responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع نویسنده : الكاساني، علاء الدين    جلد : 1  صفحه : 242
عَلَى عَاتِقِهِ فَكَانَ إذَا سَجَدَ وَضَعَهَا وَإِذَا قَامَ رَفَعَهَا» ثُمَّ هَذَا الصَّنِيعُ لَمْ يُكْرَهْ مِنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؛ لِأَنَّهُ كَانَ مُحْتَاجًا إلَى ذَلِكَ لِعَدَمِ مَنْ يَحْفَظُهَا أَوْ لِبَيَانِهِ الشَّرْعَ بِالْفِعْلِ إنَّ هَذَا غَيْرُ مُوجِبٍ فَسَادَ الصَّلَاةِ، وَمِثْلُ هَذَا فِي زَمَانِنَا أَيْضًا لَا يُكْرَهُ لِوَاحِدٍ مِنَّا لَوْ فَعَلَ ذَلِكَ عِنْدَ الْحَاجَةِ أَمَّا بِدُونِ الْحَاجَةِ فَمَكْرُوهٌ.

وَلَوْ صَلَّى وَفِي فِيهِ شَيْءٌ يُمْسِكُهُ إنْ كَانَ لَا يَمْنَعُهُ مِنْ الْقِرَاءَةِ وَلَكِنْ يُخِلُّ بِهَا كَدِرْهَمٍ أَوْ دِينَارٍ أَوْ لُؤْلُؤَةٍ لَا تَفْسُدُ صَلَاتُهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَفُوتُ شَيْءٌ مِنْ الرُّكْنِ وَلَكِنْ يُكْرَهُ؛ لِأَنَّهُ يُوجِبُ الْإِخْلَالَ بِالرُّكْنِ حَتَّى لَوْ كَانَ لَا يُخِلُّ بِهِ لَا يُكْرَهُ وَإِنْ كَانَ يَمْنَعُهُ مِنْ الْقِرَاءَةِ فَسَدَتْ صَلَاتُهُ؛ لِأَنَّهُ يَفُوتُ الرُّكْنُ، وَإِنْ كَانَ فِي فِيهِ سُكَّرَةٌ لَا تَجُوزُ صَلَاتُهُ؛ لِأَنَّهُ أَكْلٌ، وَكَذَلِكَ إنْ كَانَ فِي كَفِّهِ مَتَاعٌ يُمْسِكُهُ جَازَتْ صَلَاتُهُ غَيْرَ أَنَّهُ إنْ كَانَ يَمْنَعُهُ عَنْ الْأَخْذِ بِالرُّكَبِ فِي الرُّكُوعِ أَوْ الِاعْتِمَادِ عَلَى الرَّاحَتَيْنِ عِنْدَ السُّجُودِ يُكْرَهُ لِمَنْعِهِ عَنْ تَحْصِيلِ السُّنَّةِ وَإِلَّا فَلَا.
وَلَوْ رَمَى طَائِرًا بِحَجَرٍ لَا تَفْسُدُ صَلَاتُهُ؛ لِأَنَّهُ عَمَلٌ قَلِيلٌ وَيُكْرَهُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَعْمَالِ الصَّلَاةِ.

وَلَوْ أَكَلَ أَوْ شَرِبَ فِي الصَّلَاةِ فَسَدَتْ صَلَاتُهُ لِوُجُودِ الْعَمَلِ الْكَثِيرِ وَسَوَاءٌ كَانَ عَامِدًا أَوْ سَاهِيًا فَرْقٌ بَيْنَ الصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ حَيْثُ كَانَ الْأَكْلُ وَالشُّرْبُ فِي الصَّوْمِ نَاسِيًا غَيْرَ مُفْسِدٍ إيَّاهُ، وَالْفَرْقُ أَنَّ الْقِيَاسَ أَنْ لَا يُفْصَلَ فِي بَابِ الصَّوْمِ بَيْنَ الْعَمْدِ وَالسَّهْوِ أَيْضًا لِوُجُودِ ضِدِّ الصَّوْمِ فِي الْحَالَيْنِ وَهُوَ تَرْكُ الْكَفِّ إلَّا أَنَّا عَرَفْنَا ذَلِكَ بِالنَّصِّ، وَالصَّلَاةُ لَيْسَتْ فِي مَعْنَاهُ؛ لِأَنَّ الصَّائِمَ كَثِيرًا مَا يُبْتَلَى بِهِ فِي حَالَةِ الصَّوْمِ فَلَوْ حَكَمْنَا بِالْفَسَادِ يُؤَدِّي إلَى الْحَرَجِ بِخِلَافِ الصَّلَاةِ؛ لِأَنَّ الْأَكْلَ وَالشُّرْبَ فِي الصَّلَاةِ سَاهِيًا نَادِرٌ غَايَةَ النُّدْرَةِ فَلَمْ يَكُنْ فِي مَعْنَى مَوْرِدِ النَّصِّ فَيُعْمَلُ فِيهَا بِالْقِيَاسِ الْمَحْضِ وَهُوَ أَنَّهُ عَمَلٌ كَثِيرٌ لَيْسَ مِنْ أَعْمَالِ الصَّلَاةِ أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ نَظَرَ النَّاظِرُ إلَيْهِ لَا يَشُكُّ أَنَّهُ فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ؟ وَلَوْ مَضَغَ الْعِلْكَ فِي الصَّلَاةِ فَسَدَتْ صَلَاتُهُ كَذَا ذَكَرَهُ مُحَمَّدٌ؛ لِأَنَّ النَّاظِرَ إلَيْهِ مِنْ بَعْدُ لَا يَشُكُّ أَنَّهُ فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ وَبِهَذَا تَبَيَّنَ أَنَّ الصَّحِيحَ مِنْ التَّحْدِيدِ هُوَ الْعِبَارَةُ الثَّانِيَةُ حَيْثُ حَكَمْنَا بِفَسَادِ الصَّلَاةِ مِنْ غَيْرِ الْحَاجَةِ إلَى اسْتِعْمَالِ الْيَدِ رَأْسًا فَضْلًا عَنْ اسْتِعْمَالِ الْيَدَيْنِ.
وَلَوْ بَقِيَ بَيْنَ أَسْنَانِهِ شَيْءٌ فَابْتَلَعَهُ إنْ كَانَ دُونَ الْحِمَّصَةِ لَمْ يَضُرَّهُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ الْقَدْرَ فِي حُكْمِ التَّبَعِ لِرِيقِهِ لِقِلَّتِهِ وَلِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ التَّحَرُّزُ عَنْهُ؛ لِأَنَّهُ يَبْقَى بَيْنَ الْأَسْنَانِ عَادَةً فَلَوْ جُعِلَ مُفْسِدًا لَوَقَعَ النَّاسُ فِي الْحَرَجِ وَلِهَذَا لَا يَفْسُدُ الصَّوْمُ بِهِ، وَإِنْ كَانَ قَدْرَ الْحِمَّصَةِ فَصَاعِدًا فَسَدَتْ صَلَاتُهُ.
وَلَوْ قَلَسَ أَقَلَّ مِنْ مِلْءِ فِيهِ ثُمَّ رَجَعَ فَدَخَلَ جَوْفَهُ وَهُوَ لَا يَمْلِكُهُ لَا تَفْسُدُ صَلَاتُهُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ رِيقِهِ وَلِهَذَا لَا يَنْقُضُ وُضُوءَهُ، وَكَذَا الْمُتَهَجِّدُ بِاللَّيْلِ قَدْ يُبْتَلَى بِهِ خُصُوصًا فِي لَيَالِي رَمَضَانَ عِنْدَ امْتِلَاءِ الطَّعَامِ عِنْدَ الْفِطْرِ فَلَوْ جُعِلَ مُفْسِدًا لَأَدَّى إلَى الْحَرَجِ.

وَقَتْلُ الْحَيَّةِ وَالْعَقْرَبِ فِي الصَّلَاةِ لَا يُفْسِدُهَا لِقَوْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «اُقْتُلُوا الْأَسْوَدَيْنِ وَلَوْ كُنْتُمْ فِي الصَّلَاةِ» .
وَرُوِيَ أَنْ عَقْرَبًا لَدَغَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الصَّلَاةِ فَوَضَعَ عَلَيْهِ نَعْلَهُ وَغَمَزَهُ حَتَّى قَتَلَهُ فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ صَلَاتِهِ قَالَ: «لَعَنَ اللَّهُ الْعَقْرَبَ لَا تُبَالِي نَبِيًّا وَلَا غَيْرَهُ أَوْ قَالَ مُصَلِّيًا وَلَا غَيْرَهُ» وَبِهِ تَبَيَّنَ أَنَّهُ لَا يُكْرَهُ أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَا كَانَ لِيَفْعَلَ الْمَكْرُوهَ خُصُوصًا فِي الصَّلَاةِ وَلِأَنَّهُ يَحْتَاجُ إلَيْهِ لِدَفْعِ الْأَذَى فَكَانَ مَوْضِعَ الضَّرُورَةِ، هَذَا إذَا أَمْكَنَهُ قَتْلُ الْحَيَّةِ بِضَرْبَةٍ وَاحِدَةٍ كَمَا فَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْعَقْرَبِ.
وَأَمَّا إذَا احْتَاجَ إلَى مُعَالَجَةٍ وَضَرَبَاتٍ فَسَدَتْ صَلَاتُهُ كَمَا إذَا قَاتَلَ فِي صَلَاتِهِ؛ لِأَنَّهُ عَمَلٌ كَثِيرٌ لَيْسَ مِنْ أَعْمَالِ الصَّلَاةِ، وَذَكَرَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ السَّرَخْسِيُّ أَنَّ الْأَظْهَرَ أَنَّهُ لَا تَفْسُدُ صَلَاتُهُ؛ لِأَنَّ هَذَا عَمَلٌ رُخِّصَ فِيهِ لِلْمُصَلِّي فَأَشْبَهَ الْمَشْيَ بَعْدَ الْحَدَثِ وَالِاسْتِقَاءَ مِنْ الْبِئْرِ وَالتَّوَضُّؤَ، هَذَا الَّذِي ذَكَرْنَا مِنْ الْعَمَلِ الْكَثِيرِ الَّذِي لَيْسَ مِنْ أَعْمَالِ الصَّلَاةِ إذَا عَمِلَهَا الْمُصَلِّي فِي الصَّلَاةِ مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ فَأَمَّا فِي حَالَةِ الضَّرُورَةِ فَإِنَّهُ لَا يُفْسِدُ الصَّلَاةَ كَمَا فِي حَالَةِ الْخَوْفِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[فَصْلٌ الْكَلَامُ فِي صَلَاةِ الْخَوْفِ]
(فَصْلٌ) :
وَالْكَلَامَ فِي صَلَاةِ الْخَوْفِ.
فِي مَوَاضِعَ، فِي بَيَانِ شَرْعِيَّتِهَا بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَفِي بَيَانِ قَدْرِهَا، وَفِي بَيَانِ كَيْفِيَّتِهَا، وَفِي بَيَانِ شَرَائِطِ جَوَازِهَا.
أَمَّا الْأَوَّلُ فَصَلَاةُ الْخَوْفِ مَشْرُوعَةٌ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ الْأَوَّلُ، وَقَالَ الْحَسَنُ بْنُ زِيَادٍ لَا تَجُوزُ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ الْآخَرُ، وَاحْتَجَّا بِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاةَ فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ} [النساء: 102] الْآيَةَ جَوَّزَ صَلَاةَ الْخَوْفِ بِشَرْطِ كَوْنِ الرَّسُولِ فِيهِمْ فَإِذَا خَرَجَ مِنْ الدُّنْيَا انْعَدَمَتْ الشَّرْطِيَّةُ وَلِأَنَّ الْجَوَازَ حَالَ حَيَاتِهِ ثَبَتَ مَعَ الْمُنَافِي لِمَا فِيهَا مِنْ أَعْمَالٍ كَثِيرَةٍ لَيْسَتْ مِنْ الصَّلَاةِ وَهِيَ الذَّهَابُ وَالْمَجِيءُ وَلَا بَقَاءَ لِلشَّيْءِ مَعَ مَا يُنَافِيهِ إلَّا أَنَّ الشَّرْعَ أَسْقَطَ اعْتِبَارَ الْمُنَافِي

نام کتاب : بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع نویسنده : الكاساني، علاء الدين    جلد : 1  صفحه : 242
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست