responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المبسوط نویسنده : السرخسي    جلد : 9  صفحه : 64
السِّيَاطُ فَلَا ضَمَانَ عَلَى الشُّهُودِ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعِنْدَهُمَا يَضْمَنُ الشُّهُودُ أَرْشَ الْجِرَاحَاتِ وَالدِّيَةَ إنْ مَاتَ مِنْ ذَلِكَ.
(وَحُجَّتُنَا) أَنَّ الْجَلَدَاتِ أُقِيمَتْ عَلَيْهِ بِشَهَادَتِهِمْ، فَالشَّاهِدُ يُجْعَلُ كَالْمُبَاشِرِ لِمَا أَوْجَبَهُ بِشَهَادَتِهِ فِي حُكْمِ الضَّمَانِ كَمَا لَوْ كَانَ الْحَدُّ رَجْمًا، وَكَمَا أَنَّ شُهُودَ الْقِصَاصِ وَشُهُودَ الْقَتْلِ إذَا رَجَعُوا ضَمِنُوا مَا أُتْلِفَ بِشَهَادَتِهِمْ كَأَنَّهُمْ بَاشَرُوا ذَلِكَ فَهَذَا مِثْلُهُ، فَإِذَا ثَبَتَ أَنَّهُمْ كَالْمُبَاشِرِينَ تَلَفًا وَمَنْ ضَرَبَ إنْسَانًا بِسَوْطٍ فَجَرَحَهُ مِنْ ذَلِكَ فَهُوَ ضَامِنٌ أَرْشَ الْجِرَاحَةِ وَلَوْ مَاتَ مِنْ ذَلِكَ كَانَ ضَامِنًا لِلدِّيَةِ فَكَذَلِكَ إذَا رَجَعُوا هُنَا، وَإِذَا ظَهَرَ أَنَّهُمْ عَبِيدٌ فَقَدْ ظَهَرَ الْخَطَأُ مِنْ الْإِمَامِ، فَذَلِكَ الضَّمَانُ فِي بَيْتِ الْمَالِ وَأَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَقُولُ إنَّمَا أَوْجَبُوا بِشَهَادَتِهِمْ ضَرْبًا مُؤْلِمًا غَيْرَ جَارِحٍ وَمُتْلِفٍ، بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَا يُقَامُ هَذَا الْحَدُّ الشَّدِيدُ عَلَى الْمَرِيضِ كَيْ لَا يُؤَدِّيَ إلَى الْإِتْلَافِ، وَبِدَلِيلِ أَنَّهُ يَخْتَارُ لِإِقَامَةِ الْحَدِّ سَوْطًا لَا ثَمَرَةَ لَهُ كَيْ لَا يَجْرَحَهُ، وَيُفَرَّقَ عَلَى الْأَعْضَاءِ كَيْ لَا يُؤَدِّيَ إلَى الْجِرَاحَةِ، وَلِأَنَّهُ لَوْ ضَرَبَهُ فَلَمْ يَجْرَحْهُ يَتِمُّ إقَامَةُ الْحَدِّ حَتَّى لَا يُعَادَ عَلَيْهِ فَيَثْبُتَ أَنَّهُمْ إذَا أَوْجَبُوا بِشَهَادَتِهِمْ ضَرْبًا مُؤْلِمًا غَيْرَ جَارِحٍ وَلَا مُتْلِفٍ، وَلَكِنَّ الْجِرَاحَةَ وَالْإِتْلَافَ أَفْضَتْ إلَيْهِ الشَّهَادَةُ وَالشَّاهِدُ عِنْدَ الرُّجُوعِ لَا يَضْمَنُ مَا أَفْضَى إلَيْهِ شَهَادَتُهُ كَالشَّهَادَةِ بِالنَّسَبِ فِي حَالِ الْحَيَاةِ إذَا رَجَعَ بَعْدَ مَا مَاتَ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ وَوَرِثَ الْمَشْهُودُ لَهُ بِنِسْبَةٍ.
وَكَمَا أَنَّ الْجِرَاحَةَ وَالْإِتْلَافَ لَيْسَ مِنْ مُوجِبِ الشَّهَادَةِ فَكَذَا لَيْسَ مِنْ مُوجِبِ الْقَضَاءِ؛ لِأَنَّ الْقَاضِيَ إنَّمَا يَقْضِي بِمَا شَهِدَ بِهِ الشُّهُودُ فَلَا يُمْكِنُ إيجَابُ الضَّمَانِ عَلَى الْقَاضِي وَلَا فِي بَيْتِ الْمَالِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَجِبُ فِي بَيْتِ الْمَالِ مَا كَانَ وَاجِبًا بِقَضَاءِ الْقَاضِي إذَا تَبَيَّنَ فِيهِ الْخَطَأُ، وَلَا شَيْءَ عَلَى الْجَلَّادِ أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ امْتَثَلَ أَمْرَ الْقَاضِي وَهُوَ مُجْتَهِدٌ فِيمَا أَقَامَ مِنْ الْحَدِّ، فَلِهَذَا لَا يَضْمَنُ أَحَدٌ شَيْئًا بِخِلَافِ مَا إذَا بَاشَرَ الضَّرْبَ بِالسَّوْطِ فَإِنَّمَا يَحْصُلُ بِضَرْبِهِ مِنْ مُوجِبَاتِ فِعْلِهِ وَهُوَ مُتَعَدٍّ فِي ذَلِكَ فَكَانَ مُؤَاخَذًا بِضَمَانِهِ

(قَالَ) أَرْبَعَةٌ شَهِدُوا عَلَى رَجُلٍ بِشَيْءٍ يَجِبُ فِيهِ التَّعْزِيرُ فَعَزَّرَهُ الْإِمَامُ فَمَاتَ مِنْ ذَلِكَ فَلَا شَيْءَ عَلَى الْإِمَامِ، وَلَا فِي بَيْتِ الْمَالِ عِنْدَنَا، وَهُوَ مَذْهَبُ عُمَرَ وَعَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا -، وَعَلَى قَوْلِ الشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - تَجِبُ الدِّيَةُ فِي بَيْتِ الْمَالِ، وَهُوَ قَوْلُ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -؛ لِأَنَّ التَّعْزِيرَ لِلتَّأْدِيبِ لَا لِلْإِتْلَافِ، فَإِذَا أَدَّى إلَى الْإِتْلَافِ كَانَ خَطَأً مِنْ الْإِمَامِ فَيَجِبُ الضَّمَانُ فِي بَيْتِ الْمَالِ؛ لِأَنَّهُ عَمِلَ فِيهِ لِلَّهِ تَعَالَى، وَكَمَا نَقُولُ فِي الزَّوْجِ إذَا عَزَّرَ زَوْجَتَهُ فَمَاتَتْ كَانَ عَلَيْهِ ضَمَانُ الدِّيَةِ، وَلَكِنَّا نَقُولُ الْإِمَامُ مُحِقٌّ فِيمَا أَقَامَ وَهُوَ مُسْتَوْفٍ حَقًّا لِلَّهِ تَعَالَى فَيَصِيرُ كَأَنَّ مَنْ لَهُ الْحَقُّ أَمَاتَهُ بِخِلَافِ الزَّوْجِ إذَا عَزَّرَ زَوْجَتَهُ؛ لِأَنَّهُ يَسْتَوْفِي ذَلِكَ

نام کتاب : المبسوط نویسنده : السرخسي    جلد : 9  صفحه : 64
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست