responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع نویسنده : الكاساني، علاء الدين    جلد : 3  صفحه : 106
صَارَتْ مُطَلَّقَةً، وَيَحْتَمِلُ الطَّرْدَ وَالْإِبْعَادَ عَنْ نَفْسِهِ مَعَ بَقَاءِ النِّكَاحِ وَإِذَا احْتَمَلَتْ هَذِهِ الْأَلْفَاظُ الطَّلَاقَ وَغَيْرَ الطَّلَاقِ فَقَدْ اسْتَتَرَ الْمُرَادُ مِنْهَا عِنْدَ السَّامِعِ، فَافْتَقَرَتْ إلَى النِّيَّةِ لِتَعْيِينِ الْمُرَادِ وَلَا خِلَافَ فِي هَذِهِ الْجُمْلَةِ إلَّا فِي ثَلَاثَةِ أَلْفَاظٍ وَهِيَ قَوْلُهُ: سَرَّحْتُكِ، وَفَارَقْتُكِ، وَأَنْتِ وَاحِدَةٌ فَقَالَ أَصْحَابُنَا: قَوْلُهُ: سَرَّحْتُكِ وَفَارَقْتُكِ مِنْ الْكِنَايَاتِ لَا يَقَعُ الطَّلَاقُ بِهِمَا إلَّا بِقَرِينَةِ النِّيَّةِ كَسَائِرِ الْكِنَايَاتِ.
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: هُمَا صَرِيحَانِ لَا يَفْتَقِرَانِ إلَى النِّيَّةِ كَسَائِرِ الْأَلْفَاظِ الصَّرِيحَةِ، وَقَوْلُهُ: " أَنْتِ وَاحِدَةٌ " مِنْ الْكِنَايَاتِ عِنْدَنَا وَعِنْدَهُ هُوَ لَيْسَ مِنْ أَلْفَاظِ الطَّلَاقِ حَتَّى لَا يَقَعَ الطَّلَاقُ بِهِ وَإِنْ نَوَى (أَمَّا) الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى فَاحْتَجَّ الشَّافِعِيُّ بِقَوْلِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى {فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ} [البقرة: 229] .
وَالتَّسْرِيحُ هُوَ التَّطْلِيقُ وقَوْله تَعَالَى {فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ} [الطلاق: 2] وَالْمُفَارَقَةُ هِيَ التَّطْلِيقُ، فَقَدْ سَمَّى اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ الطَّلَاقَ بِثَلَاثَةِ أَسْمَاءٍ: الطَّلَاقِ وَالسَّرَاحِ وَالْفِرَاقِ، وَلَوْ قَالَ لَهَا: طَلَّقْتُكِ كَانَ صَرِيحًا فَكَذَا إذَا قَالَ: سَرَّحْتُكِ أَوْ فَارَقْتُكِ.
(وَلَنَا) أَنَّ صَرِيحَ الطَّلَاقِ هُوَ اللَّفْظُ الَّذِي لَا يُسْتَعْمَلُ إلَّا فِي الطَّلَاقِ عَنْ قَيْدِ النِّكَاحِ لِمَا ذَكَرْنَا أَنَّ الصَّرِيحَ فِي اللُّغَةِ اسْمٌ لِمَا هُوَ ظَاهِرُ الْمُرَادِ عِنْدَ السَّامِعِ وَمَا كَانَ مُسْتَعْمَلًا فِيهِ وَفِي غَيْرِهِ لَا يَكُونُ ظَاهِرَ الْمُرَادِ، بَلْ يَكُونُ مُسْتَتِرَ الْمُرَادِ وَلَفْظُ السَّرَاحِ وَالْفِرَاقِ يُسْتَعْمَلُ فِي غَيْرِ قَيْدِ النِّكَاحِ يُقَالُ: سَرَّحْتُ إبِلِي وَفَارَقْتُ صَدِيقِي فَكَانَ كِنَايَةً لَا صَرِيحًا فَيَفْتَقِرُ إلَى النِّيَّةِ وَلَا حُجَّةَ لَهُ فِي الْآيَتَيْنِ لِأَنَّا نَقُولُ بِمُوجَبِهِمَا: إنَّ السَّرَاحَ وَالْفِرَاقَ طَلَاقٌ، لَكِنْ بِطَرِيقِ الْكِنَايَةِ لَا صَرِيحًا لِانْعِدَامِ مَعْنَى الصَّرِيحِ عَلَى مَا بَيَّنَّا.
وَأَمَّا الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ فَوَجْهُ قَوْلِهِ أَنَّ قَوْلَهُ: " أَنْتِ وَاحِدَةٌ " صِفَةُ الْمَرْأَةِ فَلَا يُحْتَمَلُ الطَّلَاقُ كَقَوْلِهِ: أَنْتِ قَائِمَةٌ وَقَاعِدَةٌ وَنَحْوِ ذَلِكَ.
وَلَنَا أَنَّهُ لَمَّا نَوَى الطَّلَاقَ فَقَدْ جَعَلَ الْوَاحِدَةَ نَعْتًا لِمَصْدَرٍ مَحْذُوفٍ أَيْ: طَلْقَةً وَاحِدَةً وَهَذَا شَائِعٌ فِي اللُّغَةِ يُقَالُ أَعْطَيْته جَزِيلًا وَضَرَبْتُهُ وَجِيعًا أَيْ: عَطَاءً جَزِيلًا وَضَرْبًا وَجِيعًا؛ وَلِهَذَا يَقَعُ الرَّجْعِيُّ عِنْدَنَا دُونَ الْبَائِنِ وَاخْتَلَفَ مَشَايِخُنَا فِي مَحَلِّ الْخِلَافِ قَالَ بَعْضُهُمْ: الْخِلَافُ فِيمَا إذَا قَالَ " وَاحِدَةً " بِالْوَقْفِ وَلَمْ يُعْرِبْ.
فَأَمَّا إذَا أَعْرَبَ الْوَاحِدَةَ فَلَا خِلَافَ فِيهَا لِأَنَّهُ إنْ رَفَعَهَا لَا يَقَعُ الطَّلَاقُ بِالْإِجْمَاعِ لِأَنَّهَا حِينَئِذٍ تَكُونُ صِفَةَ الشَّخْصِ وَإِنْ نَصَبَهَا يَقَعُ الطَّلَاقُ بِالْإِجْمَاعِ؛ لِأَنَّهَا حِينَئِذٍ تَكُونُ نَعْتًا لِمَصْدَرٍ مَحْذُوفٍ عَلَى مَا بَيَّنَّا فَكَانَ مَوْضِعُ الْخِلَافِ مَا إذَا وَقَفَهَا وَلَمْ يُعْرِبْهَا وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ: إنَّ مَوْضِعَ الرَّفْعِ مَحَلُّ الِاخْتِلَافِ أَيْضًا؛ لِأَنَّ مَعْنَى قَوْلِهِ: أَنْتِ وَاحِدَةٌ أَيْ: أَنْتِ مُنْفَرِدَةٌ عَنْ النِّكَاحِ.
وَقَالَ أَكْثَرُ الْمَشَايِخِ: إنَّ الْخِلَافَ فِي الْكُلِّ ثَابِتٌ؛ لِأَنَّ الْعَوَامَّ لَا يَهْتَدُونَ إلَى هَذَا وَلَا يُمَيِّزُونَ بَيْنَ إعْرَابٍ وَإِعْرَابٍ وَلَا خِلَافَ أَنَّهُ لَا يَقَعُ الطَّلَاقُ بِشَيْءٍ مِنْ أَلْفَاظِ الْكِنَايَةِ إلَّا بِالنِّيَّةِ فَإِنْ كَانَ قَدْ نَوَى الطَّلَاقَ يَقَعُ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى، وَإِنْ كَانَ لَمْ يَنْوِ لَا يَقَعُ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى، وَإِنْ ذَكَرَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ ثُمَّ قَالَ: مَا أَرَدْتُ بِهِ الطَّلَاقَ يُدَيَّنُ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَعْلَمُ سِرَّهُ وَنَجَوَاهُ.
وَهَلْ يُدَيَّنُ فِي الْقَضَاءِ؟ فَالْحَالُ لَا يَخْلُو إمَّا إنْ كَانَتْ حَالَةَ الرِّضَا وَابْتَدَأَ الزَّوْجُ بِالطَّلَاقِ وَإِمَّا إذَا كَانَتْ حَالَةَ مُذَاكَرَةِ الطَّلَاقِ وَسُؤَالِهِ، وَإِمَّا أَنْ كَانَتْ حَالَةَ الْغَضَبِ وَالْخُصُومَةِ فَإِنْ كَانَتْ حَالَةَ الرِّضَا وَابْتَدَأَ الزَّوْجُ بِالطَّلَاقِ يُدَيَّنُ فِي الْقَضَاءِ فِي جَمِيعِ الْأَلْفَاظِ لِمَا ذَكَرْنَا أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ الْأَلْفَاظِ يَحْتَمِلُ الطَّلَاقَ وَغَيْرَهُ، وَالْحَالُ لَا يَدُلُّ عَلَى أَحَدِهِمَا فَيُسْأَلُ عَنْ نِيَّتِهِ وَيُصَدَّقُ فِي ذَلِكَ قَضَاءً.
وَإِنْ كَانَتْ حَالَ مُذَاكَرَةِ الطَّلَاقِ وَسُؤَالِهِ أَوْ حَالَةَ الْغَضَبِ وَالْخُصُومَةِ فَقَدْ قَالُوا: إنَّ الْكِنَايَاتِ أَقْسَامٌ ثَلَاثَةٌ: فِي قِسْمٍ مِنْهَا لَا يُدَيَّنُ فِي الْحَالَيْنِ جَمِيعًا؛ لِأَنَّهُ مَا أَرَادَ بِهِ الطَّلَاقَ لَا فِي حَالَةِ مُذَاكَرَةِ الطَّلَاقِ وَسُؤَالِهِ وَلَا فِي حَالَةِ الْغَضَبِ وَالْخُصُومَةِ، وَفِي قِسْمٍ مِنْهَا يُدَيَّنُ فِي حَالِ الْخُصُومَةِ وَالْغَضَبِ وَلَا يُدَيَّنُ فِي حَالِ ذِكْرِ الطَّلَاقِ وَسُؤَالِهِ، وَفِي قِسْمٍ مِنْهَا يُدَيَّنُ فِي الْحَالَيْنِ جَمِيعًا (أَمَّا) الْقِسْمُ الْأَوَّلُ فَخَمْسَةُ أَلْفَاظٍ: " أَمْرُكِ بِيَدِكِ " " اخْتَارِي " " اعْتَدِّي " " اسْتَبْرِئِي رَحِمَك " " أَنْتِ وَاحِدَةٌ "؛ لِأَنَّ هَذِهِ الْأَلْفَاظَ تَحْتَمِلُ الطَّلَاقَ وَغَيْرَهُ وَالْحَالُ يَدُلُّ عَلَى إرَادَةِ الطَّلَاقِ؛ لِأَنَّ حَالَ الْغَضَبِ وَالْخُصُومَةِ إنْ كَانَتْ تَصْلُحُ لِلشَّتْمِ وَالتَّبْعِيدِ كَمَا تَصْلُحُ لِلطَّلَاقِ فَحَالُ مُذَاكَرَةِ الطَّلَاقِ تَصْلُحُ لِلتَّبْعِيدِ وَالطَّلَاقِ، لَكِنْ هَذِهِ الْأَلْفَاظُ لَا تَصْلُحُ لِلشَّتْمِ وَلَا لِلتَّبْعِيدِ فَزَالَ احْتِمَالُ إرَادَةِ الشَّتْمِ وَالتَّبْعِيدِ فَتَعَيَّنَتْ الْحَالَةُ دَلَالَةً عَلَى إرَادَةِ الطَّلَاقِ فَتَرَجَّحَ جَانِبُ الطَّلَاقِ بِدَلَالَةِ الْحَالِ فَثَبَتَتْ إرَادَةُ الطَّلَاقِ فِي كَلَامِهِ ظَاهِرًا فَلَا يُصَدَّقُ فِي الصَّرْفِ عَنْ الظَّاهِرِ كَمَا فِي صَرِيحِ الطَّلَاقِ إذَا قَالَ لِامْرَأَتِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ ثُمَّ قَالَ: أَرَدْتُ بِهِ الطَّلَاقَ عَنْ الْوَثَاقِ لَا يُصَدَّقُ فِي الْقَضَاءِ لِمَا قُلْنَا كَذَا هَذَا.
(وَأَمَّا) الْقِسْمُ الثَّانِي فَخَمْسَةُ أَلْفَاظٍ أَيْضًا

نام کتاب : بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع نویسنده : الكاساني، علاء الدين    جلد : 3  صفحه : 106
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست