responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع نویسنده : الكاساني، علاء الدين    جلد : 2  صفحه : 149
وَيَدْعُو اللَّهَ تَعَالَى بِحَوَائِجِهِ وَيَرْفَعُ يَدَيْهِ، وَيَجْعَلُ بُطُونَ كَفَّيْهِ إلَى السَّمَاءِ لِمَا رُوِيَ عَنْ جَابِرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَقَى عَلَى الصَّفَا حَتَّى بَدَا لَهُ الْبَيْتُ ثُمَّ كَبَّرَ ثَلَاثًا، وَقَالَ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ، وَلَهُ الْحَمْدُ يُحْيِي وَيُمِيتُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ أَنْجَزَ وَعَدَهُ، وَنَصَرَ عَبْدَهُ، وَهَزَمَ الْأَحْزَابَ وَحْدَهُ، وَجَعَلَ يَدْعُو بَعْدَ ذَلِكَ» ثُمَّ يَهْبِطُ نَحْوَ الْمَرْوَةِ فَيَمْشِي عَلَى هَيْئَتِهِ حَتَّى يَنْتَهِيَ إلَى بَطْنِ الْوَادِي فَإِذَا كَانَ عِنْدَ الْمِيلِ الْأَخْضَرِ فِي بَطْنِ الْوَادِي سَعَى حَتَّى يُجَاوِزَ الْمَيْلَ الْأَخْضَرَ فَيَسْعَى بَيْنَ الْمِيلَيْنِ الْأَخْضَرَيْنِ لِحَدِيثِ جَابِرٍ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمَّا فَرَغَ مِنْ الدُّعَاءِ مَشَى نَحْوَ الْمَرْوَةِ حَتَّى إذَا انْتَصَبَتْ قَدَمَاهُ فِي بَطْنِ الْوَادِي سَعَى، وَقَالَ فِي سَعْيِهِ: رَبِّ اغْفِرْ وَارْحَمْ وَتَجَاوَزْ عَمَّا تَعْلَمُ، إنَّكَ أَنْتَ الْأَعَزُّ الْأَكْرَمُ» وَكَانَ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - إذَا رَمَلَ بَيْنَ الصَّفَا، وَالْمَرْوَةِ قَالَ: اللَّهُمَّ اسْتَعْمِلْنِي بِسُنَّةِ نَبِيُّكَ، وَتَوَفَّنِي عَلَى مِلَّتِهِ، وَأَعِذْنِي مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ ثُمَّ يَمْشِي عَلَى هَيْئَتِهِ حَتَّى يَأْتِيَ الْمَرْوَةَ فَيَصْعَدُ عَلَيْهَا، وَيَقُومُ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ فَيَحْمَدُ اللَّهَ تَعَالَى، وَيُثْنِي عَلَيْهِ، وَيُكَبِّرُ، وَيُهَلِّلُ، وَيُصَلِّي عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَيَسْأَلُ اللَّهَ تَعَالَى حَوَائِجَهُ فَيَفْعَلُ عَلَى الْمَرْوَةِ مِثْلَ مَا فَعَلَ عَلَى الصَّفَا لِمَا رُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هَكَذَا فَعَلَ، وَيَطُوفُ بَيْنَهُمَا سَبْعَةَ أَشْوَاطٍ هَكَذَا يَبْدَأُ بِالصَّفَا، وَيَخْتِمُ بِالْمَرْوَةِ، وَيَسْعَى فِي بَطْنِ الْوَادِي فِي كُلِّ شَوْطٍ، وَيَعُدُّ الْبِدَايَةَ شَوْطًا، وَالْعَوْدَ شَوْطًا آخَرَ خِلَافًا لِمَا قَالَهُ الطَّحَاوِيُّ إنَّهُمَا يُعَدَّانِ جَمِيعًا شَوْطًا وَاحِدًا، وَإِنَّهُ خِلَافُ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ لِمَا بَيَّنَّا فِيمَا تَقَدَّمَ.

فَإِذَا فَرَغَ مِنْ السَّعْيِ، فَإِنْ كَانَ مُحْرِمًا بِالْعُمْرَةِ، وَلَمْ يَسُقْ الْهَدْيَ يَحْلِقُ أَوْ يُقَصِّرُ فَيَحِلُّ؛ لِأَنَّ أَفْعَالَ الْعُمْرَةِ هِيَ الطَّوَافُ وَالسَّعْيُ فَإِذَا أَتَى بِهِمَا لَمْ يَبْقَ عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ أَفْعَالِ الْعُمْرَةِ فَيَحْتَاجُ إلَى الْخُرُوجِ مِنْهَا بِالتَّحَلُّلِ، وَذَلِكَ بِالْحَلْقِ أَوْ التَّقْصِيرِ كَالتَّسْلِيمِ فِي بَابِ الصَّلَاةِ، وَالْحَلْقُ أَفْضَلُ لِمَا ذَكَرْنَا فِيمَا تَقَدَّمَ فَإِذَا حَلَقَ أَوْ قَصَّرَ حَلَّ لَهُ جَمِيعُ مَحْظُورَاتِ الْإِحْرَامِ، وَهَذَا الَّذِي ذَكَرْنَا قَوْلُ أَصْحَابِنَا، وَقَالَ الشَّافِعِيُّ يَقَعُ التَّحَلُّلُ مِنْ الْعُمْرَةِ بِالسَّعْيِ، وَمِنْ الْحَجِّ بِالرَّمْيِ، وَالْمَسْأَلَةُ قَدْ مَرَّتْ فِي بَيَانِ، وَاجِبَاتِ الْحَجِّ.
وَإِنْ كَانَ قَدْ سَاقَ الْهَدْيَ لَا يَحْلِقُ، وَلَا يُقَصِّرُ لِلْعُمْرَةِ بَلْ يُقِيمُ حَرَامًا إلَى يَوْمِ النَّحْرِ: لَا يَحِلُّ لَهُ التَّحَلُّلُ إلَّا يَوْمَ النَّحْرِ عِنْدَنَا، وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ سَوْقُ الْهَدْيِ لَا يَمْنَعُ مِنْ التَّحَلُّلِ، وَنَذْكُرُ الْمَسْأَلَةَ فِي التَّمَتُّعِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى، وَإِنْ كَانَ مُحْرِمًا بِالْحَجِّ، فَإِنْ كَانَ مُفْرِدًا بِهِ يُقِيمُ عَلَى إحْرَامِهِ، وَلَا يَتَحَلَّلُ؛ لِأَنَّ أَفْعَالَ الْحَجِّ عَلَيْهِ بَاقِيَةٌ فَلَا يَجُوزُ لَهُ التَّحَلُّلُ إلَى يَوْمِ النَّحْرِ، وَمِنْ النَّاسِ مَنْ قَالَ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَفْتَتِحَ إحْرَامَ الْحَجِّ بِفِعْلِ الْعُمْرَةِ، وَهُوَ الطَّوَافُ وَالسَّعْيُ، وَالتَّحَلُّلُ مِنْهَا بِالْحَلْقِ أَوْ التَّقْصِيرِ لِمَا رُوِيَ عَنْ جَابِرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّ أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانُوا أَهَلُّوا بِالْحَجِّ مُفْرِدِينَ فَقَالَ لَهُمْ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَحِلُّوا مِنْ إحْرَامِكُمْ بِطَوَافِ الْبَيْتِ، وَبَيْنَ الصَّفَا، وَالْمَرْوَةِ، وَقَصِّرُوا ثُمَّ أَقِيمُوا حَلَالًا حَتَّى إذَا كَانَ يَوْمُ التَّرْوِيَةِ أَهِلُّوا بِالْحَجِّ» فَالْجَوَابُ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ ثُمَّ نُسِخَ، وَعَنْ أَبِي ذَرٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهُ قَالَ: أَشْهَدُ أَنَّ فَسْخَ الْإِحْرَامِ كَانَ خَاصًّا لِلرَّكْبِ الَّذِينَ كَانُوا مَعَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَإِنْ كَانَ قَارِنًا فَإِنَّهُ يَطُوفُ طَوَافَيْنِ، وَيَسْعَى سَعْيَيْنِ عِنْدَنَا فَيَبْدَأُ أَوَّلًا بِالطَّوَافِ وَالسَّعْيِ لِلْعُمْرَةِ فَيَطُوفُ، وَيَسْعَى لِلْعُمْرَةِ ثُمَّ يَطُوفُ وَيَسْعَى لِلْحَجِّ كَمَا وَصَفْنَا، وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ يَطُوفُ لَهُمَا جَمِيعًا طَوَافًا وَاحِدًا، وَيَسْعَى لَهُمَا سَعْيًا وَاحِدًا، وَهَذَا بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْقَارِنَ عِنْدَنَا مُحْرِمٌ بِإِحْرَامَيْنِ بِإِحْرَامِ الْعُمْرَةِ، وَإِحْرَامِ الْحَجِّ، وَلَا يَدْخُلُ إحْرَامُ الْعُمْرَةِ فِي إحْرَامِ الْحَجِّ، وَعِنْدَهُ يُحْرِمُ بِإِحْرَامٍ وَاحِدٍ، وَيَدْخُلُ إحْرَامُ الْعُمْرَةِ فِي إحْرَامِ الْحَجِّ؛ لِأَنَّ نَفْسَ الْعُمْرَةِ لَا تَدْخُلُ فِي الْحَجَّةِ، وَلِأَنَّ الْإِحْرَامَ عَلَى أَصْلِهِ رُكْنٌ لِمَا نَذْكُرُ فَكَانَ مِنْ أَفْعَالِ الْحَجِّ، وَالْأَفْعَالُ يَجُوزُ فِيهَا التَّدَاخُلُ كَسَجْدَةِ التِّلَاوَةِ وَالْحُدُودِ وَغَيْرِهَا، وَلَنَا مَا رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، وَعِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَرَّقَ بَيْنَ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ، وَطَافَ لَهُمَا طَوَافَيْنِ، وَسَعَى لَهُمَا سَعْيَيْنِ» ، وَلِأَنَّ الْقَارِنَ مُحْرِمٌ بِالْعُمْرَةِ، وَمُحْرِمٌ بِالْحَجَّةِ حَقِيقَةً؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ لَبَّيْكَ بِعُمْرَةٍ وَحَجَّةٍ مَعْنَاهُ: لَبَّيْكَ بِعُمْرَةٍ وَلَبَّيْكَ بِحَجَّةٍ كَقَوْلِهِ: جَاءَنِي زَيْدٌ، وَعَمْرٌو أَنَّ مَعْنَاهُ جَاءَنِي زَيْدٌ، وَجَاءَنِي عَمْرٌو، وَإِذَا كَانَ مُحْرِمًا بِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَطُوفُ، وَيَسْعَى لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا طَوَافًا عَلَى حِدَةٍ وَسَعْيًا عَلَى حِدَةٍ.
وَكَذَا تَسْمِيَةُ الْقِرَانِ يَدُلُّ عَلَى مَا قُلْنَا؛ إذْ الْقِرَانُ حَقِيقَةً يَكُونُ بَيْنَ شَيْئَيْنِ إذْ هُوَ ضَمُّ شَيْءٍ إلَى شَيْءٍ، وَمَعْنَى الضَّمِّ حَقِيقَةً فِيمَا قُلْنَا لَا فِيمَا قَالَهُ، وَاعْتِبَارُ الْحَقِيقَةِ أَصْلٌ فِي الشَّرِيعَةِ وَأَمَّا الْحَدِيثُ فَمَعْنَاهُ دَخَلَ وَقْتُ الْعُمْرَةِ فِي وَقْتِ الْحَجِّ؛ لِأَنَّ سَبَبَ ذَلِكَ أَنَّهُمْ كَانُوا يَعُدُّونَ الْعُمْرَةَ فِي وَقْتِ الْحَجِّ مِنْ أَفْجَرِ الْفُجُورِ ثُمَّ

نام کتاب : بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع نویسنده : الكاساني، علاء الدين    جلد : 2  صفحه : 149
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست