responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع نویسنده : الكاساني، علاء الدين    جلد : 3  صفحه : 200
الْأَوَّلِ وَلَا فِي حَقِّ الزَّوْجِ الثَّانِي، وَنِكَاحُ الزَّوْجِ الثَّانِي جَائِزٌ؛ لِأَنَّ إقْدَامَهَا عَلَى التَّزَوُّجِ بَعْدَ مُضِيِّ مُدَّةٍ يَحْتَمِلُ الِانْقِضَاءَ، فِي مِثْلِهَا دَلِيلُ الِانْقِضَاءِ وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ.

[فَصْلٌ فِي بَيَانِ انْتِقَالِ الْعِدَّةِ]
(فَصْلٌ) :
وَأَمَّا بَيَانُ انْتِقَالِ الْعِدَّةِ، وَتَغَيُّرِهَا، أَمَّا انْتِقَالُ الْعِدَّةِ فَضَرْبَانِ: أَحَدُهُمَا: انْتِقَالُهَا مِنْ الْأَشْهُرِ إلَى الْأَقْرَاءِ، وَالثَّانِي: انْتِقَالُهَا مِنْ الْأَقْرَاءِ إلَى الْأَشْهُرِ، أَمَّا الْأَوَّلُ فَنَحْوُ الصَّغِيرَةِ اعْتَدَّتْ بِبَعْضِ الْأَشْهُرِ ثُمَّ رَأَتْ الدَّمَ تَنْتَقِلُ عِدَّتُهَا مِنْ الْأَشْهُرِ إلَى الْأَقْرَاءِ؛ لِأَنَّ الشَّهْرَ فِي حَقِّ الصَّغِيرَةِ بَدَلٌ عَنْ الْأَقْرَاءِ وَقَدْ تَثْبُتُ الْقُدْرَةُ عَلَى الْمُبْدَلِ، وَالْقُدْرَةُ عَلَى الْمُبْدَلِ قَبْلَ حُصُولِ الْمَقْصُودِ بِالْبَدَلِ يُبْطِلُ حُكْمَ الْبَدَلِ كَالْقُدْرَةِ عَلَى الْوُضُوءِ فِي حَقِّ الْمُتَيَمِّمِ، وَنَحْوِ ذَلِكَ، فَيُبْطِلُ حُكْمَ الْأَشْهُرِ فَانْتَقَلَتْ عِدَّتُهَا إلَى الْحَيْضِ، وَكَذَا الْآيِسَةُ إذَا اعْتَدَّتْ بِبَعْضِ الْأَشْهُرِ ثُمَّ رَأَتْ الدَّمَ تَنْتَقِلُ عِدَّتُهَا إلَى الْحَيْضِ، كَذَا ذَكَرَ الْكَرْخِيُّ.
وَذَكَرَ الْقُدُورِيُّ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ أَبُو الْحَسَنِ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ الَّتِي لَمْ يُقَدِّرُوا لِلْإِيَاسِ تَقْدِيرًا بَلْ هُوَ غَالِبٌ عَلَى ظَنِّهَا أَنَّهَا آيِسَةٌ؛ لِأَنَّهَا لَمَّا رَأَتْ الدَّمَ دَلَّ عَلَى أَنَّهَا لَمْ تَكُنْ آيِسَةً، وَأَنَّهَا أَخْطَأَتْ فِي الظَّنِّ، فَلَا يُعْتَدُّ بِالْأَشْهُرِ فِي حَقِّهَا لِمَا ذَكَرْنَا أَنَّهَا بَدَلٌ، فَلَا يُعْتَبَرُ مَعَ وُجُودِ الْأَصْلِ.
وَأَمَّا عَلَى الرِّوَايَةِ الَّتِي وَقَّتُوا لِلْإِيَاسِ وَقْتًا إذَا بَلَغَتْ ذَلِكَ الْوَقْتَ ثُمَّ رَأَتْ بَعْدَهُ الدَّمَ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ الدَّمُ حَيْضًا، كَالدَّمِ الَّذِي تَرَاهُ الصَّغِيرَةُ الَّتِي لَا يَحِيضُ مِثْلُهَا، وَكَذَا ذَكَرَهُ الْجَصَّاصُ أَنَّ ذَلِكَ فِي الَّتِي ظَنَّتْ أَنَّهَا آيِسَةٌ، فَأَمَّا الْآيِسَةُ فَمَا تَرَى مِنْ الدَّمِ لَا يَكُونُ حَيْضًا.
أَلَا تَرَى أَنَّ وُجُودَ الْحَيْضِ مِنْهَا كَانَ مُعْجِزَةَ نَبِيٍّ مِنْ الْأَنْبِيَاءِ - عَلَيْهِمْ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُؤْخَذَ إلَّا عَلَى وَجْهِ الْمُعْجِزَةِ.
كَذَا عَلَّلَ الْجَصَّاصُ.
وَأَمَّا الثَّانِي، وَهُوَ انْتِقَالُ الْعِدَّةِ مِنْ الْأَقْرَاءِ إلَى الْأَشْهُرِ فَنَحْوُ ذَاتِ الْقُرْءِ اعْتَدَّتْ بِحَيْضَةٍ أَوْ حَيْضَتَيْنِ ثُمَّ أَيِسَتْ تَنْتَقِلُ عِدَّتُهَا مِنْ الْحَيْضِ إلَى الْأَشْهُرِ فَتَسْتَقْبِلُ الْعِدَّةَ بِالْأَشْهُرِ؛ لِأَنَّهَا لَمَّا أَيِسَتْ فَقَدْ صَارَتْ عِدَّتُهَا بِالْأَشْهُرِ لِقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ {وَاللائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاثَةُ أَشْهُرٍ} [الطلاق: 4] ، وَالْأَشْهُرُ بَدَلٌ عَنْ الْحَيْضِ فَلَوْ لَمْ تَسْتَقْبِلْ، وَثَبَتَتْ عَلَى الْأَوَّلِ لَصَارَ الشَّيْءُ الْوَاحِدُ أَصْلًا، وَبَدَلًا، وَهَذَا لَا يَجُوزُ، فَإِنْ قِيلَ أَلَيْسَ أَنَّ مَنْ شَرَعَ فِي الصَّلَاةِ بِالْوُضُوءِ ثُمَّ سَبَقَهُ الْحَدَثُ فَلَمْ يَجِدْ مَاءً أَنَّهُ يَتَيَمَّمُ، وَيَبْنِي عَلَى صَلَاتِهِ، وَهَذَا جَمْعٌ بَيْنَ الْبَدَلِ، وَالْمُبْدَلِ فِي صَلَاةٍ وَاحِدَةٍ فَهَلَّا جَازَ ذَلِكَ فِي الْعِدَّةِ؟ فَالْجَوَابُ أَنَّ الْمُمْتَنِعَ كَوْنُ الشَّيْءِ الْوَاحِدِ بَدَلًا، وَأَصْلًا، وَهَهُنَا كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْعِدَّةَ شَيْءٌ وَاحِدٌ، وَفَصْلُ الصَّلَاةِ لَيْسَ مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ جَمْعٌ بَيْنَ الْبَدَلِ، وَالْمُبْدَلِ فِي شَيْءٍ وَاحِدٍ، وَذَلِكَ غَيْرُ مُمْتَنِعٍ فَإِنَّ الْإِنْسَانَ قَدْ يُصَلِّي بَعْضَ صَلَاتِهِ قَائِمًا بِرُكُوعٍ، وَسُجُودٍ، وَبَعْضَهَا بِالْإِيمَاءِ، وَيَكُونُ جَمْعًا بَيْنَ الْبَدَلِ، وَالْمُبْدَلِ فِي صَلَاتِهِ، وَمِنْ هَذَا الْقَبِيلِ إذَا طَلَّقَ امْرَأَتَهُ ثُمَّ مَاتَ فَإِنْ كَانَ الطَّلَاقُ رَجْعِيًّا انْتَقَلَتْ عِدَّتُهَا إلَى عِدَّةِ الْوَفَاةِ سَوَاءٌ طَلَّقَهَا فِي حَالَةِ الْمَرَضِ أَوْ الصِّحَّةِ وَانْهَدَمَتْ عِدَّةُ الطَّلَاقِ، وَعَلَيْهَا أَنْ تَسْتَأْنِفَ عِدَّةَ الْوَفَاةِ فِي قَوْلِهِمْ جَمِيعًا؛ لِأَنَّهَا زَوْجَتُهُ بَعْدَ الطَّلَاقِ إذْ الطَّلَاقُ الرَّجْعِيُّ لَا يُوجِبُ زَوَالَ الزَّوْجِيَّةِ، وَمَوْتُ الزَّوْجِ يُوجِبُ عَلَى زَوْجَتِهِ عِدَّةَ الْوَفَاةِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا} [البقرة: 234] كَمَا لَوْ مَاتَ قَبْلَ الطَّلَاقِ، وَإِنْ كَانَ بَائِنًا أَوْ ثَلَاثًا فَإِنْ لَمْ تَرِثْ بِأَنْ طَلَّقَهَا فِي حَالَةِ الصِّحَّةِ لَا تَنْتَقِلُ عِدَّتُهَا؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَوْجَبَ عِدَّةَ الْوَفَاةِ عَلَى الزَّوْجَاتِ بِقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ} [البقرة: 234] وَقَدْ زَالَتْ الزَّوْجِيَّةُ بِالْإِبَانَةِ، وَالثَّلَاثِ فَتَعَذَّرَ إيجَابُ عِدَّةِ الْوَفَاةِ فَبَقِيَتْ عِدَّةُ الطَّلَاقِ عَلَى حَالِهَا.
وَإِنْ وَرِثَتْ بِأَنْ طَلَّقَهَا فِي حَالَةِ الْمَرَضِ ثُمَّ مَاتَ قَبْلَ أَنْ تَنْقَضِيَ الْعِدَّةُ فَوَرِثَتْ اعْتَدَّتْ بِأَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَعَشْرٍ، فِيهَا ثَلَاثُ حِيَضٍ، حَتَّى أَنَّهَا لَوْ لَمْ تَرَ فِي مُدَّةِ الْأَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ، وَالْعَشْرِ ثَلَاثَ حِيَضٍ تَسْتَكْمِلُ بَعْدَ ذَلِكَ، وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ، وَمُحَمَّدٍ، وَكَذَلِكَ كُلُّ مُعْتَدَّةٍ، وَرِثَتْ.
كَذَا ذَكَرَ الْكَرْخِيُّ، وَعَنَى بِذَلِكَ امْرَأَةَ الْمُرْتَدِّ بِأَنْ ارْتَدَّ زَوْجُهَا بَعْدَمَا دَخَلَ بِهَا، وَوَجَبَتْ عَلَيْهَا الْعِدَّةُ ثُمَّ مَاتَ أَوْ قُتِلَ، وَوَرِثَتْهُ.
وَذَكَرَ الْقُدُورِيُّ فِي امْرَأَةِ الْمُرْتَدِّ رِوَايَتَيْنِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ.
وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ لَيْسَ عَلَيْهَا إلَّا ثَلَاثُ حِيَضٍ.
وَجْهُ قَوْلِهِ مَا ذَكَرْنَا أَنَّ الشَّرْعَ إنَّمَا أَوْجَبَ عِدَّةَ الْوَفَاةِ عَلَى الزَّوْجَاتِ وَقَدْ بَطَلَتْ الزَّوْجِيَّةُ بِالطَّلَاقِ الْبَائِنِ إلَّا أَنَّا بَقَّيْنَاهَا فِي حَقِّ الْإِرْثِ خَاصَّةً لِتُهْمَةِ الْفِرَارِ مِمَّنْ ادَّعَى بَقَاءَهَا فِي حَقِّ وُجُوبِ عِدَّةِ الْوَفَاةِ فَعَلَيْهِ الدَّلِيلُ وَجْهُ قَوْلِهِمَا أَنَّ النِّكَاحَ لَمَّا بَقِيَ فِي حَقِّ الْإِرْثِ فَلَأَنْ يَبْقَى فِي حَقِّ وُجُوبِ الْعِدَّةِ أَوْلَى؛ لِأَنَّ الْعِدَّةَ يُحْتَاطُ فِي إيجَابِهَا فَكَانَ قِيَامُ النِّكَاحِ مِنْ وَجْهٍ كَافِيًا لِوُجُوبِ الْعِدَّةِ احْتِيَاطًا فَيَجِبُ عَلَيْهَا الِاعْتِدَادُ

نام کتاب : بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع نویسنده : الكاساني، علاء الدين    جلد : 3  صفحه : 200
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست