responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع نویسنده : الكاساني، علاء الدين    جلد : 2  صفحه : 152
هَذِهِ صَلَاةُ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ: نَعَمْ لَكِنْ نُقَدِّمُ عَلَيْهَا الْخُطْبَةَ فَيَكُونُ وَقْتُ الْأَذَانِ بَعْدَ مَا صَعِدَ الْإِمَامُ الْمِنْبَرَ لِلْخُطْبَةِ كَمَا فِي خُطْبَةِ الْجُمُعَةِ، فَإِذَا فَرَغَ الْمُؤَذِّنُونَ مِنْ الْأَذَانِ قَامَ الْإِمَامُ، وَخَطَبَ خُطْبَتَيْنِ قَائِمًا يَفْصِلُ بَيْنَهُمَا بِجِلْسَةٍ خَفِيفَةٍ كَمَا يَفْصِلُ فِي خُطْبَةِ الْجُمُعَةِ، وَصِفَةُ الْخُطْبَةِ هِيَ أَنْ يَحْمَدَ اللَّهَ تَعَالَى، وَيُثْنِيَ عَلَيْهِ وَيُكَبِّرَ وَيُهَلِّلَ وَيَعِظَ النَّاسَ فَيَأْمُرَهُمْ بِمَا أَمَرَهُمْ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ، وَيَنْهَاهُمْ عَمَّا نَهَاهُمْ اللَّهُ عَنْهُ وَيُعَلِّمَهُمْ مَنَاسِكَ الْحَجِّ؛ لِأَنَّ الْخُطْبَةَ فِي الْأَصْلِ وُضِعَتْ لِمَا ذَكَرْنَا مِنْ الْحَمْدِ وَالثَّنَاءِ وَالتَّهْلِيلِ وَالتَّكْبِيرِ وَالْوَعْظِ وَالتَّذْكِيرِ.
وَيُزَادُ فِي هَذِهِ الْخُطْبَةِ تَعْلِيمُ مَعَالِمِ الْحَجِّ لِحَاجَةِ الْحُجَّاجِ إلَى ذَلِكَ لِيَتَعَلَّمُوا الْوُقُوفَ بِعَرَفَةَ وَالْإِفَاضَةَ مِنْهَا وَالْوُقُوفَ بِمُزْدَلِفَةَ، فَإِذَا فَرَغَ مِنْ الْخُطْبَةِ أَقَامَ الْمُؤَذِّنُونَ فَصَلَّى الْإِمَامُ بِهِمْ صَلَاةَ الظُّهْرِ، ثُمَّ يَقُومُ الْمُؤَذِّنُونَ فَيُقِيمُونَ لِلْعَصْرِ فَيُصَلِّي بِهِمْ الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ بِأَذَانٍ وَاحِدٍ وَإِقَامَتَيْنِ، وَلَا يَشْتَغِلُ الْإِمَامُ وَالْقَوْمُ بِالسُّنَنِ وَالتَّطَوُّعِ فِيمَا بَيْنَهُمَا؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جَمَعَ بَيْنَهُمَا بِعَرَفَةَ يَوْمَ عَرَفَةَ بِأَذَانٍ وَاحِدٍ وَإِقَامَتَيْنِ، وَلَمْ يَتَنَفَّلْ قَبْلَهُمَا، وَلَا بَعْدَهُمَا مَعَ حِرْصِهِ عَلَى النَّوَافِلِ، فَإِنْ اشْتَغَلُوا فِيمَا بَيْنَهُمَا بِتَطَوُّعٍ أَوْ غَيْرِهِ أَعَادُوا الْأَذَانَ لِلْعَصْرِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ أَنْ يُؤَذَّنَ لِكُلِّ مَكْتُوبَةٍ، وَإِنَّمَا عُرِفَ تَرْكُ الْأَذَانِ بِفِعْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَنَّهُ لَمْ يَشْتَغِلْ فِيمَا بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ بِالتَّطَوُّعِ، وَلَا بِغَيْرِهِ فَبَقِيَ الْأَمْرُ عِنْدَ الِاشْتِغَالِ عَلَى الْأَصْلِ.
وَيُخْفِي الْإِمَامُ الْقِرَاءَةَ فِيهِمَا، بِخِلَافِ الْجُمُعَةِ وَالْعِيدَيْنِ، فَإِنَّهُ يَجْهَرُ فِيهِمَا بِالْقِرَاءَةِ؛ لِأَنَّ الْجَهْرَ بِالْقِرَاءَةِ هُنَاكَ مِنْ الشَّعَائِرِ، وَالسَّبِيلُ فِي الشَّعَائِرِ إشْهَارُهَا، وَفِي الْجَهْرِ زِيَادَةُ إشْهَارٍ، فَشُرِعَتْ تِلْكَ الصَّلَاةُ كَذَلِكَ، فَأَمَّا الظُّهْرُ وَالْعَصْرُ فَهُمَا عَلَى حَالِهِمَا لَمْ يَتَغَيَّرَا؛ لِأَنَّهُمَا كَظُهْرِ سَائِرِ الْأَيَّامِ، وَعَصْرِ سَائِرِ الْأَيَّامِ، وَالْحَادِثُ لَيْسَ إلَّا اجْتِمَاعُ النَّاسِ، وَاجْتِمَاعُهُمْ لِلْوُقُوفِ لَا لِلصَّلَاةِ، وَإِنَّمَا اجْتِمَاعُهُمْ فِي حَقِّ الصَّلَاةِ حَصَلَ اتِّفَاقًا ثُمَّ إنْ كَانَ الْإِمَامُ مُقِيمًا مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ يُتِمُّ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْ الصَّلَاتَيْنِ أَرْبَعًا أَرْبَعًا، وَالْقَوْمُ يُتِمُّونَ مَعَهُ، وَإِنْ كَانُوا مُسَافِرِينَ؛ لِأَنَّ الْمُسَافِرَ إذَا اقْتَدَى بِالْمُقِيمِ فِي الْوَقْتِ يَلْزَمُهُ الْإِتْمَامُ؛ لِأَنَّهُ بِالِاقْتِدَاءِ بِالْإِمَامِ صَارَ تَابِعًا لَهُ فِي هَذِهِ الصَّلَاةِ، وَإِنْ كَانَ الْإِمَامُ مُسَافِرًا يُصَلِّي كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْ الصَّلَاتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ، فَإِذَا سَلَّمَ يَقُولُ لَهُمْ: أَتِمُّوا صَلَاتَكُمْ يَا أَهْلَ مَكَّةَ فَإِنَّا قَوْمٌ سَفَرٌ، ثُمَّ لِجَوَازِ الْجَمْعِ أَعْنِي تَقْدِيمَ الْعَصْرِ عَلَى وَقْتِهَا، وَأَدَاءَهَا فِي وَقْتِ الظُّهْرِ شَرَائِطُ: بَعْضُهَا مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَبَعْضُهَا مُخْتَلَفٌ فِيهِ، أَمَّا الْمُتَّفَقُ عَلَيْهِ: فَهُوَ شَرْطَانِ أَحَدُهُمَا أَنْ يَكُونَ أَدَاؤُهَا عَقِيبَ الظُّهْرِ، لَا يَجُوزُ تَقْدِيمُهَا عَلَيْهَا؛ لِأَنَّهَا شُرِعَتْ مُرَتَّبَةً عَلَى الظُّهْرِ، فَلَا يَسْقُطُ التَّرْتِيبُ إلَّا بِأَسْبَابٍ مُسْقِطَةٍ، وَلَمْ تُوجَدْ فَلَا تَسْقُطُ فَلَزِمَ مُرَاعَاةُ التَّرْتِيبِ، وَالثَّانِي: أَنْ تَكُونَ مُرَتَّبَةً عَلَى ظُهْرٍ جَائِزَةً اسْتِحْسَانًا حَتَّى لَوْ صَلَّى الْإِمَامُ بِالنَّاسِ الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ فِي يَوْمِ غَيْمٍ، ثُمَّ اسْتَبَانَ لَهُمْ أَنَّ الظُّهْرَ وَقَعَتْ قَبْلَ الزَّوَالِ، وَالْعَصْرَ بَعْدَ الزَّوَالِ، فَعَلَيْهِمْ إعَادَةُ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ جَمِيعًا اسْتِحْسَانًا.
وَالْقِيَاسُ: أَنْ لَا يَكُونَ هَذَا شَرْطًا، وَلَيْسَ عَلَيْهِ إلَّا إعَادَةُ الظُّهْرِ، وَجْهُ الْقِيَاسِ: الِاعْتِبَارُ بِسَائِرِ الْأَيَّامِ فَإِنَّهُ إذَا صَلَّى الْعَصْرَ فِي سَائِرِ الْأَيَّامِ عَلَى ظَنِّ أَنَّهُ صَلَّى الظُّهْرَ ثُمَّ تَبَيَّنَّ أَنَّهُ لَمْ يُصَلِّهَا يُعِيدُ الظُّهْرَ خَاصَّةً، كَذَا هَهُنَا، وَالْجَامِعُ أَنَّهُ صَلَّى الْعَصْرَ عَلَى ظَنِّ أَنَّهُ لَيْسَ عَلَيْهِ إلَّا إعَادَةُ الظُّهْرِ فَأَشْبَهَ النَّاسِيَ، وَالنِّسْيَانُ عُذْرٌ مُسْقِطٌ لِلتَّرْتِيبِ، وَجْهُ الِاسْتِحْسَانِ: أَنَّ الْعَصْرَ مُؤَدَّاةٌ قَبْلَ وَقْتِهَا حَقِيقَةً فَالْأَصْلُ: أَنْ لَا يَجُوزَ أَدَاءُ الْعِبَادَةِ الْمُؤَقَّتَةِ قَبْلَ وَقْتِهَا، وَإِنَّمَا عَرَفْنَا جَوَازَهَا بِالنَّصِّ مُرَتَّبَةً عَلَى ظُهْرٍ جَائِزَةٍ، فَإِذَا لَمْ تَجُزْ بَقِيَ الْأَمْرُ فِيهَا عَلَى الْأَصْلِ.
وَأَمَّا الْمُخْتَلَفُ فِيهِ فَمِنْهَا أَنْ يَكُونَ أَدَاءُ الصَّلَاتَيْنِ بِالْجَمَاعَةِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ، حَتَّى لَوْ صَلَّى الْعَصْرَ وَحْدَهُ أَوْ الظُّهْرَ وَحْدَهُ لَا تَجُوزُ الْعَصْرُ قَبْلَ وَقْتِهَا عِنْدَهُ، وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ هَذَا لَيْسَ بِشَرْطٍ، وَيَجُوزُ تَقْدِيمُهَا عَلَى وَقْتِهَا.
وَجْهُ قَوْلِهِمَا: أَنَّ جَوَازَ التَّقْدِيمِ لِصِيَانَةِ الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ؛ لِأَنَّ أَدَاءَ الْعَصْرِ فِي وَقْتِهَا يَحُولُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْوُقُوفِ، وَهَذَا الْمَعْنَى لَا يُوجِبُ الْفَصْلَ بَيْنَ الْوَحَدَانِ، وَالْجَمَاعَةِ، وَلِأَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ الْجَوَازَ ثَبَتَ مَعْدُولًا بِهِ عَنْ الْأَصْلِ؛ لِأَنَّهَا عِبَادَةٌ مُؤَقَّتَةٌ، وَالْعِبَادَاتُ الْمُؤَقَّتَةُ لَا يَجُوزُ تَقْدِيمُهَا عَلَى أَوْقَاتِهَا إلَّا أَنَّ جَوَازَ تَقْدِيمِ الْعَصْرِ عَلَى وَقْتِهَا ثَبَتَ بِالنَّصِّ غَيْرُ مَعْقُولِ الْمَعْنَى فَيُرَاعَى فِيهِ عَيْنُ مَا وَرَدَ بِهِ النَّصُّ، وَالنَّصُّ وَرَدَ بِجَوَازِ أَدَاءِ الْعَصْرِ كَامِلًا مُرَتَّبًا عَلَى ظُهْرٍ كَامِلٍ، وَهِيَ الْمُؤَدَّاةُ بِالْجَمَاعَةِ، وَالْمُؤَدَّاةُ لَا بِجَمَاعَةٍ لَا تُسَاوِيهَا فِي الْفَضِيلَةِ، فَلَا يَكُونُ فِي مَعْنَى الْمَنْصُوصِ عَلَيْهِ، وَقَوْلُهُمَا: إنَّ الْجَوَازَ ثَبَتَ لِصِيَانَةِ الْوُقُوفِ مَمْنُوعٌ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَعْلُولًا بِهِ؛ لِأَنَّ الصَّلَاةَ لَا تُنَافِي الْوُقُوفَ؛ لِأَنَّهَا فِي نَفْسِهَا وُقُوفٌ، وَالشَّيْءُ لَا يُنَافِي نَفْسَهُ، وَإِنَّمَا ثَبَتَ نَصًّا غَيْرَ مَعْقُولِ الْمَعْنَى فَيُتَّبَعُ فِيهِ مَوْرِدُ النَّصِّ، وَهُوَ مَا ذَكَرْنَا، وَلَمْ يُوجَدْ، وَلَوْ أَدْرَكَ

نام کتاب : بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع نویسنده : الكاساني، علاء الدين    جلد : 2  صفحه : 152
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست