responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع نویسنده : الكاساني، علاء الدين    جلد : 1  صفحه : 311
الْأَوَّلُ: فَالدَّلِيلُ عَلَى فَرْضِيَّتِهَا مَا رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: «صَلُّوا عَلَى كُلِّ بَرٍّ وَفَاجِرٍ» وَرُوِيَ عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: «لِلْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ سِتُّ حُقُوقٍ» وَذَكَرَ مِنْ جُمْلَتِهَا أَنَّهُ «يُصَلَّى عَلَى جِنَازَتِهِ» وَكَلِمَةُ عَلَى لِلْإِيجَابِ وَكَذَا مُوَاظَبَةُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَصْحَابِهِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - وَالْأُمَّةِ مِنْ لَدُنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلَى يَوْمِنَا هَذَا عَلَيْهَا، دَلِيلُ الْفَرْضِيَّةِ وَالْإِجْمَاعُ مُنْعَقِدٌ عَلَى فَرْضِيَّتِهَا أَيْضًا إلَّا أَنَّهَا فَرْضُ كِفَايَةٍ إذَا قَامَ بِهِ الْبَعْضُ يَسْقُطُ عَنْ الْبَاقِينَ؛ لِأَنَّ مَا هُوَ الْفَرْضُ، وَهُوَ قَضَاءُ حَقِّ الْمَيِّتِ يَحْصُلُ بِالْبَعْضِ، وَلَا يُمْكِنُ إيجَابُهَا عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ آحَادِ النَّاسِ فَصَارَ بِمَنْزِلَةِ الْجِهَادِ، لَكِنْ لَا يَسَعُ الِاجْتِمَاعُ عَلَى تَرْكِهَا كَالْجِهَادِ.

وَأَمَّا بَيَانُ مَنْ يُصَلَّى عَلَيْهِ فَكُلُّ مُسْلِمٍ مَاتَ بَعْدَ الْوِلَادَةِ يُصَلَّى عَلَيْهِ صَغِيرًا كَانَ، أَوْ كَبِيرًا، ذَكَرًا كَانَ، أَوْ أُنْثَى، حُرًّا كَانَ، أَوْ عَبْدًا إلَّا الْبُغَاةَ وَقُطَّاعَ الطَّرِيقِ، وَمَنْ بِمِثْلِ حَالِهِمْ لِقَوْلِ النَّبِيِّ: - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «صَلُّوا عَلَى كُلِّ بَرٍّ وَفَاجِرٍ» وَقَوْلُهُ: «لِلْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ سِتُّ حُقُوقٍ» وَذَكَرَ مِنْ جُمْلَتِهَا أَنْ يُصَلَّى عَلَى جِنَازَتِهِ مِنْ غَيْرِ فَصْلٍ إلَّا مَا خُصَّ بِدَلِيلٍ، وَالْبُغَاةُ وَمَنْ بِمِثْلِ حَالِهِمْ مَخْصُوصُونَ لِمَا ذَكَرْنَا.

وَلَا يُصَلَّى عَلَى مَنْ وُجِدَ مَيِّتًا، وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي بَابِ الْغُسْلِ.

وَإِنْ مَاتَ فِي حَالِ وِلَادَتِهِ، فَإِنْ كَانَ خَرَجَ أَكْثَرُهُ صُلِّيَ عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ أَقَلَّهُ لَمْ يُصَلَّ عَلَيْهِ اعْتِبَارًا لِلْأَغْلَبِ، وَإِنْ كَانَ خَرَجَ نِصْفُهُ لَمْ يَذْكُرْ فِي الْكِتَابِ، وَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ هَذَا عَلَى قِيَاسِ مَا ذَكَرْنَا مِنْ الصَّلَاةِ عَلَى نِصْفِ الْمَيِّتِ.

وَلَا يُصَلَّى عَلَى بَعْضِ الْإِنْسَانِ حَتَّى يُوجَدَ الْأَكْثَرُ مِنْهُ عِنْدَنَا؛ لِأَنَّا لَوْ صَلَّيْنَا عَلَى هَذَا الْبَعْضِ يَلْزَمُنَا الصَّلَاةُ عَلَى الْبَاقِي إذَا وَجَدْنَاهُ فَيُؤَدِّي إلَى التَّكْرَارِ، وَأَنَّهُ لَيْسَ بِمَشْرُوعٍ عِنْدَنَا بِخِلَافِ الْأَكْثَرِ؛ لِأَنَّهُ إذَا صُلِّيَ عَلَيْهِ لَمْ يُصَلَّ عَلَى الْبَاقِي إذَا وُجِدَ، وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي بَابِ الْغُسْلِ، وَذَكَرْنَا اخْتِلَافَ رِوَايَةِ الْكَرْخِيِّ وَالطَّحَاوِيِّ فِي النِّصْفِ الْمَقْطُوعِ.

وَلَا يُصَلَّى عَلَى مَيِّتٍ إلَّا مَرَّةً وَاحِدَةً لَا جَمَاعَةً وَلَا وُحْدَانًا عِنْدَنَا، إلَّا أَنْ يَكُونَ الَّذِينَ صَلَّوْا عَلَيْهَا أَجَانِبَ بِغَيْرِ أَمْرِ الْأَوْلِيَاءِ، ثُمَّ حَضَرَ الْوَلِيُّ فَحِينَئِذٍ لَهُ أَنْ يُعِيدَهَا، وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: " يَجُوزُ لِمَنْ لَمْ يُصَلِّ أَنْ يُصَلِّيَ " وَاحْتَجَّ بِمَا رُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «صَلَّى عَلَى النَّجَاشِيِّ» وَلَا شَكَّ أَنَّهُ كَانَ صَلَّى عَلَيْهِ وَرُوِيَ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَرَّ بِقَبْرٍ جَدِيدٍ فَسَأَلَ عَنْهُ فَقِيلَ: قَبْرُ فُلَانَةَ فَقَالَ: هَلَّا آذَنْتُمُونِي بِالصَّلَاةِ عَلَيْهَا فَقِيلَ: إنَّهَا دُفِنَتْ لَيْلًا فَخَشِينَا عَلَيْكَ هَوَامَّ الْأَرْضِ فَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: إذَا مَاتَ إنْسَانٌ فَآذِنُونِي فَإِنَّ صَلَاتِي عَلَيْهِ رَحْمَةٌ، وَقَامَ وَجَعَلَ الْقَبْرَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْقِبْلَةِ وَصَلَّى عَلَيْهِ» .
وَكَذَا الصَّحَابَةُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - صَلَّوْا عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جَمَاعَةً بَعْدَ جَمَاعَةٍ؛ وَلِأَنَّهَا دُعَاءٌ، وَلَا بَأْسَ بِتَكْرَارِ الدُّعَاءِ؛ وَلِأَنَّ حَقَّ الْمَيِّتِ وَإِنْ قُضِيَ فَلِكُلِّ مُسْلِمٍ فِي الصَّلَاةِ حَقٌّ؛ وَلِأَنَّهُ يُثَابُ بِذَلِكَ، وَعَسَى أَنْ يُغْفَرَ لَهُ بِبَرَكَةِ هَذَا الْمَيِّتِ كَرَامَةً لَهُ، وَلَمْ يَقْضِ هَذَا الْحَقَّ فِي حَقِّ كُلِّ شَخْصٍ فَكَانَ لَهُ أَنْ يَقْضِيَ حَقَّهُ.
(وَلَنَا) مَا رُوِيَ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَلَّى عَلَى جِنَازَةٍ فَلَمَّا فَرَغَ جَاءَ عُمَرُ وَمَعَهُ قَوْمٌ فَأَرَادَ أَنْ يُصَلِّيَ ثَانِيًا، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ: - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الصَّلَاةُ عَلَى الْجِنَازَةِ لَا تُعَادُ، وَلَكِنْ اُدْعُ لِلْمَيِّتِ وَاسْتَغْفِرْ لَهُ» وَهَذَا نَصٌّ فِي الْبَابِ وَرُوِيَ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ وَابْنَ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - فَاتَتْهُمَا صَلَاةٌ عَلَى جِنَازَةٍ فَلَمَّا حَضَرَا مَا زَادَا عَلَى الِاسْتِغْفَارِ لَهُ وَرُوِيَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ أَنَّهُ فَاتَتْهُ الصَّلَاةُ عَلَى جِنَازَةِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فَلَمَّا حَضَرَ قَالَ: إنْ سَبَقْتُمُونِي بِالصَّلَاةِ عَلَيْهِ فَلَا تَسْبِقُونِي بِالدُّعَاءِ لَهُ، وَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ أَنَّ الْأُمَّةَ تَوَارَثَتْ تَرْكَ الصَّلَاةِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَعَلَى الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ وَالصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ -.
وَلَوْ جَازَ لَمَا تَرَكَ مُسْلِمٌ الصَّلَاةَ عَلَيْهِمْ خُصُوصًا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؛ لِأَنَّهُ فِي قَبْرِهِ كَمَا وُضِعَ فَإِنَّ لُحُومَ الْأَنْبِيَاءِ حَرَامٌ عَلَى الْأَرْضِ، بِهِ وَرَدَ الْأَثَرُ، وَتَرْكُهُمْ ذَلِكَ إجْمَاعًا مِنْهُمْ دَلِيلٌ عَلَى عَدَمِ جَوَازِ التَّكْرَارِ؛ وَلِأَنَّ الْفَرْضَ قَدْ سَقَطَ بِالْفِعْلِ مَرَّةً وَاحِدَةً؛ لِكَوْنِهَا فَرْضَ كِفَايَةٍ، وَلِهَذَا إنَّ مَنْ لَمْ يُصَلِّ لَوْ تَرَكَ الصَّلَاةَ ثَانِيًا لَا يَأْثَمُ وَإِذًا سَقَطَ الْفَرْضُ، فَلَوْ صَلَّى ثَانِيًا كَانَ نَفْلًا.
وَالتَّنَفُّلُ بِصَلَاةِ الْجِنَازَةِ غَيْرُ مَشْرُوعٍ بِدَلِيلِ أَنَّ مَنْ صَلَّى مَرَّةً لَا يُصَلِّي ثَانِيًا، وَهَذَا بِخِلَافِ مَا إذَا تَقَدَّمَ غَيْرُ الْوَلِيِّ فَصَلَّى إنَّ لِلْوَلِيِّ أَنْ يُصَلِّيَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَجُزْ الْأَوَّلُ تَبَيَّنَ أَنَّ الْأَوَّلَ لَمْ يَقَعْ فَرْضًا؛ لِأَنَّ حَقَّ التَّقَدُّمِ كَانَ لَهُ، فَإِذَا تَقَدَّمَ غَيْرُهُ بِغَيْرِ إذْنِهِ كَانَ لَهُ أَنْ يَسْتَوْفِيَ حَقَّهُ فِي التَّقَدُّمِ فَيَقَعُ الْأَوَّلُ فَرْضًا، فَهُوَ الْفَرْقُ، وَالنَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إنَّمَا أَعَادَ؛ لِأَنَّ وِلَايَةَ الصَّلَاةِ كَانَتْ لَهُ، فَإِنْ كَانَ أَوْلَى الْأَوْلِيَاءِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ} [الأحزاب: 6] وَرُوِيَ عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: «لَا يُصَلِّي عَلَى مَوْتَاكُمْ غَيْرِي مَا دُمْتُ بَيْنَ أَظْهُرِكُمْ» فَلَمْ يَسْقُطْ بِأَدَاءِ غَيْرِهِ، وَهَذَا هُوَ تَأْوِيلُ فِعْلِ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - فَإِنَّ

نام کتاب : بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع نویسنده : الكاساني، علاء الدين    جلد : 1  صفحه : 311
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست