responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع نویسنده : الكاساني، علاء الدين    جلد : 1  صفحه : 206
وَقَالَ: وَقَدْرُ الْقِرَاءَةِ فِي الْفَجْرِ لِلْمُقِيمِ قَدْرُ ثَلَاثِينَ آيَةً إلَى سِتِّينَ آيَةً سِوَى الْفَاتِحَةِ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى، وَفِي الثَّانِيَةِ مَا بَيْنَ عِشْرِينَ إلَى ثَلَاثِينَ، وَفِي الظُّهْرِ فِي الرَّكْعَتَيْنِ جَمِيعًا سِوَى فَاتِحَةِ الْكِتَابِ مِثْلُ الْقِرَاءَةِ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى مِنْ الْفَجْرِ، وَفِي الْعَصْرِ وَالْعِشَاءِ يَقْرَأُ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ قَدْرَ عِشْرِينَ آيَةً سِوَى فَاتِحَةِ الْكِتَابِ، وَفِي الْمَغْرِبِ فِي الرَّكْعَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ وَسُورَةٍ مِنْ قِصَارِ الْمُفَصَّلِ.
قَالَ: وَهَذِهِ الرِّوَايَةُ أَحَبُّ الرِّوَايَاتِ الَّتِي رَوَاهَا الْمُعَلَّى عَنْ أَبِي يُوسُفَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ اخْتِلَافُ مَقَادِيرِ الْقِرَاءَةِ فِي الصَّلَوَاتِ لِاخْتِلَافِ أَحْوَالِ النَّاسِ فَوَقْتُ الْفَجْرِ وَقْتُ نَوْمٍ وَغَفْلَةٍ فَتُطَوَّلُ فِيهِ الْقِرَاءَةُ كَيْ لَا تَفُوتَهُمْ الْجَمَاعَةُ، وَكَذَا وَقْتُ الظُّهْرِ فِي الصَّيْفِ؛ لِأَنَّهُمْ يَقِيلُونَ، وَوَقْتُ الْعَصْرِ وَقْتُ رُجُوعِ النَّاسِ إلَى مَنَازِلِهِمْ فَيَنْقُصُ عَمَّا فِي الظُّهْرِ وَالْفَجْرِ، وَكَذَا وَقْتُ الْعِشَاءِ وَقْتُ عَزْمِهِمْ عَلَى النَّوْمِ فَكَانَ مِثْلَ وَقْتِ الْعَصْرِ، وَوَقْتُ الْمَغْرِبِ وَقْتُ عَزْمِهِمْ عَلَى الْأَكْلِ فَقُصِّرَ فِيهَا الْقِرَاءَةُ لِقِلَّةِ صَبْرِهِمْ عَنْ الْأَكْلِ خُصُوصًا لِلصَّائِمِينَ وَهَذَا كُلُّهُ لَيْسَ بِتَقْدِيرٍ لَازِمٍ بَلْ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْوَقْتِ وَالزَّمَانِ وَحَالِ الْإِمَامِ وَالْقَوْمِ.

فِيهِ أَنَّهُ يَنْبَغِي لِلْإِمَامِ أَنْ يَقْرَأَ مِقْدَارَ مَا يَخِفُّ عَلَى الْقَوْمِ وَلَا يَثْقُلُ عَلَيْهِمْ بَعْدَ أَنْ يَكُونَ عَلَى التَّمَامِ؛ لِمَا رُوِيَ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي الْعَاصِ الثَّقَفِيِّ أَنَّهُ قَالَ «آخِرُ مَا عَهِدَ إلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ أُصَلِّيَ بِالْقَوْمِ صَلَاةَ أَضْعَفِهِمْ» .
وَرُوِيَ عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ «مَنْ أَمَّ قَوْمًا فَلْيُصَلِّ بِهِمْ صَلَاةَ أَضْعَفِهِمْ فَإِنَّ فِيهِمْ الصَّغِيرَ وَالْكَبِيرَ وَذَا الْحَاجَةِ» .
وَرُوِيَ «أَنَّ قَوْمَ مُعَاذٍ لَمَّا شَكَوْا إلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَطْوِيلَ الْقِرَاءَةِ دَعَاهُ فَقَالَ: أَفَتَّانٌ أَنْتَ يَا مُعَاذُ؟ قَالَهَا ثَلَاثًا، أَيْنَ أَنْتَ مِنْ {وَالسَّمَاءِ وَالطَّارِقِ} [الطارق: 1] {وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا} [الشمس: 1] ؟ قَالَ الرَّاوِي فَمَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي مَوْعِظَةٍ أَشَدَّ مِنْهُ فِي تِلْكَ الْمَوْعِظَةِ» ، وَعَنْ أَنَسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهُ قَالَ: «مَا صَلَّيْتُ خَلْفَ أَحَدٍ أَتَمَّ وَأَخَفَّ مِمَّا صَلَّيْتُ خَلْفَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -» .
وَرُوِيَ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «قَرَأَ بِالْمُعَوِّذَتَيْنِ فِي صَلَاةِ الْفَجْرِ يَوْمًا فَلَمَّا فَرَغَ قَالُوا: أَوْجَزْتَ، فَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: سَمِعْتُ بُكَاءَ صَبِيٍّ فَخَشِيتُ عَلَى أُمِّهِ أَنْ تُفْتَتَنَ» دَلَّ عَلَى أَنَّ الْإِمَامَ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يُرَاعِيَ حَالَ قَوْمِهِ؛ وَلِأَنَّ مُرَاعَاةَ حَالِ الْقَوْمِ سَبَبٌ لِتَكْثِيرِ الْجَمَاعَةِ فَكَانَ ذَلِكَ مَنْدُوبًا إلَيْهِ هَذَا الَّذِي ذَكَرْنَا فِي الْمُقِيمِ فَأَمَّا الْمُسَافِرُ فَيَنْبَغِي أَنْ يَقْرَأَ مِقْدَارَ مَا يَخِفُّ عَلَيْهِ وَعَلَى الْقَوْمِ بِأَنْ يَقْرَأَ الْفَاتِحَةَ وَسُورَةً مِنْ قِصَارِ الْمُفَصَّلِ لِمَا رُوِيَ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ الْجُهَنِيِّ أَنَّهُ قَالَ: «صَلَّى بِنَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي السَّفَرِ صَلَاةَ الْفَجْرِ فَقَرَأَ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ وَالْمُعَوِّذَتَيْنِ» وَلِأَنَّ السَّفَرَ مَكَانُ الْمَشَقَّةِ فَلَوْ قَرَأَ فِيهِ مِثْلَ مَا يَقْرَأُ فِي الْحَضَرِ لَوَقَعُوا فِي الْحَرَجِ وَانْقَطَعَ بِهِمْ السَّيْرُ وَهَذَا لَا يَجُوزُ، وَلِهَذَا أُثِرَ فِي قَصْرِ الصَّلَاةِ فَلَأَنْ يُؤْثَرَ فِي قَصْرِ الْقِرَاءَةِ أَوْلَى.

وَيُسْتَحَبُّ لِلْإِمَامِ أَنْ يُفَضِّلَ الرَّكْعَةَ الْأَوْلَى فِي الْقِرَاءَةِ عَلَى الثَّانِيَةِ فِي الْفَجْرِ بِالْإِجْمَاعِ.
وَأَمَّا فِي سَائِرِ الصَّلَوَاتِ فَيُسَوِّي بَيْنَهُمَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ، وَقَالَ مُحَمَّدٌ: يُفَضِّلُ فِي الصَّلَوَاتِ كُلِّهَا، وَكَذَا هَذَا الِاخْتِلَافُ فِي الْجُمُعَةِ وَالْعِيدَيْنِ وَاحْتَجَّ مُحَمَّدٌ بِمَا رَوَى أَبُو قَتَادَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «كَانَ يُطِيلُ الرَّكْعَةَ الْأَوْلَى عَلَى غَيْرِهَا فِي الصَّلَوَاتِ كُلِّهَا» وَلِأَنَّ التَّفْضِيلَ تَسْبِيبٌ إلَى إدْرَاكِ الْجَمَاعَةِ فَيُفَضِّلُ كَمَا فِي صَلَاةِ الْفَجْرِ، وَلَهُمَا مَا رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ «كَانَ يَقْرَأُ فِي الْجُمُعَةِ سُورَةَ الْجُمُعَةِ فِي الرَّكْعَةِ الْأَوْلَى وَفِي الثَّانِيَةِ سُورَةَ الْمُنَافِقِينَ وَهُمَا فِي الْآيِ مُسْتَوِيَتَانِ، وَكَانَ يَقْرَأُ فِي الْأَوْلَى سُورَةَ الْأَعْلَى وَفِي الثَّانِيَةِ الْغَاشِيَةَ وَهُمَا مُسْتَوِيَتَانِ» ، وَلِأَنَّهُمَا مُسْتَوِيَتَانِ فِي اسْتِحْقَاقِ الْقِرَاءَةِ فَلَا تُفَضَّلُ إحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى إلَّا لِدَاعٍ وَقَدْ وُجِدَ الدَّاعِي فِي الْفَجْرِ وَهُوَ الْحَاجَةُ إلَى الْإِعَانَةِ عَلَى إدْرَاكِ الْجَمَاعَةِ لِكَوْنِ الْوَقْتِ وَقْتَ نَوْمٍ وَغَفْلَةٍ فَكَانَ التَّفْضِيلُ مِنْ بَابِ النَّظَرِ وَلَا دَاعِيَ لَهُ فِي سَائِرِ الصَّلَوَاتِ لِكَوْنِ الْوَقْتِ وَقْتَ يَقَظَةٍ فَالتَّخَلُّفُ عَنْ الْجَمَاعَةِ يَكُونُ تَقْصِيرًا وَالْمُقَصِّرُ لَا يَسْتَحِقُّ النَّظَرَ، وَأَمَّا الْحَدِيثُ فَنَقُولُ كَانَ يُطِيلُ الرَّكْعَةَ الْأَوْلَى بِالثَّنَاءِ فِي أَوَّلِ الصَّلَاةِ لَا بِالْقِرَاءَةِ.

أَنْ يَقْرَأَ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ وَسُورَةٍ تَامَّةٍ كَذَا وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ.
وَلَوْ قَرَأَ سُورَةً وَاحِدَةً فِي الرَّكْعَتَيْنِ قَالَ بَعْضُ الْمَشَايِخِ: يُكْرَهُ؛ لِأَنَّهُ خِلَافُ مَا جَاءَ بِهِ الْأَثَرُ وَقَالَ عَامَّتُهُمْ: لَا يُكْرَهُ وَكَذَا رَوَى عِيسَى بْنُ أَبَانَ عَنْ أَصْحَابِنَا أَنَّهُ لَا يُكْرَهُ، وَرَوَى فِي ذَلِكَ حَدِيثًا بِإِسْنَادِهِ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُ «قَرَأَ فِي الْفَجْرِ سُورَةَ بَنِي إسْرَائِيلَ إلَى قَوْلِهِ {قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ} [الإسراء: 110] فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى ثُمَّ قَامَ إلَى الثَّانِيَةِ وَخَتَمَ السُّورَةَ» وَلَوْ جَمَعَ بَيْنَ السُّورَتَيْنِ فِي رَكْعَةٍ

نام کتاب : بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع نویسنده : الكاساني، علاء الدين    جلد : 1  صفحه : 206
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست