responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المبسوط نویسنده : السرخسي    جلد : 6  صفحه : 5
فَرَّقَ كَالْعِتْقِ وَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ أَنَّهُ لَوْ طَلَّقَ أَرْبَعَ نِسْوَةٍ لَهُ جُمْلَةً كَانَ مُبَاحًا بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ فَرَّقَ فَكَذَلِكَ فِي حَقِّ الْوَاحِدَةِ بَلْ أَوْلَى لِأَنَّ هَذَا يُزِيلُ الْمِلْكَ عَنْ امْرَأَةٍ وَاحِدَةٍ وَهُنَاكَ الْإِيقَاعُ يُزِيلُ الْمِلْكَ عَنْ أَرْبَعِ نِسْوَةٍ وَلِأَنَّ الطَّلَاقَ تَصَرُّفُ مَمْلُوكٍ بِالنِّكَاحِ فَيَكُونُ مُبَاحًا فِي الْأَصْلِ وَالتَّحْرِيمُ فِيهِ لِمَعْنًى عَارِضٍ كَالظِّهَارِ الَّذِي انْضَمَّ إلَيْهِ وَصْفُ كَوْنِهِ مُنْكَرًا مِنْ الْقَوْلِ وَزُورًا وَالْإِيلَاءُ الَّذِي انْضَمَّ إلَيْهِ مَعْنَى قَطْعِ الْإِمْسَاكِ بِالْمَعْرُوفِ عَلَى وَجْهِ الْإِضْرَارِ وَالتَّعَنُّتِ فَكَذَلِكَ الطَّلَاقُ مُبَاحُ الْإِيقَاعِ إلَّا إذَا انْضَمَّ إلَيْهِ مَعْنًى مُحَرَّمٌ وَهُوَ الْإِضْرَارُ بِهَا بِتَطْوِيلِ الْعِدَّةِ عَلَيْهَا إذَا طَلَّقَهَا فِي حَالَةِ الْحَيْضِ.
وَتَلْبِيسِ أَمْرِ الْعِدَّةِ عَلَيْهَا إذَا طَلَّقَهَا فِي طُهْرٍ قَدْ جَامَعَهَا فِيهِ لِأَنَّهَا لَا تَدْرِي أَنَّهَا حَامِلٌ فَتَعْتَدُّ بِوَضْعِ الْحَمْلِ أَوْ حَائِلٌ فَتَعْتَدُّ بِالْأَقْرَاءِ وَذَلِكَ مُنْعَدِمٌ إذَا طَلَّقَهَا فِي طُهْرٍ لَمْ يُجَامِعْهَا فِيهِ سَوَاءٌ أَوْقَعَ الثَّلَاثَ أَوْ الْوَاحِدَةَ وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِهِمْ هَذَا طَلَاقٌ صَادَفَ زَمَانَ الِاحْتِسَابِ مَعَ زَوَالِ الِارْتِيَابِ وَحُجَّتُنَا فِي ذَلِكَ قَوْله تَعَالَى {الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ} [البقرة: 229] مَعْنَاهُ دَفْعَتَانِ كَقَوْلِهِ أَعْطَيْته مَرَّتَيْنِ وَضَرَبْته مَرَّتَيْنِ وَالْأَلِفُ وَاللَّامُ لِلْجِنْسِ فَيَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ كُلُّ الطَّلَاقِ الْمُبَاحِ فِي دَفْعَتَيْنِ وَدَفْعَةٍ ثَالِثَةٍ فِي قَوْله تَعَالَى {فَإِنْ طَلَّقَهَا} [البقرة: 230] أَوْ فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ {أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ} [البقرة: 229] عَلَى حَسَبِ مَا اخْتَلَفَ فِيهِ أَهْلُ التَّفْسِيرِ.
وَفِي حَدِيثِ مَحْمُودِ بْنِ لَبِيدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - «أَنَّ رَجُلًا طَلَّقَ امْرَأَتَهُ ثَلَاثًا بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَامَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مُغْضَبًا فَقَالَ أَتَلْعَبُونَ بِكِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى وَأَنَا بَيْنَ أَظْهُرِكُمْ» وَاللَّعِبُ بِكِتَابِ اللَّهِ تَرْكُ الْعَمَلِ بِهِ فَدَلَّ أَنَّ مَوْقِعَ الثَّلَاثِ جُمْلَةً مُخَالِفٌ لِلْعَمَلِ بِمَا فِي الْكِتَابِ وَأَنَّ الْمُرَادَ مِنْ قَوْلِهِ {فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ} [الطلاق: 1] تَفْرِيقُ الطَّلْقَاتِ عَلَى عَدَدِ أَقْرَاءِ الْعِدَّةِ أَلَا تَرَى أَنَّهُ خَاطَبَ الزَّوْجَ بِالْأَمْرِ بِإِحْصَاءِ الْعِدَّةِ وَفَائِدَتُهُ التَّفْرِيقُ فَإِنَّهُ قَالَ {لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا} [الطلاق: 1] أَيْ يَبْدُو لَهُ فَيُرَاجِعُهَا وَذَلِكَ عِنْدَ التَّفْرِيقِ لَا عِنْدَ الْجَمْعِ، وَفِي حَدِيثِ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - «أَنَّ قَوْمًا جَاءُوا إلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالُوا إنَّ أَبَانَا طَلَّقَ امْرَأَتَهُ أَلْفًا فَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَانَتْ امْرَأَتُهُ بِثَلَاثٍ فِي مَعْصِيَةِ اللَّهِ تَعَالَى وَبَقِيَ تِسْعُمِائَةٍ وَسَبْعَةٍ وَتِسْعِينَ وِزْرًا فِي عُنُقِهِ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ» «وَأَنَّ ابْنَ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - لَمَّا طَلَّقَ امْرَأَتَهُ فِي حَالَةِ الْحَيْضِ أَمَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يُرَاجِعَهَا فَقَالَ أَرَأَيْت لَوْ طَلَّقْتهَا ثَلَاثًا أَكَانَتْ تَحِلُّ لِي فَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَا بَانَتْ مِنْك» وَهِيَ مَعْصِيَةٌ.
وَبِهَذِهِ الْآثَارِ تَبَيَّنَ أَنَّهُ إنَّمَا تَرَكَ الْإِنْكَارَ عَلَى الْعَجْلَانِيِّ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ شَفَقَةً عَلَيْهِ لِعِلْمِهِ أَنَّهُ لِشِدَّةِ الْغَضَبِ رُبَّمَا لَا يَقْبَلُ قَوْلَهُ فَيُكَفِّرُ فَأَخَّرَ الْإِنْكَارَ إلَى وَقْتٍ آخَرَ وَأَنْكَرَ عَلَيْهِ فِي قَوْلِهِ «اذْهَبْ

نام کتاب : المبسوط نویسنده : السرخسي    جلد : 6  صفحه : 5
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست