responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المبسوط نویسنده : السرخسي    جلد : 9  صفحه : 51
بِالشُّبُهَاتِ وَلَكِنْ لَا حَدَّ عَلَى الشُّهُودِ؛ لِأَنَّهُمْ جَاءُوا مَجِيءَ الشُّهُودِ وَالْعَدَدُ مُتَكَامِلٌ، وَكَذَلِكَ إنْ أَصَابَ ذَلِكَ أَحَدُ الشُّهُودِ فَهُوَ وَمَا لَوْ أَصَابَهُمْ فِي الْحُكْمِ سَوَاءٌ فَأَمَّا فِي مَوْتِ الشُّهُودِ وَغَيْبَتِهِمْ فَنَقُولُ إنَّ ذَلِكَ لَا يَقْدَحُ فِي الْحُجَّةِ، أَلَا تَرَى أَنَّ فِي حُقُوقِ النَّاسِ لَا يَمْتَنِعُ عَلَى الْقَاضِي الْقَضَاءُ بِهَا فَكَذَلِكَ فِي الزِّنَا، إذَا كَانَ الْحَدُّ جَلْدًا؛ لِأَنَّ بِالْمَوْتِ يَتَأَكَّدُ عَدَالَتُهُمْ إذْ لَا يُتَصَوَّرُ مِنْهُمْ بَعْدَ الْمَوْتِ مَا يُبْطِلُ عَدَالَتَهُمْ، وَكَذَلِكَ غَيْبَتُهُمْ لَا تَكُونُ قَدْحًا فِي عَدَالَتِهِمْ فَلَا يَمْنَعُ إقَامَةَ الْحَدِّ عَلَى الْقَاضِي، فَأَمَّا إذَا كَانَ الْحَدُّ رَجْمًا فَإِنَّهُ لَا يُقَامُ بَعْدَ غَيْبَةِ الشُّهُودِ وَمَوْتِهِمْ؛ لِأَنَّ السُّنَّةَ فِي الرَّجْمِ أَنْ يَبْدَأَ بِهِ الشُّهُودُ ثُمَّ الْإِمَامُ ثُمَّ النَّاسُ وَقَدْ تَعَذَّرَ ذَلِكَ بِمَوْتِهِمْ وَغَيْبَتِهِمْ.
وَهَذَا قَوْلُنَا، وَأَمَّا عِنْدَ الشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يُعْتَبَرُ فِي الرَّجْمِ بِدَايَةُ الشُّهُودِ وَلَكِنَّ الْإِمَامَ هُوَ الَّذِي يَبْدَأُ قَالَ؛ لِأَنَّ الشُّهُودَ فَارَقُوا سَائِرَ النَّاسِ فِي أَدَاءِ الشَّهَادَةِ، وَإِقَامَةُ الرَّجْمِ لَيْسَ مِنْ أَدَاءِ الشَّهَادَةِ فِي شَيْءٍ فَهُمْ فِي ذَلِكَ كَسَائِرِ النَّاسِ، أَلَا تَرَى أَنَّ الْحَدَّ لَوْ كَانَ جَلْدًا لَا يُؤْمَرُ الشُّهُودُ بِالضَّرْبِ؟ فَكَذَا الرَّجْمُ وَلَكِنَّا نَسْتَدِلُّ بِحَدِيثِ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فَإِنَّهُ لَمَّا أَرَادَ أَنْ يَرْجُمَ شُرَاحَةَ الْهَمْدَانِيَّةَ قَالَ الرَّجْمُ رَجْمَانِ رَجْمُ سِرٍّ وَرَجْمُ عَلَانِيَةٍ فَرَجْمُ الْعَلَانِيَةِ أَنْ يَشْهَدَ عَلَى الْمَرْأَةِ مَا فِي بَطْنِهَا وَتَعْتَرِفَ بِذَلِكَ فَيَبْدَأَ فِيهِ الْإِمَامُ ثُمَّ النَّاسُ، وَرَجْمُ السِّرِّ أَنْ يَشْهَدَ أَرْبَعَةٌ عَلَى رَجُلٍ بِالزِّنَا فَيَبْدَأَ الشُّهُودُ ثُمَّ الْإِمَامُ ثُمَّ النَّاسُ وَلِأَنَّ فِي الْأَمْرِ بِبِدَايَةِ الشُّهُودِ احْتِيَالًا لِدَرْءِ الْحَدِّ فَالْإِنْسَانُ قَدْ يَجْتَرِئُ عَلَى أَدَاءِ الشَّهَادَةِ كَاذِبًا ثُمَّ إذَا آلَ الْأَمْرُ إلَى مُبَاشَرَةِ الْقَتْلِ يَمْتَنِعُ مِنْ ذَلِكَ، وَقَدْ أُمِرْنَا فِي الْحُدُودِ بِالِاحْتِيَالِ لِلدَّرْءِ بِخِلَافِ الْجَلْدِ فَكُلُّ أَحَدٍ لَا يُحْسِنُ الضَّرْبَ، فَلَوْ أَمَرْنَا الشُّهُودَ بِذَلِكَ رُبَّمَا يَقْتُلُونَهُ بِخِرَقِهِمْ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَكُونَ قَتْلُهُ مُسْتَحَقًّا، وَذَلِكَ لَا يُوجَدُ فِي الرَّجْمِ، فَكُلُّ أَحَدٍ يُحْسِنُ الرَّمْيَ وَقَدْ صَارَ الْإِتْلَافُ مُسْتَحَقًّا هُنَا.
وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - قَالَ: يُؤْمَرُ الشُّهُودُ بِالْبِدَايَةِ إذَا كَانُوا حَاضِرِينَ حَتَّى إذَا امْتَنَعُوا لَا يُقَامُ الرَّجْمُ فَإِذَا مَاتُوا أَوْ غَابُوا يُقَامُ الرَّجْمُ هُنَا؛ لِأَنَّهُ قَدْ تَعَذَّرَ الْبِدَايَةُ بِهِمْ بِسَبَبٍ لَا يَلْحَقُهُمْ فِيهِ تُهْمَةٌ فَلَا يَمْتَنِعُ إقَامَةُ الرَّجْمِ كَمَا لَوْ كَانُوا مَقْطُوعِي الْأَيْدِي أَوْ مَرْضَى أَوْ عَاجِزِينَ عَنْ الْحُضُورِ بِخِلَافِ مَا لَوْ امْتَنَعُوا؛ لِأَنَّهُمْ صَارُوا مُتَّهَمِينَ بِذَلِكَ وَلَكِنَّا نَقُولُ حِين كَانُوا مَقْطُوعِي الْأَيْدِي فِي الِابْتِدَاءِ لَمْ تُسْتَحَقَّ الْبِدَايَةُ بِهِمْ لِلتَّعَذُّرِ، فَأَمَّا هُنَا فَقَدْ اُسْتُحِقَّ الْبِدَايَةُ بِهِمْ لِتَيَسُّرِ ذَلِكَ عِنْدَ الْحُكْمِ فَإِذَا تَعَذَّرَ بِالْمَوْتِ أَوْ الْغَيْبَةِ لَا يُقَامُ الْحَدُّ كَمَا لَوْ تَعَذَّرَ بِامْتِنَاعِهِمْ

(قَالَ) وَلَا يُحْفَرُ لِلْمَرْجُومِ وَلَا يُرْبَطُ بِشَيْءٍ وَلَا يُمْسَكُ وَلَكِنْ يُنْصَبُ قَائِمًا لِلنَّاسِ فَيُرْجَمُ «؛ لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَجَمَ مَاعِزًا وَلَمْ يُحْفَرْ لَهُ وَلَا رَبَطَهُ فَإِنَّهُ رُوِيَ لَمَا مَسَّهُ حَرُّ الْحِجَارَةِ

نام کتاب : المبسوط نویسنده : السرخسي    جلد : 9  صفحه : 51
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست