responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع نویسنده : الكاساني، علاء الدين    جلد : 1  صفحه : 191
بِالرُّكُوعِ ثُمَّ إذَا رَكَعَ قَبْلَ أَنْ يُطَوِّلَ الْقِرَاءَةَ هَلْ تُشْتَرَطُ النِّيَّةُ لِقِيَامِ الرُّكُوعِ مَقَامَ سَجْدَةِ التِّلَاوَةِ؟ فَقِيَاسُ مَا ذَكَرْنَا مِنْ النُّكْتَةِ يُوجِبُ أَنْ لَا يُحْتَاجَ إلَى النِّيَّةِ؛ لِأَنَّ الْحَاجَةَ إلَى تَحْصِيلِ الْخُضُوعِ وَالتَّعْظِيمِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ وَقَدْ وُجِدَا نَوَى أَوْ لَمْ يَنْوِ كَالْمُعْتَكِفِ فِي رَمَضَانَ إذَا لَمْ يَنْوِ بِصِيَامِهِ عَنْ الِاعْتِكَافِ وَاَلَّذِي دَخَلَ الْمَسْجِدَ إذَا اشْتَغَلَ بِالْفَرْضِ غَيْرَ نَاوٍ أَنْ يَقُومَ مَقَامَ تَحِيَّةِ الْمَسْجِدِ.
وَمِنْ مَشَايِخِنَا مَنْ قَالَ: يُحْتَاجُ هَهُنَا إلَى النِّيَّةِ، وَيَدَّعِي أَنَّ مُحَمَّدًا أَشَارَ إلَيْهِ فَإِنَّهُ قَالَ: إذَا تَذَكَّرَ سَجْدَةَ تِلَاوَةٍ فِي الرُّكُوعِ يَخِرُّ سَاجِدًا فَيَسْجُدُ كَمَا تَذَكَّرَ، ثُمَّ يَقُومُ فَيَعُودُ إلَى الرُّكُوعِ وَلَمْ يَفْصِلْ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الرُّكُوعُ الَّذِي تَذَكَّرَ فِيهِ التِّلَاوَةَ كَانَ عَقِيبَ التِّلَاوَةِ بِلَا فَصْلٍ أَوْ تَخَلَّلَ بَيْنَهُمَا فَاصِلٌ وَلَوْ كَانَ الرُّكُوعُ مِمَّا يَنُوبُ عَنْ السَّجْدَةِ مِنْ غَيْرِ نِيَّةٍ لَكَانَ لَا يَأْمُرُهُ بِأَنْ يَسْجُدَ لِلتِّلَاوَةِ بَلْ قَامَ نَفْسُ الرُّكُوعِ مَقَامَ التِّلَاوَةِ وَلَكِنَّا نَقُولُ لَيْسَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ كَثِيرُ إشَارَةٍ؛ لِأَنَّ الْمَسْأَلَةَ مَوْضُوعَةٌ فِيمَا إذَا تَخَلَّلَ بَيْنَ التِّلَاوَةِ وَالرُّكُوعِ مَا يُوجِبُ صَيْرُورَةَ السَّجْدَةِ دَيْنًا؛ لِأَنَّهُ قَالَ: تَذَكَّرَ سَجْدَةً وَالتَّذَكُّرُ إنَّمَا يَكُونُ بَعْدَ النِّسْيَانِ وَالنِّسْيَانُ لِسَجْدَةِ التِّلَاوَةِ عِنْدَ عَدَمِ تَخَلُّلِ شَيْءٍ بَيْنَ التِّلَاوَةِ وَالرُّكُوعِ مُمْتَنِعٌ أَوْ نَادِرٌ غَايَةَ النُّدْرَةِ بِحَيْثُ لَا يَنْبَنِي عَلَيْهِ حُكْمٌ ثُمَّ يَحْتَاجُ هَذَا الْقَائِلُ إلَى الْفَرْقِ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ الْمُعْتَكِفِ فِي رَمَضَانَ حَيْثُ لَا يَحْتَاجُ إلَى أَنْ يَنْوِيَ كَوْنَ صَوْمِهِ شَرْطًا لِلِاعْتِكَافِ لِحُصُولِ مَا هُوَ الْمَقْصُودُ وَكَذَا الَّذِي دَخَلَ الْمَسْجِدَ وَأَدَّى الْفَرْضَ كَمَا دَخَلَ فَاشْتَغَلَ بِالْفَرْقِ بَيْنَهُمَا فَقَالَ: الْوَاجِبُ الْأَصْلِيُّ هَهُنَا هُوَ السُّجُودُ إلَّا أَنَّ الرُّكُوعَ أُقِيمَ مَقَامَهُ مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى وَبَيْنَهُمَا مِنْ حَيْثُ الصُّورَةُ فَرْقٌ فَلِمُوَافَقَةِ الْمَعْنَى تَتَأَدَّى السَّجْدَةُ بِالرُّكُوعِ إذَا نَوَى وَلِمُخَالَفَةِ الصُّورَةِ لَا تَتَأَدَّى إذَا لَمْ يَنْوِ بِخِلَافِ صَوْمِ الشَّهْرِ، فَإِنَّ بَيْنَهُ وَبَيْنَ صَوْمِ الِاعْتِكَافِ مُوَافَقَةً مِنْ جَمِيعِ الْوُجُوهِ، وَكَذَا فِي الصَّلَاةِ وَلَكِنَّ هَذَا غَيْرُ سَدِيدٍ؛ لِأَنَّ الْمُخَالَفَةَ مِنْ حَيْثُ الصُّورَةِ إنْ كَانَ لَهَا عِبْرَةٌ فَلَا يَتَأَدَّى الْوَاجِبُ بِهِ وَإِنْ نَوَى فَإِنَّ مَنْ نَوَى إقَامَةَ غَيْرِ مَا وَجَبَ عَلَيْهِ مَقَامَ مَا وَجَبَ لَا يَقُومُ إذَا كَانَ بَيْنَهُمَا تَفَاوُتٌ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا عِبْرَةٌ فَلَا يُحْتَاجُ إلَى النِّيَّةِ كَمَا فِي الصَّوْمِ وَالصَّلَاةِ.
وَعُذْرُ الصَّوْمِ لَيْسَ بِمُسْتَقِيمٍ؛ لِأَنَّ بَيْنَ الصَّوْمَيْنِ مُخَالَفَةً مِنْ حَيْثُ سَبَبِ الْوُجُوبِ فَكَانَا جِنْسَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ وَلِهَذَا قَالَ هَذَا الْقَائِلُ: إنَّهُ لَوْ لَمْ يَنْوِ بِالرُّكُوعِ أَنْ يَكُونَ قَائِمًا مَقَامَ سَجْدَةِ التِّلَاوَةِ وَلَمْ يَقُمْ يَحْتَاجُ فِي السَّجْدَةِ الصُّلْبِيَّةِ إلَى أَنْ يَنْوِيَ أَيْضًا؛ لِأَنَّ بَيْنَهُمَا مُخَالَفَةً لِاخْتِلَافِ سَبَبَيْ وُجُوبِهِمَا فَدَلَّ أَنَّهُ لَيْسَ بِمُسْتَقِيمٍ.
وَذَكَرَ الْقَاضِي الْإِمَامُ الْإِسْبِيجَابِيُّ فِي شَرْحِهِ مُخْتَصَرِ الطَّحَاوِيِّ أَنَّهُ إذَا أَرَادَ أَنْ يَرْكَعَ يَحْتَاجُ إلَى النِّيَّةِ، وَلَوْ لَمْ يُوجَدْ مِنْهُ النِّيَّةُ عِنْدَ الرُّكُوعِ لَا يُجْزِئُهُ.
وَلَوْ نَوَى فِي الرُّكُوعِ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِيهِ، قَالَ بَعْضُهُمْ: يَجُوزُ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَا يَجُوزُ وَلَوْ نَوَى بَعْدَمَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنْ الرُّكُوعِ لَا يَجُوزُ بِالْإِجْمَاعِ هَذَا الَّذِي ذَكَرْنَا فِي قِيَامِ الرُّكُوعِ مَقَامَ السُّجُودِ فِيمَا إذَا لَمْ تَطُلْ الْقِرَاءَةُ بَيْنَ آيَةِ السَّجْدَةِ وَبَيْنَ الرُّكُوعِ فَأَمَّا إذَا طَالَ فَقَدْ فَاتَتْ السَّجْدَةُ وَصَارَتْ دَيْنًا فَلَا يَقُومُ الرُّكُوعُ مَقَامَهَا، وَأَكْثَرُ مَشَايِخِنَا لَمْ يُقَدِّرُوا فِي ذَلِكَ تَقْدِيرًا فَكَانَ الظَّاهِرُ أَنَّهُمْ فَوَّضُوا ذَلِكَ إلَى رَأْي الْمُجْتَهِدِ كَمَا فَعَلُوا فِي كَثِيرٍ مِنْ الْمَوَاضِعِ وَبَعْضُ مَشَايِخِنَا قَالُوا: إنْ قَرَأَ آيَةً أَوْ آيَتَيْنِ لَمْ تَطُلْ الْقِرَاءَةُ، وَإِنْ قَرَأَ ثَلَاثَ آيَاتٍ طَالَتْ وَصَارَتْ السَّجْدَةُ بِمَحَلِّ الْقَضَاءِ ثُمَّ إنَّهُ نَاقَضَ فَإِنَّهُ قَالَ: لَوْ لَمْ يَنْوِ بِالرُّكُوعِ أَنْ يَقُومَ مَقَامَ التِّلَاوَةِ وَنَوَى بِالسَّجْدَةِ الصُّلْبِيَّةِ قَامَ.
وَلَا شَكَّ أَنَّ مُدَّةَ أَدَاءِ الرُّكُوعِ وَرَفْعِ الرَّأْسَ مِنْ الرُّكُوعِ وَالِانْحِطَاطِ إلَى السُّجُودِ يَكُونُ مِثْلَ مُدَّةِ قِرَاءَةِ ثَلَاثِ آيَاتٍ، وَكَذَا إنْ كَانَتْ تِلْكَ قِرَاءَةً مُعْتَبَرَةً فَالرُّكُوعُ رُكْنٌ مُعْتَبَرٌ، وَالْأَوْجَهُ أَنْ يُفَوِّضَ ذَلِكَ إلَى رَأْيِ الْمُجْتَهِد، أَوْ يَعْتَبِرَ مَا يُعَدُّ طَوِيلًا عَلَى أَنْ جَعَلَ ثَلَاثَ آيَاتٍ قَاطِعَةً لِلْفَوْرِ، وَإِدْخَالُهَا فِي حَدِّ الطُّولِ خِلَافُ الرِّوَايَةِ فَإِنَّ مُحَمَّدًا ذَكَرَ فِي كِتَابِ الصَّلَاةِ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ الرَّجُلَ يَقْرَأُ السَّجْدَةَ وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ وَالسَّجْدَةُ فِي آخِرِ السُّورَةِ إلَّا آيَاتٍ بَقِيَتْ مِنْ السُّورَةِ بَعْدَ آيَةِ السَّجْدَةِ قَالَ: هُوَ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ رَكَعَ بِهَا، وَإِنْ شَاءَ سَجَدَ بِهَا قُلْت: فَإِنْ أَرَادَ أَنْ يَرْكَعَ بِهَا خَتَمَ السُّورَةَ ثُمَّ رَكَعَ بِهَا قَالَ: نَعَمْ قُلْت: فَإِنْ أَرَادَ أَنْ يَسْجُدَ بِهَا عِنْدَ الْفَرَاغِ مِنْ السَّجْدَةِ ثُمَّ يَقُومَ فَيَتْلُوَ مَا بَعْدَهَا مِنْ السُّورَةِ وَهُوَ آيَتَانِ أَوْ ثَلَاثٌ ثُمَّ يَرْكَعَ قَالَ: نَعَمْ إنْ شَاءَ وَإِنْ شَاءَ وَصَلَ إلَيْهَا سُورَةً أُخْرَى.
وَهَذَا نَصٌّ عَلَى أَنَّ ثَلَاثَ آيَاتٍ لَيْسَتْ بِقَاطِعَةٍ لِلْفَوْرِ وَلَا بِمُدْخِلَةٍ لِلسَّجْدَةِ فِي حَيِّزِ الْقَضَاءِ.

[فَصْلٌ فِي بَيَانَ وَقْتِ أَدَاءِ سَجْدَةِ التِّلَاوَةِ]
(فَصْلٌ) :
وَأَمَّا بَيَانُ وَقْتِ أَدَائِهَا فَمَا وَجَبَ أَدَاؤُهَا خَارِجَ الصَّلَاةِ فَوَقْتُهَا جَمِيعُ الْعُمُرِ؛ لِأَنَّ وُجُوبَهَا عَلَى التَّرَاخِي عَلَى مَا مَرَّ.
وَأَمَّا مَا وَجَبَ أَدَاؤُهَا فِي الصَّلَاةِ فَوَقْتُهَا فَوْرُ الصَّلَاةِ؛ لِمَا مَرَّ أَنَّ وُجُوبَهَا فِي الصَّلَاةِ عَلَى الْفَوْرِ وَهُوَ أَنْ

نام کتاب : بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع نویسنده : الكاساني، علاء الدين    جلد : 1  صفحه : 191
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست