responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المبسوط نویسنده : السرخسي    جلد : 9  صفحه : 134
يَكُونُ مِنْ الْمِرْفَقِ، وَقَدْ يَكُونُ مِنْ الْمَنْكِبِ، وَلَكِنَّ هَذَا الْإِبْهَامَ زَالَ بِبَيَانِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فَإِنَّهُ أَمَرَ بِقَطْعِ يَدِ السَّارِقِ مِنْ الرُّسْغِ، وَلِأَنَّ هَذَا الْقَدْرَ مُتَيَقَّنٌ بِهِ، وَفِي الْعُقُوبَاتِ إنَّمَا يُؤْخَذُ بِالْمُتَيَقَّنِ

، فَأَمَّا قَوْلُهُ جَلَّ وَعَلَا {إنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ} [المائدة: 33]، فَقَدْ قِيلَ: الْمُرَادُ يُحَارِبُونَ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ، فَإِنَّ أَحَدًا لَا يُحَارِبُ اللَّهَ تَعَالَى، وَلَكِنَّهُ حَذَفَ الْمُضَافَ وَأَقَامَ الْمُضَافَ إلَيْهِ مَقَامَهُ، وَهُوَ أَصْلٌ فِي اللُّغَةِ، وَقِيلَ: الْمُرَادُ بَيَانُ أَنَّ قَاطِعَ الطَّرِيقِ كَأَنَّهُ يُحَارِبُ اللَّهَ تَعَالَى لِأَنَّ الْمُسَافِرَ فِي الْمَفَاوِزِ فِي أَمَانِ اللَّهِ تَعَالَى وَحِفْظِهِ، فَالْمُتَعَرِّضُ لَهُ كَأَنَّهُ يُحَارِبُ اللَّهَ تَعَالَى، وَهُوَ نَظِيرُ قَوْلِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى {وَمَنْ يُشَاقِقْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ} [الأنفال: 13]، فَإِنَّ أَحَدًا لَا يُشَاقِقْ اللَّهَ حَقِيقَةً، وَلَكِنَّ رَادَّ أَمْرِ اللَّهِ تَعَالَى كَأَنَّهُ يُشَاقِقْ اللَّهَ تَعَالَى.
وَزَعَمَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى أَنَّ نُزُولَ الْآيَةِ فِي الْمُرْتَدِّينَ وَاسْتَدَلُّوا عَلَيْهِ بِحَدِيثِ أَنَسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - «أَنَّ الْعُرَنِيِّينَ لَمَّا ارْتَدُّوا وَقَتَلُوا الرُّعَاةَ وَسَاقُوا إبِلَ الصَّدَقَةِ بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي أَثَرِهِمْ وَجِيءَ بِهِمْ فَأَمَرَ بِقَطْعِ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلِهِمْ وَسَمْلِ أَعْيُنِهِمْ» فَنَزَلَتْ الْآيَةُ، وَلَكِنَّ الْأَصَحَّ أَنَّ نُزُولَ الْآيَةِ فِي الَّذِينَ قَطَعُوا الطَّرِيقَ مِنْ غَيْرِ الْمُرْتَدِّينَ؛ لِأَنَّ فِي الْآيَةِ بَيَانَ عُقُوبَةٍ تُسْتَحَقُّ بِقَطْعِ الطَّرِيقِ، وَقِيلَ: الْمُرْتَدُّ يَسْتَحِقُّ الْقَتْلَ قَطَعَ الطَّرِيقَ أَوْ لَمْ يَقْطَعْ، وَإِنَّمَا سَبَبُ نُزُولِ هَذِهِ الْآيَةِ الَّذِينَ قَطَعُوا الطَّرِيقَ وَمَا بَدَأَ بِهِ مُحَمَّدٌ الْكِتَابَ وَرَوَاهُ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَنْ الْكَلْبِيِّ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَجْمَعِينَ -.
(قَالَ) «وَادَعَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَبَا بُرْدَةَ هِلَالَ بْنَ عُوَيْمِرٌ الْأَسْلَمِيَّ فَجَاءَ أُنَاسٌ يُرِيدُونَ الْإِسْلَامَ فَقَطَعَ عَلَيْهِمْ أَصْحَابُ أَبِي بُرْدَةَ الطَّرِيقَ فَنَزَلَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جِبْرِيلُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - بِالْحَدِّ فِيهِمْ أَنَّ مَنْ قَتَلَ وَأَخَذَ الْمَالَ صُلِبَ، وَمَنْ قَتَلَ وَلَمْ يَأْخُذْ الْمَالَ قُتِلَ، وَمَنْ أَخَذَ مَالًا وَلَمْ يَقْتُلْ قُطِعَتْ يَدُهُ وَرِجْلُهُ مِنْ خِلَافٍ، وَمَنْ جَاءَ مُسْلِمًا هَدَمَ الْإِسْلَامُ مَا كَانَ فِي الشِّرْكِ».
فَقَوْلُهُ: وَادَعَ، يَحْتَمِلُ الْمُؤَقَّتَةَ وَهِيَ الْأَمَانُ وَيَحْتَمِلُ الْمُؤَبَّدَةَ وَهِيَ الذِّمَّةُ، فَأَجْرَى أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْكَلِمَةَ عَلَى ظَاهِرِهَا وَقَالَ: يُقَامُ حَدُّ قُطَّاعِ الطَّرِيقِ عَلَى الْمُسْتَأْمَنِينَ وَأَهْلِ الذِّمَّةِ بِدَلِيلِ الْحَدِيثِ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٌ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى قَالَا: الْمُرَادُ الْمُوَادَعَةُ الْمُؤَبَّدَةُ وَهِيَ عَقْدُ الذِّمَّةِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ ثَبَتَ بِالنَّصِّ وُجُوبُ تَبْلِيغِ الْمُسْتَأْمَنِينَ مَأْمَنَهُمْ، وَالْآيَةُ وَإِنْ نَزَلَتْ فِي الْكُفَّارِ فَالْحُكْمُ غَيْرُ مَقْصُورٍ عَلَيْهِمْ؛ لِأَنَّ السَّبَبَ الْمُوجِبَ لِلْعُقُوبَةِ قَطْعُ الطَّرِيقِ بِالنَّصِّ فَفِي حَقِّ كُلِّ مَنْ تَقَرَّرَ السَّبَبُ ثَبَتَ الْحُكْمُ، وَلَكِنْ بَعْدَ أَنْ يَصِيرَ مُحَارِبًا بِقَطْعِ الطَّرِيقِ وَالْمُسْتَأْمَنُ مُحَارِبٌ وَإِنْ لَمْ يَقْطَعْ الطَّرِيقَ؛ لِأَنَّهُ مُتَمَكِّنٌ مِنْ الرُّجُوعِ إلَى دَارِ الْحَرْبِ

نام کتاب : المبسوط نویسنده : السرخسي    جلد : 9  صفحه : 134
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست