نام کتاب : المحيط البرهاني في الفقه النعماني نویسنده : ابن مازَة جلد : 1 صفحه : 373
بالثناء، ومنهم من يقول: لا يشتغل بالثناء، بل يستمع القراءة، وإليه كان يميل الشيخ الإمام أبو بكر محمد بن الفضل وهو الأصح، ومنهم من يقول: ينتظر مواضع سكتات الإمام ويأتي بالثناء فيما بينهما حرفاً حرفاً، أما من قال بأنه يشتغل بالثناء ذهب في ذلك إلى أن الاستماع إن فاته بسبب الاشتغال بالثناء ذهب في ذلك إلى أن الاستماع إن فاته (58ب1) بسبب الاشتغال بالثناء في البعض، والثناء يفوته أصلاً لو لم يشتغل بالثناء، فكان الاشتغال بالثناء أولى، وأما من يقول لا يشتغل بالثناء يقول بأنه لو اشتغل بالثناء، فإنه يفوته الاستماع وأنه فرض مقصود بنفسه، والثناء سُنُّة فكان ترك السنّة أولى من ترك الفرض بخلاف الإنصات؛ لأنه بانفراده ليس بفرض، وإنما يفترض حالة الاستماع.
ألا ترى أن الأمر به على الانفراد لم يرد، وإنما ورد مع الأمر بالاستماع، فيكون فرضاً حالة الاستماع سنّة على الانفراد، وإذا كانت سُنّة في هذه الحالة كان الاشتغال بالثناء أولى من الوجه الذي بيّنا، وأما من يقول يأتي بالثناء في سكتات الإمام ذهب في ذلك إلى أنه يمكنه إقامة هذه السنّة من غير أن يفوته فرض الاستماع بأن يأتي بها في سكتات الإمام، وكان عليه أن يأتي بالثناء في سكتات الإمام، وفي متفرقات الفقيه أبي جعفر إذا جاء المسبوق إلى الإمام والإمام في الفاتحة في صلاة يجهر فيها بالاتفاق.
وإذا جاء الإمام في السورة في صلاة يجهر بها قال أبو يوسف رحمه الله يثني المسبوق وقال محمد رحمه الله: لا يثني وفي صلاة العيد والجمعة إذا كان المسبوق بعيداً من الإمام لا يسمع قراءته، هل يثني بعد تكبيرة الافتتاح؟ قال الفضلي: لا يثني؛ لأنه على يقين أنه يقرأ فيدخل تحت قوله تعالى: {فَاسْتَمِعُواْ} (الأعراف: 204) وقال الإمام أبو محمد عبد الله بن الفضل: يثني؛ لأنه لا يسمع فصار كما لو أدرك الإمام في الأوليين في صلاة لا يجهر فيها وهناك يثني، وإن تيقن أن الإمام في القراءة كذا ههنا، هذا الذي ذكرنا: إذا أدرك الإمام في حالة القيام، فأما إذا أدركه في حالة الركوع، وكبّر تكبيرة الافتتاح قائماً هل يأتي بالثناء قائماً يتحرى فيه؟ إن كان أكثر رأيه أنه لو أتى به قائماً يدرك الإمام في شيء من الركوع، فإنه يأتي به؛ لأن موضع الثناء أدرك الإمام فيه ليس بموضع القراءة للإمام، وإتيان الثناء لا يؤدي إلى تفويت هذه الركعة إذا كان يدركها فقد أمكنه إدراك الأمرين، والجمع بين الأمرين وإحرازهما، فلا تترك واحدة منهما، وإن كان أكثر رأيه أنه لو اشتغل بالثناء لا يدرك الإمام في شيء من الركوع لا يأتي بالثناء، بل يتابع الإمام في الركوع؛ وذلك لأنه لو أتى بالثناء فاتته الركعة مع الإمام، وإدراك الركعة أتمّ من إتيان الثناء.
فإن قيل: الركعة لو فاتته تفوته إلى خلف، فإنه يقضي بعد فراغ الإمام من الصلاة والثناء يفوته أصلاً، فإنه لا يأتي به بعد ذلك.
قلنا: الركعة تفوته إلى خلف إلا أن نية الجماعة في هذه الركعة تفوته أصلاً، ومراعاة سنّة الجماعة أولى من مراعاة سنّة الثناء.
ألا ترى أنه لو أدرك الإمام في صلاة الفجر، فإن كان أكثر رأيه أنه لا يدرك الإمام في الركعة الثانية، فإنه لا يشتغل بركعتي الفجر، وقد ورد في ركعتي الفجر من ما لم تؤدَ
نام کتاب : المحيط البرهاني في الفقه النعماني نویسنده : ابن مازَة جلد : 1 صفحه : 373