responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع نویسنده : الكاساني، علاء الدين    جلد : 3  صفحه : 205
وَصَرَّحَ بِهِ، وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - أَنَّهُ قَالَ: التَّعْرِيضُ بِالْخِطْبَةِ أَنْ يَقُولَ لَهَا: أُرِيدُ أَنْ أَتَزَوَّجَ امْرَأَةً مِنْ أَمْرِهَا كَذَا وَكَذَا يُعَرِّضُ لَهَا بِالْقَوْلِ، وَاَللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ أَعْلَمُ.

وَمِنْهَا حُرْمَةُ الْخُرُوجِ مِنْ الْبَيْتِ لِبَعْضِ الْمُعْتَدَّاتِ دُونَ بَعْضٍ، وَجُمْلَةُ الْكَلَامِ فِي هَذَا الْحُكْمِ أَنَّ الْمُعْتَدَّةَ لَا يَخْلُو إمَّا أَنْ تَكُونَ مُعْتَدَّةً مِنْ نِكَاحٍ صَحِيحٍ وَإِمَّا أَنْ تَكُونَ مُعْتَدَّةً مِنْ نِكَاحٍ فَاسِدٍ، وَلَا يَخْلُو إمَّا أَنْ تَكُونَ حُرَّةً وَإِمَّا أَنْ تَكُونَ أَمَةً بَالِغَةً أَوْ صَغِيرَةً عَاقِلَةً أَوْ مَجْنُونَةً مُسْلِمَةً أَوْ كِتَابِيَّةً مُطَلَّقَةً أَوْ مُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا، وَالْحَالُ حَالُ الِاخْتِيَارِ أَوْ حَالُ الِاضْطِرَارِ: فَإِنْ كَانَتْ مُعْتَدَّةً مِنْ نِكَاحٍ صَحِيحٍ وَهِيَ حُرَّةٌ مُطَلَّقَةٌ بَالِغَةٌ عَاقِلَةٌ مُسْلِمَةٌ وَالْحَالُ حَالُ الِاخْتِيَارِ فَإِنَّهَا لَا تَخْرُجُ لَيْلًا وَلَا نَهَارًا سَوَاءٌ كَانَ الطَّلَاقُ ثَلَاثًا أَوْ بَائِنًا أَوْ رَجْعِيًّا أَمَّا فِي الطَّلَاقِ الرَّجْعِيِّ فَلِقَوْلِهِ تَعَالَى {لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلا يَخْرُجْنَ إِلا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ} [الطلاق: 1] قِيلَ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ {إِلا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ} [الطلاق: 1] إلَّا أَنْ تَزْنِيَ فَتَخْرُجَ لِإِقَامَةِ الْحَدِّ عَلَيْهَا، وَقِيلَ: الْفَاحِشَةُ هِيَ الْخُرُوجُ نَفْسُهُ أَيْ إلَّا أَنْ يَخْرُجْنَ فَيَكُونَ خُرُوجُهُنَّ فَاحِشَةً، نَهَى اللَّهُ تَعَالَى الْأَزْوَاجَ عَنْ الْإِخْرَاجِ وَالْمُعْتَدَّاتِ عَنْ الْخُرُوجِ وقَوْله تَعَالَى {أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ} [الطلاق: 6] وَالْأَمْرُ بِالْإِسْكَانِ نَهْيٌ عَنْ الْإِخْرَاجِ وَالْخُرُوجِ وَلِأَنَّهَا زَوْجَتُهُ بَعْدَ الطَّلَاقِ الرَّجْعِيِّ لِقِيَامِ مِلْكِ النِّكَاحِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ فَلَا يُبَاحُ لَهَا الْخُرُوجُ كَمَا قَبْلَ الطَّلَاقِ إلَّا أَنَّ بَعْدَ الطَّلَاقِ لَا يُبَاحُ لَهَا الْخُرُوجُ وَإِنْ أُذِنَ لَهَا بِالْخُرُوجِ بِخِلَافِ مَا قَبْلَ الطَّلَاقِ.
لِأَنَّ حُرْمَةَ الْخُرُوجِ بَعْدَ الطَّلَاقِ لِمَكَانِ الْعِدَّةِ وَفِي الْعِدَّةِ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى فَلَا يَمْلِكُ إبْطَالَهُ بِخِلَافِ مَا قَبْلَ الطَّلَاقِ؛ لِأَنَّ الْحُرْمَةَ ثَمَّةَ لِحَقِّ الزَّوْجِ خَاصَّةً فَيَمْلِكُ إبْطَالَ حَقِّ نَفْسِهِ بِالْإِذْنِ بِالْخُرُوجِ، وَلِأَنَّ الزَّوْجَ يَحْتَاجُ إلَى تَحْصِينِ مَائِهِ وَالْمَنْعُ مِنْ الْخُرُوجِ طَرِيقُ التَّحْصِينِ لِلْمَاءِ؛ لِأَنَّ الْخُرُوجَ يُرِيبُ الزَّوْجَ أَنَّهُ وَطِئَهَا غَيْرُهُ فَيَشْتَبِهُ النَّسَبُ إذَا حَبِلَتْ.
وَأَمَّا فِي الطَّلَاقِ الثَّلَاثِ أَوْ الْبَائِنِ فَلِعُمُومِ النَّهْيِ وَمِسَاسِ الْحَاجَةِ إلَى تَحْصِينِ الْمَاءِ عَلَى مَا بَيَّنَّا.
وَأَمَّا الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا فَلَا تَخْرُجُ لَيْلًا وَلَا بَأْسَ بِأَنْ تَخْرُجَ نَهَارًا فِي حَوَائِجِهَا؛ لِأَنَّهَا تَحْتَاجُ إلَى الْخُرُوجِ بِالنَّهَارِ لِاكْتِسَابِ مَا تُنْفِقُهُ؛ لِأَنَّهُ لَا نَفَقَةَ لَهَا مِنْ الزَّوْجِ الْمُتَوَفَّى بَلْ نَفَقَتُهَا عَلَيْهَا فَتَحْتَاجُ إلَى الْخُرُوجِ لِتَحْصِيلِ النَّفَقَةِ، وَلَا تَخْرُجُ بِاللَّيْلِ لِعَدَمِ الْحَاجَةِ إلَى الْخُرُوجِ بِاللَّيْلِ بِخِلَافِ الْمُطَلَّقَةِ فَإِنَّ نَفَقَتَهَا عَلَى الزَّوْجِ فَلَا تَحْتَاجُ إلَى الْخُرُوجِ حَتَّى لَوْ اخْتَلَعَتْ بِنَفَقَةِ عِدَّتِهَا، بَعْضُ مَشَايِخِنَا قَالُوا؛ يُبَاحُ لَهَا الْخُرُوجُ بِالنَّهَارِ لِلِاكْتِسَابِ؛ لِأَنَّهَا بِمَعْنَى الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا، وَبَعْضُهُمْ قَالُوا: لَا يُبَاحُ لَهَا الْخُرُوجُ؛ لِأَنَّهَا هِيَ الَّتِي أَبْطَلَتْ النَّفَقَةَ بِاخْتِيَارِهَا وَالنَّفَقَةُ حَقٌّ لَهَا فَتَقْدِرُ عَلَى إبْطَالِهِ، فَأَمَّا لُزُومُ الْبَيْتِ فَحَقٌّ عَلَيْهَا فَلَا تَمْلِكُ إبْطَالَهُ، وَإِذَا خَرَجَتْ بِالنَّهَارِ فِي حَوَائِجِهَا لَا تَبِيتُ عَنْ مَنْزِلِهَا الَّذِي تَعْتَدُّ فِيهِ، وَالْأَصْلُ فِيهِ مَا رُوِيَ «أَنَّ فُرَيْعَةَ أُخْتَ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لَمَّا قُتِلَ زَوْجُهَا أَتَتْ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَاسْتَأْذَنَتْهُ فِي الِانْتِقَالِ إلَى بَنِي خُدْرَةَ فَقَالَ لَهَا: اُمْكُثِي فِي بَيْتِكِ حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ» وَفِي رِوَايَةٍ «لَمَّا اسْتَأْذَنَتْ أَذِنَ لَهَا ثُمَّ دَعَاهَا فَقَالَ: أَعِيدِي الْمَسْأَلَةَ فَأَعَادَتْ فَقَالَ: لَا، حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ» أَفَادَنَا الْحَدِيثُ حُكْمَيْنِ: إبَاحَةُ الْخُرُوجِ بِالنَّهَارِ، وَحُرْمَةُ الِانْتِقَالِ حَيْثُ لَمْ يُنْكِرْ خُرُوجَهَا وَمَنَعَهَا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ الِانْتِقَالِ، فَدَلَّ عَلَى جَوَازِ الْخُرُوجِ بِالنَّهَارِ مِنْ غَيْرِ انْتِقَالٍ، وَرَوَى عَلْقَمَةُ أَنَّ نِسْوَةً مِنْ هَمْدَانَ نُعِيَ إلَيْهِنَّ أَزْوَاجُهُنَّ فَسَأَلْنَ ابْنَ مَسْعُودٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فَقُلْنَ إنَّا نَسْتَوْحِشُ فَأَمَرَهُنَّ أَنْ يَجْتَمِعْنَ بِالنَّهَارِ فَإِذَا كَانَ اللَّيْلُ فَلْتَرُحْ كُلُّ امْرَأَةٍ إلَى بَيْتِهَا وَرُوِيَ عَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ قَالَ: لَا بَأْسَ أَنْ تَنَامَ عَنْ بَيْتِهَا أَقَلَّ مِنْ نِصْفِ اللَّيْلِ؛ لِأَنَّ الْبَيْتُوتَةَ فِي الْعُرْفِ عِبَارَةٌ عَنْ الْكَوْنِ فِي الْبَيْتِ أَكْثَرَ اللَّيْلِ، فَمَا دُونَهُ لَا يُسَمَّى بَيْتُوتَةً فِي الْعُرْفِ، وَمَنْزِلُهَا الَّذِي تُؤْمَرُ بِالسُّكُونِ فِيهِ لِلِاعْتِدَادِ هُوَ الْمَوْضِعُ الَّذِي كَانَتْ تَسْكُنُهُ قَبْلَ مُفَارَقَةِ زَوْجِهَا وَقَبْلَ مَوْتِهِ سَوَاءٌ كَانَ الزَّوْجُ سَاكِنًا فِيهِ أَوْ لَمْ يَكُنْ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَضَافَ الْبَيْتَ إلَيْهَا بِقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ {لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ} [الطلاق: 1] وَالْبَيْتُ الْمُضَافُ إلَيْهَا هُوَ الَّذِي تَسْكُنُهُ، وَلِهَذَا قَالَ أَصْحَابُنَا إنَّهَا إذَا زَارَتْ أَهْلَهَا فَطَلَّقَهَا زَوْجُهَا كَانَ عَلَيْهَا أَنْ تَعُودَ إلَى مَنْزِلِهَا الَّذِي كَانَتْ تَسْكُنُ فِيهِ فَتَعْتَدَّ ثَمَّةَ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ هُوَ الْمَوْضِعُ الَّذِي يُضَافُ إلَيْهَا وَإِنْ كَانَتْ هِيَ فِي غَيْرِهِ، وَهَذَا فِي حَالَةِ الِاخْتِيَارِ.
وَأَمَّا فِي حَالَةِ الضَّرُورَةِ فَإِنْ اُضْطُرَّتْ إلَى الْخُرُوجِ مِنْ بَيْتِهَا بِأَنْ خَافَتْ سُقُوطَ مَنْزِلِهَا أَوْ خَافَتْ عَلَى مَتَاعِهَا أَوْ كَانَ الْمَنْزِلُ بِأُجْرَةٍ وَلَا تَجِدُ مَا تُؤَدِّيهِ فِي أُجْرَتِهِ فِي عِدَّةِ الْوَفَاةِ فَلَا بَأْسَ عِنْدَ ذَلِكَ أَنْ تَنْتَقِلَ، وَإِنْ كَانَتْ تَقْدِرُ عَلَى الْأُجْرَةِ لَا تَنْتَقِلُ، وَإِنْ كَانَ الْمَنْزِلُ لِزَوْجِهَا وَقَدْ مَاتَ عَنْهَا فَلَهَا أَنْ تَسْكُنَ فِي نَصِيبِهَا إنْ كَانَ

نام کتاب : بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع نویسنده : الكاساني، علاء الدين    جلد : 3  صفحه : 205
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست