responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المبسوط نویسنده : السرخسي    جلد : 9  صفحه : 44
الْجَمْعِ بَيْنَ الْجَلْدِ وَالرَّجْمِ فِي حَقِّ الْمُحْصَنِ فَقَدْ بَيَّنَّاهُ، وَأَمَّا فِي حَقِّ الْبِكْرِ فَلَا يُجْمَعُ بَيْنَ الْجَلْدِ وَالنَّفْيِ عِنْدَنَا، وَقَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: يَجْمَعُ بَيْنَهُمَا فَيَجْلِدُ مِائَةً وَيُغَرِّبُ سَنَةً، وَاحْتَجَّ فِي ذَلِكَ «بِحَدِيثِ الْعَسِيفِ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ عَلَى ابْنِك جَلْدُ مِائَةٍ وَتَغْرِيبُ عَامٍ» وَرُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ضَرَبَ وَغَرَّبَ وَأَبُو بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ضَرَبَ وَغَرَّبَ وَعُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ضَرَبَ وَغَرَّبَ، وَاشْتَغَلَ بَعْضُهُمْ بِالْقِيَاسِ فَقَالَ: النَّفْيُ مِمَّا يَقَعُ بِهِ التَّعْزِيرُ فَكَانَ مِنْ جِنْسِهِ حَدًّا كَالْجَلْدِ، وَلَكِنْ هَذَا كَلَامُ الْجُهَّالِ فَإِنَّ إثْبَاتَ الْحُدُودِ وَتَكْمِيلَهَا بِالْقِيَاسِ لَا يَكُونُ وَلَكِنْ الْحَرْفُ لَهُمْ أَنَّ الزِّنَا قَبْلَ أَنْ تَتَّخِذَهُ الْمَرْأَةُ عَادَةً تَكْتَسِبُ بِهِ إنَّمَا يَنْشَأُ مِنْ الصُّحْبَةِ وَالْمُؤَالَفَةِ وَالْمُؤَانَسَةِ، وَالْفَرَاغُ وَالتَّغْرِيبُ قَاطِعٌ لِهَذَا السَّبَبِ وَالْحَدُّ مَشْرُوعٌ لِلزَّجْرِ عَنْ ارْتِكَابِ سَبَبِهِ فَمَا يَكُونُ قَاطِعًا لِلسَّبَبِ يَحْصُلُ بِهِ الْمَقْصُود فَيَكُونُ حَدًّا.
أَلَا تَرَى أَنَّ حَدَّ السَّرِقَةِ مَشْرُوعٌ بِقَطْعِ الْيَدِ وَالرِّجْلِ؛ لِأَنَّ تَمَكُّنَهُ مِنْ هَذَا الْفِعْلِ بِالْمَشْيِ وَالْبَطْشِ فَقَطْعُ الْآلَةِ الْمَاشِيَةِ وَالْبَاطِشَةِ مَانِعٌ لَهُ مِنْ ذَلِكَ وَلَا مَعْنَى لِقَوْلِكُمْ كَيْفَ تَنْفِي مَعَ الْمَحْرَمِ أَوْ بِغَيْرِ مَحْرَمٍ؛ لِأَنَّ النَّفْيَ هِجْرَةٌ وَاجِبَةٌ فَلَا يُعْتَبَرُ فِيهِ الْمَحْرَمُ كَالْهِجْرَةِ فِي الَّتِي أَسْلَمَتْ فِي دَارِ الْحَرْبِ، فَلَمَّا كَانَ حَدًّا فَعَلَى الْإِمَامِ أَنْ يَتَكَلَّفَ لِمَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ فِي إقَامَتِهِ كَالْجَلْدِ.
(وَحُجَّتُنَا) فِيهِ قَوْله تَعَالَى {فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ} [النور: 2] فَقَدْ جَعَلَ الْجَلْدَ جَمِيعَ حَدِّ الزِّنَا فَلَوْ أَوْجَبْنَا مَعَهُ التَّغْرِيبَ كَانَ الْجَلْدُ بَعْضَ الْحَدِّ فَيَكُونُ زِيَادَةً عَلَى النَّصِّ وَذَلِكَ يَعْدِلُ النَّسْخَ، وَرُوِيَ «أَنْ مُحَدَّجًا سَقِيمًا وُجِدَ عَلَى بَطْنِ أَمَةٍ مِنْ إمَاءِ الْحَيِّ يَفْجُرُ بِهَا فَأُتِيَ بِهِ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: اضْرِبُوهُ مِائَةً، فَقَالُوا: إنَّ بَدَنَهُ لَا يَحْتَمِلُ الضَّرْبَ، فَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: خُذُوا عُثْكَالًا عَلَيْهِ مِائَةُ شِمْرَاخٍ فَاضْرِبُوهُ بِهَا» وَلَمْ يَأْمُرْهُ بِالتَّغْرِيبِ، وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ حَدًّا لَتَكَلَّفَ لَهُ كَمَا تَكَلَّفَ لِلْحَدِّ، وَأَنَّ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - جَلَدَ أَبَا بَكْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فِي دَارِهِ عَلَى الزِّنَا، وَأَمَرَ امْرَأَتَهُ أَنْ تَكْتُمَ فَلَوْ كَانَ التَّغْرِيبُ مُتَمِّمًا لِلْحَدِّ لَمَا أَمَرَهَا بِالْكِتْمَانِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يُتَصَوَّرُ وَلَمَّا نُفِيَ شَارِبُ الْخَمْرِ ارْتَدَّ وَلَحِقَ بِالرُّومِ فَقَالَ وَاَللَّهِ لَا أَنْفِي أَحَدًا بَعْدَ هَذَا أَبَدًا فَلَوْ كَانَ مَشْرُوعًا حَدًّا لَمَا حَلَفَ أَنْ لَا يُقِيمَهُ قَالَ عَلِيٌّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - كَفَى بِالنَّفْيِ فِتْنَةً وَالْحَدُّ مَشْرُوعٌ لَتَسْكِينِ الْفِتْنَةِ فَمَا يَكُونُ فِتْنَةً لَا يَكُونُ حَدًّا.
وَعَنْ إبْرَاهِيمَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّ عَلِيًّا وَابْنَ مَسْعُودٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - اخْتَلَفَا فِي أُمِّ وَلَدٍ زَنَتْ بَعْدَ مَوْتِ مَوْلَاهَا قَالَ عَلِيٌّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - تُجْلَدُ، وَلَا تُنْفَى، وَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - تُنْفَى وَأَخَذْنَا بِقَوْلِ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -؛ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ إلَى دَفْعِ الْفِتْنَةِ وَالْفَسَادِ وَمَعْنَى هَذَا مَا ذَكَرَهُ فِي الْكِتَابِ قَالَ أَرَأَيْت شَابَّةً زَنَتْ أَكُنْتُ

نام کتاب : المبسوط نویسنده : السرخسي    جلد : 9  صفحه : 44
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست