responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المبسوط نویسنده : السرخسي    جلد : 9  صفحه : 92
حَدِيثُ «مَاعِزِ بْنِ مَالِكٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، فَإِنَّهُ جَاءَ إلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: زَنَيْتُ فَطَهِّرْنِي فَأَعْرَضَ عَنْهُ، فَجَاءَ إلَى الْجَانِبِ الْآخَرِ فَقَالَ مِثْلَ ذَلِكَ فَأَعْرَضَ عَنْهُ، فَجَاءَ إلَى الْجَانِبِ الثَّالِثِ وَقَالَ مِثْلَ ذَلِكَ فَأَعْرَضَ عَنْهُ، فَجَاءَ إلَى الْجَانِبِ الرَّابِعِ وَقَالَ مِثْلَ ذَلِكَ»، وَفِي رِوَايَةٍ «قَالَ فِي كُلِّ مَرَّةٍ، وَأَنَّ هَذَا لِلْآخَرِ فَلَمَّا كَانَ فِي الْمَرَّةِ الرَّابِعَةِ قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْآنَ أَقْرَرْتَ أَرْبَعًا فَبِمَنْ زَنَيْتَ»، وَفِي رِوَايَةٍ «الْآنَ شَهِدْتَ عَلَى نَفْسِك أَرْبَعًا فَبِمَنْ زَنَيْتَ؟ قَالَ: بِفُلَانَةَ، قَالَ: لَعَلَّكَ قَبَّلْتَهَا أَوْ لَمَسْتَهَا بِشَهْوَةٍ، لَعَلَّك بَاشَرْتَهَا فَأَبَى إلَّا أَنْ يُقِرَّ بِصَرِيحِ الزِّنَا فَقَالَ: أَبِكَ خَبَلٌ؟ أَبِكَ جُنُونٌ؟»، وَفِي رِوَايَةٍ «بَعَثَ إلَى أَهْلِهِ هَلْ يُنْكِرُونَ مِنْ عَقْلِهِ شَيْئًا؟ فَقَالُوا: لَا فَسَأَلَ عَنْ إحْصَانِهِ فَوَجَدَهُ مُحْصَنًا فَأَمَرَ بِرَجْمِهِ».
فَالنَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَعْرَضَ عَنْهُ فِي الْمَرَّةِ الْأُولَى وَالثَّانِيَةِ وَالثَّالِثَةِ وَحَكَمَ بِالرَّابِعَةِ، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ الْعَدَدُ مِنْ شَرْطِهِ لَمْ يَسَعْهُ الْإِعْرَاضُ عَنْهُ عَلَى مَا قَالَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَا يَنْبَغِي لِوَالٍ عِنْدَهُ حَدٌّ مِنْ حُدُودِ اللَّهِ أَلَّا يُقِيمَهُ»، أَلَا تَرَى أَنَّهُ فِي الْمَرَّةِ الرَّابِعَةِ لَمَّا تَمَّتْ الْحُجَّةُ كَيْفَ لَمْ يُعْرِضْ عَنْهُ؟ وَلَكِنَّهُ قَالَ: الْآنَ أَقْرَرْت أَرْبَعًا وَاشْتَغَلَ بِطَلَبِ مَا يَدْرَأُ عَنْهُ الْحَدَّ فَحِينَ لَمْ يَجِدْ ذَلِكَ اشْتَغَلَ بِالْإِقَامَةِ، وَلَا يُقَالُ: إنَّمَا أَعْرَضَ عَنْهُ؛ لِأَنَّهُ أَحَسَّ بِهِ الْجُنُونَ عَلَى مَا رُوِيَ أَنَّهُ جَاءَ أَشْعَثَ أَغْبَرَ ثَائِرَ الرَّأْسِ وَإِلَيْهِ أَشَارَ فِي قَوْلِهِ: " أَبِك خَبَلٌ؟ " ثُمَّ لَمَّا رَأَى إصْرَارَهُ عَلَى كَلَامٍ وَاحِدٍ عَلِمَ أَنَّهُ لَيْسَ بِهِ جُنُونٌ، وَهَذَا؛ لِأَنَّهُ قَالَ: الْآنَ أَقْرَرْتَ أَرْبَعًا، وَفِي هَذَا تَنْصِيصٌ أَنَّ الْإِعْرَاضَ قَبْلَ هَذَا لِعَدَمِ قِيَامِ الْحُجَّةِ، وَقَدْ جَاءَ تَائِبًا مُسْتَسْلِمًا مُؤْثِرًا عُقُوبَةَ الدُّنْيَا عَلَى الْآخِرَةِ، فَكَيْفَ يَكُونُ هَذَا دَلِيلَ جُنُونِهِ؟ وَإِنَّمَا قَالَ ذَلِكَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِطَلَبِ مَا يَدْرَأُ بِهِ عَنْهُ الْحَدَّ، كَمَا لَقَّنَ الْمُقِرَّ الرُّجُوعَ بِقَوْلِهِ: أَسَرَقْت؟ مَا إخَالُهُ سَرَقَ، أَسَرَقْتِ؟ قَوْلِي لَا، وَإِنَّمَا كَانَ أَشْعَثَ أَغْبَرَ؛ لِأَنَّهُ جَاءَ مِنْ الْبَادِيَةِ، وَقَدْ جَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هَذَا عَلَامَةَ الْأَبْرَارِ فَقَالَ «رُبَّ أَشْعَثَ أَغْبَرَ ذِي طِمْرِينَ لَا يُؤْبَهُ بِهِ لَوْ أَقْسَمَ عَلَى اللَّهِ لَأَبَرَّهُ» وَابْنُ أَبِي لَيْلَى - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَسْتَدِلُّ بِهَذَا الْحَدِيثِ أَيْضًا وَيَقُولُ الْمَذْكُورُ عَدَدُ الْأَقَارِيرِ دُونَ اخْتِلَافِ الْمَجَالِسِ، وَلَكِنَّا نَقُولُ قَدْ وُجِدَ اخْتِلَافُ مَجَالِسِ الْمُقِرِّ عَلَى مَا رُوِيَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - طَرَدَهُ فِي كُلِّ مَرَّةٍ حَتَّى تَوَارَى بِحِيطَانِ الْمَدِينَةِ ثُمَّ رَجَعَ»، وَفِي رِوَايَةٍ «، قَالَ: اذْهَبْ وَيْلَك فَاسْتَغْفِرْ اللَّهَ فَذَهَبَ حَتَّى غَابَ عَنْ بَصَرِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثُمَّ رَجَعَ» فَالْمُعْتَبَرُ اخْتِلَافُ مَجَالِسِ الْمُقِرِّ دُونَ الْقَاضِي، حَتَّى إذَا غَابَ عَنْ بَصَرِ الْقَاضِي فِي كُلِّ مَرَّةٍ يَكْفِي هَذَا لِاخْتِلَافِ الْمَجَالِسِ، وَاَلَّذِي رُوِيَ أَنَّهُ أَقَرَّ خَمْسَ مَرَّاتٍ، فَإِنَّمَا يُحْمَلُ ذَلِكَ عَلَى إقْرَارَيْنِ كَانَا مِنْهُ فِي مَجْلِسٍ وَاحِدٍ فَكَانَا

نام کتاب : المبسوط نویسنده : السرخسي    جلد : 9  صفحه : 92
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست