responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع نویسنده : الكاساني، علاء الدين    جلد : 3  صفحه : 228
فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ حَتَّى لَا تَطْلُقَ زَوْجَتُهُ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ يَصِحُّ وَتَطْلُقُ زَوْجَتُهُ.
وَجْهُ قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ أَنَّ الرَّجُلَ لَا يَحْتَمِلُ الطَّلَاقَ أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ أَنَا مِنْكِ طَالِقٌ لَمْ يَصِحَّ فَصَارَ كَمَا إذَا جَمَعَ بَيْنَ امْرَأَتِهِ وَبَيْنَ حَجَرٍ أَوْ بَهِيمَةٍ وَقَالَ إحْدَاكُمَا طَالِقٌ.
وَلِأَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ الرَّجُلَ يَحْتَمِلُ الطَّلَاقَ فِي الْجُمْلَةِ.
أَلَا تَرَى أَنَّهُ يَحْتَمِلُ الْبَيْنُونَةَ حَتَّى لَوْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ أَنَا مِنْكِ بَائِنٌ وَنَوَى الطَّلَاقَ يَصِحُّ وَالْإِبَانَةُ مِنْ أَلْفَاظِ الطَّلَاقِ فَإِنَّ الطَّلَاقَ نَوْعَانِ رَجْعِيٌّ وَبَائِنٌ، وَإِذَا كَانَ مُحْتَمِلًا لِلطَّلَاقِ فِي الْجُمْلَةِ حُمِلَ كَلَامُهُ عَلَى الْإِخْبَارِ كَمَا إذَا جَمَعَ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ أَجْنَبِيَّةٍ وَقَالَ إحْدَاكُمَا طَالِقٌ.
وَلَوْ جَمَعَ بَيْنَ امْرَأَتِهِ وَبَيْنَ امْرَأَةٍ مَيِّتَةٍ فَقَالَ أَنْتِ طَالِقٌ أَوْ هَذِهِ وَأَشَارَ إلَى الْمَيِّتَةِ لَمْ تَصِحَّ الْإِضَافَةُ بِالْإِجْمَاعِ حَتَّى لَا تَطْلُقَ زَوْجَتُهُ الْحَيَّةُ؛ لِأَنَّ الْمَيِّتَةَ مِنْ جِنْسِ مَا يَحْتَمِلُ الطَّلَاقَ وَقَدْ كَانَتْ مُحْتَمِلَةً لِلطَّلَاقِ قَبْلَ مَوْتِهَا فَصَارَ كَمَا لَوْ جَمَعَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ أَجْنَبِيَّةٍ وَاَللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ الْمُوَفِّقُ.

وَأَمَّا الْجَهَالَةُ الطَّارِئَةُ فَهِيَ أَنْ يَكُونَ الطَّلَاقُ مُضَافًا إلَى مَعْلُومَةٍ ثُمَّ تُجْهَلُ كَمَا إذَا طَلَّقَ الرَّجُلُ امْرَأَةً بِعَيْنِهَا مِنْ نِسَائِهِ ثَلَاثًا ثُمَّ نَسِيَ الْمُطَلَّقَةَ، وَالْكَلَامُ فِي هَذَا الْفَصْلِ فِي مَوْضِعَيْنِ أَيْضًا أَحَدُهُمَا فِي.
بَيَانِ كَيْفِيَّةِ هَذَا التَّصَرُّفِ وَالثَّانِي فِي بَيَانِ أَحْكَامِهِ: أَمَّا الْأَوَّلُ فَلَا خِلَافَ فِي أَنَّ الْوَاحِدَةَ مِنْهُنَّ طَالِقٌ قَبْلَ الْبَيَانِ؛ لِأَنَّهُ أَضَافَ الطَّلَاقَ إلَى مُعَيَّنَةٍ وَإِنَّمَا طَرَأَتْ الْجَهَالَةُ بَعْدَ ذَلِكَ وَالْمُعَيَّنَةُ مَحَلٌّ لِوُقُوعِ الطَّلَاقِ فَيَكُونُ الْبَيَانُ هَهُنَا إظْهَارًا أَوْ تَعْيِينًا لِمَنْ وَقَعَ عَلَيْهَا الطَّلَاقُ.
وَأَمَّا الْأَحْكَامُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِهِ فَنَوْعَانِ أَيْضًا عَلَى مَا مَرَّ أَمَّا الَّذِي يَتَعَلَّقُ بِهِ فِي حَالِ حَيَاةِ الزَّوْجِ فَهُوَ أَنَّهُ لَا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَطَأَ وَاحِدَةً مِنْهُنَّ حَتَّى يَعْلَمَ الَّتِي طَلَّقَ فَيَجْتَنِبَهَا؛ لِأَنَّ إحْدَاهُنَّ مُحَرَّمَةٌ بِيَقِينٍ وَكُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا يُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ هِيَ الْمُحَرَّمَةُ فَلَوْ وَطِئَ وَاحِدَةً مِنْهُمَا وَهُوَ لَا يَعْلَمُ بِالْمُحَرَّمَةِ فَرُبَّمَا وَطِئَ الْمُحَرَّمَةَ.
وَالْأَصْلُ فِيهِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ لِوَابِصَةَ بْنِ مَعْبَدٍ: «الْحَلَالُ بَيِّنٌ وَالْحَرَامُ بَيِّنٌ وَبَيْنَهُمَا أُمُورٌ مُشْتَبِهَاتٌ فَدَعْ مَا يَرِيبُكَ إلَى مَا لَا يَرِيبُكَ» وَلَا يَجُوزُ أَنْ تَطْلُقَ وَاحِدَةٌ مِنْهُنَّ بِالتَّحَرِّي وَالْأَصْلُ فِيهِ أَنَّ كُلَّ مَا لَا يُبَاحُ عِنْدَ الضَّرُورَةِ لَا يَجُوزُ فِيهِ التَّحَرِّي، وَالْفَرْجُ لَا يُبَاحُ عِنْدَ الضَّرُورَةِ فَلَا يَجُوزُ فِيهِ التَّحَرِّي بِخِلَافِ الذَّكِيَّةِ إذَا اخْتَلَطَتْ بِالْمَيِّتَةِ أَنَّهُ يَجُوزُ التَّحَرِّي فِي الْجُمْلَةِ وَهِيَ مَا إذَا كَانَتْ الْغَلَبَةُ لِلذَّكِيَّةِ عِنْدَنَا؛ لِأَنَّ الْمَيِّتَةَ مِمَّا تُبَاحُ عِنْدَ الضَّرُورَةِ فَإِنْ جَحَدَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ أَنْ تَكُونَ الْمُطَلَّقَةَ فَاسْتَعْدَيْنَ عَلَيْهِ الْحَاكِمَ فِي النَّفَقَةِ وَالْجِمَاعِ أَعْدَى عَلَيْهِ وَحَبَسَهُ عَلَى بَيَانِ الَّتِي طَلَّقَ مِنْهُنَّ وَأَلْزَمَهُ النَّفَقَةَ لَهُنَّ؛ لِأَنَّ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ حَقَّ الْمُطَالَبَةِ بِحُقُوقِ النِّكَاحِ، وَمَنْ عَلَيْهِ الْحَقُّ إذَا امْتَنَعَ مِنْ الْإِيفَاءِ مَعَ قُدْرَتِهِ عَلَيْهِ يُحْبَسُ كَمَنْ امْتَنَعَ مِنْ قَضَاءِ دَيْنٍ عَلَيْهِ وَهُوَ قَادِرٌ عَلَى قَضَائِهِ فَيَحْبِسُهُ الْحَاكِمُ وَيَقْضِي بِنَفَقَتِهِنَّ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ النَّفَقَةَ مِنْ حُقُوقِ النِّكَاحِ فَإِنْ ادَّعَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ أَنَّهَا هِيَ الْمُطَلَّقَةُ وَلَا بَيِّنَةَ لَهَا وَجَحَدَ الزَّوْجُ فَعَلَيْهِ الْيَمِينُ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ؛ لِأَنَّ الِاسْتِخْلَافَ لِلنُّكُولِ.
وَالنُّكُولُ بَذْلٌ أَوْ إقْرَارٌ، وَالطَّلَاقُ يَحْتَمِلُ الْبَذْلَ وَالْإِقْرَارَ فَيُسْتَحْلَفُ فِيهِ فَإِنْ أَبَى أَنْ يَحْلِفَ فَرَّقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُنَّ؛ لِأَنَّهُ بَذَلَ الطَّلَاقَ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ أَوْ أَقَرَّ بِهِ وَالطَّلَاقُ يَحْتَمِلُ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ، وَإِنْ حَلَفَ لَهُنَّ لَا يَسْقُطُ عَنْهُ الْبَيَانُ بَلْ لَا بُدَّ أَنْ يُبَيِّنَ؛ لِأَنَّ الطَّلَاقَ لَا يَرْتَفِعُ بِالْيَمِينِ فَبَقِيَ عَلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ فَيُؤْخَذُ بِالْبَيَانِ.
وَرَوَى ابْنُ سِمَاعَةَ عَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ قَالَ إذَا كَانَتَا امْرَأَتَيْنِ فَحَلَفَ لِلْأُولَى طَلُقَتْ الَّتِي لَمْ يَحْلِفْ لَهَا؛ لِأَنَّهُ لَمَّا أَنْكَرَ لِلْأُولَى أَنْ تَكُونَ مُطَلَّقَةً تَعَيَّنَتْ الْأُخْرَى لِلطَّلَاقِ ضَرُورَةً وَإِنْ لَمْ يَحْلِفْ لِلْأُولَى طَلُقَتْ؛ لِأَنَّهُ بِالنُّكُولِ بَذَلَ الطَّلَاقَ لَهَا أَوْ أَقَرَّ بِهِ فَإِنْ تَشَاحَنَا عَلَى الْيَمِينِ حَلَفَ لَهُمَا جَمِيعًا بِاَللَّهِ تَعَالَى مَا طَلَّقَ وَاحِدَةً مِنْهُمَا؛ لِأَنَّهُمَا اسْتَوَيَا فِي الدَّعْوَى وَيُمْكِنُ إيفَاءُ حَقِّهِمَا فِي الْحَلِفِ فَيَحْلِفُ لَهُمَا جَمِيعًا فَإِنْ حَلَفَ لَهُمَا جَمِيعًا حُجِبَ عَنْهُمَا حَتَّى يُبَيِّنَ؛ لِأَنَّ إحْدَاهُمَا قَدْ بَقِيَتْ مُطَلَّقَةً بَعْدَ الْحَلِفِ إذْ الطَّلَاقُ لَا يَرْتَفِعُ بِالْيَمِينِ فَكَانَتْ إحْدَاهُمَا مُحَرَّمَةً فَلَا يُمَكَّنُ مِنْهَا إلَى أَنْ يُبَيِّنَ فَإِنْ وَطِئَ إحْدَاهُمَا فَالَّتِي لَمْ يَطَأْهَا مُطَلَّقَةٌ؛ لِأَنَّ فِعْلَهُ مَحْمُولٌ عَلَى الْجَوَازِ، وَلَا يَجُوزُ إلَّا بِالْبَيَانِ فَكَانَ الْوَطْءُ بَيَانًا أَنَّ الْمَوْطُوءَةَ مَنْكُوحَةٌ فَتَعَيَّنَتْ الْأُخْرَى لِلطَّلَاقِ ضَرُورَةَ انْتِفَاءِ الْمُزَاحِمِ، كَمَا لَوْ قَالَ إحْدَاكُمَا طَالِقٌ ثُمَّ وَطِئَ إحْدَاهُمَا.
وَإِذَا طَلَّقَ وَاحِدَةً مِنْ نِسَائِهِ بِعَيْنِهَا فَنَسِيَهَا وَلَمْ يَتَذَكَّرْ فَيَنْبَغِي فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى أَنْ يُطَلِّقَ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ تَطْلِيقَةً رَجْعِيَّةً وَيَتْرُكَهَا حَتَّى تَنْقَضِيَ عِدَّتُهَا فَتَبِينَ؛ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُمْسِكَهُنَّ فَيَقْرَبَهُنَّ جَمِيعًا؛ لِأَنَّ إحْدَاهُنَّ مُحَرَّمَةٌ بِيَقِينٍ، وَلَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَطَأَ وَاحِدَةً مِنْهُنَّ بِالتَّحَرِّي؛ لِأَنَّهُ لَا مَدْخَلَ لِلتَّحَرِّي فِي الْفَرْجِ، وَلَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَتْرُكَهُنَّ بِغَيْرِ بَيَانٍ لِمَا فِيهِ مِنْ الْإِضْرَارِ بِهِنَّ بِإِبْطَالِ حُقُوقِهِنَّ مِنْ هَذَا الزَّوْجِ وَمَنْ غَيْرِهِ

نام کتاب : بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع نویسنده : الكاساني، علاء الدين    جلد : 3  صفحه : 228
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست