responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع نویسنده : الكاساني، علاء الدين    جلد : 2  صفحه : 37
الْوَدِيعَةَ إلَى الْمُودِعِ، وَالْبَرَاءَةُ لَيْسَتْ بِعَلَامَةٍ صَادِقَةٍ؛ لِأَنَّ الْخَطَّ يُشْبِهُ الْخَطَّ وَعَلَى هَذَا إذَا أَتَى بِالْبَرَاءَةِ عَلَى خِلَافِ اسْمِ ذَلِكَ الْمُصْدِقِ أَنَّهُ يُقْبَلُ قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ عَلَى جَوَابِ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ؛ لِأَنَّ الْبَرَاءَةَ لَيْسَتْ بِشَرْطٍ فَكَانَ الْإِتْيَانُ بِهَا وَالْعَدَمُ بِمَنْزِلَةٍ وَاحِدَةٍ، وَعَلَى رِوَايَة الْحَسَنِ لَا يُقْبَلُ؛ لِأَنَّ الْبَرَاءَةَ شَرْطٌ فَلَا تُقْبَلُ بِدُونِهَا.
وَلَوْ قَالَ: أَدَّيْتُ زَكَاتَهَا إلَى الْفُقَرَاءِ لَا يُصَدَّقُ وَتُؤْخَذُ مِنْهُ عِنْدَنَا، وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ لَا تُؤْخَذُ.
وَجْهُ قَوْلِهِ أَنَّ الْمُصْدِقَ لَا يَأْخُذُ الصَّدَقَةَ لِنَفْسِهِ بَلْ لِيُوصِلَهَا إلَى مُسْتَحَقِّيهَا وَهُوَ الْفَقِيرُ وَقَدْ أَوْصَلَ بِنَفْسِهِ، وَلَنَا أَنَّ حَقَّ الْأَخْذِ لِلسُّلْطَانِ فَهُوَ بِقَوْلِهِ: أَدَّيْتُ بِنَفْسِي أَرَادَ إبْطَالَ حَقِّ السُّلْطَانِ فَلَا يَمْلِكُ ذَلِكَ، وَكَذَلِكَ الْعُشْرُ عَلَى هَذَا الْخِلَافِ، وَكَذَا الْجَوَابُ فِيمَنْ مَرَّ عَلَى الْعَاشِرِ بِالسَّوَائِمِ أَوْ بِالدَّرَاهِمِ أَوْ الدَّنَانِيرِ أَوْ بِأَمْوَالِ التِّجَارَةِ فِي جَمِيعِ مَا وَصَفْنَا إلَّا فِي قَوْلِهِ: أَدَّيْتُ زَكَاتَهَا بِنَفْسِي إلَى الْفُقَرَاءِ فِيمَا سِوَى السَّوَائِمِ أَنَّهُ يُقْبَلُ قَوْلُهُ وَلَا يُؤْخَذُ ثَانِيًا؛ لِأَنَّ أَدَاءَ زَكَاةِ الْأَمْوَالِ الْبَاطِنَةِ مُفَوَّضٌ إلَى أَرْبَابِهَا إذَا كَانُوا يَتَّجِرُونَ بِهَا فِي الْمِصْرِ فَلَمْ يَتَضَمَّنْ الدَّفْعُ بِنَفْسِهِ إبْطَالَ حَقِّ أَحَدٍ.
وَلَوْ مَرَّ عَلَى الْعَاشِرِ بِمِائَةِ دِرْهَمٍ وَأَخْبَرَ الْعَاشِرُ أَنَّ لَهُ مِائَةً أُخْرَى قَدْ حَالَ عَلَيْهَا الْحَوْلُ لَمْ يَأْخُذُ مِنْهُ زَكَاةَ هَذِهِ الْمِائَةِ الَّتِي مَرَّ بِهَا؛ لِأَنَّ حَقَّ الْأَخْذِ لِمَكَانِ الْحِمَايَةِ وَمَا دُونَ النِّصَابِ قَلِيلٌ لَا يَحْتَاجُ إلَى الْحِمَايَةِ وَالْقَدْرُ الَّذِي فِي بَيْتِهِ لَمْ يَدْخُلْ تَحْتَ الْحِمَايَةِ فَلَا يُؤْخَذُ مِنْ أَحَدِهِمَا شَيْءٌ.
وَلَوْ مَرَّ عَلَيْهِ بِالْعُرُوضِ فَقَالَ: هَذِهِ لَيْسَتْ لِلتِّجَارَةِ، أَوْ قَالَ: هَذِهِ بِضَاعَةٌ، أَوْ قَالَ: أَنَا أَجِيرٌ فِيهَا فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ مَعَ الْيَمِينِ؛ لِأَنَّهُ أَمِينٌ وَلَمْ يُوجَدْ ظَاهِرٌ يُكَذِّبُهُ.
وَجَمِيعُ مَا ذَكَرْنَا أَنَّهُ يُصَدَّقُ فِيهِ الْمُسْلِمُ يُصَدَّقُ فِيهِ الذِّمِّيُّ لِقَوْلِ النَّبِيِّ: - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إذَا قَبِلُوا عَقْدَ الذِّمَّةِ فَأَعْلِمْهُمْ أَنَّ لَهُمْ مَا لِلْمُسْلِمِينَ وَعَلَيْهِمْ مَا عَلَى الْمُسْلِمِينَ» وَلِأَنَّ الذِّمِّيَّ لَا يُفَارِقُ الْمُسْلِمَ فِي هَذَا الْبَابِ إلَّا فِي قَدْرِ الْمَأْخُوذِ وَهُوَ أَنَّهُ يُؤْخَذُ مِنْهُ ضِعْفُ مَا يُؤْخَذُ مِنْ الْمُسْلِمِ كَمَا فِي التَّغْلِبِيِّ؛ لِأَنَّهُ يُؤْخَذُ مِنْهُ بِسَبَبِ الْحِمَايَةِ وَبِاسْمِ الصَّدَقَةِ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ صَدَقَةً حَقِيقِيَّةً.
وَلَا يُصَدَّقُ الْحَرْبِيُّ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ الْعُشْرُ إلَّا فِي جَوَارٍ يَقُولُ: هُنَّ أُمَّهَاتُ أَوْلَادِي، أَوْ فِي غِلْمَانٍ يَقُولُ: هُمْ أَوْلَادِي؛ لِأَنَّ الْأَخْذَ مِنْهُ لِمَكَانِ الْحِمَايَةِ وَالْعِصْمَةِ لِمَا فِي يَدِهِ وَقَدْ وُجِدَتْ فَلَا يَمْنَعُ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ مِنْ الْأَخْذِ وَإِنَّمَا قُبِلَ قَوْلُهُ فِي الِاسْتِيلَادِ وَالنَّسَبِ؛ لِأَنَّ الِاسْتِيلَادَ وَالنَّسَبَ كَمَا يَثْبُتُ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ يَثْبُتُ فِي دَارِ الْحَرْبِ.
وَعَلَّلَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فَقَالَ: الْحَرْبِيُّ لَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَكُونَ صَادِقًا وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ كَاذِبًا، فَإِنْ كَانَ صَادِقًا فَقَدْ صَدَقَ وَإِنْ كَانَ كَاذِبًا فَقَدْ صَارَتْ بِإِقْرَارِهِ فِي الْحَالِ أُمُّ وَلَدٍ لَهُ وَلَا عُشْرَ فِي أُمِّ الْوَلَدِ.
وَلَوْ قَالَ: هُمْ مُدَبَّرُونَ لَا يُلْتَفَتُ إلَى قَوْلِهِ؛ لِأَنَّ التَّدْبِيرَ لَا يَصِحُّ فِي دَارِ الْحَرْبِ وَلَوْ مَرَّ عَلَى عَاشِرٍ بِمَالٍ وَقَالَ: هُوَ عِنْدِي بِضَاعَةً، أَوْ قَالَ: أَنَا أَجِيرٌ فِيهِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ وَلَا يَعْشُرُهُ وَلَوْ قَالَ: هُوَ عِنْدِي مُضَارَبَةً فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ أَيْضًا وَهَلْ يَعْشُرُهُ؟ كَانَ أَبُو حَنِيفَةَ أَوَّلًا يَقُولُ: يَعْشُرُهُ، ثُمَّ رَجَعَ وَقَالَ: لَا يَعْشُرُهُ، وَهُوَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ.
وَلَوْ مَرَّ الْعَبْدُ الْمَأْذُونُ بِمَالٍ مِنْ كَسْبِهِ وَتِجَارَتِهِ وَلَيْسَ عَلَيْهِ دَيْنٌ وَاسْتَجْمَعَ شَرَائِطَ وُجُوبِ الزَّكَاةِ فِيهِ فَإِنْ كَانَ مَعَهُ مَوْلَاهُ عَشَرَهُ بِالْإِجْمَاعِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ مَوْلَاهُ فَكَذَلِكَ يَعْشُرُهُ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَفِي قَوْلِهِمَا لَا يَعْشُرُهُ، وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: لَا أَعْلَمُ أَنَّهُ رَجَعَ فِي الْعَبْدِ أَمْ لَا، وَقِيلَ: إنَّ الصَّحِيحَ أَنَّ رُجُوعَهُ فِي الْمُضَارِبِ رُجُوعٌ فِي الْعَبْدِ الْمَأْذُونِ.
وَجْهُ قَوْلِهِ الْأَوَّلِ فِي الْمُضَارِبِ أَنَّ الْمُضَارِبَ بِمَنْزِلَةِ الْمَالِكِ؛ لِأَنَّهُ يَمْلِكُ التَّصَرُّفَ فِي الْمَالِ، وَلِهَذَا يَجُوزُ بَيْعُهُ مِنْ رَبِّ الْمَالِ.
وَجْهُ قَوْلِهِ الْأَخِيرِ وَهُوَ قَوْلُهُمَا أَنَّ الْمِلْكَ شَرْطُ الْوُجُوبِ وَلَا مِلْكَ لَهُ فِيهِ وَرَبُّ الْمَالِ لَمْ يَأْمُرهُ بِأَدَاءِ الزَّكَاةِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ بِعَقْدِ الْمُضَارَبَةِ إلَّا بِالتَّصَرُّفِ فِي الْمَالِ وَقَدْ خَرَجَ الْجَوَابُ عَنْ قَوْلِهِ: إنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الْمَالِكِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ نَعَمْ لَكِنْ فِي وِلَايَةِ التَّصَرُّفِ فِي الْمَالِ لَا فِي أَدَاءِ الزَّكَاةِ كَالْمُسْتَبْضِعِ، وَالْعَبْدُ الْمَأْذُونُ فِي مَعْنَى الْمُضَارِبِ فِي هَذَا الْمَعْنَى.
وَلِأَنَّهُ لَمْ يُؤْمَرْ إلَّا بِالتَّصَرُّفِ فَكَانَ الصَّحِيحُ هُوَ الرُّجُوعُ.
وَلَا يُؤْخَذُ مِنْ الْمُسْلِمِ إذَا مَرَّ عَلَى الْعَاشِرِ فِي السَّنَةِ إلَّا مَرَّةً وَاحِدَةً؛ لِأَنَّ الْمَأْخُوذَ مِنْهُ زَكَاةٌ وَالزَّكَاةُ لَا تَجِبُ فِي السَّنَةِ إلَّا مَرَّةً وَاحِدَةً.
وَكَذَلِكَ الذِّمِّيُّ؛ لِأَنَّهُ بِقَبُولِ عَقْدِ الذِّمَّةِ صَارَ لَهُ مَا لِلْمُسْلِمِينَ وَعَلَيْهِ مَا عَلَى الْمُسْلِمِينَ؛ وَلِأَنَّ الْعَاشِرَ يَأْخُذُ مِنْهُ بِاسْمِ الصَّدَقَةِ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ صَدَقَةً حَقِيقَةً كَالتَّغْلِبِيِّ فَلَا يُؤْخَذُ مِنْهُ فِي الْحَوْلِ إلَّا مَرَّةً وَاحِدَةً، وَكَذَلِكَ الْحَرْبِيُّ إلَّا إذَا عَشَرَهُ فَرَجَعَ إلَى دَارِ الْحَرْبِ ثُمَّ خَرَجَ أَنَّهُ يَعْشُرُهُ ثَانِيًا وَإِنْ خَرَجَ مِنْ يَوْمِهِ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْأَخْذَ مِنْ أَهْلِ الْحَرْبِ لِمَكَانِ حِمَايَةِ مَا فِي أَيْدِيهِمْ مِنْ أَلِأَمْوَالِ، وَمَا دَامَ هُوَ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ فَالْحِمَايَةُ مُتَّحِدَةٌ مَا دَامَ الْحَوْلُ بَاقِيًا فَيَتَّحِدُ حَقُّ الْأَخْذِ.
وَعِنْدَ دُخُولِهِ دَارَ الْحَرْبِ وَرُجُوعِهِ إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ تَتَجَدَّدُ الْحِمَايَةُ فَيَتَجَدَّدُ حَقُّ الْأَخْذِ وَإِذَا مَرَّ الْحَرْبِيُّ عَلَى الْعَاشِرِ فَلَمْ يَعْلَمْ حَتَّى عَادَ إلَى دَارِ الْحَرْبِ ثُمَّ رَجَعَ ثَانِيًا

نام کتاب : بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع نویسنده : الكاساني، علاء الدين    جلد : 2  صفحه : 37
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست