responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع نویسنده : الكاساني، علاء الدين    جلد : 1  صفحه : 273
الْقِرَاءَةِ فِي الْوِتْرِ وَذَكَرَ مُحَمَّدٌ فِي الْأَصْلِ وَقَالَ: وَمَا قَرَأَ فِي الْوِتْرِ فَهُوَ حَسَنٌ، وَبَلَغَنَا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ «قَرَأَ فِي الْوِتْرِ فِي الرَّكْعَةِ الْأَوْلَى بِسَبِّحْ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى، وَفِي الثَّانِيَةِ بِقُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ، وَفِي الثَّالِثَةِ بِقُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ» ، وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُوَقِّتَ شَيْئًا مِنْ الْقُرْآنِ فِي الْوِتْرِ لِمَا مَرَّ، وَلَوْ قَرَأَ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى} [الأعلى: 1] ، وَفِي الثَّانِيَةِ {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ} [الكافرون: 1] ، وَفِي الثَّالِثَةِ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} [الإخلاص: 1] اتِّبَاعًا لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ حَسَنًا لَكِنْ لَا يُوَاظِبْ عَلَيْهِ كَيْ لَا يَظُنَّهُ الْجُهَّالُ حَتْمًا، ثُمَّ إذَا فَرَغَ مِنْ الْقِرَاءَةِ فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ كَبَّرَ وَرَفَعَ يَدَيْهِ حِذَاءَ أُذُنَيْهِ ثُمَّ أَرْسَلَهُمَا ثُمَّ يَقْنُتُ.
أَمَّا التَّكْبِيرُ فَلِمَا رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ «كَانَ إذَا أَرَادَ أَنْ يَقْنُتَ كَبَّرَ وَقَنَتَ» .
وَأَمَّا رَفْعُ الْيَدَيْنِ فَلِقَوْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَا تَرْفَعْ الْيَدَيْنِ إلَّا فِي سَبْعَةِ مَوَاطِنَ» وَذَكَرَ مِنْ جُمْلَتِهَا الْقُنُوتَ.
وَأَمَّا الْإِرْسَالُ فَقَدْ ذَكَرْنَا تَفْسِيرَهُ فِيمَا تَقَدَّمَ وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ.

[فَصْلٌ فِي الْقُنُوت]
(فَصْلٌ) :
وَأُمَّا الْقُنُوتُ فَالْكَلَامُ فِيهِ فِي مَوَاضِعَ: فِي صِفَةِ الْقُنُوتِ، وَمَحَلِّ أَدَائِهِ، وَمِقْدَارِهِ وَدُعَائِهِ، وَحُكْمِهِ إذَا فَاتَ عَنْ مَحِلِّهِ.
أَمَّا الْأَوَّلُ فَالْقُنُوتُ وَاجِبٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَعِنْدَهُمَا سُنَّةٌ، وَالْكَلَامُ فِيهِ كَالْكَلَامِ فِي أَصْلِ الْوِتْرِ.
وَأَمَّا مَحَلُّ أَدَائِهِ فَالْوِتْرُ فِي جَمِيعِ السُّنَّةِ قَبْلَ الرُّكُوعِ عِنْدَنَا، وَقَدْ خَالَفَنَا الشَّافِعِيُّ فِي الْمَوَاضِعِ الثَّلَاثَةِ فَقَالَ: يَقْنُتُ فِي صَلَاةِ الْفَجْرِ فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ بَعْدَ الرُّكُوعِ وَلَا يَقْنُتُ فِي الْوِتْرِ إلَّا فِي النِّصْفِ الْأَخِيرِ مِنْ رَمَضَانَ بَعْدَ الرُّكُوعِ، وَاحْتَجَّ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأَوْلَى بِمَا رُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ «يَقْنُتُ فِي صَلَاةِ الْفَجْرِ وَكَانَ يَدْعُو عَلَى قَبَائِلَ» ، وَلَنَا مَا رَوَى ابْنُ مَسْعُودٍ وَجَمَاعَةٌ مِنْ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «قَنَتَ فِي صَلَاةِ الْفَجْرِ شَهْرًا كَانَ يَدْعُو فِي قُنُوتِهِ عَلَى رَعْلٍ وَذَكْوَانَ وَيَقُولُ اللَّهُمَّ اُشْدُدْ وَطْأَتَكَ عَلَى مُضَرَ وَاجْعَلْهَا عَلَيْهِمْ سِنِينَ كَسِنِي يُوسُفَ ثُمَّ تَرَكَهُ فَكَانَ مَنْسُوخًا» دَلَّ عَلَيْهِ أَنَّهُ رُوِيَ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «كَانَ يَقْنُتُ فِي صَلَاةِ الْمَغْرِبِ كَمَا فِي صَلَاةِ الْفَجْرِ» وَذَلِكَ مَنْسُوخٌ بِالْإِجْمَاعِ، وَقَالَ أَبُو عُثْمَانَ النَّهْدِيُّ صَلَّيْتُ خَلْفَ أَبِي بَكْرٍ وَخَلْفَ عُمَرَ كَذَلِكَ فَلَمْ أَرَ أَحَدًا مِنْهُمَا يَقْنُتُ فِي صَلَاةِ الْفَجْرِ وَاحْتَجَّ فِي الْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ بِمَا رُوِيَ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لَمَّا أَمَرَ أُبَيَّ بْنَ كَعْبٍ بِالْإِمَامَةِ فِي لَيَالِي رَمَضَانَ أَمَرَهُ بِالْقُنُوتِ فِي النِّصْفِ الْأَخِيرِ مِنْهُ، وَلَنَا مَا رُوِيَ عَنْ عُمَرَ وَعَلِيٍّ وَابْنِ مَسْعُودٍ وَابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - أَنَّهُمْ قَالُوا: «رَاعَيْنَا صَلَاةَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِاللَّيْلِ يَقْنُتُ قَبْلَ الرُّكُوعِ» وَلَمْ يَذْكُرُوا وَقْتًا فِي السُّنَّةِ، وَتَأْوِيلُ مَا رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ أَنَّهُ طَوَّلَ الْقِيَامَ بِالْقِرَاءَةِ، وَطُولُ الْقِيَامِ يُسَمَّى قُنُوتًا؛ لِأَنَّهُ أَرَادَ بِهِ الْقُنُوتَ فِي الْوِتْرِ وَإِنَّمَا حَمَلْنَاهُ عَلَى هَذَا؛ لِأَنَّ إمَامَةَ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ كَانَتْ بِمَحْضَرٍ مِنْ الصَّحَابَةِ وَلَا يَخْفَى عَلَيْهِمْ حَالُهُ، وَقَدْ رَوَيْنَا عَنْهُمْ بِخِلَافِهِ، وَاسْتَدَلَّ فِي الْمَسْأَلَةِ الثَّالِثَةِ بِصَلَاةِ الْفَجْرِ، ثُمَّ قَدْ صَحَّ فِي الْحَدِيثِ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَنَّهُ كَانَ يَقْنُتُ فِي صَلَاةِ الْفَجْرِ بَعْدَ الرُّكُوعِ» فَقَاسَ عَلَيْهِ الْقُنُوتَ فِي الْوِتْرِ، وَلَنَا مَا رَوَيْنَا عَنْ جَمَاعَةٍ مِنْ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - «قُنُوتَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْوِتْرِ قَبْلَ الرُّكُوعِ» ، وَاسْتِدْلَالُهُ بِصَلَاةِ الْفَجْرِ غَيْرُ سَدِيدٍ؛ لِأَنَّهُ اسْتِدْلَالٌ بِالْمَنْسُوخِ عَلَى مَا مَرَّ.

وَأَمَّا مِقْدَارُ الْقُنُوتِ فَقَدْ ذَكَرَ الْكَرْخِيُّ أَنَّ مِقْدَارَ الْقِيَامِ فِي الْقُنُوتِ مِقْدَارُ سُورَةِ {إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ} [الانشقاق: 1] ، وَكَذَا ذُكِرَ فِي الْأَصْلِ؛ لِمَا رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ «كَانَ يَقْرَأُ فِي الْقُنُوتِ اللَّهُمَّ إنَّا نَسْتَعِينُكَ، اللَّهُمَّ اهْدِنَا فِيمَنْ هَدَيْتَ، وَكِلَاهُمَا عَلَى مِقْدَارِ هَذِهِ السُّورَةِ» .
وَرُوِيَ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «كَانَ لَا يُطَوِّلُ فِي دُعَاءِ الْقُنُوتِ» .

وَأَمَّا دُعَاءُ الْقُنُوتِ فَلَيْسَ فِي الْقُنُوتِ دُعَاءٌ مُوَقَّتٌ كَذَا ذَكَرَ الْكَرْخِيُّ فِي كِتَابِ الصَّلَاةِ؛ لِأَنَّهُ رُوِيَ عَنْ الصَّحَابَةِ أَدْعِيَةٌ مُخْتَلِفَةً فِي حَالِ الْقُنُوتِ؛ وَلِأَنَّ الْمُوَقَّتَ مِنْ الدُّعَاءِ يَجْرِي عَلَى لِسَانِ الدَّاعِي مِنْ غَيْرِ احْتِيَاجِهِ إلَى إحْضَارِ قَلْبِهِ وَصِدْقِ الرَّغْبَةِ مِنْهُ إلَى اللَّهِ تَعَالَى فَيَبْعُدُ عَنْ الْإِجَابَةِ؛ وَلِأَنَّهُ لَا تَوْقِيتَ فِي الْقِرَاءَةِ لِشَيْءٍ مِنْ الصَّلَوَاتِ فَفِي دُعَاءِ الْقُنُوتِ أَوْلَى، وَقَدْ رُوِيَ عَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ قَالَ: التَّوْقِيتُ فِي الدُّعَاءِ يُذْهِبُ رِقَّةَ الْقَلْبِ، وَقَالَ بَعْضُ مَشَايِخُنَا: الْمُرَادُ مِنْ قَوْلِهِ لَيْسَ فِي الْقُنُوتِ دُعَاءٌ مُوَقَّتٌ مَا سِوَى قَوْلِهِ اللَّهُمَّ إنَّا نَسْتَعِينُك؛ لِأَنَّ الصَّحَابَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - اتَّفَقُوا عَلَى هَذَا فِي الْقُنُوتِ فَالْأَوْلَى أَنْ يَقْرَأَهُ.
وَلَوْ قَرَأَ غَيْرَهُ جَازَ وَلَوْ قَرَأَ مَعَهُ غَيْرَهُ كَانَ حَسَنًا، وَالْأَوْلَى أَنْ يَقْرَأَ بَعْدَهُ مَا عَلَّمَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْحَسَنَ بْنَ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - فِي قُنُوتِهِ «اللَّهُمَّ اهْدِنَا فِيمَنْ هَدَيْتَ» إلَى آخِرِهِ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: الْأَفْضَلُ فِي الْوِتْرِ أَنْ يَكُونَ فِيهِ دُعَاءٌ مُوَقَّتٌ؛ لِأَنَّ الْإِمَامَ رُبَّمَا

نام کتاب : بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع نویسنده : الكاساني، علاء الدين    جلد : 1  صفحه : 273
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست