responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المبسوط نویسنده : السرخسي    جلد : 9  صفحه : 199
فَإِنَّ الْإِمَامَ لَا يُقِيمُ الْحَدَّ إلَّا بِخُصُومَةِ صَاحِبِ الْمَالِ فِي مَالِهِ، وَقَدْ انْقَطَعَتْ خُصُومَتُهُ بِوُصُولِ الْمَالِ إلَيْهِ قَبْلَ ظُهُورِ الْجَرِيمَةِ عِنْدَ الْإِمَامِ فَيَسْقُطُ الْحَدُّ، وَلَكِنَّهُ يَدْفَعُهُمْ إلَى أَوْلِيَاءِ الْقَتْلَى فَيَقْتُلُونَهُمْ أَوْ يُصَالِحُونَهُمْ، وَهَذَا؛ لِأَنَّ فِي التَّوْبَةِ إنَّمَا يَسْقُطُ مَا كَانَ حَقًّا لِلَّهِ تَعَالَى، فَأَمَّا مَا كَانَ حَقًّا لِلْعَبْدِ فَلِأَوْلِيَائِهِ وَإِلَيْهِ أَشَارَ اللَّهُ تَعَالَى فِي قَوْلِهِ {أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [المائدة: 34]، وَقَدْ كَانَ السَّبَبُ الْمُوجِبُ لِلْقَتْلِ مُتَقَرِّرًا مِمَّنْ بَاشَرَ الْقَتْلَ مِنْهُمْ، وَهُوَ تَعَمُّدُهُ قَتْلَ نَفْسٍ بِغَيْرِ حَقٍّ إلَّا أَنَّ اسْتِحْقَاقَ الْقَتْلِ عَلَيْهِمْ حَدًّا كَانَ مَانِعًا مِنْ ظُهُورِ الْقَوَدِ، فَإِذَا سَقَطَ ذَلِكَ زَالَ الْمَانِعُ فَظَهَرَ حُكْمُ الْقَوَدِ وَالْقَوَدُ إنَّمَا يَجِبُ عَلَى مَنْ بَاشَرَ الْقَتْلَ دُونَ الرِّدْءِ

(قَالَ) وَلِلْوَلِيِّ الْخِيَارُ إنْ شَاءَ عَفَا، وَإِنْ شَاءَ صَالَحَ عَلَى مَالٍ، وَإِنْ شَاءَ اسْتَوْفَى الْقَتْلَ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَنْ قُتِلَ لَهُ قَتِيلٌ فَأَهْلُهُ بَيْنَ خِيرَتَيْنِ إنْ أَحَبُّوا قَتَلُوا، وَإِنْ أَحَبُّوا أَخَذُوا الدِّيَةَ» وَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لِوَلِيِّ الْقَتْلِ أَتَعْفُو فَقَالَ لَا فَقَالَ أَتَأْخُذُ الدِّيَةَ فَقَالَ لَا فَقَالَ أَتَقْتُلُ فَقَالَ نَعَمْ» فَعَرَفْنَا أَنَّهُ يَتَخَيَّرُ بَيْنَ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ، وَمَنْ بَاشَرَ مِنْهُمْ الْجِرَاحَاتِ فَفِيمَا يُمْكِنُ اعْتِبَارُ الْمُسَاوَاةِ فِيهَا يَجِبُ الْقِصَاصُ، وَفِيمَا لَا يُمْكِنُ يَجِبُ الْأَرْشُ، كَمَا لَوْ كَانَتْ الْجِرَاحَاتُ مِنْهُمْ مِنْ غَيْرِ قَطْعِ الطَّرِيقِ، وَهَذَا؛ لِأَنَّ سُقُوطَ اعْتِبَارِ حُكْمِ الْجِرَاحَاتِ بِوُجُودِ إقَامَةِ الْحَدِّ، فَإِذَا زَالَ ذَلِكَ ظَهَرَ حُكْمُ الْجِرَاحَاتِ، كَمَا إذَا اسْتَهْلَكَ السَّارِقُ الْمَالَ سَقَطَ حُكْمُ التَّضْمِينِ لِوُجُودِ إقَامَةِ الْقَطْعِ، فَإِذَا سَقَطَ الْقَطْعُ ظَهَرَ حُكْمُ التَّضْمِينِ

(قَالَ) وَإِذَا قَطَعُوا الطَّرِيقَ وَأَخَافُوا السَّبِيلَ، وَلَمْ يَقْتُلُوا أَحَدًا، وَلَمْ يَأْخُذُوا مَالًا حُبِسُوا حَتَّى يَتُوبُوا بَعْدَ مَا يُعَزَّرُونَ، وَفِي الْكِتَابِ يَقُولُ عُوقِبُوا فَكَأَنَّهُ كَرِهَ إطْلَاقَ لَفْظِ التَّعْزِيرِ عَلَى مَا يُقَامُ عَلَيْهِمْ قَبْلَ التَّوْبَةِ لِمَا فِي التَّعْزِيرِ مِنْ مَعْنَى التَّطْهِيرِ، وَهُوَ الْمُرَادُ مِنْ قَوْله تَعَالَى {أَوْ يُنْفَوْا مِنْ الْأَرْضِ} [المائدة: 33] يَعْنِي يُحْبَسُونَ، وَقَدْ بَيَّنَّا ذَلِكَ، وَهَذَا أَوْلَى مِمَّا قَالَهُ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّ الْمُرَادَ الطَّلَبُ لِيَهْرُبُوا مِنْ كُلِّ مَوْضِعٍ؛ لِأَنَّ الْعُقُوبَةَ بِالْحَبْسِ مَشْرُوعٌ فَالْأَخْذُ بِمَا يُوجَدُ لَهُ نَظِيرٌ فِي الشَّرْعِ أَوْلَى مِنْ الْأَخْذِ بِمَا لَا نَظِيرَ لَهُ، وَفِي هَذَا الْمَوْضِعِ يُطَالَبُونَ بِمُوجَبِ الْجِرَاحَاتِ الَّتِي كَانَتْ مِنْهُمْ مِنْ قِصَاصٍ أَوْ أَرْشٍ؛ لِأَنَّهُ لَا يُقَامُ عَلَيْهِمْ الْحَدُّ وَسُقُوطُ اعْتِبَارِ حُكْمِ الْجِرَاحَاتِ لِوُجُودِ إقَامَةِ الْحَدِّ، فَإِذَا انْعَدَمَ ذَلِكَ وَجَبَ اعْتِبَارُ الْجِرَاحَاتِ فِي حَقِّ الْعَبْدِ فَإِنْ تَابُوا، وَفِيهِمْ عَبْدٌ قَدْ قَطَعَ يَدَ حُرٍّ دَفَعَهُ مَوْلَاهُ أَوْ فَدَاهُ، كَمَا لَوْ فَعَلَهُ فِي غَيْرِ قَطْعِ الطَّرِيقِ، وَهَذَا؛ لِأَنَّهُ لَا قِصَاصَ بَيْنَ الْعَبِيدِ وَالْأَحْرَارِ فِيمَا دُونَ النَّفْسِ فَيَبْقَى حُكْمُ الدَّفْعِ أَوْ الْفِدَاءِ فَإِنْ كَانَتْ فِيهِمْ امْرَأَةٌ فَعَلَتْ ذَلِكَ فَعَلَيْهَا دِيَةُ الْيَدِ فِي مَالِهَا؛ لِأَنَّهُ لَا قِصَاصَ بَيْنَ الرِّجَالِ

نام کتاب : المبسوط نویسنده : السرخسي    جلد : 9  صفحه : 199
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست