responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المبسوط نویسنده : السرخسي    جلد : 9  صفحه : 94
بِشُبْهَةٍ، وَهَذَا فِي مَعْنَى تَلْقِينِ الرُّجُوعِ وَالْإِمَامُ مَنْدُوبٌ إلَيْهِ، وَهُوَ نَظِيرُ مَا «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِمَاعِزٍ لَعَلَّك قَبَّلْتَهَا»، فَإِنْ، قَالَ: لَا نَظَرَ فِي عَقْلِهِ وَسَأَلَ أَهْلَهُ عَنْ ذَلِكَ، كَمَا فَعَلَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي مَاعِزٍ، وَهَذَا؛ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ مِنْ الْمَجْنُونِ وَالْمَعْتُوهِ هَدَرٌ، وَالْعَقْلُ لَيْسَ بِمُعَايَنٍ فَلَا بُدَّ لِلْإِمَامِ مِنْ أَنْ يَتَأَمَّلَ فِي ذَلِكَ، فَإِذَا عَلِمَ أَنَّهُ صَحِيحُ الْعَقْلِ يَسْأَلُ عَنْ الْإِحْصَانِ؛ لِأَنَّ مَا يَلْزَمُهُ مِنْ الْعُقُوبَةِ يَخْتَلِفُ بِإِحْصَانِهِ وَعَدَمِ إحْصَانِهِ، وَسَأَلَهُ عَنْ ذَلِكَ فَعَسَى يُقَرِّبُهُ وَلَا يَطُولُ الْأَمْرُ عَلَى الْقَاضِي فِي طَلَبِ الْبَيِّنَةِ عَلَى إحْصَانِهِ، فَإِذَا قَالَ: أَحْصَنْت اسْتَفْسَرَهُ فِي ذَلِكَ؛ لِأَنَّ اسْمَ الْإِحْصَانِ يَنْطَلِقُ عَلَى خِصَالٍ، وَرُبَّمَا لَا يَعْرِفُ الْمُقِرُّ بَعْضَهَا فَيَسْأَلُهُ لِهَذَا، فَإِذَا فَسَّرَهُ أَمَرَ بِرَجْمِهِ، فَإِذَا رُجِمَ غُسِّلَ وَكُفِّنَ وَحُنِّطَ وَصُلِّيَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ مَقْتُولٌ بِحَقٍّ فَيُصْنَعُ بِهِ مَا يُصْنَعُ بِالْمَوْتَى.
«وَقَدْ سَأَلُوا رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ غُسْلِ مَاعِزٍ وَتَكْفِينِهِ وَالصَّلَاةِ عَلَيْهِ فَقَالَ: اصْنَعُوا بِهِ مَا تَصْنَعُونَ بِمَوْتَاكُمْ» زَادَ فِي رِوَايَةٍ «وَلَقَدْ تَابَ تَوْبَةً لَوْ قُسِّمَتْ تَوْبَتُهُ عَلَى أَهْلِ الْحِجَازِ لَوَسِعَتْهُمْ، وَفِي رِوَايَةٍ عَلَى أَهْلِ الْأَرْضِ، وَقَدْ رَأَيْته يَنْغَمِسُ فِي أَنْهَارِ الْجَنَّةِ»، وَرُوِيَ «أَنَّ رَجُلَيْنِ مِنْ الصَّحَابَةِ قَالَا فِيمَا بَيْنَهُمَا: مَا رَكَنَتْ نَفْسُهُ حَتَّى جَاءَ وَاعْتَرَفَ فَقُتِلَ كَمَا يُقْتَلُ الْكِلَابُ، فَسَمِعَ ذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَسَكَتَ حَتَّى مَرُّوا بِحِمَارٍ مَيِّتٍ فَقَالَ لِلرَّجُلَيْنِ: انْزِلَا فَكُلَا فَقَالَا: إنَّهَا مَيِّتَةٌ، فَقَالَ: تَنَاوُلُكُمَا مِنْ عِرْضِ أَخِيكُمَا أَعْظَمُ مِنْ ذَلِكَ»

(قَالَ) فَإِنْ أَمَرَ بِرَجْمِهِ فَرَجَعَ عَنْ قَوْلِهِ دُرِئَ حَدٌّ عَنْهُ عِنْدَنَا، وَقَالَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: لَا يُدْرَأُ عَنْهُ حَدٌّ بِرُجُوعِهِ، وَكَذَلِكَ الْخِلَافُ فِي كُلِّ حَدٍّ هُوَ خَالِصُ حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى، وَاعْتُبِرَ هَذَا الْإِقْرَارُ بِسَائِرِ الْحُقُوقِ مِمَّا لَا يَنْدَرِئُ بِالشُّبُهَاتِ أَوْ يَنْدَرِئُ بِالشُّبُهَاتِ كَالْقِصَاصِ وَحَدِّ الْقَذْفِ فَالرُّجُوعُ عَنْ الْإِقْرَارِ بَاطِلٌ فِي هَذَا كُلِّهِ.
(وَحُجَّتُنَا) فِيهِ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَقَّنَ الْمُقِرَّ بِالسَّرِقَةِ الرُّجُوعَ»، فَلَوْ لَمْ يَصِحَّ رُجُوعُهُ لَمَا لَقَّنَهُ ذَلِكَ، فَقَدْ رَوَيْنَا «أَنَّ مَاعِزًا - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لَمَّا هَرَبَ انْطَلَقَ الْمُسْلِمُونَ فِي أَثَرِهِ فَرَجَمُوهُ فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هَلَّا خَلَّيْتُمْ سَبِيلَهُ»، وَلِأَنَّ الرُّجُوعَ بَعْدَ الْإِقْرَارِ إنَّمَا لَا يَصِحُّ فِي حُقُوقِ الْعِبَادِ لِوُجُودِ خَصْمٍ يُصَدِّقُهُ فِي الْإِقْرَارِ وَيُكَذِّبُهُ فِي الرُّجُوعِ، وَذَلِكَ غَيْرُ مَوْجُودٍ فِيمَا هُوَ خَالِصُ حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى فَيَتَعَارَضُ كَلَامَاهُ الْإِقْرَارُ وَالرُّجُوعُ وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مُتَمَثِّلٌ بَيْنَ الصِّدْقِ وَالْكَذِبِ وَالشُّبْهَةُ تَثْبُتُ بِالْمُعَارِضَةِ

(قَالَ) وَإِذَا أَقَرَّ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ فِي أَرْبَعَةِ مَجَالِسَ وَأَنْكَرَ الْإِحْصَانَ وَشَهِدَ الشُّهُودُ عَلَيْهِ بِالْإِحْصَانِ يُرْجَمُ؛ لِأَنَّ الثَّابِتَ بِالْبَيِّنَةِ أَقْوَى مِنْ الثَّابِتِ بِالْإِقْرَارِ، وَلَا يُجْعَلُ إنْكَارُهُ لِلْإِحْصَانِ رُجُوعًا مِنْهُ عَنْ

نام کتاب : المبسوط نویسنده : السرخسي    جلد : 9  صفحه : 94
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست