامُ الْمُظَاهِرِ لَيْسَ بِشَرْطٍ لِصِحَّةِ ظِهَارِهِ وَيَصِحُّ ظِهَارُ الذِّمِّيِّ وَاحْتَجَّ بِعُمُومِ قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ {وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ} [المجادلة: 3] مِنْ غَيْرِ فَصْلٍ بَيْنَ الْمُسْلِمِ وَالْكَافِرِ وَلِأَنَّ الْكَافِرَ مِنْ أَهْلِ الظِّهَارِ؛ لِأَنَّ حُكْمَهُ الْحُرْمَةُ، وَالْكُفَّارُ مُخَاطَبُونَ بِشَرَائِعَ هِيَ حُرُمَاتٌ، وَلِهَذَا كَانَ أَهْلًا لِلطَّلَاقِ فَكَذَا لِلظِّهَارِ.
وَلَنَا أَنَّ عُمُومَاتِ النِّكَاحِ لَا تَقْتَضِي حِلَّ وَطْءِ الزَّوْجَاتِ عَلَى الْأَزْوَاجِ نَحْوُ قَوْله تَعَالَى {وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ} [المؤمنون: 5] {إِلا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ} [المؤمنون: 6] وَقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ} [البقرة: 223] .
وَالظِّهَارُ لَا يُوجِبُ زَوَالَ النِّكَاحِ وَالزَّوْجِيَّةِ؛ لِأَنَّ لَفْظَ الظِّهَارِ لَا يُنْبِئُ عَنْهُ وَلِهَذَا لَا يَحْتَاجُ إلَى تَجْدِيدِ النِّكَاحِ بَعْدَ الْكَفَّارَةِ؛ لِأَنَّ الْمُسْلِمَ صَارَ مَخْصُوصًا، فَمَنْ ادَّعَى تَخْصِيصَ الذِّمِّيِّ يَحْتَاجُ إلَى الدَّلِيلِ؛ وَلِأَنَّ حُكْمَ الظِّهَارِ حُرْمَةٌ مُؤَقَّتَةٌ بِالْكَفَّارَةِ أَوْ بِتَحْرِيرٍ يَخْلُفُهُ الصَّوْمُ وَالْكَافِرُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ هَذَا الْحُكْمِ فَلَا يَكُونُ مِنْ أَهْلِ الظِّهَارِ وَقَدْ خَرَجَ الْجَوَابُ عَمَّا ذَكَرَهُ مِنْ الْمَعْنَى وَأَمَّا آيَةُ الظِّهَارِ فَإِنَّهَا تَتَنَاوَلُ الْمُسْلِمَ لِدَلَائِلَ: أَحَدُهَا أَنَّ أَوَّلَ الْآيَةِ خَاصٌّ فِي حَقِّ الْمُسْلِمِينَ وَهُوَ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ {الَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْكُمْ} [المجادلة: 2] فَقَوْلُهُ تَعَالَى (مِنْكُمْ) كِنَايَةٌ عَنْ الْمُسْلِمِينَ.
أَلَا تَرَى إلَى قَوْلِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى {إِنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ} [النحل: 18] ؟ وَالْكَافِرُ غَيْرُ جَائِزِ الْمَغْفِرَةِ.
وقَوْله تَعَالَى {وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ} [المجادلة: 3] بِنَاءً عَلَى الْأَوَّلِ، وَالثَّانِي أَنَّ فِيهَا أَمْرًا بِتَحْرِيرٍ يَخْلُفُهُ الصِّيَامُ إذَا لَمْ يَجِدْ الرَّقَبَةَ وَالصِّيَامُ يَخْلُفُهُ الطَّعَامُ إذَا لَمْ يَسْتَطِعْ وَكُلُّ ذَلِكَ لَا يُتَصَوَّرُ إلَّا فِي حَقِّ الْمُسْلِمِ، وَالثَّالِثُ أَنَّ الْمُسْلِمَ مُرَادٌ مِنْ هَذِهِ الْآيَةِ بِلَا شَكٍّ، وَالْمَذْهَبُ عِنْدَنَا أَنَّ الْعَامَّ يُبْنَى عَلَى الْخَاصِّ وَمَتَى بُنِيَ الْعَامُّ عَلَى الْخَاصِّ خَرَجَ الْمُسْلِمُ مِنْ عُمُومِ الْآيَةِ وَلَمْ يَقُلْ بِهِ أَحَدٌ.
وَأَمَّا كَوْنُهُ حُرًّا فَلَيْسَ بِشَرْطٍ لِصِحَّةِ الظِّهَارِ فَيَصِحُّ ظِهَارُ الْعَبْدِ؛ لِأَنَّ الظِّهَارَ تَحْرِيمٌ وَالْعَبْدُ مِنْ أَهْلِ التَّحْرِيمِ.
أَلَا تَرَى أَنَّهُ يَمْلِكُ التَّحْرِيمَ بِالطَّلَاقِ؟ فَكَذَا بِالظِّهَارِ وَلِعُمُومِ قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ {وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ} [المجادلة: 3] فَإِنْ قِيلَ هَذِهِ الْآيَةُ لَا تَتَنَاوَلُ الْعَبْدَ؛ لِأَنَّهُ جَعَلَ حُكْمَ الظِّهَارِ التَّحْرِيرَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ} [المجادلة: 3] وَالْعَبْدُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ التَّحْرِيرِ فَلَا يَكُونُ مِنْ أَهْلِ حُكْمِ الظِّهَارِ فَلَا يَكُونُ مِنْ أَهْلِ الظِّهَارِ فَلَا يَتَنَاوَلُهُ نَصُّ الظِّهَارِ فَالْجَوَابُ أَنَّهُ مَمْنُوعٌ، أَنَّهُ جَعَلَ حُكْمَ الظِّهَارِ التَّحْرِيرَ عَلَى الْإِطْلَاقِ بَلْ جَعَلَ حُكْمَهُ فِي حَقِّ مَنْ وَجَدَ فَأَمَّا فِي حَقِّ مَنْ لَمْ يَجِدْ فَإِنَّمَا جَعَلَ حُكْمَهُ الصِّيَامَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ} [المجادلة: 4] وَالْعَبْدُ غَيْرُ وَاجِدٍ؛ لِأَنَّهُ لَا يَكُونُ وَاجِدًا إلَّا بِالْمِلْكِ، وَالْعَبْدُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الْمِلْكِ فَلَا يَكُونُ وَاجِدًا فَلَا يَكُونُ الْإِعْتَاقُ حُكْمَ الظِّهَارِ فِي حَقِّهِ إذْ لَا عِتْقَ فِيمَا لَا يَمْلِكُهُ ابْنُ آدَمَ عَلَى لِسَانِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَلَا يَجُوزُ لَهُ التَّكْفِيرُ بِالْإِعْتَاقِ وَكَذَا بِالْإِطْعَامِ إذْ الْإِطْعَامُ عَلَى وَجْهِ التَّمْلِيكِ أَوْ الْإِبَاحَةِ، وَالْإِبَاحَةُ لَا تَتَحَقَّقُ بِدُونِ الْمِلْكِ.
وَلَوْ كَفَّرَ الْعَبْدُ بِهِمَا بِإِذْنِ مَوْلَاهُ أَوْ الْمَوْلَى كَفَّرَ عَنْهُ بِهِمَا لَمْ يَجُزْ؛ لِأَنَّ الْمِلْكَ لَمْ يَثْبُتْ لَهُ فَلَا يَقَعُ الْإِعْتَاقُ وَالْإِطْعَامُ عَنْهُ بِخِلَافِ الْفَقِيرِ إذَا أَعْتَقَ عَنْهُ غَيْرُهُ أَوْ أَطْعَمَ فَإِنَّهُ يَجُوزُ؛ لِأَنَّ الْفَقِيرَ مِنْ أَهْلِ الْمِلْكِ فَثَبَتَ الْمِلْكُ لَهُ أَوَّلًا ثُمَّ يُؤَدَّى عَنْهُ بِطَرِيقِ النِّيَابَةِ، وَالْعَبْدُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الْمِلْكِ فَلَا يَمْلِكُ الْمُؤَدَّى فَلَا يَجْزِيهِ فِي الْكَفَّارَةِ إلَّا الصِّيَامُ وَلَيْسَ لِمَوْلَاهُ أَنْ يَمْنَعَهُ مِنْ صِيَامِ الظِّهَارِ بِخِلَافِ صِيَامِ النَّذْرِ وَكَفَّارَةِ الْيَمِينِ؛ لِأَنَّ لِلْمَوْلَى أَنْ يَمْنَعَهُ عَنْ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ صَوْمَ الظِّهَارِ قَدْ تَعَلَّقَ بِهِ حَقُّ الْمَرْأَةِ؛ لِأَنَّهُ يَتَعَلَّقُ بِهِ اسْتِبَاحَةُ وَطْئِهَا الَّذِي اسْتَحَقَّهُ بِعَقْدِ النِّكَاحِ فَكَانَ مَنْعُهُ إيَّاهَا عَنْ الصِّيَامِ مَنْعًا لَهُ عَنْ إيفَاءِ حَقٍّ مُسْتَحَقٍّ لِلْغَيْرِ فَلَا يَمْلِكُ ذَلِكَ بِخِلَافِ صَوْمِ النَّذْرِ وَكَفَّارَةِ الْيَمِينِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِ حَقُّ أَحَدٍ فَكَانَ الْعَبْدُ بِالصَّوْمِ مُتَصَرِّفًا فِي الْمَنَافِعِ الْمَمْلُوكَةِ لِمَوْلَاهُ مِنْ غَيْرِ إذْنِهِ لَا حَقَّ لِأَحَدٍ فِيهِ فَكَانَ لَهُ مَنْعُهُ عَنْ ذَلِكَ سَوَاءٌ

نام کتاب : بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع نویسنده : الكاساني، علاء الدين    جلد : 3  صفحه : 230
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست