responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المبسوط نویسنده : السرخسي    جلد : 9  صفحه : 164
فَإِنَّهُ لَوْ اسْتَهْلَكَهُ فِي الْحِرْزِ لَمْ يَلْزَمْهُ الْقَطْعُ، فَكَذَلِكَ إذَا فَوَّتَ جُزْءًا مِنْهُ، وَهَذَا؛ لِأَنَّ مَا اسْتَهْلَكَ مَضْمُونٌ عَلَيْهِ فِي ذِمَّتِهِ، وَلَا يُتَصَوَّرُ إتْمَامُ فِعْلِ السَّرِقَةِ فِيمَا هُوَ دَيْنٌ؛ لِأَنَّ إتْمَامَ فِعْلِ السَّرِقَةِ بِالْإِخْرَاجِ، وَذَلِكَ فِي الدَّيْنِ لَا يَتَحَقَّقُ، فَأَمَّا إذَا لَمْ تُنْتَقَصْ الْعَيْنُ بِفَوَاتِ شَيْءٍ مِنْهُ بَعْدَ الْإِخْرَاجِ، وَإِنَّمَا انْتَقَصَتْ قِيمَتُهُ مِنْ النِّصَابِ بِنُقْصَانِ السِّعْرِ فَلَا قَطْعَ عَلَيْهِ عِنْدَنَا وَرَوَى هِشَامٌ عَنْ مُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى أَنَّهُ يُقْطَعُ، وَهُوَ قَوْلُ زُفَرَ وَالشَّافِعِيِّ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى لِأَنَّ السَّرِقَةَ تَمَّتْ فِي نِصَابٍ كَامِلٍ فَالنُّقْصَانُ بَعْدَ ذَلِكَ لَا يَمْنَعُ اسْتِيفَاءَ الْقَطْعِ كَالنُّقْصَانِ فِي الْعَيْنِ.
وَلَكِنَّا نَقُولُ: كَمَا أَنَّ النِّصَابَ يُشْتَرَطُ لِإِيجَابِ الْقَطْعِ فَيُشْتَرَطُ بَقَاؤُهُ إلَى وَقْتِ الِاسْتِيفَاءِ كَالثِّيَابِ عَلَى الْإِقْرَارِ وَالشَّهَادَةِ، وَقَدْ انْعَدَمَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ نُقْصَانَ السِّعْرِ فُتُورُ رَغَائِبِ النَّاسِ فِيهِ، وَذَلِكَ لَا يَكُونُ مَضْمُونًا عَلَى أَحَدٍ، فَإِنَّمَا يُقْطَعُ بِاعْتِبَارِ هَذَا الْعَيْنِ فَقَطْ وَقِيمَتُهُ دُونَ النِّصَابِ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ النُّقْصَانُ فِي الْعَيْنِ؛ لِأَنَّهُ يَتَقَرَّرُ الضَّمَانُ عَلَيْهِ بِقَدْرِ مَا فَاتَ مِنْ الْعَيْنِ، فَإِنَّمَا يُقْطَعُ بِاعْتِبَارِ هَذَا الْعَيْنِ فِيمَا صَارَ دَيْنًا فِي ذِمَّتِهِ وَهُوَ نِصَابٌ كَامِلٌ، فَأَمَّا إذَا شَقَّ الثَّوْبَ فِي الْحِرْزِ ثُمَّ أَخْرَجَهُ، وَهُوَ يُسَاوِي عَشْرَةً فَإِنْ كَانَ هَذَا الْعَيْبُ يُمْكِنُ نُقْصَانًا يَسِيرًا فَعَلَيْهِ الْقَطْعُ بِالِاتِّفَاقِ، وَلِأَنَّ حَقَّ صَاحِبِ الثَّوْبِ فِي تَضْمِينِ النُّقْصَانِ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُضَمِّنَهُ الْقِيمَةَ إذَا كَانَ الْعَيْبُ يَسِيرًا، فَأَمَّا إذَا كَانَ النُّقْصَانُ فَاحِشًا فَإِنْ اخْتَارَ أَخْذَ الثَّوْبِ وَبِتَضْمِينِ النُّقْصَانِ فَعَلَيْهِ الْقَطْعُ، وَإِنْ اخْتَارَ أَنْ يُضَمِّنَهُ قِيمَةَ الثَّوْبِ وَسَلَّمَ لَهُ الثَّوْبَ فَلَا قَطْعَ عَلَيْهِ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: لَا يُقْطَعُ فِي الْوَجْهَيْنِ جَمِيعًا وَذَكَرَ ابْنُ سِمَاعَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - هَذَا الْخِلَافَ عَلَى قَلْبِ هَذَا، وَلَكِنْ مَا ذُكِرَ فِي الْأَصْلِ أَصَحُّ.
وَجْهُ قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّ سَبَبَ الْمِلْكِ قَدْ انْعَقَدَ لَهُ فِي الثَّوْبِ قَبْلَ إتْمَامِ فِعْلِ السَّرِقَةِ وَانْعِقَادِ سَبَبِ الْمِلْكِ يُمْكِنُ شُبْهَةً، كَمَا لَوْ اشْتَرَى ثَوْبًا عَلَى أَنَّ الْبَائِعَ بِالْخِيَارِ ثُمَّ سَرَقَهُ مِنْهُ، وَبَيَانُ ذَلِكَ أَنَّهُ ثَبَتَ لِلْمَالِكِ خِيَارُ تَضْمِينِ الْقِيمَةِ إيَّاهُ وَالْمَضْمُونَاتُ تُمْلَكُ بِالضَّمَانِ فَعَرَفْنَا أَنَّ سَبَبَ الْمِلْكِ انْعَقَدَ لَهُ قَبْلَ الْإِخْرَاجِ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٌ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى: يَقُولَانِ تَمَّتْ سَرِقَتُهُ فِي نِصَابٍ كَامِلٍ فَعَلَيْهِ الْقَطْعُ كَمَا لَوْ كَانَ النُّقْصَانُ يَسِيرًا، وَبَيَانُ ذَلِكَ أَنَّ شَقَّ الثَّوْبِ مِنْ السَّارِقِ عُدْوَانٌ مَحْضٌ فَلَا يَصْلُحُ سَبَبًا لِلْمِلْكِ إنَّمَا يَكُونُ سَبَبُ الْمِلْكِ مَا هُوَ مَشْرُوعٌ وَهُوَ يُقَرِّرُ الضَّمَانَ عَلَيْهِ، وَهَذَا الْمِلْكُ يَثْبُتُ شَرْطًا لِتَقَرُّرِ الضَّمَانِ كَيْ لَا يَجْتَمِعَ الْبَدَلُ وَالْمُبْدَلُ فِي مِلْكِ رَجُلٍ وَاحِدٍ، فَإِمَّا أَنْ يَكُونَ الْعُدْوَانُ سَبَبَ الْمُمَلَّكِ فَلَا إذَا ثَبَتَ هَذَا، فَإِذَا اخْتَارَ الْمَالِكُ تَضْمِينَهُ قَبْلَ أَنْ يَقْطَعَ فَقَدْ صَارَ

نام کتاب : المبسوط نویسنده : السرخسي    جلد : 9  صفحه : 164
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست