responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع نویسنده : الكاساني، علاء الدين    جلد : 3  صفحه : 187
الْأَشْيَاءُ لِلْإِنْشَاءِ فَلَأَنْ لَا تُشْتَرَطَ لِلِاسْتِبْقَاءِ أَوْلَى، وَقَدْ رُوِيَ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ «ثَلَاثٌ جَدُّهُنَّ جَدٌّ، وَهَزْلُهُنَّ جَدٌّ النِّكَاحُ، وَالرَّجْعَةُ، وَالطَّلَاقُ» .

[فَصْلٌ فِي حُكْمِ الطَّلَاقِ الْبَائِنِ]
(فَصْلٌ) :
وَأَمَّا حُكْمُ الطَّلَاقِ الْبَائِنِ فَالطَّلَاقُ الْبَائِنُ نَوْعَانِ: أَحَدُهُمَا الطَّلْقَاتُ، وَالثَّانِي الطَّلْقَةُ الْوَاحِدَةُ الْبَائِنَةُ، وَالثِّنْتَانِ الْبَائِنَتَانِ، وَيَخْتَلِفُ حُكْمُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ النَّوْعَيْنِ وَجُمْلَةُ الْكَلَامِ فِيهِ أَنَّ الزَّوْجَيْنِ أَمَّا إنْ كَانَا حُرَّيْنِ.
وَأَمَّا إنْ كَانَا مَمْلُوكَيْنِ.
وَأَمَّا إنْ كَانَ أَحَدُهُمَا حُرًّا، وَالْآخَرُ مَمْلُوكًا فَإِنْ كَانَا حُرَّيْنِ فَالْحُكْمُ الْأَصْلِيُّ لِمَا دُونَ الثَّلَاثِ مِنْ الْوَاحِدَةِ الْبَائِنَةِ، وَالثِّنْتَيْنِ الْبَائِنَتَيْنِ هُوَ نُقْصَانُ عَدَدِ الطَّلَاقِ، وَزَوَالُ الْمِلْكِ أَيْضًا حَتَّى لَا يَحِلَّ لَهُ وَطْؤُهَا إلَّا بِنِكَاحٍ جَدِيدٍ وَلَا يَصِحُّ ظِهَارُهُ، وَإِيلَاؤُهُ وَلَا يَجْرِي اللِّعَانُ بَيْنَهُمَا وَلَا يَجْرِي التَّوَارُثُ وَلَا يُحَرَّمُ حُرْمَةً غَلِيظَةً حَتَّى يَجُوزَ لَهُ نِكَاحُهَا مِنْ غَيْرِ أَنْ تَتَزَوَّجَ بِزَوْجٍ آخَرَ؛ لِأَنَّ مَا دُونَ الثَّلَاثَةِ - وَإِنْ كَانَ بَائِنًا - فَإِنَّهُ يُوجِبُ زَوَالَ الْمِلْكِ لَا زَوَالَ حِلِّ الْمَحَلِّيَّةِ.
وَأَمَّا الطَّلْقَاتُ الثَّلَاثُ فَحُكْمُهَا الْأَصْلِيُّ هُوَ زَوَالُ الْمِلْكِ، وَزَوَالُ حِلِّ الْمَحَلِّيَّةِ أَيْضًا حَتَّى لَا يَجُوزَ لَهُ نِكَاحُهَا قَبْلَ التَّزَوُّجِ بِزَوْجٍ آخَرَ؛ لِقَوْلِهِ - عَزَّ وَجَلَّ - {فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ} [البقرة: 230] ، وَسَوَاءٌ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا مُتَفَرِّقًا أَوْ جُمْلَةً وَاحِدَةً؛ لِأَنَّ أَهْلَ التَّأْوِيلِ اخْتَلَفُوا فِي مَوَاضِعِ التَّطْلِيقَةِ الثَّالِثَةِ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ قَالَ بَعْضُهُمْ هُوَ قَوْله تَعَالَى {فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ} [البقرة: 230] بَعْدَ قَوْلِهِ {الطَّلاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ} [البقرة: 229] وَقَالُوا: الْإِمْسَاكُ بِالْمَعْرُوفِ هُوَ الرَّجْعَةُ، وَالتَّسْرِيحُ بِالْإِحْسَانِ هُوَ أَنْ يَتْرُكَهَا حَتَّى تَنْقَضِيَ عِدَّتُهَا.
وَقَالَ بَعْضُهُمْ: هُوَ قَوْله تَعَالَى {أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ} [البقرة: 229] فَالتَّسْرِيحُ هُوَ الطَّلْقَةُ الثَّالِثَةُ، وَعَلَى ذَلِكَ جَاءَ الْخَبَرُ، وَكُلُّ ذَلِكَ جَائِزٌ مُحْتَمَلٌ غَيْرَ أَنَّهُ إنْ كَانَ التَّسْرِيحُ هُوَ تَرْكُهَا حَتَّى تَنْقَضِيَ عِدَّتُهَا كَانَ تَقْدِيرُ قَوْلِهِ سُبْحَانَهُ، وَتَعَالَى {فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلا تَحِلُّ لَهُ} [البقرة: 230] أَيْ: طَلَّقَهَا تَطْلِيقَةً ثَالِثَةً، وَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ مِنْ التَّسْرِيحِ التَّطْلِيقَةُ الثَّالِثَةُ كَانَ تَقْدِيرُ قَوْله تَعَالَى {فَإِنْ طَلَّقَهَا} [البقرة: 230] أَيْ: طَلَّقَهَا طَلَاقًا ثَلَاثًا، فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ.

وَإِنَّمَا تَنْتَهِي الْحُرْمَةُ وَتَحِلُّ لِلزَّوْجِ الْأَوَّلِ بِشَرَائِطَ مِنْهَا النِّكَاحُ، وَهُوَ أَنْ تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ} [البقرة: 230] نَفَى الْحِلَّ، وَحَدَّ النَّفْيَ إلَى غَايَةِ التَّزَوُّجِ بِزَوْجٍ آخَرَ، وَالْحُكْمُ الْمَمْدُودُ إلَى غَايَةٍ لَا يَنْتَهِي قَبْلَ وُجُودِ الْغَايَةِ، فَلَا تَنْتَهِي الْحُرْمَةُ قَبْلَ التَّزَوُّجِ، فَلَا يَحِلُّ لِلزَّوْجِ الْأَوَّلِ قَبْلَهُ ضَرُورَةً، وَعَلَى هَذَا يَخْرُجُ مَا إذَا وَطِئَهَا إنْسَانٌ بِالزِّنَا أَوْ بِشُبْهَةٍ أَنَّهَا لَا تَحِلُّ لِزَوْجِهَا لِعَدَمِ النِّكَاحِ، وَكَذَا إذَا وَطِئَهَا الْمَوْلَى بِمِلْكِ الْيَمِينِ بِأَنْ حَرُمَتْ أَمَتُهُ الْمَنْكُوحَةُ عَلَى زَوْجِهَا حُرْمَةً غَلِيظَةً وَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا فَوَطِئَهَا الْمَوْلَى لَا تَحِلُّ لِزَوْجِهَا؛؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى نَفَى الْحِلَّ إلَى غَايَةٍ، فَلَا يَنْتَهِي النَّفْيُ قَبْلَ وُجُودِ النِّكَاحِ وَلَمْ يُوجَدْ، وَكَذَا رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهُ قَالَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ: لَيْسَ بِزَوْجٍ يَعْنِي: الْمَوْلَى.
وَرُوِيَ أَنَّ عُثْمَانَ سُئِلَ عَنْ ذَلِكَ، وَعِنْدَهُ عَلِيٌّ، وَزَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - فَرَخَّصَ فِي ذَلِكَ عُثْمَانُ، وَزَيْدٌ وَقَالَا: هُوَ زَوْجٌ، فَقَامَ عَلِيٌّ مُغْضَبًا كَارِهًا لِمَا قَالَا وَقَدْ رُوِيَ أَنَّهُ قَالَ: لَيْسَ بِزَوْجٍ،.
وَكَذَا إنْ اشْتَرَاهَا الزَّوْجُ قَبْلَ أَنْ تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ لَمْ تَحِلَّ لَهُ بِمِلْكِ الْيَمِينِ، وَكَذَا إذَا أُعْتِقَتْ لِمَا قُلْنَا.

[فَصْلٌ فِي شَرَائِطِ رُجُوعِ الْمَبْتُوتَةِ لِزَوْجِهَا]
(فَصْلٌ) :
وَمِنْهَا أَنْ يَكُونَ النِّكَاحُ الثَّانِي صَحِيحًا حَتَّى لَوْ تَزَوَّجَتْ رَجُلًا نِكَاحًا فَاسِدًا وَدَخَلَ بِهَا لَا تَحِلُّ لِلْأَوَّلِ؛ لِأَنَّ النِّكَاحَ الْفَاسِدَ لَيْسَ بِنِكَاحٍ حَقِيقَةً، وَمُطْلَقُ النِّكَاحِ يَنْصَرِفُ إلَى مَا هُوَ نِكَاحٌ حَقِيقَةً وَلَوْ كَانَ النِّكَاحُ الثَّانِي مُخْتَلِفًا فِي فَسَادِهِ، وَدَخَلَ بِهَا لَا تَحِلُّ لِلْأَوَّلِ عِنْدَ مَنْ يَقُولُ بِفَسَادِهِ لِمَا قُلْنَا، فَإِنْ تَزَوَّجْت بِزَوْجٍ آخَرَ وَمِنْ نِيَّتِهَا التَّحْلِيلُ فَإِنْ لَمْ يَشْرُطَا ذَلِكَ بِالْقَوْلِ، وَإِنَّمَا نَوَيَا، وَدَخَلَ بِهَا عَلَى هَذِهِ النِّيَّةِ حَلَّتْ لِلْأَوَّلِ فِي قَوْلِهِمْ جَمِيعًا؛ لِأَنَّ مُجَرَّدَ النِّيَّةِ فِي الْمُعَامَلَاتِ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ فَوَقَعَ النِّكَاحُ صَحِيحًا لِاسْتِجْمَاعِ شَرَائِطِ الصِّحَّةِ فَتَحِلُّ لِلْأَوَّلِ كَمَا لَوْ نَوَيَا التَّوْقِيتَ، وَسَائِرَ الْمَعَانِي الْمُفْسِدَةِ.
وَإِنْ شَرَطَ الْإِحْلَالَ بِالْقَوْلِ، وَأَنَّهُ يَتَزَوَّجُهَا لِذَلِكَ، وَكَانَ الشَّرْطُ مِنْهَا فَهُوَ نِكَاحٌ صَحِيحٌ عَنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ، وَزُفَرَ، وَتَحِلُّ لِلْأَوَّلِ، وَيُكْرَهُ لِلثَّانِي، وَالْأَوَّلِ.
وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: النِّكَاحُ الثَّانِي فَاسِدٌ، وَإِنْ وَطِئَهَا لَمْ تَحِلَّ لِلْأَوَّلِ وَقَالَ مُحَمَّدٌ: النِّكَاحُ الثَّانِي صَحِيحٌ وَلَا تَحِلُّ لِلْأَوَّلِ.
(وَجْهُ) قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ أَنَّ النِّكَاحَ بِشَرْطِ الْإِحْلَالِ فِي مَعْنَى النِّكَاحِ الْمُؤَقَّتِ، وَشَرْطُ التَّوْقِيتِ فِي النِّكَاحِ يُفْسِدُهُ، وَالنِّكَاحُ الْفَاسِدُ لَا يَقَعُ بِهِ التَّحْلِيلُ، وَلِمُحَمَّدٍ أَنَّ النِّكَاحَ عَقْدٌ مُؤَبَّدٌ فَكَانَ شَرْطُ الْإِحْلَالِ اسْتِعْجَالَ مَا أَخَّرَهُ اللَّهُ تَعَالَى لِغَرَضِ الْحِلِّ فَيَبْطُلُ الشَّرْطُ، وَيَبْقَى النِّكَاحُ صَحِيحًا لَكِنْ لَا يَحْصُلُ بِهِ الْغَرَضُ كَمَنْ قَتَلَ مُوَرِّثَهُ أَنَّهُ

نام کتاب : بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع نویسنده : الكاساني، علاء الدين    جلد : 3  صفحه : 187
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست