responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع نویسنده : الكاساني، علاء الدين    جلد : 1  صفحه : 45
اخْتِلَافِهِمْ رَاجِعٌ إلَى تَأْوِيلِ قَوْله تَعَالَى فِي آيَةِ التَّيَمُّمِ {أَوْ لامَسْتُمُ النِّسَاءَ} [المائدة: 6] ، أَوْ لَمَسْتُمْ فَعَلِيٌّ، وَابْنُ عَبَّاسٍ أَوَّلَا ذَلِكَ بِالْجِمَاعِ وَقَالَا: كَنَّى اللَّهُ تَعَالَى عَنْ الْوَطْءِ بِالْمَسِيسِ، وَالْغَشَيَانِ، وَالْمُبَاشَرَةِ، وَالْإِفْضَاءِ، وَالرَّفَثِ، وَعُمَرُ، وَابْنُ مَسْعُودٍ أَوَّلَاهُ بِالْمَسِّ بِالْيَدِ فَلَمْ يَكُنْ الْجُنُبُ دَاخِلًا فِي هَذِهِ الْآيَةِ فَبَقِيَ الْغُسْلُ وَاجِبًا عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ {وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا} [المائدة: 6] ، وَأَصْحَابُنَا أَخَذُوا بِقَوْلِ عَلِيٍّ، وَابْنِ عَبَّاسٍ لِمُوَافَقَةِ الْأَحَادِيثِ الْمَرْوِيَّةِ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ «قَالَ: لِلْجُنُبِ مِنْ الْجِمَاعِ أَنْ يَتَيَمَّمَ إذَا لَمْ يَجِدْ الْمَاءَ» ، وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ «رَجُلًا جَاءَ إلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ: إنَّا قَوْمٌ نَسْكُنُ الرِّمَالَ وَلَا نَجِدُ الْمَاءَ شَهْرًا، أَوْ شَهْرَيْنِ، وَفِينَا الْجُنُبُ، وَالنُّفَسَاءُ، وَالْحَائِضُ فَكَيْفَ نَصْنَعُ فَقَالَ: - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَيْكُمْ بِالْأَرْضِ، وَفِي رِوَايَةٍ عَلَيْكُمْ بِالصَّعِيدِ» ، وَكَذَا حَدِيثُ عَمَّارٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَغَيْرِهِ عَلَى مَا نَذْكُرُهُ وَيَجُوزُ التَّيَمُّمُ مِنْ الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ لِمَا رُوِينَا مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَلِأَنَّهُمَا بِمَنْزِلَةِ الْجَنَابَةِ فَكَانَ وُرُودُ النَّصِّ فِي الْجَنَابَةِ وُرُودًا فِيهِمَا دَلَالَةٌ، وَلِلْمُسَافِرِ أَنْ يُجَامِعَ امْرَأَتَهُ، وَإِنْ كَانَ لَا يَجِدُ الْمَاءَ وَقَالَ مَالِكٌ يُكْرَهُ وَجْهُ قَوْلِهِ أَنَّ جَوَازَ التَّيَمُّمِ لِلْجُنُبِ اخْتَلَفَ فِيهِ كِبَارُ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - فَكَانَ الْجِمَاعُ اكْتِسَابًا لِسَبَبِ وُقُوعِ الشَّكِّ فِي جَوَازِ الصَّلَاةِ فَيُكْرَهُ.
(وَلَنَا) مَا رُوِيَ عَنْ أَبِي مَالِكٍ الْغِفَارِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهُ قَالَ: «قُلْت: لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَأُجَامِعُ امْرَأَتِي، وَأَنَا لَا أَجِدُ الْمَاءَ فَقَالَ جَامِعْ امْرَأَتَك، وَإِنْ كُنْت لَا تَجِدُ الْمَاءَ إلَى عَشْرِ حِجَجٍ فَإِنَّ التُّرَابَ كَافِيك» .

(وَأَمَّا) بَيَانُ مَعْنَاهُ فَالتَّيَمُّمُ فِي اللُّغَةِ الْقَصْدُ يُقَالُ: تَيَمَّمَ، وَيَمَّمَ إذَا قَصَدَ، وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ
وَمَا أَدْرِي إذَا يَمَّمْت أَرْضًا ... أُرِيدُ الْخَيْرَ أَيُّهُمَا يَلِينِي
أَأَلْخَيْرُ الَّذِي أَنَا أَبْتَغِيهِ ... أَمْ الشَّرُّ الَّذِي هُوَ يَبْتَغِينِي
قَوْلُهُ: يَمَّمْت أَيْ: قَصَدْت، وَفِي عُرْفِ الشَّرْعِ عِبَارَةٌ عَنْ اسْتِعْمَالِ الصَّعِيدِ فِي عُضْوَيْنِ مَخْصُوصَيْنِ عَلَى قَصْدِ التَّطْهِيرِ بِشَرَائِطَ مَخْصُوصَةٍ نَذْكُرُهَا فِي مَوَاضِعِهَا إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

[فَصْلٌ أَرْكَان التَّيَمُّمِ]
(فَصْلٌ) :
وَأَمَّا رُكْنُهُ فَقَدْ اُخْتُلِفَ فِيهِ قَالَ أَصْحَابُنَا: هُوَ ضَرْبَتَانِ ضَرْبَةٌ لِلْوَجْهِ وَضَرْبَةٌ لِلْيَدَيْنِ إلَى الْمِرْفَقَيْنِ وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيْ الشَّافِعِيِّ وَفِي قَوْلِهِ الْآخَرِ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ ضَرْبَةٌ لِلْوَجْهِ وَضَرْبَةٌ لِلْيَدَيْنِ إلَى الرُّسْغَيْنِ وَقَالَ الزُّهْرِيُّ: ضَرْبَةٌ لِلْوَجْهِ وَضَرْبَةٌ لِلْيَدَيْنِ إلَى الْآبَاطِ وَقَالَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى: ضَرْبَتَانِ يَمْسَحُ بِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا الْوَجْهَ، وَالذِّرَاعَيْنِ جَمِيعًا وَقَالَ ابْنَ سِيرِينَ: ثَلَاثُ ضَرَبَاتٍ ضَرْبَةٌ لِلْوَجْهِ وَضَرْبَةٌ لِلذِّرَاعَيْنِ وَضَرْبَةٌ أُخْرَى لَهُمَا جَمِيعًا وَقَالَ بَعْضُ النَّاسِ: هُوَ ضَرْبَةٌ وَاحِدَةٌ يَسْتَعْمِلُهَا فِي وَجْهِهِ، وَيَدَيْهِ، وَحُجَّتُهُمْ ظَاهِرُ قَوْله تَعَالَى {فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ} [المائدة: 6] أَمْرٌ بِالتَّيَمُّمِ، وَفَسَّرَهُ بِمَسْحِ الْوَجْهِ، وَالْيَدَيْنِ بِالصَّعِيدِ مُطْلَقًا عَنْ شَرْطِ الضَّرْبَةِ، وَالضَّرْبَتَيْنِ فَيَجْرِي عَلَى إطْلَاقِهِ، وَبِهِ يَحْتَجُّ الزُّهْرِيُّ فَيَقُولُ: إنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَمَرَ بِمَسْحِ الْيَدِ، وَالْيَدُ اسْمٌ لِهَذِهِ الْجَارِحَةِ مِنْ رُءُوسِ الْأَصَابِعِ إلَى الْآبَاطِ وَلَوْلَا ذِكْرُ الْمَرَافِقِ غَايَةً لِلْأَمْرِ بِالْغَسْلِ فِي بَابِ الْوُضُوءِ لَوَجَبَ غَسْلُ هَذَا الْمَحْدُودِ، وَالْغَايَةُ ذُكِرَتْ فِي الْوُضُوءِ دُونَ التَّيَمُّمِ.
وَاحْتَجَّ مَالِكٌ، وَالشَّافِعِيُّ بِمَا رُوِيَ «أَنَّ عَمَّارَ بْنَ يَاسِرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَجْنَبَ فَتَمَعَّكَ فِي التُّرَابِ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَا عَلِمْت أَنَّهُ يَكْفِيك الْوَجْهُ، وَالْكَفَّانِ» .
(وَلَنَا) الْكِتَابُ، وَالسُّنَّةُ أَمَّا الْكِتَابُ فَقَوْلُهُ تَعَالَى {فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ} [المائدة: 6] وَالْآيَةُ حُجَّةٌ عَلَى مَالِكٍ، وَالشَّافِعِيِّ، لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَمَرَ بِمَسْحِ الْيَدِ، فَلَا يَجُوزُ التَّقْيِيدُ بِالرُّسْغِ إلَّا بِدَلِيلٍ وَقَدْ قَامَ دَلِيلُ التَّقْيِيدِ بِالْمِرْفَقِ، وَهُوَ أَنَّ الْمِرْفَقَ جُعِلَ غَايَةً لِلْأَمْرِ بِالْغُسْلِ، وَهُوَ الْوُضُوءُ، وَالتَّيَمُّمُ بَدَلٌ عَنْ الْوُضُوءِ، وَالْبَدَلُ لَا يُخَالِفُ الْمُبْدَلَ فَذِكْرُ الْغَايَةِ هُنَاكَ يَكُونُ ذِكْرًا هَهُنَا دَلَالَةً، وَهُوَ الْجَوَابُ عَنْ قَوْلِ مَنْ يَقُولُ: إنَّ التَّيَمُّمَ ضَرْبَةٌ وَاحِدَةٌ لِأَنَّ النَّصَّ لَمْ يَتَعَرَّضْ لِلتَّكْرَارِ لِأَنَّ النَّصَّ إنْ كَانَ لَمْ يَتَعَرَّضْ لِلتَّكْرَارِ أَصْلًا نَصًّا فَهُوَ مُتَعَرِّضٌ لَهُ دَلَالَةً؛ لِأَنَّ التَّيَمُّمَ خَلْفٌ عَنْ الْوُضُوءِ وَلَا يَجُوزُ اسْتِعْمَالُ مَاءٍ وَاحِدٍ فِي عُضْوَيْنِ فِي الْوُضُوءِ فَلَا يَجُوزُ اسْتِعْمَالُ تُرَابٍ وَاحِدٍ فِي عُضْوَيْنِ فِي التَّيَمُّمِ، لِأَنَّ الْخَلْفَ لَا يُخَالِفُ الْأَصْلَ، وَكَذَا هِيَ حُجَّةٌ عَلَى ابْنِ أَبِي لَيْلَى، وَابْنِ سِيرِينَ، لِأَنَّ اللَّهُ تَعَالَى أَمَرَ بِمَسْحِ الْوَجْهِ، وَالْيَدَيْنِ فَيَقْتَضِي وُجُودَ فِعْلِ الْمَسْحِ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَرَّةً وَاحِدَةً، لِأَنَّ الْأَمْرَ الْمُطْلَقَ لَا يَقْتَضِي التَّكْرَارَ، وَفِيمَا قَالَاهُ تَكْرَارٌ فَلَا تَجُوزُ الزِّيَادَةُ عَلَى الْكِتَابِ إلَّا بِدَلِيلٍ صَالِحٍ لِلزِّيَادَةِ (وَأَمَّا) السُّنَّةُ فَمَا

نام کتاب : بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع نویسنده : الكاساني، علاء الدين    جلد : 1  صفحه : 45
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست