responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المبسوط نویسنده : السرخسي    جلد : 9  صفحه : 171
يَسْتَرِيبَ فِيهِمْ، وَعِنْدَهُمَا لَا يَقْضِي مَا لَمْ يَسْأَلْ عَنْهُمْ عَلَى كُلِّ حَالٍ؛ لِأَنَّهُ مَأْمُورٌ بِالْقَضَاءِ بِالشَّهَادَةِ الْعَادِلَةِ فَمَا لَمْ تَظْهَرْ الْعَدَالَةُ عِنْدَهُ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَقْضِيَ شَرْعًا، كَمَا فِي الْحُدُودِ، وَهَذَا؛ لِأَنَّهُ مَأْمُورٌ بِالتَّوَقُّفِ فِي خَبَرِ الْفَاسِقِ مَنْهِيٌّ عَنْ الْعَمَلِ بِهِ، فَإِنَّمَا يَنْتَفِي الْفِسْقُ عَنْهُمْ بِالتَّزْكِيَةِ فَمَا لَمْ يَظْهَرْ ذَلِكَ عِنْدَهُ بِالسُّؤَالِ لَا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَقْضِيَ؛ لِأَنَّ قَبْلَ السُّؤَالِ ثُبُوتُ عَدَالَتِهِمْ بِالظَّاهِرِ وَالظَّاهِرُ حُجَّةٌ لِدَفْعِ الِاسْتِحْقَاقِ لَا لِإِثْبَاتِ الِاسْتِحْقَاقِ بِهِ. وَأَبُو حَنِيفَةُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -
اسْتَدَلَّ بِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «الْمُسْلِمُونَ عُدُولٌ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ» وَهَكَذَا رُوِيَ عَنْ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِيمَا كَتَبَ بِهِ إلَى أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، فَقَدْ عَدَّلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كُلَّ مُسْلِمٍ بِإِسْلَامِهِ فَتَعْدِيلُ صَاحِبِ الشَّرْعِ إيَّاهُ لَا يَخْتَلِفُ عَنْ تَعْدِيلِ الْمُزَكِّي فَيَتَمَكَّنُ الْقَاضِي مِنْ الْقَضَاءِ إلَّا أَنْ يَطْعَنَ الْخَصْمُ فَهُوَ أَيْضًا مُعَدَّلٌ بِإِسْلَامِهِ عَلَى لِسَانِ صَاحِبِ الشَّرْعِ فَلِلتَّعَارُضِ احْتَاجَ الْإِمَامُ إلَى السُّؤَالِ، وَلِهَذَا يَتَبَيَّنُ أَنَّ هَذَا لَيْسَ بِقَضَاءٍ بِالظَّاهِرِ بَلْ بِدَلِيلٍ مُوجِبٍ لَهُ، وَهُوَ إسْلَامُهُ فَالْمُسْلِمُ يَكُونُ مُنْزَجِرًا عَنْ ارْتِكَابِ مَا يَعْتَقِدُ الْحُرْمَةَ فِيهِ حَتَّى يَظْهَرَ خِلَافُهُ ثُمَّ الْمُسْتَحَقُّ بِشَهَادَتِهِمَا مَالٌ إذَا وَقَعَ فِيهِ الْغَلَطُ أَمْكَنَ تَدَارُكُهُ بِالرَّدِّ فَلَا يَجِبُ عَلَى الْقَاضِي الِاسْتِقْصَاءُ فِيهِ لِلْقَضَاءِ بِخِلَافِ الْحُدُودِ وَبِهَذَا تَبَيَّنَ أَنَّ السُّؤَالَ عَنْ الشُّهُودِ هُنَاكَ لِحَقِّ الْمُدَّعِي، فَإِنَّمَا يَشْتَغِلُ بِهِ عِنْدَ طَلَبِهِ، فَأَمَّا قَبْلَ الطَّلَبِ لَوْ اشْتَغَلَ الْقَاضِي بِهِ كَانَ ذَلِكَ مِنْهُ إنْشَاءً لِخُصُومَةٍ، وَهُوَ مَأْمُورٌ بِفَصْلِ الْخُصُومَةِ لَا بِإِنْشَائِهَا فَكَانَ ذَلِكَ إعَانَةً مِنْهُ لِأَحَدِ الْخَصْمَيْنِ، وَهُوَ مَنْهِيٌّ عَنْ ذَلِكَ

(قَالَ) وَإِذَا شَهِدَ الشُّهُودُ عَلَى رَجُلٍ بِحَدٍّ هُوَ خَالِصُ حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى بَعْدَ تَقَادُمِ الْعَهْدِ لَمْ تُقْبَلْ شَهَادَتُهُمْ، وَقَدْ بَيَّنَّا هَذَا فِي كِتَابِ الْحُدُودِ وَذَكَرْنَا حَدَّ التَّقَادُمِ فِي حَدِّ الزِّنَا وَالسَّرِقَةِ، فَأَمَّا فِي شُرْبِ الْخَمْرِ، فَكَذَلِكَ الْجَوَابُ عِنْدَ مُحَمَّدٍ، وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى حَدُّ التَّقَادُمِ زَوَالُ رَائِحَةِ الْخَمْرِ حَتَّى لَا يُقَامَ عَلَيْهِ إذَا شَهِدُوا بَعْدَ زَوَالِ رَائِحَةِ الْخَمْرِ أَوْ أَقَرَّ هُوَ بِذَلِكَ فَمُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَقُولُ هَذَا حَدٌّ ظَهَرَ سَبَبُهُ عِنْدَ الْإِمَامِ فَلَا يُشْتَرَطُ لِإِقَامَتِهِ بَقَاءُ أَثَرِ الْفِعْلِ كَحَدِّ الزِّنَا وَالسَّرِقَةِ، وَهَذَا؛ لِأَنَّ وُجُودَ الرَّائِحَةِ لَا يُمْكِنُ أَنْ يُجْعَلَ دَلِيلًا، فَقَدْ يَتَكَلَّفُ لِزَوَالِ الرَّائِحَةِ مَعَ بَقَاءِ أَثَرِ الْخَمْرِ فِي بَطْنِ الشَّارِبِ، وَقَدْ تُوجَدُ رَائِحَةُ الْخَمْرِ مِنْ غَيْرِ الْخَمْرِ، فَإِنَّ مَنْ اسْتَكْثَرَ مِنْ أَكْلِ السَّفَرْجَلِ وَالتُّفَّاحِ يُوجَدُ مِنْهُ رَائِحَةُ الْخَمْرِ قَالَ الْقَائِلُ:
يَقُولُونَ لِي إنَّكَ شَرِبْت مُدَامَةً ... فَقُلْت لَهُمْ لَا بَلْ أَكَلْت السَّفَرْجَلَا
فَكَانَ هَذَا شَاهِدَ زُورٍ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَا يُقَامُ الْحَدُّ لِوُجُودِ الرَّائِحَةِ مَا لَمْ يَشْهَدْ الشُّهُودُ عَلَيْهِ بِالشُّرْبِ

نام کتاب : المبسوط نویسنده : السرخسي    جلد : 9  صفحه : 171
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست